يَقِينِي يَقِينِي حَادِثَاتِ النَّوَائِبِ

Wave Image
يَــقِــيـنِـي يَـقِـيـنِـي حَـادِثَـاتِ الـنَّـوَائِـبِ
وَحَـزْمِـيَ حَـزْمِـي فِـي ظُـهُـورِ الـنَّجَائِبِ
سَـيُـنْـجِـدُنِـي جَـيْـشٌ مِـنَ الْـعَـزْمِ طَـالَمَا
غَـلَـبْـتُ بِـهِ الْـخَـطْـبَ الَّـذِي هُـوَ غَـالِـبِـي
وَمَــنْ كَــانَ حَــرْبَ الـدَّهْـرِ عَـوَّدَ نَـفْـسَـهُ
قِــرَاعَ اللَّــيَــالِــي لَا قِــرَاعَ الْــكَــتَــائِــبِ
عَـلَـى أَنَّ لِـي فِـي مَـذْهَـبِ الـصَّبْرِ مَذْهَبًا
يَــزِيـدُ اتِّـسَـاعًـا عِـنْـدَ ضِـيـقِ الْـمَـذَاهِـبِ
وَمَـا وَضَـعَـتْ مِـنِّـي الْـخُـطُـوبُ بِـقَدْرِ مَا
رَفَــعْــنَ وَقَــدْ هَــذَّبْــنَــنِــي بِـالـتَّـجَـارِبِ
أَخَــذْنَ ثَــرَاءً غَــيْــرَ بَــاقٍ عَــلَـى الـنَّـدَى
وَأَعْـطَـيْـنَ فَـضْـلًا فِـي النُّهَى غَيْرَ ذَاهِبِ
فَــمَــا لِـيَ لَا رَوْضُ الْـمَـسَـاعِـي بِـمُـمْـرِعٍ
لَـــدَيَّ وَلَا مَـــاءُ الْأَمَـــانِـــي بِـــسَــاكِــبِ
كَــأَنْ لَــمْ يَــكُـنْ وَعْـدِي لَـدَيْـهَـا بِـحَـائِـنٍ
زَمَــانًــا وَلَا دَيْــنِــي عَــلَــيْــهَــا بِـوَاجِـبِ
وَحَـاجَـةِ نَـفْـسٍ تَـقْـتَـضِـيـهَـا مَـخَـايِـلِـي
وَتَــقْــضِـي بِـهَـا لِـي عَـادِلَاتٍ مَـنَـاصِـبِـي
عَــدَدْتُ لَــهَــا بَــرْقَ الْــغَــمَــامِ هُــنَــيْـدَةً
وَأُخْـرَى وَمَـا مِـنْ قَـطْـرَةٍ فِـي الْـمَـذَانِـبِ
وَهَـلْ نَـافِـعِـي شَـيْـمٌ مِـنَ الْـعَـزْمِ صَـادِقٌ
إِذَا كُــنْــتُ ذَا بَــرْقٍ مِــنَ الْــحَــظِّ كَـاذِبِ
وَإِنِّــي لَأَغْــنَــى بِـالْـحَـدِيـثِ عَـنِ الْـقِـرَى
وَبِـالْـبَـرْقِ عَـنْ صَـوْبِ الْـغُيُوثِ السَّوَاكِبِ
قَــــنَــــاعَــــةُ عِـــزٍّ لَا طَـــمَـــاعَـــةُ ذِلَّـــةٍ
تُــزَهِّــدُ فِــي نَــيْــلِ الْــغِـنَـى كُـلَّ رَاغِـبِ
إِذَا مَــا امْــتَـطَـى الْأَقْـوَامُ مَـرْكَـبَ ثَـرْوَةٍ
خُـضُـوعًـا رَأَيْـتُ الْـعُـدْمَ خَـيْـرَ مَـرَاكِـبِـي
وَلَــوْ رَكِــبَ الــنَّــاسُ الْــغِــنَــى بِـبَـرَاعَـةٍ
وَفَـــضْـــلٍ مُــبِــيــنٍ كُــنْــتُ أَوَّلَ رَاكِــبِ
وَقَــدْ أَبْــلُــغُ الْــغَــايَــاتِ لَــسْـتُ بِـسَـائِـرٍ
وَأَظْــفَــرُ بِــالْــحَـاجَـاتِ لَـسْـتُ بِـطَـالِـبِ
وَمَـــا كُـــلُّ دَانٍ مِـــنْ مَـــرَامٍ بِـــظَـــافِــرٍ
وَلَا كُـــلُّ نَـــاءٍ عَـــنْ رَجَـــاءٍ بِـــخَــائِــبِ
وَإِنَّ الْــغِــنَــى مِــنِّــي لَأَدْنَــى مَــسَــافَـةً
وَأَقْــرَبُ مِــمَّــا بَـيْـنَ عَـيْـنِـي وَحَـاجِـبِـي
سَــأَصْــحَــبُ آمَــالِــي إِلَــى ابْــنِ مُـقَـلَّـدٍ
فَــتُــنْـجِـحُ مَـا أَلْـوَى الـزَّمَـانُ بِـصَـاحِـبِ
فَــمــا اشْــتَــطَّــتِ الْآمَــالُ إِلَّا أَبَــاحَــهَـا
سَــمَـاحُ عَـلِـيٍّ حُـكْـمَـهَـا فِـي الْـمَـوَاهِـبِ
إِذَا كُــــنْــــتَ يَـــوْمًـــا آمِـــلًا آمِـــلًا لَـــهُ
فَــكُــنْ وَاهِــبًــا كُـلَّ الْـمُـنَـى كُـلَّ وَاهِـبِ
وَإِنَّ امْــــرَأً أَفْــــضَـــى إِلَـــيْـــهِ رَجَـــاؤُهُ
فَـلَـمْ تَـرْجُـهُ الْأَمْـلَاكُ إِحْـدَى الْـعَـجَـائِـبِ
مِــنَ الْــقَــوْمِ لَــوْ أَنَّ اللَّــيَــالِـي تَـقَـلَّـدَتْ
بِــأَحْـسَـابِـهِـمْ لَـمْ تَـحْـتَـفِـلْ بِـالْـكَـوَاكِـبِ
إِذَا أَظْــلَــمَـتْ سُـبْـلُ الـسُّـرَاةِ إِلَـى الْـعُـلَا
سَـرَوْا فَـاسْـتَـضَـاءُوا بَـيْـنَـهَـا بِـالْمَنَاسِبِ
هُــمُ غَــادَرُوا بِــالْـعِـزِّ حَـصْـبَـاءَ أَرْضِـهِـمْ
أَعَــزَّ مَــنَــالًا مِــنْ نُــجُــومِ الْــغَــيَــاهِـبِ
تَـرَى الـدَّهْـرَ مَـا أَفْـضَـى إِلَـى مُـنْـتَـوَاهُـمُ
يُــنَـكِّـبُ عَـنْـهُـمْ بِـالْـخُـطُـوبِ الـنَّـوَاكِـبِ
إِذَا الْـمُـنْـقِـذِيُّـونَ اعْـتَـصَـمْـتَ بِـحَـبْـلِـهِمْ
خَضَبْتَ الْحُسَامَ الْعَضْبَ مِنْ كُلِّ خَاضِبِ
أُولَــئِـكَ لَـمْ يَـرْضَـوا مِـنَ الْـعِـزِّ وَالْـغِـنَـى
سِـوَى مَـا اسْـتَـبَـاحُـوا بِـالْقَنَا وَالْقَوَاضِبِ
كَـأَنْ لَـمْ يُـحَـلِّلْ رِزْقَـهُـمْ دِيـنُ مَـجْـدِهِـمْ
بِــغَــيْــرِ الْــعَـوَالِـي وَالْـعِـتَـاقِ الـشَّـوَازِبِ
إِذَا قَــــرَّبُـــوهَـــا لِلِّـــقَـــاءِ تَـــبَـــاعَـــدَتْ
مَــسَــافَــةُ مَـا بَـيْـنَ الـطُّـلَـى وَالـذَّوَائِـبِ
إِذَا نَــزَلُــوا أَرْضًــا بِـهَـا الْـمَـحْـلُ رُوِّضَـتْ
وَمَـا سُـحِـبَـتْ فِـيـهَـا ذُيُـولُ الـسَّـحَـائِبِ
بِـــأَنْـــدِيَــةٍ خُــضْــرٍ فِــسَــاحٌ رِبَــاعُــهَــا
وَأَوْدِيَــــةٍ غُـــزْرٍ عِـــذَابِ الْـــمَـــشَـــارِبِ
أَرَى الــدَّهْــرَ حَــرْبًــا لِلْــمُـسَـالِـمِ بَـعْـدَمَـا
صَـحِـبْـنَـاهُ دَهْـرًا وَهْـوَ سِـلْـمُ الْـمُـحَـارِبِ
فَـــعُـــذْ بِـــنَـــهَـــارِيِّ الْـــعَـــدَاوَةِ أَوْحَــدٍ
مِــنَ الْــقَــوْمِ لَـيْـلِـيِّ الـنَّـدَى وَالـرَّغَـائِـبِ
تَــنَــلْ بِــسَــدِيــدِ الْــمُـلْـكِ ثَـرْوَةَ مُـعْـدِمٍ
وَفَــرْجَــةَ مَــلْــهُــوفٍ وَعِــصْـمَـةَ هَـارِبِ
سَـعَـى وَارِثُ الْـمَـجْـدِ الـتَّـلِـيـدِ فَلَمْ يَدَعْ
بِــأَفْــعَــالِــهِ مَــجْــدًا طَــرِيـفًـا لِـكَـاسِـبِ
يُــغَـطِّـي عَـلَـيْـهِ الْـحَـزْمُ بِـالْـفِـكَـرِ الَّـتِـي
كَـــشَـــفْــنَ لَــهُ عَــمَّــا وَرَاءَ الْــعَــوَاقِــبِ
وَرَأْيٍ يُــرِي خَــلْــفَ الــرَّدَى مِــنْ أَمَـامِـهِ
فَــمَــا غَــيْــبُـهُ الْـمَـكْـنُـونُ عَـنْـهُ بِـغَـائِـبِ
بَــقِــيــتَ بَــقَــاءَ الــنَّــيِّــرَاتِ وَمِــثْــلَـهَـا
عُــلُــوًّا وَصَــوْنًـا عَـنْ صُـرُوفِ الـنَّـوَائِـبِ
وَدَامَ بَـــنُــوكَ الــسِّــتَّــةُ الــزُّهْــرُ إِنَّــهَــمْ
نُـجُـومُ الْـمَـعَـالِـي فِـي سَـمَـاءِ الْـمَـنَـاقِبِ
سَــلَلْــتَ سِــهَــامًــا مِـنْ كِـنَـانَـةَ لَـمْ تَـزَلْ
يُـقَـرْطِـسُ مِـنْـهَـا فِـي الْـمُـنَى كُلُّ صَائِبِ
فَــأَدْرَكْــتَ مَــا فَــاتَ الْــمُــلُـوكَ بِـعَـزْمَـةٍ
تَــقُــومُ مَــقَـامَ الْـحَـظِّ عِـنْـدَ الْـمُـطَـالِـبِ
وَمَــا فُــقْــتَــهُـمْ حَـتَّـى تَـفَـرَّدْتَ دُونَـهُـمْ
بِـرَأْيِـكَ فِـي صَـرْفِ الْـخُـطُـوبِ اللَّـوَازِبِ
وَمَـا شَـرُفَـتْ عَـنْ قِـيـمَـةِ الـزُّبَـرِ الـظُّـبَى
إِذَا لَــمْ يُــشَــرِّفْــهَــا مَــضَـاءُ الْـمَـضَـارِبِ
تَـجَـانَـفْـتُ عَـنْ قَـصْـدِ الْـمُـلُوكِ وَعِنْدَهُمْ
رَغَــائِــبُ لَــمْ تَــجْــنَـحْ إِلَـيْـهَـا غَـرَائِـبِـي
تَــنَــاقَــلُ بِـي أَيْـدِي الْـمَـهَـارَى حَـثِـيـثَـةً
كَـمَـا اخْـتَـلَـفَـتْ فِـي الْـعَقْدِ أَنْمُلُ حَاسِبِ
إِذَا الــشَّــوْقُ أَغْــرَانِــي بِــذِكْـرِكَ مَـادِحًـا
تَــرَنَّــمْــتُ مُــرْتَــاحًـا فَـحَـنَّـتْ رَكَـائِـبِـي
بِـمَـنْـظُـومَـةٍ مِـنْ خَـالِـصِ الـدُّرِّ، سِـلْـكُـهَا
عَــرُوضٌ، وَلَــكِــنْ دُرُّهَــا مِــنْ مَــنَــاقِـبِ
تُــعَــمَّــرُ عُـمْـرَ الـدَّهْـرِ حَـتَّـى إِذَا مَـضَـى
أَقَــامَـتْ وَمَـا أَرْمَـتْ عَـلَـى سِـنِّ كَـاعِـبِ
شَـعَـرْتُ وَحَـظُّ الـشِّـعْـرِ عِـنْدَ ذَوِي الْغِنَى
شَـبِـيـهٌ بِـحَـظِّ الـشِّـيـبِ عِـنْـدَ الْـكَوَاعِبِ
وَمَــا بِـيَ تَـقْـصِـيـرٌ عَـنِ الْـمَـجْـدِ وَالْـعُـلَا
سِــوَى أَنَّــنِــي صَـيَّـرْتُـهُ مِـنْ مَـكَـاسِـبِـي
يُــعَــدُّ مِــنَ الْأَكْــفَــاءِ مَــنْ كَــانَ عَـنْـهُـمُ
غَــنِــيًّـا وَإِنْ لَـمْ يَـشْـأَهُـمْ فِـي الْـمَـرَاتِـبِ
وَلَـوْ خَـطَـرَتْ بِـي فِـي ضَـمِـيـرِكَ خَـطْرَةٌ
لَـعَـادَتْ بِـتَـصْـدِيـقِ الـظُّـنُـونِ الْـكَـوَاذِبِ
وَأَصْــبَــحَ مُــخْـضَـرًّا بِـسَـيْـبِـكَ مُـمْـرِعًـا
جَـنَـابِـي وَمَـمْـنُـوعًـا بِـسَـيْـفِـكَ جَـانِـبِـي

عن القصيدة

  • غرض القصيدة: المدح
  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الطويل
  • عصر القصيدة: العباسي الثاني

عن الشاعر

هو أحمد بن محمد بن علي بن يحيى التغلبي، يُعَد أحد رُواد الأدب العربي، وأشهر شعراء الشام الذين ساهموا في النهضة الشعرية التي شهدها العصر العباسي الثاني، اتسم شِعره بحُسن البيان، وجزالة العبارة، وعُمق المعنى.

وُلد في دمشق سنة ٤٥٠ﻫ/ ١٠٥٨م، حين كانت تحت سيطرة الدولة الفاطمية، ونشأ وترعرع بها؛ فدرس علوم اللغة، والكتابة، ونَظَم فيها أُولى قصائده. وظل بها حتى سيطر عليها السلاجقة فهاجر منها إلى حماة، وكان عُمره آنذاك ثمانية عشر عامًا، ومكث في حماة مدةً قاربت اثنتَي عشرة سنة، واتصل بأميرها «محمد بن مانك» وعمل عنده كاتبًا، ثم انتقل إلى شينيز ومدح أميرها «علي بن مقلد بن منقذ»، ومنها إلى حلب السورية، وهناك التقى ﺑ «ابن حيُّوس» أشهر شعراء زمانه، ولازَمه مدةً حتى صار امتدادًا لشِعره، ثم اتجه غربًا إلى طرابلس الليبية التي أقام فيها مدةً قاربت عشر سنوات، وفيها ذاع صِيتُه، ووصلت شُهرته الآفاق، ونَظَم أبدع قصائده وأشهرها، وتَقرَّب من حاكمها «جلال الدين بن عمار»، ثم عاد ثانيةً إلى دمشق وحط فيها رِحاله، وصاحَب وزيرها السلجوقي «هبة الله بن بديع الأصفهاني».

سُمي ﺑ «ابن الخياط» لاشتغال أبيه بحرفة الخياطة، وسُمي بالكاتب لاشتغاله بالكتابة؛ حيث عمل كاتبًا لدى أمراء الدولة العباسية، كما نَظَم الشعر بأغراضه المتنوعة، كالهِجاء، والرِّثاء، والغزَل، ولكنَّ النصيب الأوفر من قصائده كان في المديح، حتى اشتُهر بذلك؛ فذكَرَته كُتُب المؤرخين المعاصرين بأنه من الشعراء المُجيدين، امتَدح الناس، وطاف البلاد، ودخل بلاد العجم وامتَدح أهلها. وصل إلينا ديوانه الذي حوى أبهى قصائد الشعر العربي، وأعذب العبارات، وأبلغ المعاني.

تُوفِّي «ابن الخياط» بدمشق في ١١ رمضان ٥١٧ﻫ/١ نوفمبر ١١٢٣م، عن عُمرٍ يُناهز سبعًا وستين سنة.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤