الصُّلْحُ بَيْنَ الْقَبَائِلِ

Wave Image
أَجَــابَـتْ نِـدَاءَ الْـحَـقِّ سُـمْـرُ الْـعَـوَاسِـلِ
وَعَـادَتْ إِلَـى الْأَغْـمَـادِ بِـيـضُ الْـمَنَاصِلِ
وَقَــرَّتْ قُــلُــوبٌ جَــازِعَــاتٌ خَــوَافِــقٌ
وَخَــالَــطَ دَمْـعُ الْـبِـشْـرِ دَمْـعَ الـثَّـوَاكِـلِ
وَطَـافَـتْ عَـلَـى الـشَّـرِّ الْـمُـنَـاجِـزِ حِكْمَةٌ
أَطَــاحَـتْ بِـمَـا قَـدْ حَـاكَـهُ مِـنْ حَـبَـائِـلِ
وَأَطْــــفَأَ نِــــيـــرَانَ الْـــعَـــدَاوَةِ وَابِـــلٌ
مِــنَ الْــحِــلْــمِ حَـيَّـا صَـوْبَـهُ كُـلُّ وَابِـلِ
وَصَــفَّــقَ بِــالْـبُـشْـرَى الْـفُـرَاتُ وَدِجْـلَـةٌ
عَــلَــى نَـغَـمَـاتِ الـسَّـاجِـعَـاتِ الْـهَـوَادِلِ
وَحَـطَّـمَـتِ الـسِّـلْـمُ الْـحُـسَـامَ فَـلَمْ تَدَعْ
بِـهِ بَـعْـدَ طُـولِ الْـفَـتْـكِ غَـيْـرَ الْـحَـمَائِلِ
فَــلَـيْـتَ زُهَـيْـرًا بَـيْـنَـنَـا بَـعْـدَمَـا خَـبَـتْ
لَـظَـى الْحَرْبِ وَانْجَابَتْ غُيُومُ الْقَسَاطِلِ
•••
هُـوَ الـسَّـيْـفُ أَطْغَى مَا خَضَعْتُمْ لِحُكْمِهِ
إِذَا مَـا انْـتَـضَـاهُ الْـحِـقْدُ فِي كَفِّ جَاهِلِ
يُــقَــطِّــعُ أَوْشَــاجًــا عَــلَــيْــنَــا عَـزِيـزَةً
وَيَــبْــتُــرُ جَــبَّــارًا كَــرِيــمَ الْــوَصَــائِـلِ
يَــسِــيــلُ دَمُ الْــقُـرْبَـى عَـلَـيْـهِ مُـطَـهَّـرًا
أَعَــزَّ وَأَزْكَــى مِــنْ نَــجِــيــعِ الْأَصَــائِـلِ
أَخِــي أَنْــتَ دِرْعِــي إِنْ أَلَــمَّــتْ مُـلِـمَّـةٌ
وَإِنْ فَــدَحَــتْــنِــي عَــابِـسَـاتُ الـنَّـوَازِلِ
أَخِـي أَنْـتَ مِـنْ نَـفْسِي دِمَاؤُكَ مِنْ دَمِي
«فَإِنْ كُــنْـتُ مَأْكُـولًا فَـكُـنْ خَـيْـرَ آكِـلِ»
أَأَرْمِـي أَخِـي؟ يَـا وَيْـلَ مَا صَنَعَتْ يَدِي!
فَــيَــا لَــيْــتَــهَــا كَــانَـتْ بِـغَـيْـرِ أَنَـامِـلِ!
إِذَا مَـــسَّـــنِـــي خَـــطْــبٌ فَأَوَّلُ رَاكِــبٍ
يَــخُــوضُ لِــيَ الْــجُـلَّـى وَأَسْـرَعُ نَـازِلِ
أَكَــلْــتُ دَمًــا إِنْ لَــمْ أَزُدْ عَـنْ حِـيَـاضِـهِ
كَــرِيــمًــا وَأَدْفَــعْ عَـنْـهُ كَـيْـدَ الْـغَـوَائِـلِ
أُضَــاحِــكُــهُ وَالْــقَــلْـبُ مَـا عَـبِـثَـتْ بِـهِ
لِـئَـامُ الْـمَـسَـاعِـي أَوْ سُـمُـومُ الـدَّخَـائِـلِ
وَأَبْــسُــطُ كَــفِّــي نَــحْـوَهُ غَـيْـرَ جَـافِـلٍ
وَيَــبْــسُــطُ نَـحْـوِي كَـفَّـهُ غَـيْـرَ جَـافِـلِ
إِذَا الْـبِـيـدُ لَـمْ تُـنْـبِـتْ نَـبَـاتًـا فَـحَـسْـبُـهَا
فَــقَـدْ أَنْـبَـتَـتْ فِـيـنَـا كَـرِيـمَ الـشَّـمَـائِـلِ
وَقَــدْ عَــلَّــمَــتْــنَــا أَنْ يَــكُــونَ إِخَـاؤُنَـا
كَــشَــامِــخِ رَضْــوَى رُكْــنُـهُ غَـيْـرُ زَائِـلِ
أَلَــسْــنَــا الْــكِـرَامَ الْـغُـرَّ مِـنْ آلِ يَـعْـرُبٍ
لَـدَى الـرَّوْعِ أَوْ عِـنْـدَ الْـتِفَافِ الْمَحَافِلِ؟
حَـمَـيْـنَـا بِـحَـمْـدِ الـلـهِ أَنْـسَـابَ قَـوْمِـنَـا
وَصُــنَّــا عَــلَــى الْأَيَّــامِ مَــجْـدَ الْأَوَائِـلِ
وَمَــا خُــلِــقَــتْ إِلَّا لِــعَــزْمٍ نُــفُــوسُــنَــا
كَأَنَّــا خُــلِــقْــنَـا مِـنْ غُـبَـارِ الْـجَـحَـافِـلِ
إِذَا افْــتَــرَقَــتْ أَهْــوَاءُ قَـوْمٍ تَـشَـتَّـتُـوا
وَلَــمْ يَــرْجِــعُــوا إِلَّا بِــعَــارِ الــتَّــخَـاذُلِ
عَــزِيــزٌ عَــلَــى الْأَوْطَــانِ أَنَّ شَـجَـاعَـةً
تُــمَـزِّقُـهَـا الـشَّـحْـنَـاءُ فِـي غَـيْـرِ طَـائِـلِ
حَــمَــانَــا كِـتَـابُ الـلـهِ مِـنْ بَـعْـدِ فُـرْقَـةٍ
فَــكُــنَّــا لِــدِيــنِ الـلـهِ خَـيْـرَ الْـمَـعَـاقِـلِ
وَصَــالَــتْ بِـنَـا مِـنْ قُـوَّةِ الْـبَأْسِ وَحْـدَةٌ
عَـلَـى الْـكَـوْنِ لَـمْ تَـتْـرُكْ مَـصَـالًا لِصَائِلِ
فَــثُــلَّــتْ عُــرُوشٌ وَاسْـتَـطَـارَتْ أَسِـرَّةٌ
مِــنَ الــذُّعْــرِ فِــي أَعْــوَادِهَـا وَالـزَّلَازِلِ
•••
جَـمَـعْـنَـا عَـلَـى الْحُبِّ الْقُلُوبَ فَأَشْرَقَتْ
كَـمَـا أَشْـرَقَـتْ بِـالْـغَـيْـثِ زُهْـرُ الْـخَمَائِلِ
وَعِـــفْـــنَــا وُرُودَ الْــمَــاءِ أَكْــدَرَ آسِــنًــا
وَحَــنَّــتْ حَــنَــايَـانَـا لِـعَـذْبِ الْـمَـنَـاهِـلِ
وَعَادَتْ إِلَى الْحُسْنَى «الْعَبِيدُ» وَ«شَمَّرٌ»
وَسَــارَ بَــشِـيـرُ الـسِّـلْـمِ بَـيْـنَ الْـقَـبَـائِـلِ
وَأَصْـغَـوْا إِلَـى الـرَّأْيِ الـسَّـدِيدِ وَأَنْصَتُوا
لِــنُــصْــحِ نَــصِـيـرٍ لِـلْـعُـرُوبَـةِ «بَـاسِـلِ»
إِلَــى «حَــمَــدٍ» تَـرْنُـو الْـمَـعَـالِـي مُـدِلَّـةً
وَتُـلْـقِـي بِأَسْـبَـابِ الـنُّـهَـى وَالْـفَـضَـائِـلِ
عَــرَفْــنَــاهُ وِرْدًا لِــلـنَّـدَى غَـيْـرَ نَـاضِـبٍ
لِــرَاجٍ وَعَــزْمًــا لِــلْــعُــلَا غَــيْــرَ نَــاكِــلِ
وَقَــدْ دَفَــنَ الْــقَــوْمُ الـتِّـرَاتِ وَأَقْـبَـلُـوا
إِلَـى الْـحَـقِّ يَـمْـحُـو ضَـوْءُهُ كُـلَّ بَـاطِـلِ
وَسَـــلُّـــوا لِإِعْــلَاءِ الْــعِــرَاقِ عَــزَائِــمًــا
أَسَــدَّ وَأَمْــضَــى مِــنْ سِــنَـانِ الـذَّوَابِـلِ
يُــفَــدُّونَ بِـالْأَرْوَاحِ وَالْأَهْـلِ «فَـيْـصَـلًا»
مَــنَــاطَ الْــمُــنَــى مِــنْ كُــلِّ رَاجٍ وَآمِـلِ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الطويل
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

علي الجارم: أديب، وشاعر مصري، ورائد من رواد مدرسة الإحياء والبعث إلى جانب كل من أحمد شوقي وحافظ إبراهيم. أَثْرَت مؤلفاته المكتبة الأدبية العربية؛ حيث تعددت وتنوعت بين الدواوين الشعرية، والروايات الأدبية والتاريخية، إضافة إلى الكتب المدرسية، وكانت له مساهمات فعالة في حقل اللغة العربية. وقد اشتهر بغيرته على الدين واللغة والأدب، وتمكن من أن يحوز مكانة شعرية رائدة.

ولد علي صالح عبد الفتاح الجارم، بمدينة رشيد عام ١٨٨١م، تلك المدينة التي شهدت الكثير من أحداث مصر التاريخية. كان والده الشيخ محمد صالح الجارم عالمًا من علماء الأزهر، وقاضيًا شرعيًّا بمدينة دمنهور. تلقى علي دروسه الأولى بمدينة رشيد، فأتم بها التعليم الابتدائي، وواصل تعليمه الثانوي بالقاهرة حيث التحق بالأزهر الشريف، واختار بعد ذلك أن يلتحق بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة. سافر عام ١٩٠٨م إلى إنجلترا وتحديدًا نوتينجهام لإكمال دراسته، فدرس هناك أصول التربية، ثم عاد إلى مصر عام ١٩١٢م بعد أربع سنوات قضاها في الغربة.

عُيِّن الجارم عقب عودته مدرسًا بمدرسة التجارة المتوسطة، ثم تدرج في مناصب التربية والتعليم حتى عُيِّن كبير مفتشي اللغة العربية بمصر، كما عمل الجارم وكيلًا لدار العلوم، وكان عضوًا مؤسِّسًا لمجمع اللغة العربية، وقد مَثَّل مصر في عدد من المؤتمرات العلمية والثقافية.

سَخَّر الجارم طاقاته الإبداعية وإمكانياته الثقافية في إنجاز العديد من الروايات الأدبية التاريخية التي تتخذ من التاريخ العربي موضوعًا لها، مثل: «فارس بني حمدان» و«هاتف من الأندلس» و«مرح الوليد» و«خاتمة المطاف» و«نهاية المتنبي». توفي علي الجارم عام ١٩٤٩م عن ثمانية وستين عامًا، وقد رثاه كبار أدباء ومفكري عصره.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤