أَدْنَى الْفَوَارِسِ مَنْ يُغِيرُ لِمَغْنَمِ

Wave Image
أَدْنَـى الْـفَـوَارِسِ مَـنْ يُـغِـيـرُ لِـمَغْنَمِ
فَــاجْـعَـلْ مُـغَـارَكَ لِلْـمَـكَـارِمِ تَـكْـرُمِ
وَتَـــوَقَّ أَمْــرَ الْــغَــانِــيَــاتِ فَــإِنَّــهُ
أَمْـــرٌ إِذَا خَـــالَـــفْــتَــهُ لَــمْ تَــنْــدَمِ
أَنَـا أَقْـدَمُ الْـخُلَّانِ فَارْضَ نَصِيحَتِي
إِنَّ الْــفَــضِــيـلَـةَ لِلْـحُـسَـامِ الْأَقْـدَمِ
وَالْــحَـقْ بِـتُـبَّـاعِ الْأَمِـيـرِ فَـكُـنْ لَـهُ
تَـبَـعًـا لِـتُـصْـبِـحَ بِـالْـمَـحَـلِّ الْأَعْـظَمِ
وَاسْـتَـزْرِ بِـالْبِيضِ الْحِسَانِ وَلَا يَكُنْ
لَــكَ غَــيْــرُ هِــمَّـةِ صَـارِمٍ أَوْ لَـهْـذَمِ
الْـمُـتَّـقِـي بِـالْـخَـيْـلِ كُـلَّ عَـظِـيـمَـةٍ
وَالْــمُـسْـتَـبِـيـحِ بِـهِـنَّ كُـلَّ عَـرَمْـرَمِ
وَمُـزِيـرِهَـا الْـغَـوْرَ الَّـذِي لَـوْ سَـلَّمَتْ
رِيــحٌ عَــلَــى أَرْجَـائِـهَـا لَـمْ تَـسْـلَـمِ
أَوْ بَــكَّـرَ الْـوَسْـمِـيُّ يَـطْـلُـبُ أَرْضَـهُ
نَــفِـدَ الـرَّبِـيـعُ وَتُـرْبُـهَـا لَـمْ يُـوسَـمِ
لَا تَـسْـتَـبِـيـنُ الـشُّـهْـبُ فِـيـهِ تَـنَائِيًا
وَيَـلُـوحُ فِـيـهِ الْـبَـدْرُ مِـثْـلَ الـدِّرْهَمِ
هَــذَا وَكَــمْ جَــبَـلٍ عَـصَـاهَـا أَهْـلُـهُ
فَـهَـوَتْ عَـلَـيْـهِ مَـعَ الـطُّـيُورِ الْحُوَّمِ
وَأَجَــازَهَــا قُــذُفَــاتِ كُـلِّ مُـنِـيـفَـةٍ
وَكْـرُ الْـعُـقَـابِ بِـهَـا وَبَـيْـتُ الْأَعْصَمِ
فَــوَطِــئْـنَ أَوْكَـارَ الْأَنُـوقِ وَرُوِّعَـتْ
مِـنْـهَـا وَبَـاتَ الْـمُـهْـرُ ضَـيْفَ الْهَيْثَمِ
عَـلِـمَـتْ وَأَضْـعَـفَهَا الْحِذَارُ فَلَمْ تَطِرْ
مِــنْ ضَـعْـفِـهَـا فَـكَـأَنَّـهَـا لَـمْ تَـعْـلَـمِ
وَبَــعِـيـدَةِ الْأَطْـرَافِ رُعْـنَ بِـمَـاجِـدٍ
يَــرْدِيــنَ فَــوْقَ أَسَـاوِدٍ لَـمْ تَـطْـعَـمِ
تَـرْعَـى خَـوَافِـي الرُّبْدِ فِي حَجَرَاتِهَا
سَــغْـبًـا وَتَـعْـثُـرُ بِـالْـغَـطَـاطِ الـنُّـوَّمِ
يَـجْـمَـعْـنَ أَنْـفُـسَـهُـنَّ كَـيْ يَبْلُغْنَ مَا
يَـهْـوَى فَـمُـجْـفَـرُهُـنَّ مِـثْلُ الْأَهْضَمِ
ضَـمَـرَتْ وَشَـزَّبَـهَـا الْقِيَادُ فَأَصْبَحَتْ
وَالـطِّرْفُ يَرْكُضُ فِي مَسَابِ الْأَرْقَمِ
مِـنْ كُـلِّ مُـعْـطِـيَـةِ الْأَعِـنَّـةِ سَـرْجَهَا
تَــرْقَــى فَــوَارِسُــهَــا إِلَـيْـهِ بِـسُـلَّـمِ
غَــرَّاءَ سَــلْــهَــبَــةٍ كَــأَنَّ لِــجَـامَـهَـا
نَــالَ الــسَّـمَـاءَ بِـهِ بَـنَـانُ الْـمُـلْـجِـمِ
وَمُــقَــابَـلٍ بَـيْـنَ الْـوَجِـيـهِ وَلَاحِـقٍ
وَافَــاكَ بَــيْــنَ مُــطَــهَّـمٍ وَمُـطَـهَّـمِ
صَــاغَ الــنَّـهَـارُ حُـجُـولَـهُ فَـكَـأَنَّـمَـا
قَـطَـعَـتْ لَـهُ الـظَّـلْـمَاءُ ثَوْبَ الْأَدْهَمِ
قَــلِــقَ الـسِّـمَـاكُ لِـرَكْـضِـهِ وَلَـرُبَّـمَـا
نَـفَـضَ الْـغُـبَـارَ عَـلَـى جَـبِينِ الْمِرْزَمِ
مِـثْـلُ الْـعَـرَائِسِ مَا انْثَنَتْ مِنْ غَارَةٍ
إِلَّا مُــخَــضَّــبَــةَ الـسَّـنَـابِـكِ بِـالـدَّمِ
سَـهِـرَتْ وَقَـدْ هَـجَـعَ الدَّلِيلُ بِلَابِسٍ
بُـرْدَ الْـحُـبَـابِ مُـعِـيـدِ فِعْلِ الضَّيْغَمِ
أَدْمَـتْ نَـوَاجِـذَهَـا الـظُّـبَـا فَـكَـأَنَّـمَـا
صُـبِـغَـتْ شَـكَـائِـمُـهَـا بِـمِـثْلِ الْعَنْدَمِ
وَبَـنَـتْ حَـوَافِـرُهَـا قَـتَـامًـا سَـاطِـعًا
لَــوْلَا انْــقِــيَــادُ عِـدَاكَ لَـمْ يَـتَـهَـدَّمِ
بَـاضَ الـنُّـسُـورُ بِـهِ وَخَـيَّـمَ مُـصْعِدًا
حَـتَّـى تَـرَعْـرَعَ فِـيـهِ فَـرْخُ الْـقَشْعَمِ
وَسَـمَـا إِلَـى حَـوْضِ الْـغَـمَـامِ فَمَاؤُهُ
كَــدِرٌ بِــمُــنْــهَــالِ الْــغُـبَـارِ الْأَقْـتَـمِ
جَـاءَتْ بِـأَمْـثَـالِ الْـقِـدَاحِ مُـفِـيـضَةً
مِـنْ كُـلِّ أَشْـعَـثَ بِـالـسُّيُوفِ مُوَسَّمِ
فَـوُجِـدْنَ أَمْضَى مِنْ سِهَامِ التُّرْكِ إِذْ
نُـفِـضَـتْ وَأَنْـفَـذَ مِـنْ حِـرَابِ الدَّيْلَمِ
حَـتَّـى تَـرَكْـنَ الْـمَـاءَ لَـيْـسَ بِـطَـاهرٍ
وَالــتُّـرْبَ لَـيْـسَ يَـحِـلُّ لِلْـمُـتَـيَـمِّـمِ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الكامل
  • عصر القصيدة: العباسي الثاني

عن الشاعر

أبو العلاء المَعَرِّي: شاعرٌ وفيلسوفٌ وأديبٌ عربيٌّ مِنَ العصرِ العبَّاسي، اشتُهِرَ بآرائِه وفلسفتِه المثيرةِ للجدلِ في وقْتِه.

وُلِدَ «أحمد بن عبد الله بن سليمان القُضاعي التنُوخي المَعَرِّي» المعروفُ ﺑ «أبي العلاء المَعَرِّي» عامَ ٣٦٣ﻫ بمَعَرَّةِ النُّعمانِ بسُوريا، وفقَدَ بصَرَه وهو صغيرٌ نتيجةً لمَرضِه بالجُدَري. أخَذَ علومَ القراءاتِ القرآنيةِ بإسنادٍ عنِ الشُّيوخ، كما تعلَّمَ الحديثَ في سنٍّ مُبكِّرة، وقالَ الشِّعرَ وهو ابنُ إحدى عشرةَ سنة، ورحلَ إلى بغدادَ عامَ ٣٩٨ﻫ فأقامَ بها سنةً وسبعةَ أَشْهُر، ثُم اعتزَلَ الناسَ لبعضِ الوقت؛ فلُقِّبَ ﺑ «رَهِينِ المَحْبسَيْن»؛ العَمَى والدَّار.

أمَّا شِعْرُه، وهو ديوانُ حكمتِه وفلسفتِه، فالمطبوعُ منه حتى الآن: «اللُّزوميَّات»، و«سِقْطُ الزَّنْد». وقد تُرجِمَ الكثيرُ من شِعْرِه إلى غيرِ العربيَّة، وأمَّا كُتبُه فكثيرةٌ وفِهرسُها في «مُعجَمِ الأُدَباء». من تَصانيفِه كتابُ «الأَيْك والغُصُون» في الأدب، يَزيدُ على مائةِ جُزْء، و«تاج الحُرَّة» في النساءِ وأخلاقِهنَّ وعِظاتِهِن، و«عَبَث الوَلِيد» شرَحَ فيه دِيوانَ البُحْتُريِّ ونقَدَه، و«رِسالة المَلائِكة» وهي صَغِيرة، و«رِسالة الغُفْران»، و«الفُصُول والغَايات».

عاش المعري متفلسفًا زاهدًا في الدنيا؛ إذ كانَ يَدعمُ حقوقَ الحيوانِ ويُحرِّمُ إِيلامَه، ولذا كان نباتيًا؛ فلمْ يَأكُلِ اللحمَ خمسًا وأربعينَ سنة، كما كانَ يَلبسُ خشِنَ الثِّياب، وكان له أراءه الخاصة في العقيدة، التي جعلت الآراء تختلف حول حقيقة إيمانه؛ إذ ذهب البعض إلى تكفيره واتهامه بالإلحاد، وإخراجِه مِنَ الإسلام، بينما دافَعَ عنه عميدُ الأدبِ العربيِّ «طه حسين» في عِدَّةِ كِتاباتٍ ومُؤلَّفات؛ أشْهرُها «معَ أبي العلاءِ في سجنِه». 

ظلَّ حبيسًا في بيتِه حتى وفاتِه عامَ ٤٤٩ﻫ بمنزلِه بمَعَرَّةِ النُّعْمان، وقد أَوْصى أن يُكتَبَ على قبْرِه عِبارة: «هذا جَناهُ أبي عليَّ، وما جَنيْتُ على أَحَد.» ويَقصدُ أنَّ أباه بزَواجِه من أمِّه أوْقَعَه في دارِ الدُّنيا. وقد وقَفَ على قبْرِه جمْعٌ غفيرٌ من أُدباءِ عصْرِه وشُعرائِه ورَثَوْه بثمانينَ مَرْثَاة.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤