قَلْبُ عَجُوزٍ

Wave Image
مَـاتَـتْ حَـوَاسُـكَ بَـعْـدَ الْـحِسِّ وَالشِّعْرِ
مَــا بَــالُ قَــلْــبِــكَ يَــنْــزُو نَـزْوَةَ الْـغِـرِّ
يَــضِــجُّ كَـالـطِّـفْـلِ مَأْخُـوذًا بِـدُمْـيَـتِـهِ
إِذَا تَــلَــفَّــتَ مَــسْــحُــورًا بِــلَا سِــحْـرِ
وَمَـــا تَأَوَّدَ غُـــصْـــنٌ مِـــنْ نَــضَــارَتِــهِ
إِلَّا أَكَـــبَّ عَـــلَـــى الْأَشْــوَاكِ وَالــزَّهْــرِ
أَكُــلَّــمَــا شَــامَ بَــرْقًــا ظَــنَّــهُ قَــبَــسًـا
وَإِنْ تَـــوَهَّـــجَ لَـــوْنٌ لَاحَ كَـــالـــتِّـــبْــرِ
يَــنَــامُ يَــقْــظَــانَ لَا تَــخْـبُـو مَـرَاجِـلُـهُ
وَلَا يَــحُــولُ إِلَــى فَــحْـمٍ مِـنَ الْـجَـمْـرِ
كَأَنَّــهُ الْـحَـيَّـةُ الـنَّـضْـنَـاضُ تَـحْـسَـبُـهَـا
مِـنَ الـسُّـكُـونِ جَمَادًا وَهْيَ فِي الْجُحْرِ
تَـنْـسَـابُ رَقْـطَـاءَ إِنْ هَـاجَـتْ طَبِيعَتُهَا
وَتَـحْـتَـمِـي بِـشُـقُـوقِ الْـكَـهْفِ فِي الْقُرِّ
فَـاعْـجَـبْ لِـقَـلْـبٍ كَـثُـعْـبَـانٍ بِـلَا خُـلُـقٍ
يَــا لَـيْـتَ قَـلْـبَـكَ هَـذَا قُـدَّ مِـنْ صَـخْـرِ
رَانَـتْ عَـلَـى عَـيْـنِـكَ السَّكْرَى غِشَاوَتُهَا
وَفَــلَّ مِــنْ حِــدَّةِ الْإِبْــصَــارِ مَـا تُـذْرِي
فَــلَا الْــجِـنَـانُ كَـمَـا كَـانَـتْ خَـمَـائِـلُـهَـا
وَلَا الْــجَــدَاوِلُ فِــي أَنْـحَـائِـهَـا تَـجْـرِي
وَلَا الــنَّــدِيُّ وَلَا الــسُّــمَّــارُ فِــي سَـمَـرٍ
وَلَا الْــمُــدَامَــةُ فِــي إِبْــرِيـقِـهَـا تُـغْـرِي
وَوَقَّــعَ الْــبُــلْــبُــلُ الْــغِــرِّيــدُ أُغْــنِـيَـةً
وَرَدَّدَ الـلَّـحْـنَ مَـا فِـي الْأَيْـكِ مِـنْ طَيْرِ
فَأَنْــكَــرَتْ أُذُنَــاكَ الْــيَــوْمَ سَــجْــعَـتَـهُ
وَكَـمْ طَـرِبْـتَ لَـهَـا فِـي سَـالِـفِ الْـعَصْرِ
لَــيْــسَ الْـجَـمِـيـلُ جَـمِـيـلًا أَوْ تُـعِـدَّ لَـهُ
مِـنْ فَـيْـضِ نَـفْـسِـكَ نَـبْعًا صَافِيَ الْغَوْرِ
إِذَا عَــشَــوْتَ فَــنُـورُ الْـبَـدْرِ مُـنْـحَـرِفٌ
وَالـشَّـمْـسُ حَـائِلَةً كَالشَّمْسِ فِي الظُّهْرِ
يَــا خَــافِـقًـا كَـذَبِـيـحِ الـطَّـيْـرِ مِـنْ أَلَـمٍ
نَكَأْتَ جَنْبِي وَجَافَ الجُرْحُ فِي صَدْرِي
غَـدَرْتَ يَـا قَـلْـبُ فِـي صَحْوٍ وَفِي ثَمَلٍ
وَمَـا تَـبَـرَّمْـتُ حَـتَّـى خَـانَـنِـي صَـبْـرِي
أَمَّـا الـشَّـبَـابُ فَـقَـدْ وَلَّـى عَـلَـى عَـجَـلٍ
وَلَا إِيَـــابَ فَـــرِفْــقًــا بِــالَّــذِي تَــفْــرِي
وَلَّـى الـرَّبِـيـعُ رَبِـيـعُ الْـعُـمْـرِ وَاخْـتَلَفَتْ
فُــصُـولُ دَهْـرِكَ فَـاهْـدَأْ بَـاقِـيَ الْـعُـمْـرِ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: البسيط
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

عزيز فهمي: شاعر مصري امتازَ بإنتاجٍ شِعريٍّ وفير، حازَ على إعجابِ مُعاصِريه في النصف الأول من القرن العشرين؛ لا سيما عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين.

وُلِد «عزيز عبد السلام فهمي محمد جمعة» في طنطا عامَ ١٩٠٩م، وكان والده أحدَ قِياديِّي حزب الوفد. تلقَّى «عزيز» تعليمَه الأساسي في مَسقط رأسه، ثم انتقَلَ إلى القاهرة فأكمَلَ دراستَه بمدرسة الجيزة الثانوية، والْتَحقَ بعدَها بكلية الحقوق بجامعة القاهرة، وفي الوقت نفسه انتسب إلى كلية الآداب، فدرَسَ فيهما معًا، وبعدما حصل على ليسانس الحقوق سافرَ إلى فرنسا لدراسة القانون، وهناك حصل على الدكتوراه في القانون من جامعة السوربون عامَ ١٩٣٨م.

بعد عودته من فرنسا عمل بالنيابة، غيرَ أنه فُصِل من عمله بعدَ إقالة الحكومة الوفدية عامَ ١٩٤٤م، فاشتغل بالمحاماة، وانتُخِب لعضوية البرلمان المصري عن حزب الوفد عامَ ١٩٥٠م، وكانت له فيه صَولاتٌ وجَولاتٌ أشهَرُها دِفاعُه عن حُرية الصحافة؛ ما أوغَرَ صدْرَ المَلِك عليه، فاعتُقِل بتهمة العيب في الذات المَلكية إبَّانَ الحربِ العالَمية الثانية. وشارَكَ «عزيز» في تحرير الصُّحف والمَجَلات التي كان يُصدِرها حزبُ الوفد، وكان عضوًا في كتائب الفدائيِّين، واشترَكَ في عملياتٍ فِدائيةٍ استهدفَتْ معسكراتِ قواتِ الاحتلالِ الإنجليزي.

أمَّا شِعْره فيتنوَّع بينَ قصائدَ طويلةٍ ومتوسطةِ الطول، ويتَّجه إلى رِثاء النفس، والغَزَل العفيف، ومَدِيح أعلام عصره، وبخاصةٍ «طه حسين» و«حافظ إبراهيم»، ورثاء آخَرين، فضلًا عن بُروزِ النَّزْعةِ الوطنية في شِعره واهتمامِه بقضايا الوطن. وله قصائدُ نشرَتْها مَجلاتٌ عِدَّة، منها: «الرسالة»، و«الثقافة»، و«الإرادة»، و«السياسة»، وقد نُشِر معظمُ شِعره في ديوانه «ديوان عزيز» عَقِب وفاته، وقدَّمَ للديوان الدكتور طه حسين، الذي أبدى في كلمته أسًى كبيرًا على الشاعر المُجِيد، الذي تَخطَّفَتْه يدُ المَنُون عاجلًا عامَ ١٩٥٢م في العيَّاط جنوبي القاهرة غَرَقًا في تُرْعةٍ مائية، بعدَ انقلابِ سيارةِ الأجرة التي كان يَستقِلُّها أثناءَ مُحاوَلتِه اللَّحاقَ بقطارِ الصَّعِيد ليتمكَّنَ من التَّرافُع في إحدى القضايا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤