الرُّصَافِيُّ يُحَيِّي وَفْدَ مِصْرَ الشَّقِيقَةِ

Wave Image
أَتَـى مِنْ مِصْرَ طَلْعَتُها ابْنُ حَرْبِ
فَأَهْــلًا بِــالْــمُــذَلِّـلِ كُـلَّ صَـعْـبِ
وَأَهْــلًا بِــالَّــذِي ادَّخَـرَتْـهُ مِـصْـرٌ
لِــدَفْــعِ مُــلِـمَّـةٍ وَلِـقَـرْعِ خَـطْـبِ
•••
هُـوَ الرَّجُلُ الَّذِي فِي مِصْرَ قَامَتْ
لَــهُ هِــمَــمٌ تُــنَــفِّــسُ كُـلَّ كَـرْبِ
تَـعَـهَّـدَ بِـالْـمَـسَـاعِـي الْـغُرِّ مِصْرًا
فَـبَـدَّلَ جَـدْبَ تُـرْبَـتِـهَـا بِـخِصْبِ
أَحَــبَّ بِــلَادَهُ فَـسَـمِـعْـتُ مِـنْـهَـا
لَــهُ شُـكْـرَ الْـحَـبِـيـبَـةِ لِـلْـمُـحِـبِّ
•••
لَـقَـدْ شَـاهَـدْتُ مُـبْـتَـهِـجًا بِعَيْنِي
لَـــهُ فِــي مِــصْــرَ آثَــارًا كِــبَــارَا
فَـفِـي «الْـكُـبْـرَى» لَـهُ مُتَحَرِّكَاتٌ
تُـخَـلِّـدُ فِـي الْـبِـلَادِ لَـهُ الْـفَـخَـارَا
مَـعَـامِـلُ مَـارَسَـتْ غَـزْلًا وَنَسْجًا
فَأَغْـنَـتْ فِـي صِـنَـاعَـتِـهَا الدِّيَارَا
وَفِــي الْإِسْــكَــنْـدَرِيَّـةِ بَـاخِـرَاتٌ
لَـهُ فِـي الْـبَـحْـرِ تَـبْـتَـدِرُ الـسِّفَارَا
وَأَمَّــا بَــنْــكُ مِــصْــرَ فَـذَاكَ أَمْـرٌ
بِـهِ قَـدْ جَـلَّ طَـلْـعَـتُ أَنْ يُـبَـارَى
•••
إِذَا مَـا مِـصْـرُ فِي الْمَالِ اسْتَقَلَّتْ
فَـلَا تَخْشَى التَّأَخُّرَ فِي السِّيَاسَة
فَإِنَّ الْــمَــالَ أَكْــبَــرُ مَــا يُـرَجَّـى
بِــهِ نَــيْـلُ الـسَّـعَـادَةِ وَالـرِّئَـاسَـة
إِذَا مَـا الـشَّـعْـبُ كَـانَ أَسِـيرَ فَقْرٍ
فَـمَـا تُجْدِي السِّيَاسَةُ وَالْحَمَاسَة
أَيُـصْـبِـحُ فِـي سِـيَـاسَـتِـهِ طَلِيقًا
أَسِـيـرٌ أَوْجَـبَ الْـفَـقْرُ احْتِبَاسَه؟
•••
رِجَــالَ الــنِّـيـلِ حُـيِّـيـتُـمْ رِجَـالًا
بِـمَـا لِـلْـعُـرْبِ فِـيـكُـمْ مِنْ سِمَاتِ
بِـكُـمْ طَـرِبَ الْـفُرَاتُ وَقَالَ جَهْرًا
لِـوَادِي الـنِّـيـلِ: إِنَّـكَ مِـنْ لِـدَاتِي
كِــلَانَــا جَــارِيَـانِ عَـلَـى سُـهُـولٍ
بِأَبْـــنَـــاءِ الْـــعُـــرُوبَـــةِ آهِــلَاتِ
كِــلَانَــا فِـي الْإِخَـاءِ لَـنَـا مَـوَاضٍ
ضَــمِــنَّ لَـنَـا الـنَّـجَـاحَ بِـكُـلِّ آتِ
وَتَــجْــمَـعُـنَـا جَـوَامِـعُ كُـبْـرَيَـاتٌ
وَأَكْــبَــرُهُــنَّ سَــيِّــدَةُ الــلُّــغَـاتِ
•••
لَــقَــدْ زُرْنَــاكُــمُ قَــبْــلًا فَــكُــنَّــا
عَـلَـى نَـشْـرِ الـتَّـجِـلَّـةِ وَالْـكَرَامَة
فَــمِــنْ بَــيْــتٍ يُـمَـدُّ بِـهِ سِـمَـاطٌ
وَمِـنْ وَجْـهٍ تُـضِـيءُ بِهِ ابْتِسَامَة
وَمَــا هَـذَا لَـعَـمْـرُ الْـحَـقِّ مِـنْـكُـمْ
بِـبِـدْعٍ بَـلْ لَـكُـمْ فِـيـهِ اسْـتِـقَامَة
وَمَــا زُرْنَــاكُــمُ لِــكَــبِــيــرِ مُـلْـكٍ
وَلَــكِــنْ لِــلْأُخُــوَّةِ وَالــشَّـهَـامَـة
أَلَا فَـلْـتَـحْـيَ مِـصْرُ فَنَحْنُ نَرْجُو
لَـكُـمْ فِـيـهَـا الـسَّـعَادَةَ وَالسَّلَامَة
•••
وَكَـمْ فِـي مِصْرَ مِنْ بَطَلٍ سِوَاكُمْ
يَـسِـيـرُ بِـهَـا عَـلَى خُطُوَاتِ سَعْدِ
وَكَــمْ رَاقٍ بِــهَــا فِــي جَـوِّ عِـلْـمٍ
فَـيَـسْـتَـهْـدِي لِأَنْـجُـمِـهِ وَيَـهْـدِي
وَكَـمْ سَـاعٍ لَهَا بِخُطَى ابْنِ حَرْبٍ
لِـيُـسْـعِـدَهَـا بِـمَـا يَـقْنِي وَيُجْدِي
وَلَــكِــنَّ ابْـنَ حَـرْبٍ فِـي دُجَـاهَـا
كَــبَـدْرِ الْأُفْـقِ حَـلَّ بِـبُـرْجِ سَـعْـدِ
فَـكَـيْـفَ تَـكُـونُ مِـصْـرٌ فِي إِسَارٍ
وَفِيهَا الْيَوْمَ مَنْ يَحْمِي وَيَفْدِي؟

عن القصيدة

  • مناسبة القصيدة: قيلت هذه القصيدة بمناسبة أن وفدًا مصريًّا برئاسة المرحوم طلعت حرب (زعيم مصر الاقتصادي ومؤسس بنك مصر) زار العراق سنة ١٩٣٦م.
  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الوافر
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

معروف الرُّصافي: أديب وشاعر وأكاديمي عراقي له إسهامات معتبَرة في حقلَي التعليم والثقافة.

وُلِدَ معروف عبد الغني محمود الجباري في مدينة بغداد العراقية عام ١٨٧٥م وتلقَّى علومه الأوَّلِيَّة في الكتاتيب كباقي أقرانه، ثم التحق ﺑ «المدرسة العسكرية الابتدائية» لفترة، ولكنه انتقل للدراسة في المدارس الدينية حيث تتلمذَ على يد مجموعة من علماءِ بغداد الكبار، وقد لقَّبَهُ أحد شيوخه بمعروف الرُّصافي بدلًا من معروف الكرخي.

بعد تخرُّجه عمِل الرُّصافي معلمًا ﺑ «مدرسة الراشدية» ثم مدرسًا للأدب العربي ﺑ «المدرسة الإعدادية» ببغداد، وقد تنقَّل بين المدارس حتى أصبح مدرِّسًا للُّغة العربية ﺑ «الكلية الشاهانية» بإسطنبول، وكان أيضًا يمارس الصحافة؛ حيث عمل محررًا بجريدة «سبيل الرشاد».

انتُخِب الرصافي عضوًا ﺑ «مجلس المبعوثان» العثماني في عام ١٩١٢م (وهو شبيه بالمجالس النيابية الآن)، وتقديرًا لجهوده الأدبية والتعليمية انتُخِب عضوًا ﺑ «مجمع اللغة العربية» بدمشق، ثم عُيِّنَ مفتشًا بمديرية المعارف العراقية.

آمَن الرُّصافي بأهمية التعليم وعمِل على نشره بين العراقيين من خلال دعواته وجهاده المستمر لبناء المزيد من المدارس، محفِّزًا الأغنياء على دعم المشاريع التعليمية وكفالة طلبة العلم، حيث رأى أن طريق التحرُّر الوطني يمر بالمدارس. والحديث عن التحرُّر الوطني يَجرُّنا بالضرورة إلى نشاط الرُّصافي السياسي ورفضه للاحتلال البريطاني واستبداد السلطة؛ فنجده قد دبَّج المقالات وألَّف القصائد الحماسية محرِّضًا الشعب على النضال السياسي، وكذلك الثورة ضد التقاليد والجمود.

ترك الرُّصافي الكثير من الأعمال الشعرية والنثرية المميزة التي عكست أسلوبَه الرصين ولغته المتينة جزْلة الألفاظ، وقد تنوعت الموضوعات التي كتب فيها ما بين السياسي والاجتماعي والأدبي والتاريخي، وكثيرًا ما أثارت كتبه ضجَّةً كبرى في الأوساط الثقافية؛ فكتابه الشهير «الشخصية المحمدية» اعتبره البعض تهجُّمًا على الدين ومقدساته.

تُوُفِّيَ الرُّصافي بعد حياة حافلة في عام ١٩٤٥م عن سبعين عامًا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤