انْتِصَارُ الْأَتْرَاكِ فِى الْحَرْبِ وَالسِّيَاسَةِ

Wave Image
الــلــهُ أَكْـبَـرُ كَـمْ فِـي الْـفَـتْـحِ مِـنْ عَـجَـبِ
يَــا خَــالِــدَ الــتُّــرْكِ جَــدِّدْ خَــالِـدَ الْـعَـرَبِ
صُــلْــحٌ عَــزِيــزٌ عَــلَــى حَــرْبٍ مُــظَــفَّـرَةٍ
فَـالـسَّـيْـفُ فِـي غِـمْدِهِ وَالْحَقُّ فِي النُّصُبِ
يَـا حُـسْـنَ أُمْـنِـيَّـةٍ فِـي الـسَّـيْفِ مَا كَذَبَتْ
وَطِــيــبَ أُمْــنِــيَّــةٍ فِـي الـرَّأْيِ لَـمْ تَـخِـبِ
خُــطَــاكَ فِــي الْـحَـقِّ كَـانَـتْ كُـلُّـهَـا كَـرَمًـا
وَأَنْــتَ أَكْــرَمُ فِــي حَــقْــنِ الــدَّمِ الـسَّـرِبِ
حَـذَوْتَ حَـرْبَ «الـصَّـلَاحِـيِّـيـنَ» فِي زَمَنٍ
فِـــيـــهِ الْـــقِـــتَـــالُ بِـــلَا شَـــرْعٍ وَلَا أَدَبِ
لَــمْ يَأْتِ سَــيْــفُـكَ فَـحْـشَـاءً وَلَا هَـتَـكَـتْ
قَــنَــاكَ مِــنْ حُــرْمَـةِ الـرُّهْـبَـانِ وَالـصُّـلُـبِ
سُـئِـلْـتَ سِـلْـمًـا عَـلَـى نَـصْـرٍ فَـجُـدْتَ بِـهَـا
وَلَــوْ سُــئِــلْــتَ بِـغَـيْـرِ الـنَّـصْـرِ لَـمْ تُـجِـبِ
مَــشِــيــئَــةٌ قَــبِــلَــتْــهَــا الْـخَـيْـلُ عَـاتِـبَـةً
وَأَذْعَــنَ الـسَّـيْـفُ مَـطْـوِيًّـا عَـلَـى غَـضَـبِ
أَتَــيْـتَ مَـا يُـشْـبِـهُ الـتَّـقْـوَى وَإِنْ خُـلِـقَـتْ
سُـــيُــوفُ قَــوْمِــكَ لَا تَــرْتَــاحُ لِــلْــقُــرُبِ
وَلَا أَزِيــــدُكَ بِــــالْإِسْــــلَامِ مَــــعْــــرِفَــــةً
كُــلُّ الْــمُــرُوءَةِ فِــي الْإِسْـلَامِ وَالْـحَـسَـبِ
مَـنَـحْـتَـهُـمْ هُـدْنَـةً مِـنْ سَـيْـفِـكَ الْـتُمِسَتْ
فَــهَــبْ لَــهُــمْ هُـدْنَـةً مِـنْ رَأْيِـكِ الـضَّـرِبِ
أَتَـــاهُـــمُ مِــنْــكَ فِــي «لُــوزَانَ» دَاهِــيَــةٌ
جَـاءَتْ بِـهِ الْـحَـرْبُ مِـنْ حَـيَّـاتِـهَـا الـرُّقُـبِ
أَصَـــمُّ يَـــسْـــمَــعُ سِــرَّ الْــكَــائِــدِيــنَ لَــهُ
وَلَا يَـضِـيـقُ بِـجَـهْـرِ الْـمُـحْـنَـقِ الـصَّـخِـبِ
لَــمْ تَــفْــتَــرِقْ شَــهَـوَاتُ الْـقَـوْمِ فِـي أَرَبٍ
إِلَّا قَــــضَــــى وَطَــــرًا مِــــنْ ذَلِـــكَ الْأَرَبِ
تَـــدَرَّعَـــتْ لِــلِــقَــاءِ الــسِّــلْــمِ «أَنْــقَــرَةٌ»
وَمَـهَّـدَ الـسَّـيْـفُ فِـي «لُـوزَانَ» لِـلْـخُـطَـبِ
فَـــقُــلْ لِــبَــانٍ بِــقَــوْلٍ رُكْــنَ مَــمْــلَــكَــةٍ
عَـلَـى الْـكَـتَـائِـبِ يُـبْـنَـى الْـمُـلْـكُ لَا الْكُتُبِ
لَا تَــلْــتَــمِــسْ غَــلَــبًــا لِــلْــحَـقِّ فِـي أُمَـمٍ
الْــحَــقُّ عِــنْــدَهُــمُ مَــعْــنًـى مِـنَ الْـغَـلَـبِ
لَا خَــيْــرَ فِــي مِــنْــبَــرٍ حَــتَّـى يَـكُـونَ لَـهُ
عُــودٌ مِــنَ الـسُّـمْـرِ أَوْ عُـودٌ مِـنَ الْـقُـضُـبِ
وَمَـــا الـــسِّـــلَاحُ لِـــقَــوْمٍ كُــلُّ عُــدَّتِــهِــمْ
حَــتَّــى يَـكُـونُـوا مِـنَ الْأَخْـلَاقِ فِـي أُهُـبِ
لَـوْ كَـانَ فِـي الـنَّـابِ دُونَ الْـخُـلْـقِ مَـنْـبَهَةٌ
تَــسَــاوَتِ الْأُسْــدُ وَالــذُّؤْبَـانُ فِـي الـرُّتَـبِ
لَـمْ يُـغْـنِ عَـنْ قَـادَةِ الْـيُـونَـانِ مَـا حَـشَدُوا
مِــنَ الــسِّـلَاحِ وَمَـا سَـاقُـوا مِـنَ الْـعُـصَـبِ
وَتَــرْكُــهُــمْ «آسِـيَـا الـصُّـغْـرَى» مُـدَجَّـجَـةً
كَـثُـكْـنَـةِ الـنَّـحْـلِ أَوْ كَـالْـقُـنْـفُـذِ الْـخَـشِـبِ
لِــلــتُّــرْكِ سَــاعَـاتُ صَـبْـرٍ يَـوْمَ نَـكْـبَـتِـهِـمْ
كُــتِــبْـنَ فِـي صُـحُـفِ الْأَخْـلَاقِ بِـالـذَّهَـبِ
مَـــغَـــارِمٌ وَضَـــحَــايَــا مَــا صَــرَخْــنَ وَلَا
كُــدِّرْنَ بِــالْــمَــنِّ أَوْ أُفْــسِــدْنَ بِــالْــكَــذِبِ
بِــالْــفِــعْــلِ وَالْأَثَــرِ الْــمَـحْـمُـودِ تَـعْـرِفُـهَـا
وَلَـــسْــتَ تَــعْــرِفُــهَــا بِــاسْــمٍ وَلَا لَــقَــبِ
جُـمِـعْـنَ فِـي اثْـنَـيْـنِ مِـنْ دِيـنٍ وَمِنْ وَطَنٍ
جَــمْـعَ الـذَّبَـائِـحِ فِـي اسْـمِ الـلـهِ وَالْـقُـرَبِ
فِــيــهَــا حَـيَـاةٌ لِـشَـعْـبٍ لَـمْ يَـمُـتْ خُـلُـقًـا
وَمَـــطْـــمَـــعٌ لِـــقَـــبِـــيـــلٍ نَــاهِــضٍ أَرِبِ
لَـمْ يَـطْـعَـمِ الْـغَـمْـضَ جَـفْـنُ الْمُسْلِمِينَ لَهَا
حَـتَّـى انْـجَـلَـى لَـيْـلُـهَـا عَنْ صُبْحِهِ الشَّنِبِ
كُـــنَّ الــرَّجَــاءَ وَكُــنَّ الْــيَأْسَ ثُــمَّ مَــحَــا
نُــورُ الْــيَــقِــيــنِ ظَــلَامَ الــشَّـكِّ وَالـرِّيَـبِ
تَــلَــمَّــسَ الــتُّــرْكُ أَسْــبَــابًـا فَـمَـا وَجَـدُوا
كَــالــسَّــيْــفِ مِــنْ سُـلَّـمٍ لِـلْـعِـزِّ أَوْ سَـبَـبِ
خَــاضُــوا الْــعَــوَانَ رَجَــاءً أَنْ تُــبَــلِّـغَـهُـمْ
عِـبْـرَ الـنَّـجَـاةِ فَـكَـانَـتْ صَـخْـرَةَ الْـعَـطَـبِ
سَــفِــيــنَــةُ الــلــهِ لَــمْ تُـقْـهَـرْ عَـلَـى دُسُـرٍ
فِـي الْـعَـاصِـفَـاتِ وَلَـمْ تُـغْـلَبْ عَلَى خُشُبِ
قَـــدْ أَمَّـــنَ الــلــهُ مَــجْــرَاهَــا وَأَبْــدَلَــهَــا
بِــحُــسْــنِ عَــاقِــبَــةٍ مِـنْ سُـوءِ مُـنْـقَـلَـبِ
وَاخْــتَــارَ رُبَّــانَــهَــا مِــنْ أَهْـلِـهَـا فَـنَـجَـتْ
مِــنْ كَـيْـدِ حَـامٍ وَمِـنْ تَـضْـلِـيـلِ مُـنْـتَـدَبِ
مَــا كَــانَ مَــاءُ «سَــقَــارِيَّــا» سِـوَى سَـقَـرٍ
طَــغَــتْ فَأَغْـرَقَـتِ الْإِغْـرِيـقَ فِـي الـلَّـهَـبِ
لَــمَّــا انْــبَــرَتْ نَــارُهَــا تَـبْـغِـيـهُـمُ حَـطَـبًـا
كَــانَــتْ قِــيَــادَتُــهُــمْ حَــمَّـالَـةَ الْـحَـطَـبِ
سَــعَــتْ بِــهِــمْ نَــحْــوَكَ الْآجَــالُ يَـوْمَـئِـذٍ
يَـا ضُـلَّ سَـاعٍ بِـدَاعِـي الْـحَـيْـنِ مُـنْـجَذِبِ
مَــدُّوا الْــجُـسُـورَ فَـحَـلَّ الـلـهُ مَـا عَـقَـدُوا
إِلَّا مَـــسَـــالِـــكَ فِـــرْعَـــوْنِــيَّــةَ الــسَّــرَبِ
كَــرْبٌ تَــغَــشَّــاهُــمُ مِــنْ رَأْيِ سَــاسَـتِـهِـمْ
وَأَشْأَمُ الـــرَّأْيِ مَــا أَلْــقَــاكَ فِــي الْــكُــرَبِ
هُــمْ حَــسَّــنُــوا لِـلـسَّـوَادِ الْـبُـلْـهِ مَـمْـلَـكَـةً
مِــنْ لِـبْـدَةِ الـلَّـيْـثِ أَوْ مِـنْ غِـيـلِـهِ الْأَشِـبِ
وَأَنْــشَــئُــوا نُــزْهَــةً لِــلْــجَــيْــشِ قَــاتِـلَـةً
وَمَـــنْ تَـــنَـــزَّهَ فِـــي الْآجَـــامِ لَـــمْ يَــؤُبِ
ضَــلَّ الْأَمِــيــرُ كَــمَــا ضَــلَّ الْــوَزِيـرُ بِـهِـمْ
كِــلَا الــسَّــرَابَــيْـنِ أَظْـمَـاهُـمْ وَلَـمْ يَـصُـبِ
تَــجَــاذَبَــاهُــمْ كَــمَــا شَــاءَا بِــمُــخْـتَـلِـفٍ
مِـــنَ الْأَمَـــانِـــيِّ وَالْأَحْــلَامِ مُــخْــتَــلِــبِ
وَكَــيْــفَ تَــلْــقَــى نَــجَــاحًـا أُمَّـةٌ ذَهَـبَـتْ
حِـزْبَـيْـنِ ضِـدَّيْـنِ عِـنْـدَ الْـحَـادِثِ الْـحَـزِبِ
زَحَــفْــتَ زَحْــفَ أَتِــيٍّ غَــيْــرِ ذِي شَــفَــقٍ
عَــلَــى الْــوِهَـادِ وَلَا رِفْـقٍ عَـلَـى الْـهَـضَـبِ
قَــذَفْــتَــهُــمْ بِــالـرِّيَـاحِ الْـهُـوجِ مُـسْـرَجَـةً
يَـحْـمِـلْـنَ أُسْـدَ الـشَّرَى فِي الْبِيضِ وَالْيَلَبِ
هَــبَّــتْ عَـلَـيْـهِـمْ فَـذَابُـوا عَـنْ مَـعَـاقِـلِـهِـمْ
وَالــثَّــلْــجُ فِــي قُــلَـلِ الْأَجْـبَـالِ لَـمْ يَـذُبِ
لَــمَّــا صَــدَعْــتَ جَــنَــاحَــيْـهِـمْ وَقَـلْـبَـهُـمُ
طَــارُوا بِأَجْــنِــحَــةٍ شَــتَّــى مِــنَ الـرُّعُـبِ
جَـــدَّ الْـــفِــرَارُ فَأَلْــقَــى كُــلُّ مُــعْــتَــقِــلٍ
قَـــنَـــاتَـــهُ وَتَــخَــلَّــى كُــلُّ مُــحْــتَــقِــبِ
يَـا حُـسْـنَ مَـا انْـسَـحَبُوا فِي مَنْطِقٍ عَجَبٍ
تُـدْعَـى الْـهَـزِيـمَـةُ فِـيـهِ حُـسْـنَ مُـنْسَحَبِ
لَــمْ يَــدْرِ قَــائِــدُهُــمْ لَــمَّــا أَحَــطْــتَ بِــهِ
هَـبَـطْـتَ مِـنْ صُـعُـدٍ أَمْ جِـئْـتَ مِـنْ صَبَبِ
أَخَـــذْتَــهُ وَهْــوَ فِــي تَــدْبِــيــرِ خُــطَّــتِــهِ
فَـــلَــمْ تَــتِــمَّ وَكَــانَــتْ خُــطَّــةَ الْــهَــرَبِ
تِــلْــكَ الْــفَـرَاسِـخُ مِـنْ سَـهْـلٍ وَمِـنْ جَـبَـلٍ
قَــرَّبْــتَ مَــا كَــانَ مِــنْــهَـا غَـيْـرَ مُـقْـتَـرِبِ
خَــيْــلُ الــرَّسُــولِ مِـنَ الْـفُـولَاذِ مَـعْـدِنُـهَـا
وَسَــائِـرُ الْـخَـيْـلِ مِـنْ لَـحْـمٍ وَمِـنْ عَـصَـبِ
أَفِــي لَــيَــالٍ تَــجُــوبُ الــرَّاسِــيَــاتِ بِـهَـا
وَتَـقْـطَـعُ الْأَرْضَ مِـنْ قُـطْـبٍ إِلَـى قُـطُـبِ؟
سَــلِ الــظَّــلَامَ بِــهَــا أَيُّ الْــمَــعَــاقِــلِ لَــمْ
تَــطْــفِــرْ وَأَيُّ حُــصُــونِ الــرُّومِ لَـمْ تَـثِـبِ
آلَــتْ لَــئِــنْ لَــمْ تَــرِدْ «أَزْمِــيــرَ» لَا نَـزَلَـتْ
مَــاءً سِــوَاهَــا وَلَا حَــلَّــتْ عَــلَـى عُـشُـبِ
وَالــصَّــبْــرُ فِـيـهَـا وَفِـي فُـرْسَـانِـهَـا خُـلُـقٌ
تَـــوَارَثُـــوهُ أَبًـــا فِـــي الـــرَّوْعِ بَــعْــدَ أَبِ
كَــمَــا وُلِــدْتُــمْ عَــلَــى أَعْــرَافِــهَــا وُلِـدَتْ
فِـي سَـاحَـةِ الْـحَـرْبِ لَا فِـي بَـاحَةِ الرَّحَبِ
حَـتَّـى طَـلَـعْـتَ عَـلَـى «أَزْمِـيـرَ» فِـي فَلَكٍ
مِـنْ نَـابِـهِ الـذِّكْـرِ لَـمْ يُـسْـمَكْ عَلَى الشُّهُبِ
فِــي مَــوْكِــبٍ وَقَــفَ الـتَّـارِيـخُ يَـعْـرِضُـهُ
فَــلَــمْ يُــكَــذِّبْ وَلَــمْ يَــذْمُــمْ وَلَــمْ يُـرِبِ
يَــوْمٌ ﮐَ «بَــدْرٍ» فَــخَــيْــلُ الْـحَـقِّ رَاقِـصَـةٌ
عَـلَـى الـصَّـعِـيـدِ وَخَـيْـلُ اللهِ فِي السُّحُبِ
غُــــرٌّ تُــــظَــــلِّــــلُــــهَــــا غَــــرَّاءُ وَارِفَـــةٌ
بَــدْرِيَّــةُ الْــعُــودِ وَالــدِّيــبَــاجِ وَالْــعَــذَبِ
نَــشْــوَى مِــنَ الــظَّــفَـرِ الْـعَـالِـي مُـرَنَّـحَـةٌ
مِـنْ سَـكْـرَةِ الـنَّـصْـرِ لَا مِـنْ سَـكْرَةِ النَّصَبِ
تُــذَكِّــرُ الْأَرْضَ مَــا لَــمْ تَــنْــسَ مِــنْ زَبَــدٍ
كَـالْـمِـسْـكِ مِنْ جَنَبَاتِ «السَّكْبِ» مُنْسَكِبِ
حَــتَّــى تَــعَــالَــى أَذَانُ الْــفَــتْــحِ فَـاتَّأَدَتْ
مَـشْـيَ الْـمُـجَلِّي إِذَا اسْتَوْلَى عَلَى الْقَصَبِ
•••
تَـــحِـــيَّـــةً أَيُّـــهَـــا الْــغَــازِي وَتَــهْــنِــئَــةً
بِآيَــةِ الْــفَــتْــحِ تَــبْــقَــى آيَــةُ الْــحِــقَــبِ
وَقَـــيِّـــمًـــا مِـــنْ ثَـــنَـــاءٍ لَا كِـــفَـــاءَ لَـــهُ
إِلَّا الــتَّــعَــجُّــبُ مِـنْ أَصْـحَـابِـكَ الـنُّـجُـبِ
الـــصَّـــابِـــرِيـــنَ إِذَا حَــلَّ الْــبَــلَاءُ بِــهِــمْ
كَـالـلَّـيْـثِ عَـضَّ عَـلَـى نَـابَـيْـهِ فِـي الـنُّوَبِ
وَالْــجَـاعِـلِـيـنَ سُـيُـوفَ الْـهِـنْـدِ أَلْـسُـنَـهُـمْ
وَالْــكَــاتِــبِــيــنَ بِأَطْـرَافِ الْـقَـنَـا الـسُّـلُـبِ
لَا الـصَّـعْـبُ عِـنْـدَهُـمُ بِـالـصَّـعْـبِ مَـرْكَـبُـهُ
وَلَا الْـمُـحَـالُ بِـمُـسْـتَـعْـصٍ عَـلَـى الـطَّـلَـبِ
وَلَا الْــمَــصَــائِــبُ إِذْ يُـرْمَـى الـرِّجَـالُ بِـهَـا
بِـــقَـــاتِـــلَاتٍ إِذَا الْأَخْـــلَاقُ لَـــمْ تُــصَــبِ
قُــــوَّادُ مَــــعْــــرَكَــــةٍ وُرَّادُ مَـــهْـــلَـــكَـــةٍ
أَوْتَـــادُ مَـــمْـــلَـــكَـــةٍ آسَـــادُ مُــحْــتَــرَبِ
بَــلَــوْتَــهُــمْ فَــتَــحَـدَّثْ كَـمْ شَـدَدْتَ بِـهِـمْ
مِـنْ مُـضْـمَـحِـلٍّ وَكَـمْ عَـمَّـرْتَ مِـنْ خَـرِبِ!
وَكَــمْ ثَــلَــمْــتَ بِــهِـمْ مِـنْ مَـعْـقِـلٍ أَشِـبٍ!
وَكَــمْ هَـزَمْـتَ بِـهِـمْ مِـنْ جَـحْـفَـلٍ لَـجِـبِ!
وَكَــمْ بَــنَــيْـتَ بِـهِـمْ مَـجْـدًا فَـمَـا نَـبَـسُـوا
فِي الْهَدْمِ مَا لَيْسَ فِي الْبُنْيَانِ مِنْ صَخَبِ!
مِــنْ فَــلِّ جَـيْـشٍ وَمِـنْ أَنْـقَـاضِ مَـمْـلَـكَـةٍ
وَمِــنْ بَــقِــيَّــةِ قَــوْمٍ جِــئْــتَ بِــالْـعَـجَـبِ
أَخْــرَجْــتَ لِــلـنَّـاسِ مِـنْ ذُلٍّ وَمِـنْ فَـشَـلٍ
شَــعْــبًــا وَرَاءَ الْــعَـوَالِـي غَـيْـرَ مُـنْـشَـعِـبِ
لَـــمَّــا أَتَــيْــتَ بِــبَــدْرٍ مِــنْ مَــطَــالِــعِــهَــا
تَـلَـفَّـتَ الْـبَـيْـتُ فِـي الْأَسْـتَـارِ وَالْـحُـجُـبِ
وَهَــشَّــتِ الــرَّوْضَـةُ الْـفَـيْـحَـاءُ ضَـاحِـكَـةً
إِلَــى الْــمُــنَــوَّرَةِ الْــمِــسْــكِــيَّــةِ الــتُّــرُبِ
وَمَــسَّــتِ «الــدَّارُ» أَزْكَـى طِـيـبِـهَـا وَأَتَـتْ
بَــابَ الــرَّسُـولِ فَـمَـسَّـتْ أَشْـرَفَ الْـعَـتَـبِ
وَأَرَّجَ الْـــفَــتْــحُ أَرْجَــاءَ الْــحِــجَــازِ وَكَــمْ
قَــضَــى الـلَّـيَـالِـيَ لَـمْ يَـنْـعَـمْ وَلَـمْ يَـطِـبِ
وَازَّيَّــنَــتْ أُمَّــهَــاتُ الـشَّـرْقِ وَاسْـتَـبَـقَـتْ
مَـهَـارِجُ الْـفَـتْـحِ فِـي الْـمَـوْشِـيَّـةِ الْـقُـشُبِ
هَـزَّتْ «دِمَـشْـقُ» بَـنِـي «أَيُّـوبَ» فَـانْتَبَهُوا
يُـهَـنِّـئُـونَ «بَـنِـي حَـمْـدَانَ» فِـي «حَـلَـبِ»
وَمُـسْـلِمُو «الْهِنْدِ» وَ«الْهِنْدُوسُ» فِي جَذَلٍ
وَمُـسْـلِـمُـو «مِـصْـرَ» وَالْأَقْـبَـاطُ فِي طَرَبِ
مَــمَــالِــكٌ ضَــمَّــهَــا الْإِسْــلَامُ فِــي رَحِــمٍ
وَشِــيــجَـةٍ وَحَـوَاهَـا الـشَّـرْقُ فِـي نَـسَـبِ
مِــنْ كُــلِّ ضَــاحِــيَــةٍ تَــرْمِـي بِـمُـكْـتَـحِـلٍ
إِلَــى مَــكَــانِــكَ أَوْ تُــومِــي بِـمُـخْـتَـضَـبِ
تَــقُــولُ لَــوْلَا الْــفَـتَـى الـتُّـرْكِـيُّ حَـلَّ بِـنَـا
يَـــوْمٌ كَــيَــوْمِ يَــهُــودٍ كَــانَ عَــنْ كَــثَــبِ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: البسيط
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

أحمد شوقي: شاعر مصري، يُعَدُّ أحد أعظم شعراء العربية في مختلِف العصور، بايعه الأدباء والشعراء في عصره على إمارة الشعر فلقب ﺑ «أمير الشعراء». كان صاحب موهبة شعرية فَذَّةٍ، وقلم سَيَّال، لا يجد عناء في نظم الشعر، فدائمًا ما كانت المعاني تتدفق عليه كالنهر الجاري؛ ولهذا كان من أخصب شعراء العربية، فبلغ نتاجه الشعري ما لم يبلغه تقريبًا أيُّ شاعر عربي قديم أو حديث، حيث وصل عدد أبيات شعره إلى ما يتجاوز ثلاثةً وعشرين ألف بيت وخمسمائة.

وُلد «أحمد شوقي علي» بحي الحنفي بالقاهرة في عام ١٨٦٨م، لأبٍ شركسي وأُمٍّ ذات أصول يونانية، لكنه نشأ وتربَّى في كنف جَدته لأمه التي كانت تعمل وصيفة في قصر الخديوي إسماعيل. أُدخل شوقي في الرابعة من عمره الكُتَّاب فحفظ فيه قدرًا من القرآن، ثم انتقل بعدها ليُتِمَّ تعليمه الابتدائي، وأظهر الصبي في صغره ولعًا بالشعر، جعله يَنْكَبُّ على دواوين فحول الشعراء فيحفظ وينهل منها قدر ما يستطيع، ولما أتمَّ الخامسة عشرة من عمره التحق بقسم الترجمة الذي أُنشِئَ حديثًا بمدرسة الحقوق، سافر بعدها إلى فرنسا ليكمل دراسته القانونية، ورغم وجوده في باريس آنذاك، إلا أنه لم يُبْدِ سوى تأثرٍ محدودٍ بالثقافة الفرنسية، فلم ينبهر بالشعراء الفرنسيين أمثال: رامبو، وبودلير، وفيرلين. وظل قلبه معلقًا بالشعراء العرب وعلى رأسهم المتنبي.

يُعَدُّ أحمد شوقي من مؤسسي مدرسة الإحياء والبعث الشعرية مع كل من: محمود سامي البارودي، وحافظ إبراهيم، وعلي الجارم، وأحمد محرم. وقد التزم شعراء هذه المدرسة بنظم الشعر العربي على نهج القدماء، خاصة الفترة الممتدة بين العصر الجاهلي والعباسي، إلا أنه التزامٌ مازَجَه استحداث للأغراض الشعرية المتناوَلَة، التي لم تكُن معروفة عند القدماء، كالقصص المسرحي، والشعر الوطني، والشعر الاجتماعي. وقد نظم شوقي الشعر بكل أغراضه: المديح، والرثاء، والغزل، والوصف، والحكمة.

بايع الأدباء والشعراء أحمد شوقي أميرًا لهم في حفلٍ أُقِيمَ بالقاهرة عام ١٩٢٧م، وظل الرجل مَحَلَّ إعجاب وتقدير ليس فقط بين الخاصة من المثقَّفين والأدباء بل من عموم الناس أيضًا، وفي عام ١٩٣٢م رحل شوقي عن عالمنا، وفاضت رُوحُهُ الكريمة إلى بارئها عن عمر يناهز أربعة وستين عامًا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤