أَبَتْ أَعْلَامُ مَجْدِكَ أَنْ تُسَامَى

Wave Image
أَبَــتْ أَعْـلَامُ مَـجْـدِكَ أَنْ تُـسَـامَـى
وَعَـــزَّتْ هِـــمَّـــةٌ لَــكَ أَنْ تُــرَامَــا
تُــحَــلِّــقُ لِـلـنُّـجُـومِ فَـتَـعْـتَـلِـيـهَـا
وَتَــبْــغِــي فَــوْقَ دَارَتِــهَـا مَـقَـامَـا
بَـعَـثْـتَ الـشَّـرْقَ يَـبْـسُطُ سَاعِدَيْهِ
وَيَـمْـسَـحُ عَـنْ مَـحَـاجِـرِهِ الْـمَنَامَا
تَــمُـرُّ بِـصَـخْـرِهِ الْأَهْـوَالُ حَـسْـرَى
وَتَـخْـشَـى الْحَادِثَاتُ بِهِ اصْطِدَامَا
وَصَـارَتْ مِـصْـرُ قِـبْـلَـةَ كُـلِّ شَعْبٍ
وَقَـامَ الْـمُـصْـطَـفَـى فِـيـهَـا إِمَـامَـا
عَــلَــى دِيـنٍ مِـنَ الْأَخْـلَاقِ سَـمْـحٍ
وَرَأْيٍ سَــاطِــعٍ يَــمْـحُـو الـظَّـلَامَـا
وَعَـزْمٍ لَـوْ رَمَـى جَـنَـبَـاتِ رَضْـوَى
لَــدُكَّ الــطَّــوْدُ وَانْــهَـدَمَ انْـهِـدَامَـا
تَـطُـوفُ بِـهِ الْـحَـوَادِثُ صَـاغِـرَاتٍ
فَــتُــغْـضِـي أَعْـيُـنًـا وَتُـخِـرُّ هَـامَـا
نَــضَـاهُ الـلـهُ يَـوْمَ نَـضَـاهُ عَـضْـبًـا
يَــرُدُّ مَـضَـاؤُهُ الْـجَـيْـشَ الـلُّـهَـامَـا
يُــصَــاحِــبُــهُ مِـنَ الْإِيـمَـانِ قَـلْـبٌ
وَنَــصْــرُ الــلــهِ يَــتْــبَــعُــهُ لِـزَامَـا
وَيَــصْـقُـلُـهُ الـصِّـدَامُ الْـمُـرُّ حَـتَّـى
ظَــنَــنَّــا أَنَّــهُ يَــهْــوَى الــصِّـدَامَـا
وَكَـمْ فِـي النَّاسِ مِنْ سَيْفٍ صَقِيلٍ
تَـرَاهُ — إِذَا دَعَا الدَّاعِي — كَهَامَا
•••
نَـهَـضْـتَ بِـمَـطْـلَـبٍ وَعْـرٍ جَـسِـيمٍ
فَـنِـلْـتَ بِـنَـيْـلِـهِ الـشَّـرَفَ الجُسَامَا
تَـخُـوضُ لَهُ الصِّعَابَ الصُّمَّ خَوْضًا
وَتَـقْـتَـحِـمُ الْـخُـطُوبَ لَهُ اقْتِحَامَا
وَتَــــزْأَرُ دُونَــــهُ زَأْرَ ابْــــنِ غَـــابٍ
أَبِـــيٍّ أَنْ يُـــسَـــاوَمَ أَوْ يُــسَــامَــا
وَمَـنْ كَـالْـمُـصْـطَـفَـى لِـلْـحَقِّ رِدْءًا
إِذَا الــرِّعْـدِيـدُ دُونَ الْـحَـقِّ نَـامَـا؟
وَمَـنْ طَـلَـبَ الْـعُـلَا فِـي الـلهِ أَلْقَى
إِلَــيْــهِ شَــامِـسُ الـدَّهْـرِ الـزِّمَـامَـا
•••
جَـفَـا الـدُّنْـيَـا، وَهَـامَ بِـحُـبِّ مِصْرٍ
هُــيَــامًــا أَلْـهَـمَ الـصَّـبَّ الْـهُـيَـامَـا
تَــلُــوذُ بِــهِ فَــيَــكْــلَـؤُهَـا كَـرَيـمًـا
وَتَــرْجُــوهُ فَــيَــنْـصُـرُهَـا هُـمَـامَـا
وَيَـنْـفَـحُ دُونَـهَـا فِـي الْـحَـقِّ سَيْفًا
وَيَــهْـمِـي فِـي مَـرَابِـعِـهَـا غَـمَـامَـا
مَـحَـامِـدُ لَـوْ حَـوَاهَـا الـشِّعْرُ رَقَّتْ
حَوَاشِي الشِّعْرِ وَانْسَجَمَ انْسِجَامَا
وَآمَـــالٌ يُـــتَـــوَّجُ مُـــبْــتَــغَــاهَــا
تَــمَــامٌ عَــلَّــمَ الْــبَــدْرَ الــتَّــمَـامَـا
لَـقَـدْ ضَـاقَ الْـحَـسُـودُ بِـمَـا يُلَاقِي
وَمَـنْ ذَا يَـكْـشِـفُ الـدَّاءَ الْـعُـقَامَا؟
وَمَـا عَـيْـبُ الـضِّـيَـاءِ وَقَـدْ تَـجَلَّى
إِذَا عَــمِـيَ الْـمُـكَـابِـرُ أَوْ تَـعَـامَـى؟
إِذَا اعْـتَـصَـمَـتْ بِـحَـبْـلِ اللهِ نَفْسٌ
دَنَـا الْـغَـرَضُ الْـبَـعِـيـدُ وَقَدْ تَرَامَى
وَذُلِّــلَــتِ الـسَّـبِـيـلُ وَدَانَ طَـوْعًـا
مِــنَ الْآمَــالِ أَصْــعَــبُــهَــا مَــرَامَـا
وَمِـنْ كَـرَمِ الـنُّـفُـوسِ تَـرَى نُـضَارًا
وَمِـنْ هَـوْنِ الـنُّـفُـوسِ تَـرَى رَغَامَا
وَرُبَّ فَـتًـى كَـصَـدْرِ الـرُّمْـحِ صُلْبٍ
وَآخَــرَ خَــائِــرٍ يَـحْـكِـي الـثُّـمَـامَـا
وَمَــنْ خَــلَـقَ الـضَّـرَاغِـمَ وَاثِـبَـاتٍ
إِلَــى عَــزَمَـاتِـهَـا خَـلَـقَ الـنَّـعَـامَـا!
زَعِــيــمَ الـشَّـعْـبِ، أَنْـتَ لَـهُ رَجَـاءٌ
إِذَا مَــا أَشْــجَــعُ الْأَبْــطَـالِ خَـامَـا
دَعَـتْ مِـصْـرٌ فَـكُـنْـتَ لَـهَـا جَـوَابًـا
وَكُـنْـتَ لِـصَـوْنِ وَحْـدَتِـهَـا عِصَامَا
رَعَـيْـتَ حُـقُـوقَـهَـا وَدَفَـعْـتَ عَنْهَا
وَمَـنْ كَـالْمُصْطَفَى يَرْعَى الذِّمَامَا؟
وَحَـامَـتْ حَـوْلَـكَ الْآمَـالُ نَـشْـوَى
كَــطَــيْــرٍ دَفَّ فِـي رَوْضٍ وَحَـامَـا
وَأَصْـبَـحَ عَـهْـدُكَ الـزَّاهِـي سَـلَامًـا
يَــرِفُّ فَــلَا نِــفَــارَ وَلَا خِــصَــامَـا
تَــوَطَّــدَتِ الْــعَـقِـيـدَةُ وَاطْـمَأَنَّـتْ
فَـلَا صَـدْعًـا نَـخَـافُ وَلَا انْـقِـسَامَا
وَعَـادَ لِـمِـصْـرَ مَـاضِـيـهَـا مَـجِـيدًا
وَقَــامَ الْـعَـدْلُ فِـي مِـصْـرٍ قِـيَـامًـا
بَـنَـيْـتَ فَـكَـانَ حِـيـنَ بَـنَـيْـتَ أُسًّا
وَأَرْسَــيْــتَ الْــقَـوَاعِـدَ وَالـدِّعَـامَـا
رَأَيْــتُ لِــكُــلِّ مَــمْــلَــكَـةٍ نِـظَـامًـا
وَلَا كَـالْـعَـدْلِ فِـي الـدُّنْـيَـا نِـظَـامَا
•••
رَعَــاكَ الـلـهُ، قَـدْ أَرْضَـيْـتَ سَـعْـدًا
وَكُــنْــتَ لِــفَــوْزِ دَعْــوَتِــهِ قِـوَامَـا
يُـــمِـــدُّكَ مِـــنْــهُ رُوحٌ عَــبْــقَــرِيٌّ
وَيَــنْــفُـثُ فِـيـكَ رَأْيًـا وَاعْـتِـزَامَـا
خَــلِــيــفَــتُــهُ وَقَــائِــدُ تَــابِــعِـيـهِ
إِلَـى أَنْ يَـبْـلُـغَ الْـمَـجْـدُ الـسَّـنَـامَـا
تُــرَفْــرِفُ رُوحُ سَـعْـدٍ مِـنْ عُـلَاهَـا
عَـلَـيْـكَ وَتَـمْـلَأُ الـدُّنْـيَـا ابْـتِـسَـامَا
سَـلَـكْـتَ سَـبِـيـلَـهُ شِـبْـرًا فَـشِـبْـرًا
تُــقَــاسِــي وَعْـرَهَـا عَـامًـا فَـعَـامَـا
تُــلَاقِــيـكَ الـصِّـعَـابُ فَـلا تُـبَـالِـي
أَمَــاءً خُــضْــتَ فِــيـهِ أَمْ ضِـرَامَـا
فَـمَـا ثَـلَـمَـتْ لَـكَ الْأَحْـدَاثُ سَـيْفًا
وَلَا حَـطَـمَـتْ لَـكَ الـدُّنْـيَـا سِـهَـامَا
وَمَـــنْ عَـــقَـــدَ الْإِلَـــهُ لَـــهُ لِـــوَاءً
فَـلَـسْـتَ تَـرَى لِـعُـقْـدَتِـهِ انْـفِـصَامَا
•••
وَحَـوْلَـكَ مِـنْ صِـحَـابِـكَ كُلُّ نَدْبٍ
عَـيُـوفٍ أَنْ يُـضِـيـمَ وَأَنْ يُـضَـامَـا
نَـسِـيـمُ خَـمِـيـلَـةٍ وَالْـجَـوُّ صَـحْـوٌ
وَعَــاصِــفَــةٌ إِذَا مَــا الْـجَـوُّ غَـامَـا
يَــسِــيـرُ لِـقَـصْـدِهِ الـنَّـائِـي إِمَـامًـا
إِذَا لَـــمْ يُـــلْـــفَ سَــبَّــاقٌ أَمَــامَــا
شَـمَـائِـلُ لَـوْ وَعَـاهَـا الْحِسُّ كَانَتْ
عَـبِـيـرَ الْـمِـسْـكِ أَوْ رِيحَ الْخُزَامَى
صِـحَـابُ الْـمُصْطَفَى وَرِجَالُ سَعْدٍ
مَــقَــامٌ لَا يُــنَــالُ وَلَا يُــسَــامَــى!
•••
نَــزَلْــتَ بِــلُــنْــدُنٍ، فَـرَأَوْا كَـرِيـمًـا
أَبِـــيًّـــا، قَـــادَ أَبْـــطَـــالًا كِـــرَامَــا
بَـلِـيـغًـا صَـمْـتُـهُ وَالـصَّـمْـتُ حَـزْمٌ
وَسَــحْـبَـانًـا إِذَا ارْتَـجَـل الْـكَـلَامَـا
فَــكَــمْ فِــي غُــمَّـةٍ أَلْـقَـى ضِـيَـاءً
وَكَـمْ عَـنْ حُـجَّـةٍ كَـشَـفَ الـلِّـثَـامَا
لَـــهُ مِــنْ قُــوَّةِ الــرَّحْــمَــنِ رُكْــنٌ
يَــلُــوذُ بِــهِ اعْـتِـزَازًا وَاعْـتِـصَـامَـا
رَأَوْا كَـــرَمَ الــنِّــضَــالِ فَأَكْــبَــرُوهُ
وَكَــانُــوا خَــيْـرَ مَـنْ قَـدَرَ الْأَنَـامَـا
وَنَـالَـتْ مِـصْـرُ الِاسْـتِـقْـلَالَ طَـلْقًا
وَطَـوَّحَـتِ الْـمَـقَـاوِدَ وَالْـخِـطَـامَـا
وَصَــارَ الْــقَــوْلُ فِـي جَـهْـرٍ حَـلَالًا
وَكَــانَ الْـهَـمْـسُ فِـي سِـرٍّ حَـرَامَـا
وَلَـوْلَا الْـمُـصْـطَـفَى لَمْ تَحْظَ مِصْرٌ
وَلَا بَـــلَّـــتْ مِـــنَ الْأَمَــلِ الْأُوَامَــا
•••
مُــعَــاهَــدَةُ الـصَّـدَاقَـةِ وَالـتَّآخِـي
غَـدَتْ لِـجُـهُـودِكَ الـعُـظْمَى وِسَامَا
رَفَــعْــتَ بِـهَـا عَـنِ الْأَعْـنَـاقِ نِـيـرًا
وَمَــزَّقْــتَ الْــغَــمَـائِـمَ وَالْـكِـمَـامَـا
وَسَـابَـقَـتِ الْـمَـمَـالِـكَ مِـصْـرُ وَثْـبًا
إِلَامَ تَــــظَــــلُّ وَانِــــيَـــةً إِلَامَـــا؟
تَــعَــالَــى الــلـهُ هَـذَا فَـضْـلُ رَبِّـي
كَـشَـفْـتَ بِـهِ عَـنِ الْـفَـتْـحِ الـقَتَامَا
وَكُــلُّ عَــظَــائِــمِ الــتَّـارِيـخِ رَهْـنٌ
إِلَـى أَنْ يَـسْـتَـخِـيـرَ لَـهَـا الْـعِـظَامَا
وَلَا يَــحْــظَــى بِـنَـيْـلِ الْـمَـجْـدِ إِلَّا
فَــتًــى هَــجَـرَ الْـمَـلَالَـةَ وَالـسَّآمَـا
سِـجِـلُّ الـفَـضْـلِ كُـنْـتَ لَـهُ ابْتِدَاءً
وَصُـحْـفُ الـنُّـبْـلِ كُـنْـتَ لَهَا خِتَامَا
صِـفَـاتُـكَ أَعْـجَـزَتْ شِـعْرِي وَفَخْرٌ
لِــمِــثْــلِــي أَنْ يُــلِــمَّ بِــهَـا لِـمَـامَـا
بَـقِـيْـتَ لِـصَـرْحِ الِاسْـتِـقْـلَالِ رُكْنًا
وَدُمْـــتَ لِـــرَفْـــعِ رَايَــتِــهِ وَدَامَــا

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الوافر
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

علي الجارم: أديب، وشاعر مصري، ورائد من رواد مدرسة الإحياء والبعث إلى جانب كل من أحمد شوقي وحافظ إبراهيم. أَثْرَت مؤلفاته المكتبة الأدبية العربية؛ حيث تعددت وتنوعت بين الدواوين الشعرية، والروايات الأدبية والتاريخية، إضافة إلى الكتب المدرسية، وكانت له مساهمات فعالة في حقل اللغة العربية. وقد اشتهر بغيرته على الدين واللغة والأدب، وتمكن من أن يحوز مكانة شعرية رائدة.

ولد علي صالح عبد الفتاح الجارم، بمدينة رشيد عام ١٨٨١م، تلك المدينة التي شهدت الكثير من أحداث مصر التاريخية. كان والده الشيخ محمد صالح الجارم عالمًا من علماء الأزهر، وقاضيًا شرعيًّا بمدينة دمنهور. تلقى علي دروسه الأولى بمدينة رشيد، فأتم بها التعليم الابتدائي، وواصل تعليمه الثانوي بالقاهرة حيث التحق بالأزهر الشريف، واختار بعد ذلك أن يلتحق بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة. سافر عام ١٩٠٨م إلى إنجلترا وتحديدًا نوتينجهام لإكمال دراسته، فدرس هناك أصول التربية، ثم عاد إلى مصر عام ١٩١٢م بعد أربع سنوات قضاها في الغربة.

عُيِّن الجارم عقب عودته مدرسًا بمدرسة التجارة المتوسطة، ثم تدرج في مناصب التربية والتعليم حتى عُيِّن كبير مفتشي اللغة العربية بمصر، كما عمل الجارم وكيلًا لدار العلوم، وكان عضوًا مؤسِّسًا لمجمع اللغة العربية، وقد مَثَّل مصر في عدد من المؤتمرات العلمية والثقافية.

سَخَّر الجارم طاقاته الإبداعية وإمكانياته الثقافية في إنجاز العديد من الروايات الأدبية التاريخية التي تتخذ من التاريخ العربي موضوعًا لها، مثل: «فارس بني حمدان» و«هاتف من الأندلس» و«مرح الوليد» و«خاتمة المطاف» و«نهاية المتنبي». توفي علي الجارم عام ١٩٤٩م عن ثمانية وستين عامًا، وقد رثاه كبار أدباء ومفكري عصره.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤