إِبِلًا مَا أَخَذْتَ بِالنَّثْرَةِ الْحَصْدَاءِ

Wave Image
إِبِـلًا مَـا أَخَـذْتَ بِـالـنَّـثْـرَةِ الْـحَـصْـ
ـدَاءِ يَــا خُــسْــرَ بَــائِـعٍ مَـحْـرُوبِ
وَهْـيَ بَـيْـضَـاءُ مَـثْلَمَا أَوْدَعَ الصَّيْـ
ـفُ حِـمَـى الْـوَهْدِ نُطْفَةَ الشُّؤْبُوبِ
فَإِذَا مَــا نَــبَــذْتَــهَــا فِــي مَــكَـانٍ
مُــسْــتَـوٍ هَـمَّ سَـرْدُهَـا بِـالـدَّبِـيـبِ
كَــهِــلَالِ الْــحَــيَـاةِ أَوْ كَـقَـمِـيـصٍ
لِــهِــلَالِ الْـحَـيَّـاتِ غَـيْـرِ مَـجُـوبِ
وَإِذَا صَـادَفَـتْ حَـدُورًا جَـرَتْ فِـيـ
ـهِ إِرَاقَ الــشَّــرِيـبِ مَـاءَ الـذَّنُـوبِ
كَـفَّ ضَـرْبَ الْـكُـمَـاةِ فِي كُلِّ هَيْجٍ
فَـضَـلَاتٌ مِـنْ ذَيْـلِـهَـا الْـمَـسْحُوبِ
نَـثْـرَةٌ مِـنْ ضَـمَـانِـهَـا لِـلْـقَنَا الْخَطِّـ
ـيِّ عِــنْــدَ الـلِّـقَـاءِ نَـثْـرُ الْـكُـعُـوبِ
مِـثْـلُ وَشْـيِ الْـوَلِـيدِ لَأَنْتَ وَإِنْ كَا
نَـتْ مِـنَ الصُّنْعِ مِثْلَ وَشْيِ حَبِيبِ
تِــلْــكَ مَــاذِيَّـةٌ وَمَـا لِـذُبَـابِ الـصَّـ
ـيْـفِ وَالـسَّـيْفِ عِنْدَهَا مِنْ نَصِيبِ
وَلِــــدَاتٌ لَــــهَــــا تُـــوَهِّـــمُ غِـــرًّا
أَنَّ حُـمْـرَ الْـعِـيَـابِ خُـضْرُ الْغُرُوبِ
وَتَــرَاهَــا كَأَنَّــهَــا فِــي يَــدِ الْـمُـعْـ
ـطِـشِ سَـجْـلٌ أَتَـى بِـهِ مِـنْ قَلِيبِ
وَعَصَتْ مِنْ عَوَاصِفِ الْحَرْبِ أَمْرًا
قَــبِــلَــتْــهُ مِــنْ شَــمْأَلٍ وَجَـنُـوبِ
تَــرَكَــتْ بِــالْــمُــهَــنَّــدَاتِ فُــلُـولًا
فِـي خَـشِـيـبٍ مِنْهَا وَغَيْرِ خَشِيبِ
وَالـسِّـنَـانِ الَّـذِي يُـصَاغُ عَلَى صِنْـ
ـفَــيْ رَدًى مِــنْ تَــمَــوُّجٍ وَلَـهِـيـبِ
جَـارِيًـا مَـاءُ الْحَتْفِ مِنْ غِيَرِ الدَّهْـ
ـرِ إِلَــيْــهِ كَــالْــمَـاءِ فِـي الْأُنْـبُـوبِ
رَاكِـبًـا يَـطْـلُـبُ الْـمَـنُونَ ذُرَى عِشْـ
ـرِيـنَ لَـمْ يَدْرِ كَيْفَ مَعْنَى الرُّكُوبِ
كَـنَـوَى الْقَسْبِ كِدْتَ تَسْمَعُ فِي الْآ
خِـرِ مِـنْـهَـا لِـلْـمَـوْتِ مِثْلَ الْقَسِيبِ
خِـلْـتَـهَـا شَـاهَـدَتْ وَقَائِعَ فِي السَّا
لِـفِ غَـشَّـتْ سُـيُـوفَـهُـا بِـالْـعُـيُوبِ
غَادَرَتْ فِي سَيْفَيْ سَلَامَةَ وَالصَّمْـ
ـصَــامِ وَالْـقُـرْطُـبَـى رِدَافَ نُـدُوبِ
وَحُـسَـامِ ابْـنِ ظَالِمٍ صَاحِبِ الْحَيَّـ
ـةِ سَـــمَّــاهُ كَــانَ بِــالْــمَــعْــلُــوبِ
وَعَــلَــى الْـمَـلْـكِ يَـوْمَ عَـيْـنِ أَبَـاغٍ
نَــكَّــلَــتْ حَــدَّ مِــخْـذَمٍ وَرَسُـوبِ
وَنَــهَــتْ ذَا الْــفَــقَـارِ لَـوْلَا قَـضَـاءٌ
بُــتَّ مِــنْ غَـالِـبٍ عَـلَـى مَـغْـلُـوبِ
زَبَــدٌ طَــارَ عَــنْ رُغَــاءِ الْــمَــنَـايَـا
فَـاحْتَسَى الْبِيضَ كَارْتِغَاءِ الْحَلِيبِ
غَـيْـرَ أَنَّ الـسَّـوَامَ أَقْـرَى لِـمَـنْ جَـا
ءَ بِـلَـيْـلٍ مِـنْ صَـاحِـبٍ أَوْ جَـنِـيبِ
إِنْ أَبَـى دَرُّهَـا الـنُّـزُولَ مِـنَ الْـخِـلْـ
ـفِ حَــلَـبْـنَـا لَـهُـمْ مِـنَ الْـعُـرْقُـوبِ
مُــسْــتَــطِــيــرًا كَأَنَّـهُ بَـارِقُ الْـمُـزْ
نِ تَـجَـلَّـى مِـنَ الْـغَـمَـامِ الـسَّكُوبِ
حَــلَــبًــا يَــمْـلَأُ الْـجِـفَـانَ سَـدِيـفًـا
يَــرْعَـبُ الْـغَـالِـيَـاتِ بِـالـتِّـرْعِـيـبِ

عن القصيدة

  • مناسبة القصيدة: قال أبو العلاء المعري هذه القصيدة على لسان رجل أُعطيَ إبلًا وأُخِذت منه درع.
  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الخفيف
  • عصر القصيدة: العباسي الثاني

عن الشاعر

أبو العلاء المَعَرِّي: شاعرٌ وفيلسوفٌ وأديبٌ عربيٌّ مِنَ العصرِ العبَّاسي، اشتُهِرَ بآرائِه وفلسفتِه المثيرةِ للجدلِ في وقْتِه.

وُلِدَ «أحمد بن عبد الله بن سليمان القُضاعي التنُوخي المَعَرِّي» المعروفُ ﺑ «أبي العلاء المَعَرِّي» عامَ ٣٦٣ﻫ بمَعَرَّةِ النُّعمانِ بسُوريا، وفقَدَ بصَرَه وهو صغيرٌ نتيجةً لمَرضِه بالجُدَري. أخَذَ علومَ القراءاتِ القرآنيةِ بإسنادٍ عنِ الشُّيوخ، كما تعلَّمَ الحديثَ في سنٍّ مُبكِّرة، وقالَ الشِّعرَ وهو ابنُ إحدى عشرةَ سنة، ورحلَ إلى بغدادَ عامَ ٣٩٨ﻫ فأقامَ بها سنةً وسبعةَ أَشْهُر، ثُم اعتزَلَ الناسَ لبعضِ الوقت؛ فلُقِّبَ ﺑ «رَهِينِ المَحْبسَيْن»؛ العَمَى والدَّار.

أمَّا شِعْرُه، وهو ديوانُ حكمتِه وفلسفتِه، فالمطبوعُ منه حتى الآن: «اللُّزوميَّات»، و«سِقْطُ الزَّنْد». وقد تُرجِمَ الكثيرُ من شِعْرِه إلى غيرِ العربيَّة، وأمَّا كُتبُه فكثيرةٌ وفِهرسُها في «مُعجَمِ الأُدَباء». من تَصانيفِه كتابُ «الأَيْك والغُصُون» في الأدب، يَزيدُ على مائةِ جُزْء، و«تاج الحُرَّة» في النساءِ وأخلاقِهنَّ وعِظاتِهِن، و«عَبَث الوَلِيد» شرَحَ فيه دِيوانَ البُحْتُريِّ ونقَدَه، و«رِسالة المَلائِكة» وهي صَغِيرة، و«رِسالة الغُفْران»، و«الفُصُول والغَايات».

عاش المعري متفلسفًا زاهدًا في الدنيا؛ إذ كانَ يَدعمُ حقوقَ الحيوانِ ويُحرِّمُ إِيلامَه، ولذا كان نباتيًا؛ فلمْ يَأكُلِ اللحمَ خمسًا وأربعينَ سنة، كما كانَ يَلبسُ خشِنَ الثِّياب، وكان له أراءه الخاصة في العقيدة، التي جعلت الآراء تختلف حول حقيقة إيمانه؛ إذ ذهب البعض إلى تكفيره واتهامه بالإلحاد، وإخراجِه مِنَ الإسلام، بينما دافَعَ عنه عميدُ الأدبِ العربيِّ «طه حسين» في عِدَّةِ كِتاباتٍ ومُؤلَّفات؛ أشْهرُها «معَ أبي العلاءِ في سجنِه». 

ظلَّ حبيسًا في بيتِه حتى وفاتِه عامَ ٤٤٩ﻫ بمنزلِه بمَعَرَّةِ النُّعْمان، وقد أَوْصى أن يُكتَبَ على قبْرِه عِبارة: «هذا جَناهُ أبي عليَّ، وما جَنيْتُ على أَحَد.» ويَقصدُ أنَّ أباه بزَواجِه من أمِّه أوْقَعَه في دارِ الدُّنيا. وقد وقَفَ على قبْرِه جمْعٌ غفيرٌ من أُدباءِ عصْرِه وشُعرائِه ورَثَوْه بثمانينَ مَرْثَاة.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤