أَيَدْفَعُ مُعْجِزَاتِ الرُّسْلِ قَوْمٌ

Wave Image
أَيَـدْفَـعُ مُـعْـجِـزَاتِ الرُّسْلِ قَوْمٌ
وَفِـيـكَ وَفِـي بَـدِيـهَـتِكَ اعْتِبَارُ
وَشِـعْـرُكَ لَـوْ مَـدَحْـتَ بِهِ الثُّرَيَّا
لَـصَـارَ لَهَا عَلَى الشَّمْسِ افْتِخَارُ
كَـأَنَّ بُـيُـوتَـهُ الـشُّـهُبُ السَّوَارِي
وَكُــلُّ قَــصِــيــدَةٍ فَــلَـكٌ مُـدَارُ
أَخِـيـرٌ حَـادَ عَـنْ طُـرُقِ الْأَوَالِي
فَــحَـارَ وَآخِـرُ الـشَّـهْـرِ الـسِّـرَارُ
وَلَـنْ يُـحْـوَى الـثَّـنَاءُ بِغَيْرِ جُودٍ
وَهَـلْ تُـجْـنَى مِنَ الْيَبِسِ الثِّمَارُ
وَلَـمْ تَـلْـفِـظْـكَ حَـضْـرَتُـهُ لِزُهْدٍ
وَلَــكِـنْ ضَـاقَ عَـنْ أَسَـدٍ وِجَـارُ
جَـمَـالُ الْـمَـجْـدِ أَنْ يُـثْنَى عَلَيْهِ
وَلَـوْلَا الـشَّـمْسُ مَا حَسُنَ النَّهَارُ
وَلِلْـمَـاءِ الْـفَـضِـيـلَـةُ كُـلَّ حِـيـنٍ
وَلَا سِــيــمَــا إِذَا اشْــتَــدَّ الْأُوَارُ
وَأَنْـتَ الـسَّـيْـفُ إِنْ تَـعْدَمْ حُلِيًّا
فَــلَــمْ يُـعْـدَمْ فِـرِنْـدُكَ وَالْـغِـرَارُ
وَلَيْسَ يَزِيدُ فِي جَرْيِ الْمَذَاكِي
رِكَــابٌ فَــوْقَــهُ ذَهَــبٌ مُــمَــارُ
وَرُبَّ مُــطَــوَّقٍ بِـالـتِّـبْـرِ يَـكْـبُـو
بِــفَــارِسِــهِ وَلِلــرَّهَـجِ اعْـتِـكَـارُ
وَزَنْـدٍ عَـاطِـلٍ يَـحْـظَـى بِـمَـدْحٍ
وَيُـحْـرَمُـهُ الَّـذِي فِـيـهِ الـسِّـوَارُ
إِلَامَ تُــكَــلِّـفُ الْـبِـيـدَ الْـمَـطَـايَـا
بِـــعَـــزْمٍ لَا يَـــقَـــرُّ لَـــهُ قَـــرَارُ
وَخَـيْـلًا لَـوْ جَرَتْ وَالرِّيحَ شَأْوًا
ظَــنَــنَّــا الـرِّيـحَ أَوْثَـقَـهَـا إِسَـارُ
غَـدَتْ وَلَـهَـا حُـجُولٌ مِنْ لُجَيْنٍ
وَرَاحَـتْ وَهْـيَ مِـنْ عَـلَقٍ نُضَارُ
وَأَشْـبَعَتِ الْوُحُوشَ فَصَاحَبَتْهَا
كَــأَنَّ الْــخَــامِـعَـاتِ لَـهَـا مِـهَـارُ
وَكَــمْ أَوْرَدْتَــهَــا عِــدًّا قَــدِيـمًـا
يَــلُـوحُ عَـلَـيْـهِ مِـنْ خَـزٍّ خِـمَـارُ
تَـطَـاعَـنَ حَـوْلَهُ الْفُرْسَانُ حَتَّى
كَــأَنَّ الْــمَـاءَ مِـنْ دَمِـهِـمْ عُـقَـارُ
كَـذَا الْأَقْـمَـارُ لَا تَـشْـكُـو وَنَـاهَـا
وَلَــيْـسَ يَـعِـيـبُـهَـا أَبَـدًا سِـفَـارُ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الوافر
  • عصر القصيدة: العباسي الثاني

عن الشاعر

أبو العلاء المَعَرِّي: شاعرٌ وفيلسوفٌ وأديبٌ عربيٌّ مِنَ العصرِ العبَّاسي، اشتُهِرَ بآرائِه وفلسفتِه المثيرةِ للجدلِ في وقْتِه.

وُلِدَ «أحمد بن عبد الله بن سليمان القُضاعي التنُوخي المَعَرِّي» المعروفُ ﺑ «أبي العلاء المَعَرِّي» عامَ ٣٦٣ﻫ بمَعَرَّةِ النُّعمانِ بسُوريا، وفقَدَ بصَرَه وهو صغيرٌ نتيجةً لمَرضِه بالجُدَري. أخَذَ علومَ القراءاتِ القرآنيةِ بإسنادٍ عنِ الشُّيوخ، كما تعلَّمَ الحديثَ في سنٍّ مُبكِّرة، وقالَ الشِّعرَ وهو ابنُ إحدى عشرةَ سنة، ورحلَ إلى بغدادَ عامَ ٣٩٨ﻫ فأقامَ بها سنةً وسبعةَ أَشْهُر، ثُم اعتزَلَ الناسَ لبعضِ الوقت؛ فلُقِّبَ ﺑ «رَهِينِ المَحْبسَيْن»؛ العَمَى والدَّار.

أمَّا شِعْرُه، وهو ديوانُ حكمتِه وفلسفتِه، فالمطبوعُ منه حتى الآن: «اللُّزوميَّات»، و«سِقْطُ الزَّنْد». وقد تُرجِمَ الكثيرُ من شِعْرِه إلى غيرِ العربيَّة، وأمَّا كُتبُه فكثيرةٌ وفِهرسُها في «مُعجَمِ الأُدَباء». من تَصانيفِه كتابُ «الأَيْك والغُصُون» في الأدب، يَزيدُ على مائةِ جُزْء، و«تاج الحُرَّة» في النساءِ وأخلاقِهنَّ وعِظاتِهِن، و«عَبَث الوَلِيد» شرَحَ فيه دِيوانَ البُحْتُريِّ ونقَدَه، و«رِسالة المَلائِكة» وهي صَغِيرة، و«رِسالة الغُفْران»، و«الفُصُول والغَايات».

عاش المعري متفلسفًا زاهدًا في الدنيا؛ إذ كانَ يَدعمُ حقوقَ الحيوانِ ويُحرِّمُ إِيلامَه، ولذا كان نباتيًا؛ فلمْ يَأكُلِ اللحمَ خمسًا وأربعينَ سنة، كما كانَ يَلبسُ خشِنَ الثِّياب، وكان له أراءه الخاصة في العقيدة، التي جعلت الآراء تختلف حول حقيقة إيمانه؛ إذ ذهب البعض إلى تكفيره واتهامه بالإلحاد، وإخراجِه مِنَ الإسلام، بينما دافَعَ عنه عميدُ الأدبِ العربيِّ «طه حسين» في عِدَّةِ كِتاباتٍ ومُؤلَّفات؛ أشْهرُها «معَ أبي العلاءِ في سجنِه». 

ظلَّ حبيسًا في بيتِه حتى وفاتِه عامَ ٤٤٩ﻫ بمنزلِه بمَعَرَّةِ النُّعْمان، وقد أَوْصى أن يُكتَبَ على قبْرِه عِبارة: «هذا جَناهُ أبي عليَّ، وما جَنيْتُ على أَحَد.» ويَقصدُ أنَّ أباه بزَواجِه من أمِّه أوْقَعَه في دارِ الدُّنيا. وقد وقَفَ على قبْرِه جمْعٌ غفيرٌ من أُدباءِ عصْرِه وشُعرائِه ورَثَوْه بثمانينَ مَرْثَاة.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤