فِي إِيلِيَاء

Wave Image
أَرَى الْأَيَّــامَ ظَــامِــئَــةً وَلَــيْـسَـتْ
بِـــغَـــيْـــرِ دَمِ الْأَنَــامِ تُــرِيــدُ رِيَّــا
وَلَــوْ لَــمْ تَــنْــوِ حَــرْبًـا مَـا تَـبَـدَّى
بِــهَــا شَــكْــلُ الْأَهِــلَّـةِ خَـنْـجَـرِيَّـا
وَدَلَّ عَــلَــى تَــقَــلُّــبِــهَــا انْـقِـلَابٌ
لِــجِــرْمِ الْأَرْضِ حِـيـنَ غَـدَا كُـرِيَّـا
وَأَصْـلَـدَتِ الْـحَـقِـيـقَـةُ فِي اللَّيَالِي
فَـــلَـــمَّـــا تَــقْــتَــدِحْ زَنْــدًا وَرِيَّــا
نَــفَــضْــتُ يَــدِيَّ مِـنْ أَبْـنَـاءِ دَهْـرٍ
أَهَـانُـوا الـشَّـهْـمَ وَاحْـتَـرَمُوا الزَّرِيَّا
وَقَــلَّ حَــيَــاؤُهُــمْ حَــتَّــى رَأَيْـنَـا
ظَــنِــيــنَ الْــقَــوْمِ يَـتَّـهِـمُ الْـبَـرِيَّـا
وَسَـادَ الْـجَـاهِـلُـونَ فَـلَـسْـتُ أَدْرِي
أُعَــزِّي الْــعِــلْــمَ أَمْ أَبْـكِـي الـدُرِيَّـا
لَـهُـمْ عَـيْـنٌ تُـرَاعِـي الـشَّـرَّ يَـقْـظَى
وَقَــلْــبٌ ظَــلَّ فِــي عَــمَــهٍ كَـرِيَّـا
تَــقَــلَّــدَتِ الـسُّـيُـوفَ رُعَـاةُ مَـعْـزٍ
وَكَــانَــتْ قَـبْـلُ تَـحْـتَـمِـلُ الْـهِـرِيَّـا
فَـجَـرَّدَ مِـنْـهُـمُ الـرِّعْـدِيـدُ عَـضْـبًـا
وَهَــزَّ أَخُــو الْــجَـبَـانَـةِ سَـمْـهَـرِيَّـا
وَكَــمْ تَــرِبٍ تَــجَــسَّـسَ لِـلْأَعَـادِي
فَأَصْــبَــحَ مِــنْ تَــجَـسُّـسِـهِ ثَـرِيَّـا
وَسَــاعٍ كَـانَ يَـسْـرَحُ بِـالْـمَـوَاشِـي
فَأَمْــطَــى مِــنْ سِــعَـايَـتِـهِ شَـرِيَّـا
وَإِنَّ لِــسَــاسَــةِ الــدُّنْــيَــا لَــقَـلْـبًـا
قَـسِـيًّـا فِـي الـسِّـيَـاسَـةِ مَـرْمَـرِيَّـا
قَـدِ اتَّـخَـذُوا الْـحُـسَـامَ لَـهُـمْ لِسَانًا
فَـقَـالُـوا الْـبُـطْـلَ وَاخْـتَـلَقُوا الْفَرِيَّا
وَكَــيْـفَ تُـسَـاسُ مَـمْـلَـكَـةٌ بِـعَـدْلٍ
إِذَا مَـا الْـحُـكْـمُ أَصْـبَـحَ عَـسْكَرِيَّا؟
•••
أَلَا مَــا بَــالُ دَمْــعِـي لَـيْـسَ يَـرْقَـا
كَأَنَّ بِــمُــقْــلَــتِــي عِــرْقًــا ضَـرِيَّـا
إِذَا ذُكِــرَ الْـعِـرَاقُ بَـكَـيْـتُ شَـجْـوًا
بِــدَمْــعٍ طَــمَّ سَــائِــلُــهُ الْــقَــرِيَّــا
وَلَــمَّــا سِـرْتُ فِـي جَـبَـلٍ وَسَـهْـلٍ
وَكَــابَــدْتُ الــسَّــمَــائِـمَ وَالْـعَـرِيَّـا
نَـــزَلْــتُ بِإِيــلِــيَــاءَ عَــلَــى كِــرَامٍ
وَخِـيـمُ الْـعَـيْـشِ عَـادَ بِـهِـمْ مَـرِيَّـا
فَــكِـدْتُ بِـقُـرْبِـهِـمْ أَنْـسَـى بِـلَادِي
وَأَسْــلُــو الــطَّــفَّ ثَـمَّـةَ وَالْـغَـرِيَّـا
وَلَــمْ أَرَ كَــالــنَّــشَــاشِـيـبِـيِّ نَـدْبًـا
إِلَــى الْــعَــلْــيَــاءِ مُـبْـتَـدِرًا جَـرِيَّـا
فَـتًى سَعَتِ الْمَفَاخِرُ وَهْيَ عَطْشَى
إِلَــــى آدَابِــــهِ فَأَصَــــبْــــنَ رِيَّــــا
تَــجَـدَّدَ فِـي الْـعَـلَاءِ فَـكَـانَ بِـدْعًـا
فَــعَــاشَ بِــمِــصْــرِهِ رَجُـلًا طَـرِيَّـا
وَأَحْـرَزَ فِـي الْـوَرَى شَـرَفًـا رَفِـيـعًـا
وَصِــيـتًـا فِـي الْـعُـلَا إِسْـكَـنْـدَرِيَّـا
وَلَـــمْ أَرَ سَـــيِّـــدًا كَأَبِـــي سَـــرِيٍّ
وَلَا مِـــثْـــلَ ابْــنِــهِ وَلَــدًا سَــرِيَّــا
هُــمَــا مُــتَــشَــابِــهَـانِ فَـعَـبْـقَـرِيٌّ
مِــنَ الْآبَــاءِ أَنْــجَــبَ عَــبْــقَــرِيَّــا
أَبٌ فِــي الْــمَــجْــدِ أَرْوَعُ أَحْـوَزِيٌّ
نَــمَــى لِــلْــمَــجْــدِ أَرْوَعَ أَحْـوَزِيَّـا
إِلَـى الـشَّـهْـمِ الـسَّـكَـاكِـيـنِيِّ أُهْدِي
ثَــــنَــــاءً لَا يَــــزَالُ بِـــهِ حَـــرِيَّـــا
فَـتًـى غَـرَسَ الْـمَـكَـارِمَ ثُـمَّ مِـنْـهَـا
جَــنَــى ثَــمَـرَ الْـعُـلَا غَـضًّـا طَـرِيَّـا
يَــعَــافُ مَــعَــاشَــهُ إِلَّا شَــرِيــفًــا
وَيَأْبَــى الْــمَــجْــدَ إِلَّا جَــوْهَــرِيَّــا

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الوافر
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

معروف الرُّصافي: أديب وشاعر وأكاديمي عراقي له إسهامات معتبَرة في حقلَي التعليم والثقافة.

وُلِدَ معروف عبد الغني محمود الجباري في مدينة بغداد العراقية عام ١٨٧٥م وتلقَّى علومه الأوَّلِيَّة في الكتاتيب كباقي أقرانه، ثم التحق ﺑ «المدرسة العسكرية الابتدائية» لفترة، ولكنه انتقل للدراسة في المدارس الدينية حيث تتلمذَ على يد مجموعة من علماءِ بغداد الكبار، وقد لقَّبَهُ أحد شيوخه بمعروف الرُّصافي بدلًا من معروف الكرخي.

بعد تخرُّجه عمِل الرُّصافي معلمًا ﺑ «مدرسة الراشدية» ثم مدرسًا للأدب العربي ﺑ «المدرسة الإعدادية» ببغداد، وقد تنقَّل بين المدارس حتى أصبح مدرِّسًا للُّغة العربية ﺑ «الكلية الشاهانية» بإسطنبول، وكان أيضًا يمارس الصحافة؛ حيث عمل محررًا بجريدة «سبيل الرشاد».

انتُخِب الرصافي عضوًا ﺑ «مجلس المبعوثان» العثماني في عام ١٩١٢م (وهو شبيه بالمجالس النيابية الآن)، وتقديرًا لجهوده الأدبية والتعليمية انتُخِب عضوًا ﺑ «مجمع اللغة العربية» بدمشق، ثم عُيِّنَ مفتشًا بمديرية المعارف العراقية.

آمَن الرُّصافي بأهمية التعليم وعمِل على نشره بين العراقيين من خلال دعواته وجهاده المستمر لبناء المزيد من المدارس، محفِّزًا الأغنياء على دعم المشاريع التعليمية وكفالة طلبة العلم، حيث رأى أن طريق التحرُّر الوطني يمر بالمدارس. والحديث عن التحرُّر الوطني يَجرُّنا بالضرورة إلى نشاط الرُّصافي السياسي ورفضه للاحتلال البريطاني واستبداد السلطة؛ فنجده قد دبَّج المقالات وألَّف القصائد الحماسية محرِّضًا الشعب على النضال السياسي، وكذلك الثورة ضد التقاليد والجمود.

ترك الرُّصافي الكثير من الأعمال الشعرية والنثرية المميزة التي عكست أسلوبَه الرصين ولغته المتينة جزْلة الألفاظ، وقد تنوعت الموضوعات التي كتب فيها ما بين السياسي والاجتماعي والأدبي والتاريخي، وكثيرًا ما أثارت كتبه ضجَّةً كبرى في الأوساط الثقافية؛ فكتابه الشهير «الشخصية المحمدية» اعتبره البعض تهجُّمًا على الدين ومقدساته.

تُوُفِّيَ الرُّصافي بعد حياة حافلة في عام ١٩٤٥م عن سبعين عامًا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤