فَأَجَبْتُهَا

Wave Image
قَـالَـتْ وَقَـدْ سَـفَـرَتْ فَـلَاحَ ضِـيَاؤُهَا
يَــهْــدِي الْـمُـدَلِّـجَ بَـاتَ يَـنْـشُـدُ نُـورَا
مَــا لِــي أَرَاكَ تَــبِــيــتُ تَـرْنُـو لِـلْـعُـلَا
أَتُــرَاكَ تَـعْـشَـقُ فِـي الـسَّـمَـاءِ بُـدُورَا
فَأَجَــبْــتُــهَــا: لَـيْـلِـي طَـوِيـلٌ مَـا لَـهُ
مِـــــنْ آخِـــــرٍ إِنِّـــــي أَرَاهُ دُهُـــــورَا
وَلِـذَا اتَّـخَـذْتُ الْـبَدْرَ خِلًّا فِي الدُّجَى
وَكَـذَا الـنُّـجُـومُ رَضِـيـتُـهُـنَّ سَـمِـيـرَا
أَنْــتِ الَّــتِــي هَــامَ الْـفُـؤَادُ بِـحُـبِّـهَـا
وَإِذَا جَــنَــيْــتِ عَــفَـا وَبَـاتَ صَـبُـورَا
لَــوْلَا هَـوَاكِ لَـمَـا عَـشِـقْـتُ وَلَا بَـكَـى
طَـرْفِـي إِذَا نَـدَبَ الْـحَـمَـامُ عَـشِـيـرَا
فَإِذَا وَصَــلْــتِ فَإِنَّــنِـي أَبْـقَـى عَـلَـى
عَــهْــدِي وَفِــيًّــا طَــائِــعًــا وَأَسِــيـرَا
وَإِذَا هَــجَــرْتِ فَإِنَّــنِـي أَبْـكِـي عَـلَـى
حُــبِّــي شَــقِــيًّــا بَــائِـسًـا وَكَـسِـيـرَا
يَـفْـدِيـكِ بِـالـرُّوحِ الْـعَـزِيزَةِ إِنْ وَصَلْـ
ـتِ وَإِنْ أَبَـيْـتِ وَإِنْ هَـجَـرْتِ شُـهُورَا
نَــادَيْــتُ لَــمَّــا أَنْ خَـطَـرْتِ بَـحَـيِّـنَـا
هَـذَا الْـمُـخَـلْـخِـلُ فَـاحْـذَرُوهُ كَـثِـيرَا
هُــوَ سَــاحِــرٌ هُــوَ فَــاتِـكٌ وَعُـيُـونُـهُ
تَــسْـقِـي الْـمَـنِـيَّـةَ هَـائِـبًـا وَجَـسُـورَا
لَـوْ قَـدْ رَأَتْـكِ الـشَّـمْـسُ سَـافِـرَةً لَـمَـا
طَـلَـعَـتْ وَلَاكْـتَـمَـلَ الْكُسُوفُ شُهُورَا
وَإِذَا رَآكِ الْـــبَـــدْرُ وَلَّـــى مُــسْــرِعًــا
خَـجِـلًا وَلَاكْـتَـمَـلَ الْـخُـسُوفُ دُهُورَا
وَإِذَا رَآكِ الْــغُــصْــنُ أَحْــنَــى عُــودَهُ
خَــجِــلًا وَطَأْطَأَ رَأْسَــهُ مَــحْــسُـورَا
هَـيْـفَـاءُ أَسْـكَـرَهَـا الْـجَـمَـالُ تَـمَايَلَتْ
وَسْــطَ الــرِّيَــاضِ تَـظُـنُّـهَـا يَـعْـفُـورَا
فَإِذَا رَأَيْـــتَ رَأَيْـــتَ بَـــدْرًا كَـــامِــلًا
فِــي لَــيْــلَــةٍ ظَــلْــمَــاءَ مُــيِّــزَ نُـورَا
خَـضَـعَـتْ لِأَحْكَامِ الْهَوَى نَفْسِي وَكَمْ
أَخْــضَــعْــتُ قَــبْــلًا سَــيِّـدًا وَأَمِـيـرَا
هَــيْـهَـاتَ تُـرْهِـبُـنِـي بُـطُـولَـةُ فَـاتِـكٍ
لِــلْــحَــرْبِ وَتَّــرَ قَــوْسَــهُ تَــوْتِــيــرَا
وَأَبِــي الَّــذِي تَــعْـنُـو الْـجِـبَـاهُ لِـعِـزِّهِ
يَــحْـمِـي الْـعَـرِيـنَ مُـعَـزَّزًا مَـنْـصُـورَا
فَــلْـتَـسْأَلُـوا عَـنْـهُ الْـمَـنَـابِـرَ كَـمْ عَـلَا
هَــا ثَــائِــرًا وَمُــحَــرِّضًــا وَمُــشِـيـرَا
صُـبَّـتْ عَـلَـيْـهِ مَـصَـائِـبُ الـدُّنْـيَا فَمَا
لَانَـــتْ صَــلَابَــتُــهُ وَظَــلَّ صَــبُــورَا
صُــبَّــتْ عَــلَــيْـهِ مَـصَـائِـبٌ لَـوْ أَنَّـهَـا
صُــبَّــتْ عَـلَـى جَـبَـلٍ غَـدَا مَـدْحُـورَا
شَـــهْــمٌ هُــمَــامٌ صَــابِــرٌ وَمُــعَــانِــدٌ
إِنْ صَـالَ أَخْـضَـعَ قَـيْـصَـرًا وَقَـصِيرَا
فَاعْجَبْ لِحُكْمِ الْحُبِّ يُخْضِعُ قَسْوَرًا
يَــسْــقِــي الْـمَـنِـيَّـةَ فَـارِسًـا وَمَـرِيـرَا
وَيُــعِــزُّ مِــنْ بَــيْــنِ الْـغَـوَانِـي غَـادَةً
لَا بَــــلْ غَــــزَالًا أَعْــــزَلًا وَغَــــرِيـــرَا
لَـــكِـــنَّـــهُ مَـــلِـــكٌ قَــوِيٌّ حُــكْــمُــهُ
لَا يَــقْــبَــلُ الــتَّــبْـدِيـلَ وَالـتَّـغْـيِـيـرَا
وَالْــحُــبُّ شَـرُّ مَـصَـائِـبِ الـدُّنْـيَـا إِذَا
هَــجَــرَ الْــحَــبِــيــبُ تَـدُلُّـلًا وَنُـفُـورَا
وَالْـحُـبُّ مَـكْـرُمَـةٌ إِذَا عَـفَّ الْـمُـحِـبُّ
وَكَــانَ عِــشْــقًــا صَــافِـيًـا وَطَـهُـورَا
فَـاسْـمَـعْ كَـلَامِـي وَاتَّـعِـظْ بِمَشُورَتِي
الْــحُــبُّ نَــارٌ سُــعِّــرَتْ تَــسْــعِــيــرَا
وَاحْــذَرْ وُقُــوعًـا فِـي مَـحَـبَّـةِ غَـادَةٍ
يُــصْــلِــيــكَ نَـارًا لَـحْـظُـهَـا وَحَـرُورَا
اسْـمَـعْ نَـصِـيـحَـةَ عَـاشِـقٍ وَمُـجَـرِّبٍ
إِنْ كُـنْـتَ مِـمَّـنْ يَـسْـمَـعُـونَ الشُّورَى
وَاغْـضَـبْ لِـعِرْضِكَ مَا حَيِيتَ لِتُتَّقَى
وَاغْــضَــبْ لِــقَــوْمِــكَ أَوَّلًا وَأَخِـيـرَا
وَانْـصَـحْ صَـدِيـقَـكَ مُـخْـلِصًا وَمُبيِّنًا
سُــبُــلَ الـرَّشَـادِ وَيَـسِّـرِ الْـمَـعْـسُـورَا
فَــالــنَّــاسُ خُــدَّامٌ لِــبَـعْـضِـهِـمُ وَأَكْـ
ـرَمُـهُـمْ فَـتًـى يَـفْـدِي أَخًـا وَعِـشِـيرَا

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الكامل
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

عزيز فهمي: شاعر مصري امتازَ بإنتاجٍ شِعريٍّ وفير، حازَ على إعجابِ مُعاصِريه في النصف الأول من القرن العشرين؛ لا سيما عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين.

وُلِد «عزيز عبد السلام فهمي محمد جمعة» في طنطا عامَ ١٩٠٩م، وكان والده أحدَ قِياديِّي حزب الوفد. تلقَّى «عزيز» تعليمَه الأساسي في مَسقط رأسه، ثم انتقَلَ إلى القاهرة فأكمَلَ دراستَه بمدرسة الجيزة الثانوية، والْتَحقَ بعدَها بكلية الحقوق بجامعة القاهرة، وفي الوقت نفسه انتسب إلى كلية الآداب، فدرَسَ فيهما معًا، وبعدما حصل على ليسانس الحقوق سافرَ إلى فرنسا لدراسة القانون، وهناك حصل على الدكتوراه في القانون من جامعة السوربون عامَ ١٩٣٨م.

بعد عودته من فرنسا عمل بالنيابة، غيرَ أنه فُصِل من عمله بعدَ إقالة الحكومة الوفدية عامَ ١٩٤٤م، فاشتغل بالمحاماة، وانتُخِب لعضوية البرلمان المصري عن حزب الوفد عامَ ١٩٥٠م، وكانت له فيه صَولاتٌ وجَولاتٌ أشهَرُها دِفاعُه عن حُرية الصحافة؛ ما أوغَرَ صدْرَ المَلِك عليه، فاعتُقِل بتهمة العيب في الذات المَلكية إبَّانَ الحربِ العالَمية الثانية. وشارَكَ «عزيز» في تحرير الصُّحف والمَجَلات التي كان يُصدِرها حزبُ الوفد، وكان عضوًا في كتائب الفدائيِّين، واشترَكَ في عملياتٍ فِدائيةٍ استهدفَتْ معسكراتِ قواتِ الاحتلالِ الإنجليزي.

أمَّا شِعْره فيتنوَّع بينَ قصائدَ طويلةٍ ومتوسطةِ الطول، ويتَّجه إلى رِثاء النفس، والغَزَل العفيف، ومَدِيح أعلام عصره، وبخاصةٍ «طه حسين» و«حافظ إبراهيم»، ورثاء آخَرين، فضلًا عن بُروزِ النَّزْعةِ الوطنية في شِعره واهتمامِه بقضايا الوطن. وله قصائدُ نشرَتْها مَجلاتٌ عِدَّة، منها: «الرسالة»، و«الثقافة»، و«الإرادة»، و«السياسة»، وقد نُشِر معظمُ شِعره في ديوانه «ديوان عزيز» عَقِب وفاته، وقدَّمَ للديوان الدكتور طه حسين، الذي أبدى في كلمته أسًى كبيرًا على الشاعر المُجِيد، الذي تَخطَّفَتْه يدُ المَنُون عاجلًا عامَ ١٩٥٢م في العيَّاط جنوبي القاهرة غَرَقًا في تُرْعةٍ مائية، بعدَ انقلابِ سيارةِ الأجرة التي كان يَستقِلُّها أثناءَ مُحاوَلتِه اللَّحاقَ بقطارِ الصَّعِيد ليتمكَّنَ من التَّرافُع في إحدى القضايا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤