خُلُودٌ

Wave Image
ضَــلَّ شِــعْــرِي وَنَــدَّ عَــنِّـي بَـيَـانِـي
مَـا عَـلَـى الـشَّـاعِـرَيْـنِ لَوْ أَرْشَدَانِي؟
ضَـاعَ فِـي ظُـلْـمَـةِ الْـمَـشِـيـبِ أَنِـينًا
وَبَـكَـى فِـي الـصِّـبَـا بَـيَـاضَ الْأَمَانِي
مِــــزْهَــــرٌ أَنَّ فِـــي قِـــفَـــارِ فَـــلَاةٍ
وَابْــنُ غُــصْــنٍ شَــدَا بِــلَا أَغْـصَـانِ!
بَـيْـنَ قَـوْمٍ مَـا رَنَّ فِـي سَـمْـعِهِمْ أَحْـ
ـلَــى نَــشِــيــدًا مِــنْ أَصْــفَــرٍ رَنَّــانِ
صَـدَفَـتْـهُـمْ عَـنْ خَـالِـدِ الْـفَـنِّ أَضْـغَا
ثٌ وَزَهْــوٌ مِـنْ كَـاذِبِ الْـعَـيْـشِ فَـانِ
هَــاتِ سَــمْـعًـا أُسْـمِـعْـكَ رَائِـعَ أَنْـغَـا
مِـي، وَإِلَّا فَـاذْهَـبْ وَدَعْـنِـي وَشَـانِي
أَنَــا فِــي أُمَّــةٍ بِــهَــا جَــدْوَلُ الـضَّـرْ
بِ طَــغَــى سَــيْــلُــهُ عَـلَـى الْأَذْهَـانِ
إِنْ رَأَوْا صَــفْــحَـةً بِـهَـا بَـيْـتُ شِـعْـرٍ
تَــرَكُــوهُ يَــبْــكِــي عَــلَــى كُــلِّ بَـانِ
صِـحْـتُ فِـيهِمْ فَعَادَ صَوْتِي مَعَ الرِّيـ
ـحِ، وَعَـــادَتْ حَــزِيــنَــةً أَلْــحَــانِــي
فِـي كَـسَـادِ الْـقَـرِيـضِ أَخْـفَيْتُ دُرِّي
وَخَــزَنْــتُ الْـغَـرِيـبَ مِـنْ مَـرْجَـانِـي
وَتَــمَــنَّــيْــتُ كُـلَّ شَـيْءٍ عَـلَـى الـلـهِ
سِـــوَى أَنْ أَعِـــيـــشَ مِـــنْ أَوْزَانِــي
كُـلُّ شِـبْـرٍ بِـمِـصْـرَ خِصْبٌ عَلَى الْهَرَّا
جِ، جَــدْبُ الــثَّــرَى عَــلَــى الْـفَـنَّـانِ!
•••
سَـكَـتَ الْـعَـنْـدَلِـيبُ فِي وَحْشَةِ الدَّوْ
حِ، وَغَـــنَّـــتْ نَـــوَاعِــقُ الْــغِــرْبَــانِ
فَــسَــمِــعْــنَــا مِــنَ الـنُّـشُـوزِ أَفَـانِـيـ
ـنَ يُــــرَوِّعْــــنَ صَـــادِحَ الْأَفْـــنَـــانِ
أَسْــمَــعُــونَــا بِــرَغْــمِــنَـا فَـصَـبَـرْنَـا
ثُـــمَّ ثُــرْنَــا غَــيْــظًــا عَــلَــى الْآذَانِ
جَــلَـبُـوا لِـلْـقَـرِيـضِ ثَـوْبًـا مِـنَ الْـغَـرْ
بِ، وَلَــمْ يَــجْـلِـبُـوا سِـوَى الْأَكْـفَـانِ!
ثُـــمَّ قَـــالُـــوا: مُـــجَـــدِّدُونَ فَأَهْــلًا
بِـــصَــنَــادِيــدِ أُخْــرَيَــاتِ الــزَّمَــانِ!
لَا تَـثُـورُوا عَـلَـى تُـرَاثِ امْـرِئِ الْـقَـيْـ
ـسِ، وَصُـونُـوا دِيـبَـاجَـةَ الـذُّبْـيَـانِي
وَاتْــرُكُــوا هَــذِهِ الْــمَــعَــاوِلَ بِـالـلـهِ
فَإِنِّــي أَخْــشَــى عَــلَــى الْــبُــنْــيَـانِ
وَاحْـفَـظُـوا الـلَّفْظَ وَالْأَسَالِيبَ وَالذَّوْ
قَ، وَهَـاتُـوا مَـا شِـئْـتُـمُ مِـنْ مَـعَـانِي
مَــا لِــسَــانُ الْــقَــرِيـضِ مِـنْ عَـرَبِـيٍّ
كَـلِـسَـانِ الْـقَـرِيـضِ مِـنْ طُـمْطُمَانِي!
إِنَّـمَـا الـشِّـعْـرُ قِـطْـعَـةٌ مِـنْـكَ لَـيْسَتْ
مِــنْ دِمَــاءِ الــلَّاتِــيــنِ وَالْــيُــونَــانِ
كُــــلُّ فَــــنٍّ لَــــهُ مَــــكَـــانٌ وَأَهْـــلٌ
إِنْ غَــدَا الْــعِــلْـمُ مَـا لَـهُ مِـنْ مَـكَـانِ
إِنْ رَأَيْــتُــمْ أُخُــوَّةَ الْــعُــودِ لِــلْــجَـزْ
بَــنْــدِ، فَــابْــكُــوا سُـلَالَـةَ الْـعِـيـدَانِ
لَا يَــهُــزُّ الــنَّــخِــيــلَ إِلَّا حَـنَـانُ الـنَّـ
ـايِ، فِـي صَـمْـتِ لَـيْـلَـةٍ مِـنْ حَـنَـانِ!
وِجْـهَـةُ الـشَّـرْقِ غَـيْـرُهَـا وِجْهَةُ الْغَرْ
بِ، فَأَنَّـــى وَكَــيْــفَ يَــلْــتَــقِــيَــانِ!
•••
أَيْـنَ عَـهْـدُ الـشَّـبَـابِ وَالـلَّـهْـوِ يَا شِعْـ
ـرُ؟ وَأَيْـنَ الْـهَـوَى؟ وَأَيْـنَ الْـمَـغَانِي؟
ذَبُـلَ الْـوَرْدُ وَانْـقَـضَـى مَـوْسِـمُ الرَّيْـ
ـحَـانِ، وَا حَـسْـرَتَـا عَـلَـى الـرَّيْـحَانِ!
وَانْـطَـوَى مَـجْلِسُ الصِّحَابِ بِمَنْ فِيـ
ـهِ وَمَـــا فِـــيـــهِ مِـــنْ أَمَـــانٍ لِــدَانِ
كَـانَ أَشْـهَـى لِـلنَّفْسِ مِنْ حَسْوَةِ الْكَأْ
سِ، وَأَحْـلَـى مِـنْ صَادِحَاتِ الْأَغَانِي
لَــمْ تَــدُرْ كَأْسُــهُ عَــلَــى وَاغِــلٍ فَــدْ
مٍ، وَلَا وَاكِــلٍ عَــنِ الْــمَــجْــدِ وَانِــي
يُــنْــثَــرُ الـشِّـعْـرُ فِـيـهِ كَـالـزَّهْـرِ رَيَّـا
نَ، بِـــلَـــحْـــنٍ مِــنَ الــصَّــبَــا رَيَّــانِ
كَـانَ فِيهِ «شَوْقِي» وَكَانَ «أَبُو الْحِفْـ
ـظِ» وَ«حِـفْـنِـي» وَجُـمْـلَـةُ الْإِخْـوَانِ
وَ«إِمَــامُ الْــعَــبْــدِ» الَّـذِي كَـانَ رَمْـزًا
لِــتَآخِــي الْــمِــصْــرِيِّ وَالــسُّـودَانِـي
كَـانَ شَوْقِي يُصْغِي وَمَا كَانَ يُصْغِي
هُــوَ فِــي عَــالَــمٍ مِــنَ الْـفَـنِّ ثَـانِـي!
كُــلَّــمَــا مَــدَّ رَأْسَــهُ يَــرْقُــبُ الْـوَحْـ
ـيَ، رَأَيْــتَ الْــعَـيْـنَـيْـنِ تَـخْـتَـلِـجَـانِ
ثُـمَّ يُـغْـضِـي مُـهَـمْـهِـمًـا مِـثْـلَـمَـا جَرَّ
بْــتَ بِــالْـجَـسِّ شَـادِيَـاتِ الْـمَـثَـانِـي
يَـنْـظِـمُ الـشِّـعْـرَ وَهْـوَ يُلْقِي الْأَحَادِيـ
ـثَ، فَـــيَأْتِـــي بِآبِـــدَاتِ الْـــبَـــيَــانِ
رُوحُـهُ فِـي الـسَّـمَـاءِ، وَهْـوَ عَلَى الْأَرْ
ضِ، كِــلَا الْــعَــالَــمَـيْـنِ مُـخْـتَـلِـفَـانِ
هُـوَ شَـوْقِـي جِـسْـمًـا يُـرَى ويُـنَاجَى
وَهْــوَ فِـي الـشِّـعْـرِ طَـائِـفٌ نُـورَانِـي
شَـرْكَـسِـيٌّ أَعْـيَـا عَـلَـى الْـعُـرْبِ مَأْتَا
هُ، فَــحَــسَّــانُ لَــيْــسَ بِــالْــحَـسَّـانِ
وَلَــهُ فِــي الْــمَــدِيـحِ مَـا لَـمْ يُـدَانِـيـ
ـهِ ابْــنُ عَــبْـدَانَ فِـي بَـنِـي حَـمْـدَانِ
حِــكْــمَــةٌ مَــشْــرِقـيَّـةٌ، فِـي خَـيَـالٍ
فَــارِسِــيٍّ، فِــي مَــنْــطَـقٍ عَـدْنَـانِـي
يَــنْــثُــرُ الــدُّرَّ عَــبْــقَــرِيًّــا عَـجِـيـبًـا
لَـيْسَ مِنْ «مَسْقَطٍ» وَلَا مِنْ «عُمَانِ»
أَنَــا بِــالــدُّرِّ أَخْــبَــرُ الــنَّــاسِ لَــكِــنْ
ذَلِــكَ الــنَّــوْعُ نَــدَّ عَــنْ إِمْــكَــانِــي!
فَـــاسْأَلَا كُـــلَّ جَـــوْهَـــرِيٍّ فَإِنْ قَـــا
لَ لَـــدَيْـــهِ مِـــثْــلٌ لَــهُ فَــاسْأَلَانِــي
يَــا خَــلِــيـلَـيَّ لَا تَـهِـيـجَـا لِـيَ الـذِّكْـ
ـرَى، فَـقَـدْ نَـالَـنِـي الَّـذِي قَـدْ كَـفَانِي
نَــاوِلَانِــي بِــالــلــهِ دِيــوَانَ شَـوْقِـي
لِأَرَاهُ كَـــــعَـــــهْـــــدِهِ وَيَـــــرَانِـــــي
ثُـمَّ سِـيـرَا عَـلَـى الْأَصَـابِـعِ فِـي صَمْـ
ـتٍ، وَفِـي حَـضْـرَةِ «الْأَمِـيرِ» دَعَانِي
مَـــرَّةً أَلْـــتَــقِــي بِــهِ أَمْــلَــدَ الْــعُــو
دِ نَــضِــيـرَ الـصِّـبَـا طَـلِـيـقَ الْـعِـنَـانِ
بَــــيْــــنَ رَاحٍ وَرَوْضَــــةٍ وَغَـــدِيـــرٍ
وَحِــسَـانٍ، مَـضَـى زَمَـانُ الْـحِـسَـانِ!
وَوُجُــوهُ الْآمَــالِ أَزْهَــى مِــنَ الـزَّهْـ
ـرِ، وَغُــصْــنُ الــشَّـبَـابِ فِـي رَيْـعَـانِ
غَــزَلٌ أَذْهَــلَ الْـغَـوَانِـي عَـنِ الْـحُـسْـ
ـنِ، وَمِــنْ أَيْــنَ مِــثْــلُـهُ لِـلْـغَـوَانِـي؟
حِـيـنَ يَـشْـدُو يُصْغِي لَهُ الطَّيْرُ حَيْرَا
نَ مَـغِـيـظًـا مُـسَـائِـلًا: مَـنْ حَـكَانِي؟
ذَاكَ صَـوْتٌ بِـهِ خُـصِـصْـتُ مِـنَ الـلَّهِ
فَـــمِـــنْ أَيْـــنَ جَـــاءَ لِـــلْإِنْـــسَــانِ؟
يَــصِــفُ الْـجِـسْـرَ وَالْـجَـزِيـرَةُ تَـهْـتَـ
ـزُّ حَـــوَالَـــيْـــهِ هِـــزَّةَ الـــنَّـــشْــوَانِ
فِــي ثِــيَــابٍ مِــنَ الـطَّـبِـيـعَـةِ وَشَّـا
هَـــا كَـــمَـــا شَــاءَ مُــبْــدِعُ الْأَلْــوَانِ
وَيَـــرَى حُـــبَّـــهُ لِـــدَوْلَـــةِ عُـــثْــمَــا
نَ شِــــعَـــارًا لِـــصَـــادِقِ الْإِيـــمَـــانِ
ذَاكَ شِـــعْــرُ الــشَّــبَــابِ وَالــدَّارُ دَارٌ
وَأَيَــادِي «الْـعَـبَّـاسِ» بِـيـضٌ دَوَانِـي
•••
ثُــمَّ أَلْـقَـاهُ وَهْـوَ فِـي الْأَسْـرِ يَـشْـكُـو
فَــيُــثِــيـرُ الْـكَـمِـيـنَ مِـنْ أَشْـجَـانِـي
وَيُــنَــاجِــي شِــعْــرُهُ «نَــائِـحَ الـطَّـلْـ
ـحِ» فَــيُــبْــكِــيــهِ مِـثْـلَـمَـا أَبْـكَـانِـي
زُحِـمَـتْ مِـصْـرُ بِـالْـبُـغَـاثِ مِـنَ الطَّيْـ
ـرِ، وَعِـيـقَ الـشَّـادِي عَـنِ الـطَّـيَـرَانِ!
أَسَــرُوهُ لِــيَــحْــبِـسُـوا صَـوْتَـهُ الْـعَـا
لِــي، فَــنَــادَى بِـصَـوْتِـهِ الْـخَـافِـقَـانِ
احْـبِـسُـوا الـسَّـيْلَ إِنْ قَدَرْتُمْ وَسُدُّوا
إِنْ أَرَدْتُـــمْ مَـــنَـــافِـــذَ الْـــبُـــرْكَــانِ
وَدَعُـوا الـشِّـعْـرَ فَـهْـوَ طَـيْـرٌ مِنَ الْفِرْ
دَوْسِ يَأْبَــى مَــسِــيــسَــهُ بِـالْـبَـنَـانِ
ثُـــمَّ طَــارَ الْــهَــزَارُ لِــلْــعُــشِّ غِــرِّيـ
ـدًا وَعَـــادَ الْـــغَـــرِيــبُ لِــلْأَوْطَــانِ!
عَـــادَ «زِرْيَــابُ» بَــعْــدَ أَنْ زَادَ أَوْتَــا
رًا لِأَوْتَـــــارِ عُــــودِهِ الْــــمِــــرْنَــــانِ
فَـتَـغَـنَّـى بِـمَـصْـرَ فِـي مَـوْكِـبِ الشَّرْ
قِ، وَعِــزِّ الــتَّـاجَـيْـنِ وَالـصَّـوْلَـجَـانِ
وَشَـدَا بِـالـشُّـمُـوسِ مِـنْ عَبْدِ شَمْسٍ
وَالْــغَــطَــارِيــفِ مِــنْ بَــنِـي مَـرْوَانِ
أَلْـهَـبَ الْـعَـزْمُ فِـي بَـنِـي مِـصْـرَ نَـارًا
أَيُّ خَـــيْـــرٍ فِـــي هَــذِهِ الــنِّــيــرَانِ!
وَدَعَــا بِـالـشَّـبَـابِ فَـابْـتَـدَرُوا الـسَّـبْـ
ـقَ، وَآمَــالُ مَــصْــرَ فِــي الــشُّــبَّـانِ
وَالــرِّوَايَــاتُ أَعْــجَـزَتْ كُـلَّ شَـيْـطَـا
نٍ، وَأَعْـيَـتْ فِـي وَصْـفِـهَـا شَـيْطَانِي
حِـكْـمَـةُ الـشَّيْبِ فِي مِرَاسِ التَّجَارِيـ
ـبِ، وَفِـكْـرٌ أَمْـضَـى شَـبًـا مِـنْ سِنَانِ
جَـنَـتِ الـسِّـنُّ مَـا جَـنَـتْ غَـيْـرَ عَـقْلٍ
زَادَ بِـــالـــسِّـــنِّ صَـــوْلَـــةً وَلِــسَــانِ
كُـــلَّـــمَــا هَــدَّتِ الــلَّــيَــالِــي قُــوَاهُ
بَــلَــغَ الــشِّــعْــرُ قِــمَّــةَ الْــعُـنْـفُـوَانِ
شِـعْـرُ شَـوْقِـي وَدِيـعَـةُ الـزَّمَـنِ الْـبَـا
قِــي، وَشَــوْقِــي وَدِيـعَـةُ الـرَّحْـمَـنِ!
•••
قَـدْ شُـغِـلْـنَـا عَـنْ حَـافِـظٍ بِأَمِيرِ الشِّـ
ـعْـرِ، وَيْـلِـي! لَـوْ كَـانَ يَـدْرِي لَـحَـانِي
كَــانَ يَــجْــرِي عَـلَـى أَعِـنَّـةِ شَـوْقِـي
وَيُــعَــانِــي مِـنْ رَكْـضِـهِ مَـا يُـعَـانِـي
لَا الْــجَــوَادَانِ فِــي الــنِّـجَـارِ سَـوَاءٌ
حِــيــنَ تَــبْــلُــوهُـمَـا وَلَا الْـفَـارِسَـانِ
يُـلْـهِـبُ الـشِّـعْـرَ حَـافِـظٌ أَرْعَـنَ السَّوْ
طِ، وَشَــوْقِــي فِــي آخِـرِ الْـمَـيْـدَانِ!
لَــيْــتَ شِــعْــرَ الْـقَـرِيـضِ أَيُّ سِـبَـاقٍ
بَــيْــنَ شِــعْــرَيْــهِــمَـا؟ وَأَيُّ رِهَـانِ!؟
حَـــافِـــظٌ زَيَّــنَ الْــقَــرِيــضَ بِــفَــنٍّ
بُــحْــتُـرِيٍّ عَـذْبٍ رَشِـيـقِ الْـمَـبَـانِـي
لَــفْــظُــهُ فِــي يَــدَيْـهِ يَـخْـتَـارُ مِـنْـهُ
صَــحْــفَــةُ الــدُّرِّ فِـي يَـدَيْ دِهْـقَـانِ
وَلَـــكَـــمْ قَـــدْ أَعَــادَ بَــيْــتًــا مِــرَارًا
بَــاحِــثًــا عَــنْ فَــرِيـدَةٍ مِـنْ جُـمَـانِ
يَـتَـقَـرَّى فِـي الـشِّـعْـرِ مَيْلَ الْجَمَاهِيـ
ـرِ، لِـيَـحْـظَـى بِـصَـيْـحَـةِ اسْتِحْسَانِ
جَــالَ فِــي حَـوْمَـةِ الـسِّـيَـاسَـةِ وَثَّـا
بًــا، فَأَذْكَــى حَــمَــاسَــةَ الْــفِــتْـيَـانِ
وَرَمَــى الِاحْــتِــلَالَ حُــرًّا جَــرِيــئًــا
وَتَـحَـدَّى «الْـعَـمِـيـدَ» ثَـبْـتَ الْـجَنَانِ
فِــــي زَمَــــانٍ قَــــدْ ذَلَّ كُـــلُّ إِبَـــاءٍ
فِــيـهِ، وَانْـقَـادَ كُـلُّ صَـعْـبِ الْـحِـرَانِ
وَظَّـــفُـــوهُ فَأَسْـــكَـــتُـــوهُ فَأَلْــقَــى
شِــعْــرَهُ فِــي مَــهَــامِــهِ الــنِّـسْـيَـانِ
وَيْـحَ هَـذَا الْـكِـرْوَانِ! هَـلْ رَاقَهُ الْحَبْـ
ـسُ وَأَغْــرَاهُ عَــسْـجَـدُ الْـقُـضْـبَـانِ؟
هَـشَّـمُـوا نَـابَـيِ «ابْـنِ بُـرْدٍ» وَحَـالُـوا
بَـيْـنَ كَـاسِ الـطِّـلَا وَبَـيْنَ ابْنِ هَانِي!
كَانَ شَوْقِي وَحَافِظٌ إِنْ دَجَى الْخَطْـ
ـبُ، شُـعَـاعَـيْـنِ فِـي الـدُّجَى يَلْمَعَانِ
«فَــهُــمَـا فِـي أَوَاخِـرِ الـلَّـيْـلِ فَـجْـرَا
نِ، وَفِـــي أُولَـــيَـــاتِـــهِ شَــفَــقَــانِ»
•••
أَيُّــهَــا الــشَّـاعِـرَانِ قَـدْ صَـوَّحَ الـدَّوْ
حُ، وَوَلَّــتْ بَــشَــاشَــةُ الْــبُــسْــتَـانِ!
وَخَـــلَا الـــرَّبْـــعُ لَا قِــرَاعُ كُــئُــوسٍ
ضَـــاحِـــكَــاتٍ، وَلَا رَنِــيــنُ قِــيَــانِ!
وَتَـــوَلَّــى الْــقُــطَّــانُ لَــمْ يَــبْــقَ إِلَّا
حَـــسَـــرَاتٌ لِـــفُـــرْقَــةِ الْــقُــطَّــانِ!
وَمَــضَــى الــرَّكْــبُ بِـالـرِّفَـاقِ وَخَـلَّا
نِــي وَحِــيــدًا أَبْـكِـي عَـلَـى خُـلَّانِـي
أَيُّــهَــا الـشَّـاعِـرَانِ فِـي جَـنَّـةِ الْـخُـلْـ
ـدِ، هَــنَــاءً بِــالْــخُــلْــدِ وَالــرِّضْـوَانِ
مَــهِّــدَا لِــي إِلَــى جِــوَارِكُــمَــا مَــثْـ
ـوًى، إِذَا آنَ لِــــلـــرَّحِـــيـــلِ أَوَانِـــي

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الخفيف
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

علي الجارم: أديب، وشاعر مصري، ورائد من رواد مدرسة الإحياء والبعث إلى جانب كل من أحمد شوقي وحافظ إبراهيم. أَثْرَت مؤلفاته المكتبة الأدبية العربية؛ حيث تعددت وتنوعت بين الدواوين الشعرية، والروايات الأدبية والتاريخية، إضافة إلى الكتب المدرسية، وكانت له مساهمات فعالة في حقل اللغة العربية. وقد اشتهر بغيرته على الدين واللغة والأدب، وتمكن من أن يحوز مكانة شعرية رائدة.

ولد علي صالح عبد الفتاح الجارم، بمدينة رشيد عام ١٨٨١م، تلك المدينة التي شهدت الكثير من أحداث مصر التاريخية. كان والده الشيخ محمد صالح الجارم عالمًا من علماء الأزهر، وقاضيًا شرعيًّا بمدينة دمنهور. تلقى علي دروسه الأولى بمدينة رشيد، فأتم بها التعليم الابتدائي، وواصل تعليمه الثانوي بالقاهرة حيث التحق بالأزهر الشريف، واختار بعد ذلك أن يلتحق بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة. سافر عام ١٩٠٨م إلى إنجلترا وتحديدًا نوتينجهام لإكمال دراسته، فدرس هناك أصول التربية، ثم عاد إلى مصر عام ١٩١٢م بعد أربع سنوات قضاها في الغربة.

عُيِّن الجارم عقب عودته مدرسًا بمدرسة التجارة المتوسطة، ثم تدرج في مناصب التربية والتعليم حتى عُيِّن كبير مفتشي اللغة العربية بمصر، كما عمل الجارم وكيلًا لدار العلوم، وكان عضوًا مؤسِّسًا لمجمع اللغة العربية، وقد مَثَّل مصر في عدد من المؤتمرات العلمية والثقافية.

سَخَّر الجارم طاقاته الإبداعية وإمكانياته الثقافية في إنجاز العديد من الروايات الأدبية التاريخية التي تتخذ من التاريخ العربي موضوعًا لها، مثل: «فارس بني حمدان» و«هاتف من الأندلس» و«مرح الوليد» و«خاتمة المطاف» و«نهاية المتنبي». توفي علي الجارم عام ١٩٤٩م عن ثمانية وستين عامًا، وقد رثاه كبار أدباء ومفكري عصره.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤