اللُّغَةُ الْعَرَبِيَّةُ

Wave Image
مَــاذَا طَــحَــا بِــكَ يَــا صَــنَّــاجَـةَ الْأَدَبِ
هَـــلَّا شَــدَوْتَ بِأَمْــدَاحِ ابْــنَــةِ الْــعَــرَبِ
أَطَــارَ نَــوْمَــكَ أَحْــدَاثٌ وَجَــمْــتَ لَــهَـا
فَــبِــتَّ تَــنْــفُــخُ بَــيْـنَ الْـهَـمِّ وَالْـوَصَـبِ
وَالْــيَــعْــرُبِــيَّــةُ أَنْــدَى مَــا بَــعَــثْـتَ بِـهِ
شَـجْـوًا مِـنَ الْـحُزْنِ أَوْ شَدْوًا مِنَ الطَّرَبِ
رُوحٌ مِــنَ الــلــهِ أَحْــيَــتْ كُــلَّ نَــازِعَــةٍ
مِـــنَ الْـــبَـــيَــانِ وَآتَــتْ كُــلَّ مُــطَّــلَــبِ
أَزْهَــى مِــنَ الْأَمَــلِ الْــبَــسَّـامِ مَـوْقِـعُـهَـا
وَجَـرْسُ أَلْـفَـاظِـهَـا أَحْـلَـى مِـنَ الـضَّـرَبِ
•••
وَسْــنَـى بِأَخْـبِـيَـةِ الـصَّـحْـرَاءِ يُـوقِـظُـهَـا
وَحْـيٌ مِـنَ الشَّمْسِ أَوْ هَمْسٌ مِنَ الشُّهُبِ
تُـحْـدَى بِـهَـا الْـيَـعْـمَـلَاتُ الْكُومُ إِنْ لَغِبَتْ
فَــــلَا تُـــحِـــسُّ بِإِنْـــضَـــاءٍ وَلَا لَـــغَـــبِ
تَـــهْـــتَـــزُّ فَـــوْقَ بِــحَــارِ الْآلِ رَاقِــصَــةً
وَالـنَّـصْـبُ لِـلـنِّـيـبِ يَـجْـلُو كُرْبَةَ النَّصَبِ
لَــمْ تَـعْـرِفِ الـسَّـوْطَ إِلَّا صَـوْتَ مُـرْتَـجِـزٍ
كَأَنَّ فِــي فِــيــهِ مِــزْمَـارًا مِـنَ الْـقَـصَـبِ
تُـصْـغِـي إِلَـى صَـوْتِـهِ الْأَطْـيَـارُ صَـامِـتَـةً
إِذَا تَـــرَدَّدَ بَـــيْـــنَ الْــقُــورِ وَالْــهِــضَــبِ
كَأَنَّـــهُ وَظَـــلَامُ الـــلَّـــيْـــلِ يَـــكْـــنُــفُــهُ
غُــثَــاءَةٌ قُــذِفَــتْ فِــي مَــائِــجٍ لَــجِــبِ
قَـدْ خَـالَـطَ الْـوَحْـشَ حَـتَّـى مَـا يُـرَوِّعُهَا
إِذَا تَـــعَـــرَّضَ لَــمْ تَــنْــفِــرْ وَلَــمْ تَــثِــبِ
يَــرْنُـو بِـعَـيْـنٍ عَـلَـى الـظَّـلْـمَـاءِ صَـادِقَـةٍ
كَأَعْــيُــنِ الــنَّــسْـرِ أَنَّـى صُـوِّبَـتْ تُـصِـبِ
هُـــوَ الْـــحَــيَــاةُ بِــقَــفْــرٍ لَا حَــيَــاةَ بِــهِ
كَالْمَاءِ فِي الصَّخْرِ أَوْ كَالْمَاءِ فِي الْحَطَبِ
يَـبِـيـتُ مِـنْ نَـفْـسِـهِ فِـي مَـنْـزِلٍ خَـضِـلٍ
وَمِــنْ شَــبَـا بِـيـضِـهِ فِـي مَـعْـقَـلٍ أَشِـبِ
يَــهْــتَــزُّ لِــلْــجُــودِ والْـمَـشْـتَـاةُ بَـاخِـلَـةٌ
وَالْــقُــرُّ يَــعْـقِـدُ رَأْسَ الْـكَـلْـبِ بِـالـذَّنَـبِ
•••
تَــهْــفُــو إِلَــيْــهِ بَـنَـاتُ الْـحَـيِّ مُـعْـجَـبَـةً
وَالْـحُـبُّ يَـنْـبُـتُ بَـيْـنَ الْـعُجْبِ وَالْعَجَبِ
إِذَا تَـــنَـــقَّـــبْــنَ إِذْ يَــلْــقَــيْــنَــهُ خَــفَــرًا
فَــشَــوْقُــهُــنَّ إِلَــيْــهِ غَــيْــرُ مُــنْــتَـقِـبِ
تَـــرَاهُ كُـــلُّ فَـــتَـــاةٍ حِـــيـــنَ تَــفْــقِــدُهُ
فِـي الْـبَدْرِ وَالسَّيْفِ وَالضِّرْغَامِ وَالسُّحُبِ
زَيْـــنُ الْــفِــنَــاءِ إِذَا مَــا حَــلَّ حَــبْــوَتَــهُ
لِــلْــقَــوْلِ لَــبَّــاهُ مِــنْــهُ كُــلُّ مُــنْـتَـخَـبِ
أَوْ هَــزَّ شَــيْــطَــانُــهْ أَوْتَــارَ مَــنْــطِــقِــهِ
فَــاخْـشَ الْأَتِـيَّ وَحَـاذِرْ صَـوْلَـةَ الْـعُـبُـبِ
مَــا مَــسَّ بِــالْــكَــفِّ أَوْرَاقًــا وَلَا قَــلَــمًـا
وَرَأْيُــــهُ زِيـــنَـــةُ الْأَوْرَاقِ وَالْـــكُـــتُـــبِ
يَــطِــيــرُ لِــلْــحَــرْبِ خِــفًّـا غَـيْـرَ مُـدَّرِعٍ
فِـي شِـدَّةِ الْـبَأْسِ مَـا يُـغْـنِـي عَـنِ الْيَلَبِ
إِذَا دَعَــــاهُ صَــــرِيـــخٌ كَـــانَ دَعْـــوَتَـــهُ
وَإِنْ دَعَــتْــهُ دَوَاعِــي الـذُّعْـرِ لَـمْ يُـجِـبِ
لَا تَــرْهَــبُ الْـجَـارَةُ الْـحَـسْـنَـاءُ نَـظْـرَتَـهُ
كَأَنَّ أَجْـــفَـــانَـــهُ شُـــدَّتْ إِلَـــى طُــنُــبِ
•••
جَــزِيــرَةٌ أَجْــدَبَــتْ فِــي كُــلِّ نَــاحِــيَـةٍ
وَأَخْـصَـبَـتْ فِـي نَـوَاحِـي الْخُلْقِ وَالْأَدَبِ
جَـــدْبٌ بِــهِ تَــنْــبُــتُ الْأَحْــلَامُ زَاكِــيَــةً
إِنَّ الْــحِــجَــارَةَ قَــدْ تَـنْـشَـقُّ عَـنْ ذَهَـبِ
تَــوَدُّ كُــلُّ رِيَــاضِ الْأَرْضِ لَــوْ مُــنِــحَـتْ
أَزْهَــارُهَــا قُــبْــلَــةً مِــنْ خَـدِّهَـا الـتَّـرِبِ
وَتَــرْتَــجِــي الْــغِــيــدُ لَـوْ كَـانَـتْ لَآلِـئُـهَـا
نَـظْـمًـا مِـنَ الـشِّـعْـرِ أَوْ نَـثْرًا مِنَ الْخُطَبِ
•••
يَــا جِــيــرَةَ الْــحَــرَمِ الْــمَـزْهُـوِّ سِـاكِـنُـهُ
سَـقَـى الْـعُـهُـودَ الْـخَـوالِـي كُـلُّ مُنْسَكِبِ
لِــي بَــيْــنَــكُــمْ صِــلَـةٌ عَـزَّتْ أَوَاصِـرُهَـا
لِأَنَّـــهَـــا صِـــلَـــةُ الْـــقُــرْآنِ وَالــنَّــسَــبِ
أَرَى بِــعَــيْــنِ خَــيَــالِــي جَــاهِــلِـيَّـتَـكُـمْ
وَلِــلــتَّــخَــيُّــلِ عَــيْــنُ الْـقَـائِـفِ الـدَّرِبِ
وَأَشْـهَـدُ الْـحَـشْـدَ لِـلـشُّورَى قَدِ اجْتَمَعُوا
وَلَــسْــتُ أَسْــمَــعُ مِـنْ لَـغْـوٍ وَلَا صَـخَـبِ
مِــنْ كُــلِّ مُــكْــتَـهِـلٍ بِـالْـبُـرْدِ مُـشْـتَـمِـلٍ
لِــلْــقَــوْلِ مُــرْتَـجِـلٍ لِـلْـهُـجْـرِ مُـجْـتَـنِـبِ
وَأَلْـمَـحُ الـنَّـارَ فِـي الـظَّـلْـمَـاءِ قَـدْ نُصِبَتْ
لِــطَــارِقِ الـلَّـيْـلِ وَالْـحَـيْـرَانِ وَالـسَّـغِـبِ
نَـــارٌ وَلَـــكِـــنَّـــهَـــا قَـــدْ صُــوِّرَتْ أَمَــلًا
بَـــرْدًا إِذَا خَــابَــتِ الْآمَــالُ لَــمْ يَــخِــبِ
رَمْـزُ الْـحَـيَـاةِ وَرَمْـزُ الْـجُـودِ مَـا فَـتِـئَـتْ
فَـوْقَ الـثَّـنِـيَّـاتِ تَـرْمِـي الْـجَـوَّ بِـالـلَّـهَـبِ
يَـــشُـــبُّـــهَــا أَرْيَــحِــيٌّ كُــلَّــمَــا هَــدَأَتْ
أَلْـقَـى عَـلَـى جَـمْـرِهَـا جَـزْلًا مِنَ الْحَطَبِ
وَأُبْـصِـرُ الْـقَـوْمَ يَـوْمَ الـرَّوْعِ قَـدْ حُشِدُوا
لِـلْـمَـوْتِ يَـجْـتَـاحُ، أَوْ لِـلـنَّـصْـرِ وَالْـغَـلَـبِ
يَـرْمُـونَ بِـالـشَّـرِّ شَـرًّا حِـيـنَ يَـفْـجَـؤُهُـمْ
وَرَايُــهُــمْ فَــوْقَــهُــمْ خَــفَّــاقَـةُ الْـعَـذَبِ
وَأَحْـضُـرُ الـشُّـعَـرَاءَ الـلُّـسْـنَ قَـدْ وَقَـفُـوا
وَلِـــلْــبَــيَــانِ فِــعَــالُ الــصَّــارِمِ الــذَّرِبِ
أَبُـــو بَـــصِــيــرٍ لَــهُ نَــبْــرٌ لَــوِ اتُّــخِــذَتْ
مِــنْــهُ الـسِّـهَـامُ لَـكَـانَـتْ أَسْـهُـمَ الـنُّـوَبِ
إِذَا رَمَـــاهَـــا كَــمَــا يَــخْــتَــارُ قَــافِــيَــةً
دَارَتْ مَــعَ الْــفَــلَــكِ الـدَّوَّارِ فِـي قُـطُـبِ
•••
وَأُغْــمِـضُ الْـعَـيْـنَ حِـيـنًـا ثُـمَّ أَفْـتَـحُـهَـا
عَــلَــى جَــلَالٍ بِــنُــورِ الْـحَـقِّ مُـؤْتَـشِـبِ
نُــورٌ مِــنَ الــلــهِ هَــالَ الْـقَـوْمَ سَـاطِـعُـهُ
وَلَـيْـسَ يُـحْـجَـبُ نُـورُ الـلـهِ بِـالْـحُـجُـبِ
تَــكَــلَّــمَــتْ سُــوَرُ الْــقُــرْآنِ مُــفْـصِـحَـةً
فَأَسْـكَـتَـتْ صَـخَـبَ الْأَرْمَـاحِ وَالْـقُـضُـبِ
وَقَــامَ خَــيْــرُ قُــرَيْــشٍ وَابْــنُ سَــادَتِـهَـا
يَــدْعُــو إِلَــى الـلـهِ فِـي عَـزْمٍ وَفِـي دَأَبِ
بِـمَـنْـطِـقٍ هَـاشِـمِـيِّ الْـوَشْـيِ لَـوْ نُسِجَتْ
مِــنْــهُ الْأَصَـائِـلُ لَـمْ تَـنْـصُـلْ وَلَـمْ تَـغِـبِ
طَــابَــتْ بِـهِ أَنْـفُـسُ الْأَيَّـامِ وَابْـتَـهَـجَـتْ
وَمَـــرَّ دَهْـــرٌ وَدَهْـــرٌ وَهْــيَ لَــمْ تَــطِــبِ
وَهُــزَّتِ الــرَّاسِــيَــاتُ الـشُّـمُّ وَارْتَـعَـدَتْ
لِـهَـوْلِـهِ الْـبَـاتِـرَاتُ الْـبِـيـضُ فِـي الْـقُـرُبِ
وَأَصْــبَــحَــتْ بِــنْـتُ عَـدْنَـانٍ بِـنَـفْـحَـتِـهِ
تِــيــهًــا تُــجَــرِّرُ مِــنْ أَذْيَـالِـهَـا الْـقُـشُـبِ
فَــازَتْ بُــرْكُــنٍ شَــدِيـدٍ غَـيْـرِ مُـنْـصَـدِعٍ
مِــنَ الْــبَــيَـانِ وَحَـبْـلٍ غَـيْـرِ مُـضْـطَـرِبِ
•••
وَلَـمْ تَـزَلْ مِـنْ حِـمَـى الْإِسْـلَامِ فِـي كَنَفٍ
سَــهْــلٍ وَمِــنْ عِـزِّهِ فِـي مَـنْـزِلٍ خَـصِـبِ
حَــتَّـى رَمَـتْـهَـا الـلَّـيَـالِـي فِـي فَـرَائِـدِهَـا
وَخَــرَّ سُــلْــطَــانُــهَـا يَـنْـهَـارُ مِـنْ صَـبَـبِ
وَعَــاثَــتِ الْــعُــجْـمَـةُ الْـحَـمْـقَـاءُ ثَـائِـرَةً
عَـلَـى ابْـنَـةِ الْـبِـيدِ فِي جَيْشٍ مِنَ الرَّهَبِ
يَـــــقُـــــودُهُ كُــــلُّ وَلَّاغٍ أَخِــــي إِحَــــنٍ
مُــضَــمَّــخٍ بِــدِمَـاءِ الْـعُـرْبِ مُـخْـتَـضِـبِ
لَــمْ يُــبْــقِ فِـيـهَـا بِـنَـاءً غَـيْـرَ مُـنْـتَـقِـضٍ
مِـنَ الْـفَـصِـيـحِ وَشَـمْـلًا غَـيْـرَ مُـنْـقَـضِبِ
كَأَنَّ عَـــدْنَـــانَ لَـــمْ تَـــمْـــلَأْ بَـــدَائِـــعُــهُ
مَــسَــامِــعَ الْــكَــوْنِ مِـنْ نَـاءٍ وَمُـقْـتَـرِبِ
مَــضَــتْ بِـخَـيْـرِ كُـنُـوزِ الْأَرْضِ جَـائِـحِـةٌ
وَغَـابَـتِ الـلُّـغَـةُ الْـفُـصْـحَـى مَـعَ الْـغَـيَبِ
لَــوْلَا «فُــؤَادٌ» أَبُـو الْـفَـارُوقِ مَـا وَجَـدَتْ
إِلَـى الْـحَـيَـاةِ ابْـنَـةُ الْأَعْـرَابِ مِـنْ سَـبَـبِ
أَعَــزَّ مِــنْــهَــا حِــمًــى رِيــعَـتْ كَـرَائِـمُـهُ
وَكَــانَ مَــمْــنُــوعُــهُ نَــهْــبًــا لِـمُـنْـتَـهِـبِ
وَرَدَّ بِــالْــمَــجْــمَــعِ الْـمَـعْـمُـورِ غُـرْبَـتَـهَـا
وَحَــاطَــهَـا بِـكَـرِيـمِ الْـعَـطْـفِ وَالْـحَـدَبِ
•••
يَـا عُـصْـبَـةَ الْـخَـيْـرِ لِـلْـفُصْحَى وَشِيعَتِهَا
حَـيَّـاكِ صَـوْبُ الْـحَـيَـا يَـا خِيرَةَ الْعُصَبِ!
هَــلُــمَّ فَــالْــوَقْــتُ أَنْــفَــاسٌ لَــهَــا أَمَــدٌ
وَلَا أَقُــــولُ بِأَنَّ الْـــوَقْـــتَ مِـــنْ ذَهَـــبِ
فَإِنَّــمَــا الْــمَــرْءُ فِــي الــدُّنْــيَـا إِقَـامَـتُـهُ
إِقَــامَــةُ الــطَّــيْــفِ وَالْأَزْهَـارِ وَالْـحَـبَـبِ
الـــدَّهْــرُ يُــسْــرِعُ وَالْأَيَّــامُ مُــعْــجِــلَــةٌ
وَنَـحْـنُ لَـمْ نَـدْرِ غَـيْـرَ الْـوَخْـدِ وَالْـخَـبَبِ
وَالْـمُـحْـدَثَـاتُ تَـسُـدُّ الـشَّـمْـسَ كَـثْـرَتُـهَا
وَلَــمْ تَــفُــزْ بِــخَــيَــالِ اسْــمٍ وَلَا لَــقَــبِ
وَالــتَّــرْجَــمَــاتُ تَـشُـنُّ الْـحَـرْبَ لَاقِـحَـةً
عَـلَـى الْـفَـصِـيـحِ فَـيَـا لِـلْـوَيْـلِ وَالْـحَرَبِ
نَــطِــيــرُ لِــلَّـفْـظِ نَـسْـتَـجْـدِيـهِ مِـنْ بَـلَـدٍ
نَـــاءٍ وَأَمْـــثَـــالُــهُ مِــنَّــا عَــلَــى كَــثَــبِ
كَـمُـهْـرِقِ الْـمَـاءِ فِـي الـصَّـحْرَاءِ حِينَ بَدَا
لِـــعَـــيْـــنِــهِ بَــارِقٌ مِــنْ عَــارِضٍ كَــذِبِ
أَزْرَى بِــبِــنْــتِ قُــرَيْــشٍ ثُــمَّ حَــارَبَــهَــا
مَــنْ لَا يُــفَــرِّقُ بَــيْــنَ الــنَّــبْـعِ وَالْـغَـرَبِ
وَرَاحَ فِــي حَــمْــلَــةٍ رَعْــنَــاءَ طَــائِــشَـةٍ
يَـصُـولُ بِـالْـخَـائِـبَـيْـنِ: الْـجَـهْلِ وَالشَّغَبِ
أَنَــتْــرُكُ الْــعَــرَبِــيَّ الــسَّــمْـحَ مَـنْـطِـقُـهُ
إِلَــى دَخِــيــلٍ مِــنَ الْأَلْــفَــاظِ مُــغْـتَـرِبِ
وَفِــي الْــمَــعَــاجِــمِ كَــنْــزٌ لَا نَــفَــادَ لَــهُ
لِــمَــنْ يُــمَــيِّــزُ بَــيْــنَ الــدُّرِّ وَالـسُّـخُـبِ
كَــمْ لَــفْــظَــةٍ جُــهِــدَتْ مِــمَّــا نُـكَـرِّرُهَـا
حَــتَّــى لَـقَـدْ لَـهَـثَـتْ مِـنْ شِـدَّةِ الـتَّـعَـبِ
وَلَـفْـظَـةٍ سُـجِـنَـتْ فِـي جَـوْفِ مُـظْـلِـمَةٍ
لَـمْ تَـنْـظُـرِ الـشَّـمْـسُ مِـنْـهَـا عَيْنَ مُرْتَقِبِ
كَأَنَّــمَــا قَــدْ تَــوَلَّــى الْــقَــارِظَــانِ بِــهَــا
فَــلَــمْ يَــئُــوبَــا إِلَــى الـدُّنْـيَـا وَلَـمْ تَـؤُبِ
يَــا شِـيـخَـةَ الـضَّـادِ وَالـذِّكْـرَى مُـخَـلَّـدَةٌ
هُــنَــا يُــؤَسَّــسُ مَــا تَــبْــنُـونَ لِـلْـعَـقِـبِ
هُــنَــا تَــخُـطُّـونَ مَـجْـدًا مَـا جَـرَى قَـلَـمٌ
بِــمِــثْــلِـهِ فِـي مَـدَى الْأَدْهَـارِ وَالْـحِـقَـبِ
•••
لَــبَّــيْــكَ يَــا مَــلِــكَ الْــوَادِي وَمُـنْـشِـئَـهُ
يَــا حَــارِسَ الـدِّيـنِ وَالْآدَابِ وَالْـحَـسَـبِ
هَــذَا غِــرَاسُــكَ قَــدْ مَــاسَـتْ بَـوَاسِـقُـهُ
تُــدَاعِــبُ الـرِّيـحَ فِـي زَهْـوٍ وَفِـي لَـعِـبِ
الْـمُـلْـكُ فِـي بَـيْـتِـكُـمْ كَـسْـبًـا وَمَـوْهِـبَـةً
يُـزْهَـى عَـلَـى كُـلِّ مَـوْهُـوبٍ وَمُـكْـتَسَبِ
سَــفِــيــنَــةٌ أَنْــتَ مُــجْــرِيـهَـا وَكَـالِـئُـهَـا
مِــنَ الـزَّعَـازِعِ لَا تَـخْـشَـى أَذَى الْـعَـطَـبِ
وَأُمَّـــةٌ أَنْـــتَ مُــجْــرِيــهَــا وَحَــافِــزُهَــا
فِـي حَـلْـبَـةِ الـسَّبْقِ لَا تُبْقِي عَلَى الْقَصَبِ
وَدِيــعَـةُ الـلـهِ صِـيـنَـتْ فِـي يَـدَيْ مَـلِـكٍ
لِـــلـــهِ مُـــرْتَـــقِــبٍ لِــلــهِ مُــحْــتَــسِــبِ
بَــصِـيـرَةٌ كَـضِـيَـاءِ الـصُّـبْـحِ لَـوْ لَـطَـمَـتْ
غَـيَـاهِـبَ الـلَّـيْـلِ لَـمْ يُـظْـلِـمْ وَلَـمْ يُـهَـبِ
وَعَــزْمَـةٌ كَـحَـدِيـدِ الـنَّـصْـلِ لَـوْ طَـلَـبَـتْ
زُهْــرَ الْــكَــوَاكِـبِ نَـالَـتْ غَـايَـةَ الـطَّـلَـبِ
قَـدْ صَـمَّـمَـتْ فَـمَـضَـتْ عَجْلَى لِمَقْصِدِهَا
تَـحْـثُـو الـتُّـرَابَ بِـوَجْـهِ الـشَّـكِّ وَالـرِّيَبِ
فَـانْـظُـرْ تَـرَى مِـصْـرَ هَـلْ تَـلْـقَى لَهَا مَثَلًا
فِـي صَـوْلَـةِ الْـمُـلْـكِ أَوْ فِـي قُـوَّةِ الْأُهَبِ
فَــثَــرْوَةٌ مِــنْ سَــرِيِّ الْــعِــلْــمِ وَاسِــعَـةٌ
وَثَــرْوَةٌ مِــنْ سَــرِيِّ الْــجَــاهِ وَالــنَّـشَـبِ
بَــنَــى «فُــؤَادٌ» بِــنَــاءَ الْـخَـالِـدِيـنَ كَـمَـا
بَــنَــى الْـغَـطَـارِيـفُ مِـنْ آبَـائِـهِ الـنُّـجُـبِ
إِذَا الْـغَـمَـائِـمُ جَـافَـتْ مِـصْـرَ وَاحْـتَجَبَتْ
فَإِنَّ بِـــرَّ يَـــدَيْـــهِ غَــيْــرُ مُــحْــتَــجِــبِ
مَـنْ مُـبْـلِـغُ الْـعُـرْبِ أَنَّ الـضَّـادَ قَـدْ بَلَغَتْ
بِــقُــرْبِ صَــاحِــبِ مِــصْـرٍ أَرْفَـعَ الـرُّتَـبِ
أَعَــادَ مَــجْــدًا لَــهَــا مَــالَــتْ دَعَــائِــمُــهُ
فَــيَــا لَــهَــا قُــرْبَــةً مِـنْ أَعْـظَـمِ الْـقُـرَبِ
وَحَـــفَّــهَــا بِــسِــيَــاجٍ مِــنْ عِــنَــايَــتِــهِ
كَــمَــا تُــحَـفُّ جُـفُـونُ الْـعَـيْـنِ بِـالْـهُـدُبِ
إِنْ عَــقَّــهَــا أَهْــلُ وَادِيــهَــا وَجِــيــرَتُـهَـا
فَأَنْــتَ أَحْــنَــى عَــلَــيْــهَــا مِــنْ أَخٍ وَأَبِ
رَأَتْ بِــرَبْــعِـكَ عِـزَّ الْـمُـلْـكِ فَـانْـصَـرَفَـتْ
عَـنْ ذِكْـرِ لُـبْـنَـى وَذِكْـرَى رَبْـعِـهَـا الْخَرِبِ
لَاذَتْ بِأَكْــــبَــــرِ مِـــعْـــوَانٍ لِـــذِي أَمَـــلٍ
نَـــاءٍ وَأَشْــرَفِ عُــنْــوَانٍ لِــمُــنْــتَــسِــبِ
عِــشْ لِــلْــكِــنَــانَــةِ تَــبْـلُـغْ أَوْجَ عِـزَّتِـهَـا
وَلِـــلْـــعُــلَا وَالــنَّــدَى وَالْــعِــلْــمِ وَالْأَدَبِ
وَعَــاشَ «فَــارُوقُ» نَــجْــمًــا فِـي تَأَلُّـقِـهِ
سَــعْـدُ الـسُّـعُـودِ وَفِـيـهِ مُـنْـتَـهَـى الْأَرَبِ

عن القصيدة

  • مناسبة القصيدة: أنشدها الشاعر في افتتاح دور الانعقاد الثالث لمجمع اللغة العربية سنة ١٩٣٤م.
  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: البسيط
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

علي الجارم: أديب، وشاعر مصري، ورائد من رواد مدرسة الإحياء والبعث إلى جانب كل من أحمد شوقي وحافظ إبراهيم. أَثْرَت مؤلفاته المكتبة الأدبية العربية؛ حيث تعددت وتنوعت بين الدواوين الشعرية، والروايات الأدبية والتاريخية، إضافة إلى الكتب المدرسية، وكانت له مساهمات فعالة في حقل اللغة العربية. وقد اشتهر بغيرته على الدين واللغة والأدب، وتمكن من أن يحوز مكانة شعرية رائدة.

ولد علي صالح عبد الفتاح الجارم، بمدينة رشيد عام ١٨٨١م، تلك المدينة التي شهدت الكثير من أحداث مصر التاريخية. كان والده الشيخ محمد صالح الجارم عالمًا من علماء الأزهر، وقاضيًا شرعيًّا بمدينة دمنهور. تلقى علي دروسه الأولى بمدينة رشيد، فأتم بها التعليم الابتدائي، وواصل تعليمه الثانوي بالقاهرة حيث التحق بالأزهر الشريف، واختار بعد ذلك أن يلتحق بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة. سافر عام ١٩٠٨م إلى إنجلترا وتحديدًا نوتينجهام لإكمال دراسته، فدرس هناك أصول التربية، ثم عاد إلى مصر عام ١٩١٢م بعد أربع سنوات قضاها في الغربة.

عُيِّن الجارم عقب عودته مدرسًا بمدرسة التجارة المتوسطة، ثم تدرج في مناصب التربية والتعليم حتى عُيِّن كبير مفتشي اللغة العربية بمصر، كما عمل الجارم وكيلًا لدار العلوم، وكان عضوًا مؤسِّسًا لمجمع اللغة العربية، وقد مَثَّل مصر في عدد من المؤتمرات العلمية والثقافية.

سَخَّر الجارم طاقاته الإبداعية وإمكانياته الثقافية في إنجاز العديد من الروايات الأدبية التاريخية التي تتخذ من التاريخ العربي موضوعًا لها، مثل: «فارس بني حمدان» و«هاتف من الأندلس» و«مرح الوليد» و«خاتمة المطاف» و«نهاية المتنبي». توفي علي الجارم عام ١٩٤٩م عن ثمانية وستين عامًا، وقد رثاه كبار أدباء ومفكري عصره.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤