إِذَا أَلْقَتِ الْأَقْدَارُ يَوْمًا جَوَاهِرَا

Wave Image
إِذَا أَلْــقَــتِ الْأَقْــدَارُ يَـوْمًـا جَـوَاهِـرَا
بِأَيْــدِي وُحُـوشٍ ضَـارِيَـاتٍ كَـوَاسِـرَا
فَــقَـدْ فَـقَـدَ الـدُّرُّ الـنَّـفِـيـسُ فَـخَـارَهُ
وَصَارَ حَشِيشُ الْأَرْضِ أَغْلَى وَأَفْخَرَا
وَلَـوْ وَسَـطَ الْأَعْجَامِ سَحْبَانُ قَدْ أَتَى
بِـخُـطْـبَـتِـهِ الْـفَـيْـحَـاءِ لَارْتَـدَّ خَاسِرَا
فَـكَـيْـفَ يَنَالُ النُّبْهَ فِي النَّاسِ فَاضِلٌ
وَقَـدْ صَـارَ كُـلُّ الـنَّـاسِ غِـرًّا وَفَـاجِرَا
فَـلَا تَتَخَطِّي الْحَزْمَ يَا نَفْسُ وَاعْلَمِي
بِأَنَّ لِــهَــذَا الْــعُــمْــرِ مَــا طَـالَ آخِـرَا
وَإِنْ كَــدُرَتْ دَارُ الْــفَـنَـاءِ الَّـتِـي هِـيَ
طَـرِيـقُـكِ لِلْأُخْرَى فَقَدْ يُحْمَدُ السُّرَى
وَمُـرُّ مَـذَاقِ الـسَّـيْـرِ لَـوْلَاهُ مَـا غَـدَتْ
حَـلَاوَةُ وَضْـعِ الرَّحْلِ تُغْرِي الْمُسَافِرَا
فَــعُــمْــرُكِ يَــوْمٌ ثُـمَّ لَـيْـلُـكِ حَـشْـرُهُ
وَمَـنْ رَقَـدَ الْأَيَّـامَ فَـلْـيُـمْـسِ سَـاهِـرَا
وَغَـايَـةُ نَـيْـلِ الْـعِـلْـمِ طِـلْـبَـتُـكِ الَّتِي
أَرَتْـكِ نِـيَـابَ الـدَّهْـرِ سُـودًا كَـوَاشِـرَا
وَقَــدْ أَبَــتِ الْأَيَّــامُ تَــتْـمِـيـمَـهَـا فَـلَا
فُـؤَادُكِ مُـرْتَـاحًـا وَلَا الـنُّـجْـحُ ظَاهِرَا
رَأَيْــتُ بِــدُورِ الْـعِـلْـمِ غَـيْـرَ الَّـذِي بِـهِ
أَخُــو أَدَبٍ بَــاهَـى الـزَّمَـانَ وَفَـاخَـرَا
وَأَكْـثَـرُ مَـا يَأْتِيكِ فِي الدَّرْسِ لَا يَفِي
بِـحَـاجَـةِ رَاجِـي الْـعِـلْـمِ إِلَّا تَـظَـاهُـرَا
فَـكُـنْـتِ كَـرَامٍ وَسْـطَ بَـحْـرٍ شِـبَـاكَـهُ
لِــيُــخْــرِجَ أَسْـمَـاكًـا وَيَـرْتَـدَّ ظَـافِـرَا
وَأَخْـرَجَ بَـعْـدَ الْـجُـهْـدِ أَغْـلَـبَ صَيْدِهِ
حَـصًـى فَـرَمَـاهُ فِـي الـتُّـرَابِ وَبَعْثَرَا
لَـعَـلَّـكِ إِنْ دَاوَمْـتِ تَـعْـلَـقْ تَـصَـادُفًـا
شِــرَاكُـكِ بِـالْـمَـرْجُـو وَإِنْ كَـانَ نَـادِرَا
بَـقَـاؤُكِ فِـيـمَـنْ تُـبْـغِـضِـيـنَ لِـحَـاجَةٍ
مَـتَـى قُـضِـيَـتْ نِـلْتِ الْمُنَى الْمُتَعَذِّرَا
أُعَـلِّـلُ نَـفْـسِـي بِـالرَّحِيلِ إِذَا انْقَضَتْ
لَــبِــنَــاتُــهَــا كَـيْ تَـسْـتَـقِـرَّ وَتُـبْـشِـرَا
وَرُبَّ ظَـلُـومٍ مِـنْ بَـنِي الدَّهْرِ سَاءَنِي
لِـذَا كَـرِهَـتْ نَـفْـسِـي الْـمُقَامَ الْمُشَهَّرَا
وَعَـلَّـمَـنِـي دَهْـرِي مُـحَابَاةَ ذِي الْغِنَى
وَخَـفْـضَ جَنَاحِ الذُّلِ إِنْ شِمْتُ قَادِرَا
وَلَــمَّــا رَآنِــي لَـسْـتُ مِـنْ أَهْـلِ فَـنِّـهِ
وَعَـايَـنَ بَـاعِـي فِـي الـتَّـمَـلُّـقِ قَاصِرَا
أَثَــارَ عَـلَـيَّ الْـحَـرْبَ حَـتَّـى يُـذِلَّـنِـي
وَأَسْـلَـمَ حَـبْـلِـي جَـائِـرَ الْحُكْمِ غَادِرَا
وَيَـــمْـــنَـــعُ ذُلِّـــي عِـــزَّةٌ عَـــرَبِــيَّــةٌ
وَلَـوْ فَـعَـلَ الـدَّهْـرُ الْخَئُونُ الَّذِي يَرَى
أَنَــخْــفِــضُ ذُلًّا لِــلْـغَـرِيـبِ رُءوسَـنَـا
وَنَـهْـدِمُ بَـيْـتًـا فِـي ذُرَا الْـعِـزِّ عَـامِـرَا
نَـرُومُ بِـذُلِّ الـنَّـفْـسِ عِـزًّا لِذِي الْعِدَى
وِإِنْ سَــنَــحَ الْأَهْـلُـونَ نَـعْـلُـو تَـكَـبُّـرَا
فَـيَـا أُمَّـةَ الْـقُـرْآنِ لَا تَـجْـعَـلُـوا الَّـذِي
يُـكَـذِّبُ بِـالْـحُـسْـنَـى وَلِـيًّـا وَنَـاصِـرَا

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الطويل
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

نبوية موسى: رائدةٌ مِصريةٌ بارزةٌ في مجالاتِ التَّعليمِ وحقوقِ المرأة.

وُلِدَتْ «نبوية موسى» في عامِ ١٨٨٦م بقريةِ «مجول» بمحافظةِ «القليوبية»، لأبٍ كانَ يعملُ ضابطًا بالجيشِ المصريِّ أُوفِدَ إلى السودانِ قبلَ ميلادِها بشهرَين، وتُوفِّيَ هناكَ فلمْ تَرَهُ ونشأَتْ يتيمةَ الأب.

شُغِفتْ منذُ صِغرِها بالتعليم، ولكنْ بسببِ التقاليدِ الاجتماعيةِ الصارمةِ السائدةِ آنَذاكَ لمْ يكُنْ يُسمَحُ للفَتياتِ أن يَلْتحقْنَ بالمدارسِ بسُهولة؛ لذلكَ تعلَّمتِ القراءةَ والكتابةَ في البيتِ بمُساعدةِ شقيقِها الأكبر، الذي كانَ كثيرًا ما يَقرأُ عليها دروسَه فتَحْفظُها مِنَ المرَّةِ الأُولى.

عندما بلغَتْ الثالثةَ عشرةَ مِن عمرِها أرادَت أن تَلتحِقَ بالمدرسة، إلا أنَّ أُسرتَها رفَضت بشدة، ولكنها احتالتْ بشتَّى السُّبُلِ لتضمَنَ لنفسِها مَقْعدًا دراسيًّا؛ فاضْطُرَّتْ إلى أن تسرقَ خاتمَ والدتِها لتُزوِّرَ موافقَتَها على الالتِحاق، وبالفعلِ بدأتْ في تَلقِّي الدروسِ ﺑ «المدرسةِ السنيةِ للبنات» لتنالَ شهادةَ التعليمِ الابتدائيِّ بتفوُّقٍ عامَ ١٩٠٣م.

بعدَ أن أتمَّتْ دراستَها بقسمِ المُعلِّماتِ عامَ ١٩٠٦م عُيِّنتْ مُعلِّمةً بمَدْرسة «عباس الابْتدائيَّة للبِنات» بالقاهِرة، ولكنَّها صُدِمَتْ عندما وجدَتْ أنَّ راتبَها نصفُ راتبِ زملائِها خرِّيجِي «مدرسةِ المُعلِّمين العُلْيا»، فتقدَّمتْ بشَكوى لوزارةِ المَعارف، التي رَدَّتْ بدَوْرِها بأنَّ سببَ ذلكَ هو حصولُ زملائِها الرجالِ على درجةِ «البكالوريا»، فقرَّرتْ أن تَدْرسَ لِنَيلِها بنفسِها؛ حيثُ لم يكُنْ هناكَ وقتَها مدارسُ فَتياتٍ للبكالوريا، فكانتْ هيَ أولَ فتاةٍ مِصريةٍ تَحصُلُ على هذهِ الشهادةِ عامَ ١٩٠٧م.

كانت قد بدأتْ في ذلكَ الوقتِ في كتابةِ مَقالاتٍ صحفيةٍ تتناولُ موضوعاتٍ تعليميةً واجتماعيةً وأدبية، وركَّزتِ اهتمامَها على قَضايا التعليمِ وتربيةِ الفتاةِ وتَثْقيفِها، كما ألَّفتْ بعضَ الكتبِ التي ضمَّتْ آراءَها وأفكارَها.

كانتْ «نبوية موسى» أوَّلَ ناظرةٍ مِصريةٍ لمَدْرسةٍ ابتدائية؛ مَدْرسةِ «المحمَّدية للبنات» بالفيوم، وقد بذلَتْ فيها مَجْهودًا كبيرًا لنَشرِ تعليمِ الفَتيات، وطبَّقتْ أسلوبًا أخلاقيًّا صارمًا ومُنضبطًا لتربيةِ الطالبات؛ لكَي تُشجِّعَ الأُسَرَ على إرسالِ بناتِهم للتعلُّمِ دونَ خوْفٍ عليهِن.

أنشأتْ «نبوية موسى» مطبعةً ومجلةً أُسبوعيةً نسائيةً باسمِ «الفتاة»، كما شارَكَتْ في العديدِ مِنَ المؤتَمراتِ التربويةِ والنِّسائية، وتُوفِّيتْ عامَ ١٩٥١م بعدَ حياةٍ حافِلةٍ بالعَطاء.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤