الْوَطَنُ وَالْجِهَادُ

Wave Image
يَـا قَـوْمُ إِنَّ الْـعِـدَى قَـدْ هَـاجَـمُوا الْوَطَنَا
فَانْضُوا الصَّوَارِمَ وَاحْمُوا الْأَهْلَ وَالسَّكَنَا
وَاسْــتَــنْــفِــرُوا لِــعَــدُوِّ الـلـهِ كُـلَّ فَـتًـى
مِــمَّــنْ نَأَى فِـي أَقَـاصِـي أَرْضِـكُـمْ وَدَنَـا
وَاسْـتَـنْـهِـضُـوا مِـنْ بَـنِي الْإِسْلَامِ قَاطِبَةً
مَـنْ يَـسْـكُـنُ الْـبَـدْوَ وَالْأَرْيَـافَ وَالْـمُـدُنَـا
وَاسْـتَـقْـتِـلُوا فِي سَبِيلِ الذَّوْدِ عَنْ وَطَنٍ
بِــهِ تُــقِــيــمُــونَ دِيــنَ الــلـهِ وَالـسُّـنَـنَـا
وَاسْـتَـلْـئِـمُـوا لِـلْـعِـدَى بِـالـصَّبْرِ وَاتَّخِذُوا
صِـدْقَ الْـعَـزَائِـمِ فِـي تَـدْمِـيـرِهِـمْ جُـنَـنَـا
وَاسْـتَـنْـكِـفُـوا فِي الْوَغَى أَنْ تَلْبَسُوا أَبَدًا
عَـارَ الْـهَـزِيـمَـةِ حَـتَّـى تَـلْـبَـسُـوا الْـكَـفَـنَا
إِنْ لَـمْ تَـمُـوتُـوا كِـرَامًـا فِـي مَـوَاطِـنِـكُـمْ
مُــتُّــمْ أَذِلَّاءَ فِــيــهَــا مِــيــتَــةَ الْـجُـبَـنَـا
لَا عُـذْرَ لِـلْـمُـسْـلِـمِـيـنَ الْـيَـوْمَ إِنْ وَهَـنُوا
فِــي هَــوْشَـةٍ ذَلَّ فِـيـهَـا كُـلُّ مَـنْ وَهَـنَـا
وَلَا حَــيَــاةَ لَــهُــمْ مِـنْ بَـعْـدُ إِنْ جَـبُـنُـوا
كَــــلَّا وَأَيُّ حَـــيَـــاةٍ لِـــلَّـــذِي جَـــبُـــنَـــا
عَــارٌ عَــلَــى الْـمُـسْـلِـمِـيـنَ الْـيَـوْمَ أَنَّـهُـمُ
لَـمْ يُـنْـقِـذُوا مِـصْـرَ أَوْ لَـمْ يُـنْـقِـذُوا عَدَنَا
•••
قُـلْ لِـلْـحُـسَـيْـنَـيْـنِ فِـي مِـصْرٍ: رُوَيْدَكُمَا
قَــدْ خُــنْـتُـمَـا الـلـهَ وَالْإِسْـلَامَ وَالْـوَطَـنَـا
شَـايَـعْـتُـمَـا الْإِنْـكِـلِـيـزَ الْـيَـوْمَ عَـنْ سَـفَهٍ
تَــالــلــهِ مَــا كَـانَ هَـذَا مِـنْـكُـمَـا حَـسَـنَـا
قَـدْ بِـعْـتُـمَـا الـدِّيـنَ بِـالـدُّنْـيَـا مُـجَـازَفَـةً
فَــكُــنْـتُـمَـا فِـي الْـبَـرَايَـا شَـرَّ مَـنْ غُـبِـنَـا
لَا تَــفْـرَحَـا بِـالْـوِسَـامَـيْـنِ الـلَّـذَيْـنِ هُـمَـا
طَــوْقَــا إِسَـارَةِ مِـصْـرٍ فِـيـكُـمَـا اقْـتَـرَنَـا
قَــدْ مَــثَّــلَا مِــنْــكُــمَـا لِـلـنَّـاسِ قَـاطِـبَـةً
عِــجْـلًا أَضَـلَّ الْـوَرَى مِـنْ قَـبْـلُ أَوْ وَثَـنَـا
مَـا ازْدَانَ صَـدْرَاكُـمَـا شَـيْـئًـا بِـحَـمْـلِـهِـمَا
بَـلْ أَصْـبَـحَـا فِـي كِـلَا صَـدْرَيْـكُـمَـا دَرَنَـا
إِنَّ الْــحَــمِــيَّــةَ لَــمْ تَــنْــظُـرْ بِـمُـقْـلَـتِـهَـا
إِلَــى وِسَــامَــيْــكُــمَــا إِلَّا بَــكَــتْ حَـزَنَـا
مَــا كَــانَ أَغْــلَاهُـمَـا إِذْ قَـدْ غَـدَتْ لَـهُـمَـا
خَـزَائِـنُ الـنِّـيـلِ فِـي أَيْـدِي الْـعِـدَى ثَـمَنَا
سَــتَــنْــدَمَــانِ وَلَا يُــجْــدِيــكُــمَــا أَبَــدًا
أَنْ تَـقْـرَعَـا الـسِّـنَّ أَوْ أَنْ تَـقْـبِـضَـا الـذَّقَنَا
هَـذِي جُـيُـوشُ بَـنِـي الـتَّـوْحِـيـدِ زَاحِـفَةً
عَـلَـى الْـعِـدَى وَعَـلَـى مَـنْ ضَـلَّ مُـفْـتَتِنَا
لَـــتُـــرْسِـــلَــنَّ عَــلَــيْــكُــمْ كُــلَّ رَاعِــدَةٍ
تَـهْـمِـي الـدِّمَـاءَ وَتَـمْـرِيـهَـا ظُـبًـى وَقَـنَـا
حَــتَّــى تَــعُــودَ إِلَــى مِــصْــرٍ كَـرَامَـتُـهَـا
وَيَــطْــهُــرَ الــنِّــيــلُ مِــنْ مَـاءٍ بِـهِ أَجِـنَـا
•••
لَا زِلْــتَ يَــا وَطَــنَ الْإِسْــلَامِ مُــنْـتَـصِـرًا
بِـالْـجَـيْـشِ يَـزْحَـفُ مِـنْ أَبْـنَـائِـكَ الْأُمَـنَا
يَـــرُدُّ عَـــنْـــكَ يَـــدَ الْأَعْـــدَاءِ خَــاسِــرَةً
وَيَـكْـشِـفُ الْـغَـمَّ عَـنْ أُفْـقَـيْـكَ وَالْـمِـحَنَا
سَــعْــدَيْـكَ مِـنْ وَطَـنٍ جَـلَّـتْ مَـفَـاخِـرُهُ
عَــنِ الــزَّوَالِ فَــلَا تَـخْـشَـى بِـلًـى وَفَـنَـا
تَــالــلــهِ إِنَّ مَــعَــالِــيــكَ الَّـتِـي سَـلَـفَـتْ
تُـعْـيِـي الْـفَـصَـاحَـةَ وَالـتِّـبْـيَـانَ وَالـلَّسَنَا
كَـمْ قَـدْ أَقَـمْـتَ عَـلَـى الْأَيَّـامِ مِـنْ شَـرَفٍ
لَــنَــا وَأَنْــبَــتَّ مِــنْ نَــبْـعِ الْـعُـلَا غُـصُـنَـا
إِنَّـــا نُـــحِـــبُّــكَ حُــبًّــا لَا انْــتَــهَــاءَ لَــهُ
يَــسْــتَـغْـرِقُ الْأَرْضَ وَالْأَكْـوَانَ وَالـزَّمَـنَـا
نَـــفْـــدِيـــكَ مِـــنَّـــا بِأَرْوَاحٍ مُـــطَــهَّــرَةٍ
أَخْــلَــصْــنَ لِــلـهِ فِـيـكَ الـسِّـرَّ وَالْـعَـلَـنَـا
إِذَا دَهَــــتْــــكَ مِــــنَ الْأَيَّـــامِ دَاهِـــيَـــةٌ
فَــلَا رَعَــى الــلــهُ عَـيْـنًـا تَأْلَـفُ الْـوَسَـنَـا
وَإِنْ فُــتِـنْـتَ بِإِحْـدَى الْـمُـزْعِـجَـاتِ نُـرِقْ
مِــنَّــا الــدِّمَــاءَ إِلَـى أَنْ نُـخْـمِـدَ الْـفِـتَـنَـا
فَــقَــرَّ عَـيْـنًـا وَطِـبْ نَـفْـسًـا وَعِـشْ أَبَـدًا
وَفُـزْ بِـمَـا شِـئْـتَ مِـنْ حَـمْـدٍ وَطِـيـبِ ثَنَا
وَرُبَّ مُـسْـتَـصْـحِـبٍ لِـي قَـالَ يُـخْـبِـرُنِي
إِنَّ الْـــعَـــدُوَّ إِلَـــى أَرْضِ الْـــعِــرَاقِ دَنَــا
فَــقُــلْــتُ: دَعْ عَــنْــكَ هَــذَا، إِنَّــهُ خَــبَـرٌ
سِـوَاهُ يَـبْـعَـثُ فِـي أَحْـشَـائِـيَ الـشَّـجَـنَا
إِنْ صَــحَّ أَنَّ الْــعَــدُوَّ الْــيَــوْمَ مُــقْـتَـرِبٌ
إِلَــى الْــعِــرَاقِ فَــقَــدْ أَكْــدَى وَقَـدْ أَفِـنَـا
إِنَّ الْــعِــرَاقَ لَــعَــمْــرُ الــلــهِ مَــسْــبَــعَـةٌ
تَــوَاثَــبُ الْأُسْــدُ فِــيــهِ مِـنْ هُـنَـا وَهُـنَـا
دُونَ الْــوُصُــولِ إِلَــيْــهِ كُــلُّ مُــشْــعِـلَـةٍ
شَـعْـوَاءَ تَـتْـرُكُ وَجْـهَ الـشَّـمْـسِ مُـكْـتَمِنَا
فَإِنَّ فِـــيـــهِ رِجَــالًا مِــنْ بَــنِــي مُــضَــرٍ
إِذَا تُــحَــارِبُ لَا تَــسْــتَــشْــفِــعُ الْــهُـدَنَـا
قَــوْمٌ لَــقَــاحٌ أَبَــوْا أَنْ يَــخْـضَـعُـوا أَبَـدًا
إِلَــى الْــمُــلُــوكِ وَإِنْ أَعْـطَـوْهُـمُ الْـمُـؤَنَـا
تَــحَــمَّــلُــوا كُــلَّ عِــبْءٍ فِـي حَـيَـاتِـهِـمُ
إِلَّا الــصَّــغَــارَ وَإِلَّا الــضَّــيْــمَ وَالْــمِـنَـنَـا
لَـــوْ أَنَّ أُمَّــاتِــهِــمْ مَــنَّــتْ عَــلَــى أَحَــدٍ
مِــنْــهُــمْ بِأَلْـبَـانِـهَـا لَـمْ يَـشْـرَبُـوا الـلَّـبَـنَـا
هُــمُ الْــمَــغَـاوِيـرُ إِنْ صَـالُـوا بِـمَـلْـحَـمَـةٍ
فَــلَا يَــرَوْنَ لَــهُــمْ غَـيْـرَ الْـمَـنُـونِ مُـنَـى
بَـنَـوْا فَأَعْـلَـوْا بِـنَـاءَ الْـمَـجْـدِ فَـارْتَـفَـعُـوا
بِــهِ عَــلَــى كُــلِّ مَــنْ قَــدْ شَـادَهُ وَبَـنَـى
فَـكَـيْـفَ تَـقْـعُـدُ عَـنْ حَـرْبِ الْـعِـدَى فِـئَةٌ
أَبَــتْ سِــوَى الْـعِـزِّ مَأْوًى وَالْـعُـلَا وُكَـنَـا؟

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: البسيط
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

معروف الرُّصافي: أديب وشاعر وأكاديمي عراقي له إسهامات معتبَرة في حقلَي التعليم والثقافة.

وُلِدَ معروف عبد الغني محمود الجباري في مدينة بغداد العراقية عام ١٨٧٥م وتلقَّى علومه الأوَّلِيَّة في الكتاتيب كباقي أقرانه، ثم التحق ﺑ «المدرسة العسكرية الابتدائية» لفترة، ولكنه انتقل للدراسة في المدارس الدينية حيث تتلمذَ على يد مجموعة من علماءِ بغداد الكبار، وقد لقَّبَهُ أحد شيوخه بمعروف الرُّصافي بدلًا من معروف الكرخي.

بعد تخرُّجه عمِل الرُّصافي معلمًا ﺑ «مدرسة الراشدية» ثم مدرسًا للأدب العربي ﺑ «المدرسة الإعدادية» ببغداد، وقد تنقَّل بين المدارس حتى أصبح مدرِّسًا للُّغة العربية ﺑ «الكلية الشاهانية» بإسطنبول، وكان أيضًا يمارس الصحافة؛ حيث عمل محررًا بجريدة «سبيل الرشاد».

انتُخِب الرصافي عضوًا ﺑ «مجلس المبعوثان» العثماني في عام ١٩١٢م (وهو شبيه بالمجالس النيابية الآن)، وتقديرًا لجهوده الأدبية والتعليمية انتُخِب عضوًا ﺑ «مجمع اللغة العربية» بدمشق، ثم عُيِّنَ مفتشًا بمديرية المعارف العراقية.

آمَن الرُّصافي بأهمية التعليم وعمِل على نشره بين العراقيين من خلال دعواته وجهاده المستمر لبناء المزيد من المدارس، محفِّزًا الأغنياء على دعم المشاريع التعليمية وكفالة طلبة العلم، حيث رأى أن طريق التحرُّر الوطني يمر بالمدارس. والحديث عن التحرُّر الوطني يَجرُّنا بالضرورة إلى نشاط الرُّصافي السياسي ورفضه للاحتلال البريطاني واستبداد السلطة؛ فنجده قد دبَّج المقالات وألَّف القصائد الحماسية محرِّضًا الشعب على النضال السياسي، وكذلك الثورة ضد التقاليد والجمود.

ترك الرُّصافي الكثير من الأعمال الشعرية والنثرية المميزة التي عكست أسلوبَه الرصين ولغته المتينة جزْلة الألفاظ، وقد تنوعت الموضوعات التي كتب فيها ما بين السياسي والاجتماعي والأدبي والتاريخي، وكثيرًا ما أثارت كتبه ضجَّةً كبرى في الأوساط الثقافية؛ فكتابه الشهير «الشخصية المحمدية» اعتبره البعض تهجُّمًا على الدين ومقدساته.

تُوُفِّيَ الرُّصافي بعد حياة حافلة في عام ١٩٤٥م عن سبعين عامًا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤