نَحْنُ لِلهِ مَا لِحَيٍّ بَقَاءُ

Wave Image
نَـــحْـــنُ لِـــلـــهِ مَـــا لِــحَــيٍّ بَــقَــاءُ
وَقُـــصَـــارَى سِـــوَى الْإِلَـــهِ فَـــنَــاءُ
نَــحْــنُ لِــلــهِ رَاجِــعُــونَ فَــمَــنْ مَـا
تَ وَمَـــنْ عَــاشَ أَلْــفَ عَــامٍ سَــوَاءُ
يَـفْـرَحُ الْـمَـرْءُ فِـي الـصَّـبَاحِ وَمَا يَعْـ
ـلَــــمُ مَـــاذَا يُـــكِـــنُّـــهُ الْإِمْـــسَـــاءُ
وَمَــتَــاعُ الــدُّنْــيَــا قَــلِـيـلٌ وَمَـا يَـلْـ
ـهُــو بِــهِ الْــمَـرْءُ مِـنْ حُـطَـامٍ هَـبَـاءُ
•••
زَهَّــدَ الــنَّــاسَ فِــي الْــحَـيَـاةِ مُـلِـمٌّ
رَوَّعَــــتْـــنَـــا بِـــهَـــوْلِـــهِ الْأَنْـــبَـــاءُ
«قَـصْـرُ حُـلْـوَانَ» كُـنْـتَ أَنْـضَرَ قَصْرٍ
فِــيـهِ يَـحْـلُـو وَيُـسْـتَـطَـابُ الْـهَـوَاءُ
كُــنْــتَ ذَا هَــيْـبَـةٍ يُـحَـاذِرُهَـا الـدَّهْـ
ـرُ وَتَـــكْـــبُـــو أَمَــامَــهَــا الْــبَأْسَــاءُ
كَـيْـفَ أَصْـبَـحْـتَ مُسْتَضَامًا وَلِلْخَطْـ
ـبِ إِلَــى رُكْــنِــكَ الْـمَـنِـيـعِ ارْتِـقَـاءُ؟
مَــا كَــذَا عَــهْــدُنَــا بِــعِــزِّكَ تَــرْمِــيـ
ـهِ الــلَّـيَـالِـي أَوْ يَـعْـتَـرِيـهِ انْـقِـضَـاءُ
كَـانَ بِـالْأَمْـسِ فِـي ذَرَاكَ «أَبُـو الْـعَبَّـ
ـاسِ» تَــحْــيَــا بِــبِــشْــرِهِ الْأَحْــيَـاءُ
فَــطَــوَتْ بُـرْدَهُ الْـخُـطُـوبُ وَكَـانَـتْ
قَــبْــلُ تَــشْــقَــى بِــسَـعْـدِهِ وَتُـسَـاءُ
وَيْـحَ مَـنْ شَـيَّـعُـوهُ قَـدْ أَوْدَعُوا الْقَبْـ
ـرَ كَــرِيــمًــا يَــبْـكِـي عَـلَـيْـهِ الْـعَـلَاءُ
وَارْتَــضَـوْا بِـالْـبُـكَـا وَمَـا الْـحُـزْنِ إِلَّا
أَنْ تَــسِــيــلَ الْــقُــلُـوبُ وَالْأَحْـشَـاءُ
عَـاشَ فِـيـنَـا عَـذْبَ الْبَشَاشَةِ وَالْأَخْـ
ـلَاقِ تَــرْوَى بِــهِ الـنُّـفُـوسُ الـظِّـمَـاءُ
وَتَــوَلَّـى وَفِـي الـصُّـدُورِ مِـنَ الْـوَجْـ
ـدِ عَــلَــيْــهِ مَــا لَــيْـسَ يَـرْوِيـهِ مَـاءُ
عُـطِّـلَـتْ مِـصْـرُ مِـنْ سَـنَـاهُ كَـمَـا قَدْ
عُــطِّــلَــتْ مِـنْ حُـلِـيِّـهَـا الْـحَـسْـنَـاءُ
كُلُّ خَطْبٍ فِي جَنْبِ خَطْبِكِ يَا مِصْـ
ـرُ يُــرَجَّــى لِــلــنَّــاسِ فِــيــهِ عَــزَاءُ
مَـا يَـقُـولُ الـرَّاثُـونَ فِي فَقْدِ «تَوْفِيـ
ـقٍ» وَمَـــاذَا تُــحَــاوِلُ الــشُّــعَــرَاءُ؟
وَالـرَّزَايَـا فِـي بَـعْـضِـهَـا يُـطْـلَقُ الْقَوْ
لُ وَتَــعْــيَــا فِـي بَـعْـضِـهَـا الْـبُـلَـغَـاءُ
إِنَّ مَـــوْلَاكَ كَــانَ أَحْــسَــنَ مَــنْ تُــزْ
هَــى بِأَنْــوَارِ وَجْــهِــهِ الْــبَــطْــحَــاءُ
كَــانَ لِــلــتَّــاجِ فَــوْقَ مَـفْـرِقِـهِ ضَـوْ
ءٌ لَــــدَيْــــهِ تُــــحَــــقَّـــرُ الْأَضْـــوَاءُ
كَـانَ يَـجْـلُـو دُجَـى الْـكَوَارِثِ إِنْ جَلَّـ
ـتْ بِـــــرَأْيٍ تَــــعْــــنُــــو لَــــهُ الْآرَاءُ
كَــانَ أَدْرَى الْــمَــلَا بِــكَــسْــبِ ثَـنَـاءٍ
آهِ لَـــوْ خَـــلَّـــدَ الـــنُّــفُــوسَ ثَــنَــاءُ
•••
آلَ تَـوْفِـيـقٍ الْـكِـرَامَ الْـبَـسُـوا الـصَّبْـ
ـرَ رِدَاءً فَـــالــصَّــبْــرُ نِــعْــمَ الــرِّدَاءُ
أَنْـتُـمُ الـرَّاسِـخُـونَ فِـي عِـلْـمِ مَـا كَا
نَ فَــقُــولُـوا: مَـنْ ذَا عَـدَاهُ الْـفَـنَـاءُ؟
أَيْــنَ قَــوْمٌ شَــادُوا الْــبِـلَادَ وَسَـادُو
هَــا وَكَــانَــتْ تَــهْــوَاهُــمُ الْــعَـلْـيَـاءُ
مَــلَـكُـوا الْأَرْضَ حِـقْـبَـةً ثُـمَّ أَمْـسَـوْا
وَهُـــمُ فِـــي بُـــطُـــونِـــهَـــا نُـــزَلَاءُ
كُــلُّ نَــفْــسٍ لَــهَــا كِــتَــابٌ وَمِـيـعَـا
دٌ إِذَا جَــــــاءَ لَا يُـــــرَدُّ قَـــــضَـــــاءُ
سُــنَّــةُ الــلــهِ فِـي الْـبَـرِيَّـةِ لَـمْ يُـسْـ
ـتَــثْــنَ مِــنْــهَـا الْـمُـلُـوكُ وَالْأَنْـبِـيَـاءُ
لَا أُعَـــزِّيـــكُـــمُ، وَأَنَّـــى لِـــقَـــوْلِــي
أَنْ تُــعَــزَّى بِــمِــثْــلِــهِ الْــحُــكَــمَـاءُ
احْـمَـدُوا الـلـهَ فِـي الْـعَـشِيَّةِ وَالْإِصْـ
ـبَــاحِ فَــالْــبُــؤْسُ قَــدْ تَــلَاهُ هَــنَـاءُ
إِنْ يَــكُــنْ خَــرَّ مِــنْ سَــمَـائِـكُـمُ بَـدْ
رٌ ﻓَ «عَــبَّــاسُــكُــمْ» بِــهِ يُـسْـتَـضَـاءُ
قَــدْ أَرَانَــا «الْــعَــبَّـاسُ» بَـعْـدَ أَبِـيـهِ
كَـيْـفَ تَـلْـقَـى الْـعَـظَـائِـمَ الْـعُـظَـمَـاءُ
وَرِثَ الْــمُــلْــكَ عَــنْ أَبِــيــهِ فَــلَــمَّـا
قَــامَ بِــالْأَمْــرِ دَبَّ فِــيــنَــا الــرَّجَـاءُ
وَاجْــتَــلَــيْـنَـاهُ طَـوْدَ مَـجْـدٍ وَسُـورًا
دَارَ مِـــنْـــهُ حَـــوْلَ الْـــبِــلَادِ بِــنَــاءُ
حَــبَّــذَا مِــنْــهُ هِــمَّـةٌ تَـتْـرُكُ الـصَّـعْـ
ـبَ ذَلُـــــولًا وَعِــــزَّةٌ قَــــعْــــسَــــاءُ
وَثَـــبَـــاتٌ فِـــي طَـــيِّـــهِ وَثَـــبَــاتٌ
لِـــلْـــمَـــعَـــالِــي وَحِــكْــمَــةٌ وَإِبَــاءُ
وَصِـفَـاتٌ عَـنْ كُـنْـهِـهَـا يَـعْجِزُ الْوَصْـ
ـفُ وَفِــيــهَــا يُـسْـتَـغْـرَقُ الْإِحْـصَـاءُ
دَامَ يَـكْـسُـو الـزَّمَـانَ حُـسْنًا وَيُسْدِي
أَنْــعُــمًــا لَا يَــشُــوبُــهُــنَّ انْــتِــهَــاءُ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الخفيف
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

إسماعيل صبري باشا: ولد في مصر بمدينة القاهرة عام ١٨٥٤م، وتلقى الدروس الثانوية في المدارس المصرية، ونال شهادة الليسانس في الحقوق من كلية مدينة إكس في فرنسا سنة ١٨٧٨م، حيث وصلها مع إحدى البعثات الفرنسية، ولما عاد إلى مصر تنقل في مناصب القضاء والإدارة حيث شغل وظائف القضائيين، كما عُين رئيسًا لمحكمة الإسكندرية الأهلية، ثم محافظًا للإسكندرية، فوكيلًا لوزارة العدلية «الحقانية»، ولما بلغ الستين أحيل للتقاعد ففتح داره التي صارت منتدى الشعراء والأدباء.

يعد إسماعيل صبري من شعراء الطبقة الأولى في العصر الحديث، كان يكتب شعره على هوامش الكتب والمجلات، وينشره أصدقاؤه خلسة، حيث كان كثيرًا ما يمزق قصائده صائحًا: «إن أحسن ما عندي ما زال في صدري!» وقد امتاز شعره بقوة الخيال ورقة وعذوبة المعنى، وحب الفن والجمال، وخفة الروح، كان يكتب أحيانًا مقطوعات قصيرة، وأحيانًا أخرى قصائد طويلة، ولشعر صبري مسحة من الترف الحضري واللين والجلاء، وعلى الرغم من سهولة ألفاظه إلا أنه كان شعرًا محملًا بالمعاني الجليلة. كما كان نثره أشد تأثيرًا في النفس وأثبت أثرًا.

وقد نظم صبري الكثير من الشعر الغنائي والأدوار والمواويل، وقال في المديح والتهاني والتقاريض والهجاء، كما قال في الوصف والاجتماعات والسياسات والإلهيات والمراثي والأناشيد. كان شاعرنا وطنيًّا ومثاليًّا، فمثلًا لم يزر أي إنجليزي قط، وكانت له في السياسة مواقف مشرفة مثل وقعة حادثة دنشواي المؤلمة التي نظم فيها قصيدة معبرة، وقيل إن كرومر كان يريد التمهيد لجعله رئيسًا للوزارة؛ فرد عليه بالقول: «لن أكون رئيسًا للوزارة وأخسر ضميري!»

توفي عام ١٩٢٣م، ودفن في مقبرة الإمام الشافعي في القاهرة، وأقيم له حفل تأبين كبير تبارى فيه الشعراء والخطباء لمواقفه النزيهة.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤