قَدْ صَفَا الدَّهْرُ وَخَابَ الْمُسْتَبِدْ

Wave Image
قَـدْ صَـفَـا الدَّهْرُ وَخَابَ الْمُسْتَبِدْ
رَبِّ أَرْشِــدْنَــا إِلَـى الـرَّأْيِ الْأَسَـدْ
سَــاءَهُـمْ يَـا مِـصْـرُ إِدْرَاكُ الْـعُـلَا
فَــرَمَــوْكِ بِــالــرَّزَايَــا وَالــنَّــكَـدْ
وَسَـعَـى الْـمَـغْـرُورُ فِـيـنَـا طَـالِـبًا
أَنْ يَــذُودَ الْــخَــيْــرَ عَــنَّـا وَيُـرَدْ
هَــادِمَ الــتَّـعْـلِـيـمِ لَا كَـانَ الَّـذِي
يَــهْــدِمُ الْــعَـلْـيَـاءَ فِـيـنَـا وَيَـهُـدْ
أَنْـتَ غَـرْسُ الـنِّـيـلِ هَـلَّا صُـنْتَهُ
وَبَـذَرْتَ الْـخَـيْـرَ فِـي هَـذَا الْـبَلَدْ
صَـدَّكَ الْإِعْـنَـاتُ عَـنْ فِـعْلِ الْعُلَا
وَلَـهَـاكَ الْـحِـقْـدُ عَـنْـهُ وَالْـحَـسَدْ
إِنْ يَــعُــقَّ الــنِّــيــلَ فَـرْدٌ وَاحِـدٌ
فَــبَــنَـوْهُ الْـغُـرُّ مَـوْفُـورُو الْـعَـدَدْ
كَـمْ بَـنَـوْا فِـي مِـصْـرَ دُورًا لِـلْعُلَا
عَـجَـزَ الـتَّـخْـرِيـبُ عَـنْـهَـا فَـقَعَدْ
حَـاوَلَ الْأَفَّـاكُ أَنْ يُـخْـفِـي الَّذِي
خَــلَّــفُــوهُ مِــنْ ثَــنَــاءٍ وَقَــصَـدْ
فَـــتَـــوَلَّاهُ خَـــبَـــالٌ وَانْــثَــنَــى
هَـلْ يُـطِـيـقُ الذِّئْبُ إِذْلَالَ الْأَسَدْ
مَــا كَــفَــاهُ خَــيْــبَــةٌ صَــادَفَـهَـا
فِــي ذُرَا الْــفَــيُّـومِ إِذْ كَـرَّ وَشَـدْ
فَأَرَادَ الـــثَّأْرَ كَـــيْ تَـــتْــبَــعَــهَــا
خَــيْــبَــةٌ أُخْــرَى لِــمَـا رَامَ وَقَـدْ
مِــصْــرُ يَـا أُمَّ الْـمَـعَـالِـي وَالْأُلَـى
هُمْ لِأَهْلِ الْفَضْلِ فِي الدُّنْيَا سَنَدْ
هَــلْ بَــنُــوكِ مِـنْـهُـمُ هَـذَا الَّـذِي
أَخْـجَـلَ الْأَوْطَـانَ لَا كَـانَ الْـوَلَـدْ
أَنْــتِ فِـرْدَوْسٌ وَهَـلْ فِـي جَـنَّـةٍ
يَـدْخُـلُ الشَّيْطَانُ صَلَّى أَوْ سَجَدْ
لَا يَــغُــرَّ الــنَّــاسَ مِــنْــهُ لِــيـنُـهُ
إِنَّـمَـا الـرَّقْـطَـاءُ مَـلْـسَـاءُ الْجَسَدْ
لَــمْ يُــسِــئْــنِـي إِذْ تَـعَـدَّى حَـدَّهُ
بَـلْ أَسَـاءَ الـنِّـيـلَ ظُـلْـمًا وَجَحَدْ
أَنَـــا لَا أَبْـــغِــي ثَــرَاءً أَوْ مُــنًــى
فَأَقُــولَ الْــقَـصْـدُ وَلَّـى أَوْ فُـقِـدْ
إِنَّــمَــا غَــايَــةُ نَــفْـسِـي أَنْ تَـرَى
مَـعْـهَـدًا لِـلْـبِـنْـتِ مَـرْفُـوعَ الْعُمُدْ
وَكَـــفَـــانِـــي أَنْ أَرَاهُ سَـــالِــمًــا
بَــعْـدَ عَـامٍ ضَـاعَ فِـي أَخْـذٍ وَرَدْ
لَــمْ يَــعِــبْــنِــي تَــعَـبٌ لَاقَـيْـتُـهُ
لَـيْـسَ يَـخْـلُو مِنْ عَنَا الدُّنْيَا أَحَدْ
أَنَـــا وَالْأَيَّـــامُ لَا تُـــنْـــكِـــرُنِـــي
لَا أُبَـالِـي طَـابَ دَهْـرِي أَمْ فَـسَـدْ
مَـعْـهَـدَ الـتَّـعْـلِـيـمِ أَجْهَدْتَ الَّذِي
كَـانَ يَـبْـغِـي الـسُّوءَ ظُلْمًا فَخَمَدْ
قَـدْ سَـلِـمْـتَ الْـيَـوْمَ فَـابْقَ زَاهِرًا
وَفِـدَاكَ الـرُّوحُ مِـنِّـي وَالْـجَـسَـدْ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الرمل
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

نبوية موسى: رائدةٌ مِصريةٌ بارزةٌ في مجالاتِ التَّعليمِ وحقوقِ المرأة.

وُلِدَتْ «نبوية موسى» في عامِ ١٨٨٦م بقريةِ «مجول» بمحافظةِ «القليوبية»، لأبٍ كانَ يعملُ ضابطًا بالجيشِ المصريِّ أُوفِدَ إلى السودانِ قبلَ ميلادِها بشهرَين، وتُوفِّيَ هناكَ فلمْ تَرَهُ ونشأَتْ يتيمةَ الأب.

شُغِفتْ منذُ صِغرِها بالتعليم، ولكنْ بسببِ التقاليدِ الاجتماعيةِ الصارمةِ السائدةِ آنَذاكَ لمْ يكُنْ يُسمَحُ للفَتياتِ أن يَلْتحقْنَ بالمدارسِ بسُهولة؛ لذلكَ تعلَّمتِ القراءةَ والكتابةَ في البيتِ بمُساعدةِ شقيقِها الأكبر، الذي كانَ كثيرًا ما يَقرأُ عليها دروسَه فتَحْفظُها مِنَ المرَّةِ الأُولى.

عندما بلغَتْ الثالثةَ عشرةَ مِن عمرِها أرادَت أن تَلتحِقَ بالمدرسة، إلا أنَّ أُسرتَها رفَضت بشدة، ولكنها احتالتْ بشتَّى السُّبُلِ لتضمَنَ لنفسِها مَقْعدًا دراسيًّا؛ فاضْطُرَّتْ إلى أن تسرقَ خاتمَ والدتِها لتُزوِّرَ موافقَتَها على الالتِحاق، وبالفعلِ بدأتْ في تَلقِّي الدروسِ ﺑ «المدرسةِ السنيةِ للبنات» لتنالَ شهادةَ التعليمِ الابتدائيِّ بتفوُّقٍ عامَ ١٩٠٣م.

بعدَ أن أتمَّتْ دراستَها بقسمِ المُعلِّماتِ عامَ ١٩٠٦م عُيِّنتْ مُعلِّمةً بمَدْرسة «عباس الابْتدائيَّة للبِنات» بالقاهِرة، ولكنَّها صُدِمَتْ عندما وجدَتْ أنَّ راتبَها نصفُ راتبِ زملائِها خرِّيجِي «مدرسةِ المُعلِّمين العُلْيا»، فتقدَّمتْ بشَكوى لوزارةِ المَعارف، التي رَدَّتْ بدَوْرِها بأنَّ سببَ ذلكَ هو حصولُ زملائِها الرجالِ على درجةِ «البكالوريا»، فقرَّرتْ أن تَدْرسَ لِنَيلِها بنفسِها؛ حيثُ لم يكُنْ هناكَ وقتَها مدارسُ فَتياتٍ للبكالوريا، فكانتْ هيَ أولَ فتاةٍ مِصريةٍ تَحصُلُ على هذهِ الشهادةِ عامَ ١٩٠٧م.

كانت قد بدأتْ في ذلكَ الوقتِ في كتابةِ مَقالاتٍ صحفيةٍ تتناولُ موضوعاتٍ تعليميةً واجتماعيةً وأدبية، وركَّزتِ اهتمامَها على قَضايا التعليمِ وتربيةِ الفتاةِ وتَثْقيفِها، كما ألَّفتْ بعضَ الكتبِ التي ضمَّتْ آراءَها وأفكارَها.

كانتْ «نبوية موسى» أوَّلَ ناظرةٍ مِصريةٍ لمَدْرسةٍ ابتدائية؛ مَدْرسةِ «المحمَّدية للبنات» بالفيوم، وقد بذلَتْ فيها مَجْهودًا كبيرًا لنَشرِ تعليمِ الفَتيات، وطبَّقتْ أسلوبًا أخلاقيًّا صارمًا ومُنضبطًا لتربيةِ الطالبات؛ لكَي تُشجِّعَ الأُسَرَ على إرسالِ بناتِهم للتعلُّمِ دونَ خوْفٍ عليهِن.

أنشأتْ «نبوية موسى» مطبعةً ومجلةً أُسبوعيةً نسائيةً باسمِ «الفتاة»، كما شارَكَتْ في العديدِ مِنَ المؤتَمراتِ التربويةِ والنِّسائية، وتُوفِّيتْ عامَ ١٩٥١م بعدَ حياةٍ حافِلةٍ بالعَطاء.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤