أَشِدَّةٌ مَا أَرَاهُ مِنْكَ أَمْ كَرَمُ

Wave Image
أَشِــــدَّةٌ مَـــا أَرَاهُ مِـــنْـــكَ أَمْ كَـــرَمُ
تَـجُـودُ بِـالـنَّـفْـسِ وَالْأَرْوَاحُ تُـصْطَلَمُ
يَـا بَـاذِلَ الـنَّـفْـسِ وَالْأَمْـوَالِ مُبْتَسِمًا
أَمَـــا يَـــهُــولُــكَ لَا مَــوْتٌ وَلَا عَــدَمُ
لَـقَـدْ ظَـنَـنْـتُـكَ بَـيْـنَ الْجَحْفَلَيْنِ تَرَى
أَنَّ الـسَّـلَامَـةَ مِـنْ وَقْـعِ الْـقَـنَـا تَـصِمُ
نَـشَـدْتُـكَ اللـهَ لَا تَـسْـمَـحْ بِنَفْسِ عُلًا
حَـيَـاةُ صَـاحِـبِـهَـا تَـحْـيَـا بِـهَـا الْأُمَمُ
إِذَا لَـقِـيـتَ رِقَـاقَ الْـبِـيـضِ مُـنْـفَـرِدًا
تَـحْـتَ الْـعَـجَاجَةِ لَمْ تُسْتَكْثَرِ الْخَدَمُ
تَـفْـدِي بِـنَـفْـسِـكَ أَقْـوَامًـا صَـنَـعْتَهُمُ
وَكَــانَ حَــقُّــهُــمُ أَنْ يَــفْـتَـدُوكَ هُـمُ
هِــيَ الــشَّــجَــاعَــةُ إِلَّا أَنَّــهَـا سَـرَفٌ
وَكُــلُّ فَــضْــلِــكَ لَا قَــصْـدٌ وَلَا أَمَـمُ
وَمَـنْ يُـقَـاتِـلُ مَـنْ تَـلْـقَـى الْـقِتَالَ بِهِ
وَلَـيْـسَ يَـفْـضُـلُ عَنْكَ الْخَيْلُ وَالْبُهُمُ
تَـضِـنُّ بِـالْـحَـرْبِ عَـنَّـا ضَنَّ ذِي بُخُلٍ
وَمِـنْـكَ فِـي كُـلِّ حَـالٍ يُـعْرَفُ الْكَرَمُ
لَا تَــبْــخَــلَـنَّ عَـلَـى قَـوْمٍ إِذَا قُـتِـلُـوا
أَثْـنَـى عَـلَـيْـكَ بَـنُـو الْـهَـيْجَاءِ دُونَهُمُ
أُلْـبِـسْـتَ مَـا لَـبِـسُوا أُرْكِبْتَ مَا رَكِبُوا
عُـرِّفْـتَ مَـا عَـرَفُـوا عُـلِّمْتَ مَا عَلِمُوا
كَــمَــا أُرِيـتَ بِـبِـيـضٍ أَنْـتَ وَاهِـبُـهَـا
عَـلَى خُيُولِكَ خَاضُوا الْبَحْرَ وَهْوَ دَمُ
قَـالُـوا الْـمَـسِـيـرُ فَـهَـزَّ الـرُّمْحُ عَامِلَهُ
وَارْتَاحَ فِي جَفْنِهِ الصَّمْصَامَةُ الْخَذِمُ
فَـطَـالَـبَـتْـنِـي بِـمَـا سَـاءَ الْعُدَاةَ، وَقَدْ
عَـوَّدْتُـهَـا مَـا تَـشَـاءُ الـذِّئْـبُ وَالرَّخَمُ
حَــقًّــا لَـقَـدْ سَـاءَنِـي أَمْـرٌ ذُكِـرْتُ لَـهُ
لَــوْلَا فِــرَاقُــكَ لَــمْ يُــوجَــدْ لَـهُ أَلَـمُ
لَا تَـشْـغَـلَـنِّـي بِـأَمْـرِ الـشَّـامِ أَحْـرُسُهُ
إِنَّ الــشَّــآمَ عَــلَــى مَــنْ حَـلَّـهُ حَـرَمُ
فَــإِنَّ لِلــثَّــغْــرِ سُــورًا مِـنْ مَـهَـابَـتِـهِ
صُــخُــورُهُ مِــنْ أَعَـادِي أَهْـلِـهِ قِـمَـمُ
لَا يَـحْـرِمَـنِّـيَ سَـيْـفُ الدِّينِ صُحْبَتَهُ
فَـهْـيَ الْـحَـيَـاةُ الَّتِي تَحْيَا بِهَا النَّسَمُ
وَمَـا اعْـتَـرَضْـتُ عَـلَـيْـهِ فِـي أَوَامِرِهِ
لَــكِــنْ سَــأَلْــتُ وَمِـنْ عَـادَاتِـهِ نَـعَـمُ

عن القصيدة

  • مناسبة القصيدة: قال أبو فراس: عزم سيف الدولة على مُغاوَرَة بلد ابن شميشق، واستخلافي على الشام، فغلُظ عليَّ القعود، دَفْعةً بعد دَفْعة، وتفرُّده بالوقائع مع نفرٍ من عساكره، فكتبتُ إليه هذه المقطوعة.
  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: البسيط
  • عصر القصيدة: العباسي الثاني

عن الشاعر

أبو فراس الحمداني: هو شاعر وقائد عسكري وأمير بالدولة الحمدانية، عاصَر «المتنبي» ونافَسه في بلاط «سيف الدولة».

وُلد «أبو فراس الحارث بن حمدون الحمداني» في منبج بسوريا عام ٣٢١ﻫ/٩٣٣م، وقيل بالموصل شماليَّ العراق، وتَيتَّم وهو في الثالثة من عمره، فنشأ في رعاية ابن عمه «سيف الدولة»، فقرَّبه إليه حين رأى منه نبوغًا في شعره وقوةً وحُسن تخطيطٍ في المعارك.

كان «أبو فراس الحمداني» أحد أهم مُجالِسي «سيف الدولة» في مجلسه الخاص الذي كان يُدعى إليه الشعراء، وكان يُجزل له العطاءَ حتى منحه ضَيْعة في منبج، بالإضافة إلى توليته عليها وهو في السادسة عشرة من عمره.

جمع نَظمُ «أبي فراس» كلَّ ألوان الشعر، فكان فيه الغزل والفخر والرثاء والوصف والحِكم، وكان أعظمها «الروميات» التي نظَمها وهو في الأَسر، فأخرج فيها عميقَ مشاعره وأصدق أقواله.

حافَظ «أبو فراس الحمداني» على ممارسة هواية الصيد وعقد مجالس الشعر والأدب، وكانت له انتصاراتٌ عديدة على جيش الروم، وأُسر عدة مرات فدَاه فيها «سيف الدولة»، كان آخرها وهو عائد من إحدى رحلات الصيد، فجُرح وأُسر، وراسَل «سيف الدولة» أكثر من مرة حتى جفاه «سيف الدولة» بسبب وشاية بعض المقرَّبين منه، فطال الأَسر لأربع سنوات، فأرسل إليه قصيدته المشهورة: «أراك عصيَّ الدمع شِيمتُك الصبر»، وكان لهذه المدة من الأَسر أثرُها الكبير في صَقل موهبة «أبي فراس» وتهذيب وِجدانه الذي أخرج لنا «الروميات» (نسبةً إلى اسم السجن).

وبعد خروجه من الأَسر تولَّى حمص حتى وفاة «سيف الدولة» عام ٣٥٦ﻫ، فأصبح حاجبُ «سيف الدولة» وصيًّا على ابنه «أبي المعالي»، فوشى الحاجب ﺑ «أبي فراس»، فسيَّر إليه «أبو المعالي» جيشًا أرداه قتيلًا وقطع رأسه عام ٣٥٧ﻫ/٩٦٨م.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤