يَا دَهْرُ كَمْ تَعْدُو وَكَمْ تَتَقَلَّبُ

Wave Image
يَــا دَهْــرُ كَــمْ تَــعْــدُو وَكَــمْ تَــتَـقَـلَّـبُ
وَتَــفُــلُّ عَــزْمَ الْــعَــامِــلِــيـنَ وَتُـتْـعِـبُ
إِنْ كَــانَ مَــا تَــبْــغِــيــهِ ذُلِّــي فَــالَّــذِي
تَــبْــغِــيــهِ لَا يَــرْضَــاهُ شَــهْــمٌ طَــيِّـبُ
حَــالِــي كَــمَــا شَــاهَــدْتَــهَـا مِـنْ شِـدَّةٍ
مَــا صَــدَّنِــي عَــنْــهَــا الْـعَـدُوُّ الْأَغْـلَـبُ
مَــا فَـلَّ عَـزْمِـيَ حَـادِثٌ فِـيـمَـا مَـضَـى
بَــلْ زَادَنِــي عِــلْــمًــا بِــمَــا يَــتَــعَـقَّـبُ
مَــا ازْدَادَ دَهْـرِي فِـي الـتَّـعَـنُّـتِ وَالْأَذَى
إِلَّا بَــلَــغْــتُ مِــنْ الْــعُــلَا مَــا يَـصْـعُـبُ
مَـــا ضَـــرَّنِــي لَــقَــبٌ يَــزُولُ وَرُتْــبَــةٌ
مَــا دَامَ فِــي الْأَلْــقَــابِ مَــا لَا يَــعْـذُبُ
مَـا كُـنْـتُ مِـنْ أَهْـلِ الـتَّـنَـعُّـمِ وَالْـحِـلَى
كَــيْــمَــا أَخَــافُ مِــنَ الـزَّمَـانِ وَأَرْهَـبُ
مَـــا لَـــذَّ لِــي يَــوْمًــا طَــعَــامٌ طَــيِّــبٌ
أَوْ نَـــالَــنِــي مَــالٌ أَقُــولُ سَــيَــذْهَــبُ
حَــالِــي كَأَهْــلِ الْــفَـقْـرِ فِـيـمَـا كَـابَـدُوا
مِــنْ مَــلْــبَـسٍ أُتْـعِـبْـتُ فِـيـهِ وَأُتْـعِـبُـوا
أَهْوَى التَّقَشُّفَ مَا اسْتَطَعْتُ فَإِنْ مَضَى
مَـــــالٌ أُفَــــرِّقُــــهُ فَــــمَــــاذَا أَنْــــدُبُ
الــرِّزْقُ فِــي الــدُّنْــيَــا كَــثِــيــرٌ وَاسِـعٌ
عَــيْــنٌ تَــفِــيـضُ بِـهِ وَأُخْـرَى تَـنْـضَـبُ
مَــا الْــخَــوْفُ إِلَّا أَنْ يُــقَـالَ تَـقَـهْـقَـرَتْ
جُـــبْـــنًــا وَلَــمَّــا يَأْتِ مَــا تَــتَــطَــلَّــبُ
غَـرْسِـي أَخَـافُ عَـلَـيْـهِ مِـنْ وَقْعِ الرَّدَى
بَــعْــدَ الْــكَــمَــالِ وَذَاكَ غَــرْسٌ طَــيِّـبُ
غَــرْسٌ سَـهِـرْتُ الـلَّـيْـلَ فِـي تَـقْـوِيـمِـهِ
حَــتَّــى نَــمَــا فَــلَــهُ أَبَــشُّ وَأَغْــضَــبُ
جَـــاهَــدْتُ لَا أَبْــغِــي الــثَّــرَاءَ وَإِنَّــمَــا
فَــخْــرُ الْــبِــلَادِ وَعِــزُّهَــا مَــا أَطْــلُــبُ
سِــيَّــانِ عِــنْــدِي الْــمَــالُ أَوْ فُــقْـدَانُـهُ
إِنْ فَــــاتَـــنِـــي مِـــمَّـــا أُحَـــاوِلُ مَأْرَبُ
أَرْجُــو لِــبِــنْــتِ الــنِّـيـلِ كُـلَّ فَـضِـيـلَـةٍ
لَا تَــعْــبَــثُ الْأَيْــدِي بِــهَــا أَوْ تَــلْــعَــبُ
وَيُــحَــارِبُ الــدَّهْــرُ الْــخَـئُـونُ مَآرِبِـي
وَيُــعِــيــنُــهُ نَــزَقُ الــرِّجَــالِ فَـيَـغْـلِـبُ
عُـــلَــمَــاءُ دِيــنِ الــلــهِ مَــاذَا صَــدَّكُــمْ
وَالـنَّـاسُ يُـعْـجِـبُـهَـا الْـفَـسَـادُ فَـتَـطْرَبُ
أَضْـحَـتْ دِيَـارُ الْـعِـلْـمِ تَـحْـتَ عُـيُونِكُمْ
فَـــضْـــلٌ يَــمُــوتُ وَعِــفَّــةٌ تَــتَــعَــذَّبُ
حَــاوَلْــتُــمُ الْإِصْــلَاحَ فِــي تَــمْـثِـيـلِـنَـا
وَتَـــرَكْـــتُـــمُ لِــلْــعِــلْــمِ دُورًا تَــخْــرَبُ
وَلُّــوا إِلَــى دُورِ الْــعُــلُــومِ وُجُــوهَـكُـمْ
وَتَــعَــهَّـدُوهَـا بِـالـنَّـصِـيـحَـةِ وَاكْـتُـبُـوا
فَــعَـسَـى يُـفِـيـقُ الْـمُـفْـسِـدُونَ فَإِنَّـهُـمْ
أَخْـفَـوْا بِـمَـا فَـعَـلُـوا الْـكَـمَـالَ وَغَـيَّـبُوا
يَــا أَيُّــهَــا الْــمَــلِــكُ الْــمُــفَـدَّى مُـلْـكُـهُ
فَــخْــرُ الْــبِــلَادِ وَعِــزُّهَــا لَـكَ يُـنْـسَـبُ
فَــاعْــطِــفْ عَــلَـى دُورِ الْـعُـلُـومِ فَإِنَّـهَـا
تَــرْجُــوكَ لِــلْإِصْــلَاحِ فِــيــمَـا تَـطْـلُـبُ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الكامل
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

نبوية موسى: رائدةٌ مِصريةٌ بارزةٌ في مجالاتِ التَّعليمِ وحقوقِ المرأة.

وُلِدَتْ «نبوية موسى» في عامِ ١٨٨٦م بقريةِ «مجول» بمحافظةِ «القليوبية»، لأبٍ كانَ يعملُ ضابطًا بالجيشِ المصريِّ أُوفِدَ إلى السودانِ قبلَ ميلادِها بشهرَين، وتُوفِّيَ هناكَ فلمْ تَرَهُ ونشأَتْ يتيمةَ الأب.

شُغِفتْ منذُ صِغرِها بالتعليم، ولكنْ بسببِ التقاليدِ الاجتماعيةِ الصارمةِ السائدةِ آنَذاكَ لمْ يكُنْ يُسمَحُ للفَتياتِ أن يَلْتحقْنَ بالمدارسِ بسُهولة؛ لذلكَ تعلَّمتِ القراءةَ والكتابةَ في البيتِ بمُساعدةِ شقيقِها الأكبر، الذي كانَ كثيرًا ما يَقرأُ عليها دروسَه فتَحْفظُها مِنَ المرَّةِ الأُولى.

عندما بلغَتْ الثالثةَ عشرةَ مِن عمرِها أرادَت أن تَلتحِقَ بالمدرسة، إلا أنَّ أُسرتَها رفَضت بشدة، ولكنها احتالتْ بشتَّى السُّبُلِ لتضمَنَ لنفسِها مَقْعدًا دراسيًّا؛ فاضْطُرَّتْ إلى أن تسرقَ خاتمَ والدتِها لتُزوِّرَ موافقَتَها على الالتِحاق، وبالفعلِ بدأتْ في تَلقِّي الدروسِ ﺑ «المدرسةِ السنيةِ للبنات» لتنالَ شهادةَ التعليمِ الابتدائيِّ بتفوُّقٍ عامَ ١٩٠٣م.

بعدَ أن أتمَّتْ دراستَها بقسمِ المُعلِّماتِ عامَ ١٩٠٦م عُيِّنتْ مُعلِّمةً بمَدْرسة «عباس الابْتدائيَّة للبِنات» بالقاهِرة، ولكنَّها صُدِمَتْ عندما وجدَتْ أنَّ راتبَها نصفُ راتبِ زملائِها خرِّيجِي «مدرسةِ المُعلِّمين العُلْيا»، فتقدَّمتْ بشَكوى لوزارةِ المَعارف، التي رَدَّتْ بدَوْرِها بأنَّ سببَ ذلكَ هو حصولُ زملائِها الرجالِ على درجةِ «البكالوريا»، فقرَّرتْ أن تَدْرسَ لِنَيلِها بنفسِها؛ حيثُ لم يكُنْ هناكَ وقتَها مدارسُ فَتياتٍ للبكالوريا، فكانتْ هيَ أولَ فتاةٍ مِصريةٍ تَحصُلُ على هذهِ الشهادةِ عامَ ١٩٠٧م.

كانت قد بدأتْ في ذلكَ الوقتِ في كتابةِ مَقالاتٍ صحفيةٍ تتناولُ موضوعاتٍ تعليميةً واجتماعيةً وأدبية، وركَّزتِ اهتمامَها على قَضايا التعليمِ وتربيةِ الفتاةِ وتَثْقيفِها، كما ألَّفتْ بعضَ الكتبِ التي ضمَّتْ آراءَها وأفكارَها.

كانتْ «نبوية موسى» أوَّلَ ناظرةٍ مِصريةٍ لمَدْرسةٍ ابتدائية؛ مَدْرسةِ «المحمَّدية للبنات» بالفيوم، وقد بذلَتْ فيها مَجْهودًا كبيرًا لنَشرِ تعليمِ الفَتيات، وطبَّقتْ أسلوبًا أخلاقيًّا صارمًا ومُنضبطًا لتربيةِ الطالبات؛ لكَي تُشجِّعَ الأُسَرَ على إرسالِ بناتِهم للتعلُّمِ دونَ خوْفٍ عليهِن.

أنشأتْ «نبوية موسى» مطبعةً ومجلةً أُسبوعيةً نسائيةً باسمِ «الفتاة»، كما شارَكَتْ في العديدِ مِنَ المؤتَمراتِ التربويةِ والنِّسائية، وتُوفِّيتْ عامَ ١٩٥١م بعدَ حياةٍ حافِلةٍ بالعَطاء.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤