إِلَى أَبْنَاءِ الْوَطَنِ

Wave Image
سِـرْ فِـي حَـيَـاتِـكَ سَيْرَ نَابِهْ
وَلُــمِ الــزَّمَــانَ وَلَا تُــحَـابِـهْ
وَإذَا حَـــلَــلْــتَ بِــمَــوْطِــنٍ
فَـاجْـعَلْ مَحَلَّكَ فِي هِضَابِهْ
وَاخْــتَــرْ لِــنَــفْـسِـكَ مَـنْـزِلًا
تَـهْـفُـو الـنُّـجُـومُ عَلَى قِبَابِهْ
وَرُمِ الْـــعَـــلَاءَ مُــخَــاطِــرًا
فِــيـمَـا تُـحَـاوِلُ مِـنْ لُـبَـابِـهْ
وَالْــمَــجْــدُ لَــيْــسَ يَــنَـالُـهُ
إِلَّا الْــمُـخَـاطِـرُ فِـي طِـلَابِـهْ
وَإِذَا يُــخَــاطِــبُــكَ الــلَّــئِـيـ
ـمُ فَصَمَّ سَمْعَكَ عَنْ خِطَابِهْ
وَإِذَا انْــبَــرَى لَــكَ شَــاتِــمًـا
فَـارْبَأْ بِـنَـفْـسِـكَ عَـنْ جَوَابِهْ
فَــالــرَّوْضُ لَـيْـسَ يَـضِـيـرُهُ
مَـا قَـدْ يُـطَـنْـطِـنُ مِنْ ذُبَابِهْ
وَلَــــرُبَّ ذَنْــــبٍ قَــــدْ أَتَــــا
كَ مِــنِ ابْـنِ آدَمَ فِـي إِهَـابِـهْ
مَــا امْــتَــازَ قَـطُّ عَـنِ ابْـنِ آ
وَى شَـخْـصُـهُ بِـسِـوَى ثِيَابِهْ
وَإِذَا ظَــفِــرْتَ بِــذِي الْـوَفَـا
ءِ فَـحُـطَّ رَحْـلَكَ فِي رِحَابِهْ
فَأَخُــوكَ مَــنْ إِنْ غَـابَ عَـنْـ
ـكَ رَعَـى وِدَادَكَ فِـي غِـيَابِهْ
وَإِذَا أَصَـــابَـــكَ مَــا يَــسُــو
ءُ رَأَى مُـصَـابَـكَ مِنْ مُصَابِهْ
وَتَــرَاهُ يَــيْــجَــعُ إِنْ شَــكَـوْ
تَ كَأَنَّ مَـا بِـكَ بَـعْضُ مَا بِهْ
•••
يَــا قَــوْمُ قَــدْ هَــرِمَ الــزَّمَـا
نُ مِـنَ الـتَّـمَادِي فِي انْقِلَابِهْ
فَــلِــذَاكَ عِــنْــدَ الْــهَــاجِــرَا
تِ يَـسِـيـلُ شَـيْءٌ مِنْ لُعَابِهْ
مَـــا زَالَ عَـــنْ خَـــرَفٍ بِـــهِ
لِـلـنَّـاسِ يَـهْـذِرُ فِـي كِـذَابِـهْ
يَأْتِـــي بِـــكُــلِّ عَــجِــيــبَــةٍ
تَـدْعُـو الـلَّـبِـيبَ إِلَى ارْتِيَابِهْ
وَالـنَّـاسُ فِـي عَـطَـشٍ تَسِيـ
ــرُ إِلَـى ارْتِـوَاءٍ مِـنْ سَـرَابِـهْ
فَــمَــتَـى يَـجُـودُ لَـنَـا الـزَّمَـا
نُ وَلَــوْ بِـمَـذْقٍ مِـنْ وِطَـابِـهْ
وَإِلَـــى مَــتَــى هُــوَ سَــاتِــرٌ
وَجْـهَ الْـحَـقِـيقَةِ فِي ضَبَابِهْ
يَــتْــلُــو بِــصَـرْفِ الْـحَـادِثَـا
تِ لَـنَـا فُـصُـولًا مِـنْ كِـتَـابِهْ
كَـــمْ يَـــدَّعِـــي وَطَـــنِــيَّــةً
مَــنْ لَـمْ تَـكُـنْ مَـرَّتْ بِـبَـابِـهْ
فَـــتَـــرَاهُ يَــنْــفُــخُ لَاغِــيًــا
فِـيـهَـا وَيَـنْـفُـخُ فِـي جِـرَابِهْ
لِــيَــكُــونَ مُــكْــتَـسِـبًـا بِـهَـا
مَـالًا تَـهَـالَـكَ فِـي اكْـتِـسَابِهْ
فَـــكَأَنَّـــمَـــا هُـــوَ صَـــائِـــدٌ
وَكَأَنَّــمَــا هِــيَ مِــنْ كِــلَابِـهْ
وَتَـرَاهُ يَـرْمِـي الْـمُـخْـلِـصِـيـ
ـنَ بِـكُـلِّ سَـهْـمٍ مِـنْ جِـعَابِهْ
وَيَــعِــيــبُ قَـوْمًـا بِـالْـخِـيَـا
نَـةِ وَالْـخِـيَـانَـةُ بَـعْضُ عَابِهْ
•••
لَا بُـــدَّ لِـــلْـــوَطَــنِ الْــعَــزِيـ
ـزِ مِـنَ الْـمُـسَـكِّنِ لِاضْطِرَابِهْ
مِـنْ مَـجْـلِـسٍ لِـلـشَّـعْـبِ يَنْـ
ـظُــرُ بِــالــتَّأَمُّــلِ فِـي مَآبِـهْ
وَيَـــنُـــوبُ عَـــنْ أَبْـــنَــائِــهِ
إِنْ صَـادَقُـوهُ عَـلَـى مَـنَـابِـهْ
حَـــتَّـــى نَــرَى أَمْــرَ الْــبِــلَا
دِ بِــهِ يَــعُــودُ إِلَـى نِـصَـابِـهْ
أَبِــهَــتْ حُــكُــومَــتُــنَــا لَـهُ
وَالــشَّــعْـبُ لَـيْـسَ لَـهُ بِآبِـهْ
أَتَــرَى الْـحُـكُـومَـةَ تَـبْـتَـغِـيـ
ـهِ وَنَـحْنُ نُعْرِضُ عَنْ طِلَابِهْ
هَـــذَا لَـــعَــمْــرُ أَبِــيــكَ مَــا
يَـدْعُـو الْـحَلِيمَ إِلَى انْتِخَابِهْ
هَـــلَّا يَـــقُـــومُ الْــقَــاعِــدُو
نَ مُـسَـارِعِـيـنَ إِلَى انْتِخَابِهْ
كَــيْ يُــنْــقِـذَ الْـوَطَـنَ الَّـذِي
صَــرَفَ الــزَّمَـانُ لَـهُ بِـنَـابِـهْ
وَغَـــدًا يُـــهَـــدِّدُ بِـــالْـــبَــوَا
رِ بَــنِــيــهِ بَــوْرٌ فِــي تُـرَابِـهْ
إِنْ لَــمْ تَــكُــونُــوا مُــدْرِكِـيـ
ـهِ فَـلَا مَـحَـالَـةَ مِـنْ خَـرَابِهْ
•••
آبَ الْـــمُـــسَــافِــرُ لِــلــدِّيَــا
رِ عَـلَـى اضْـطِـرَارٍ فِـي إِيَابِهْ
لَــوْ كَــانَ يَــجْــنَــحُ لِــلْإِيَــا
بِ لَـمَـا تَـعَـجَّـلَ فِـي ذَهَـابِهْ
قَـدْ كَـانَ يَـمْـرَحُ فِـي الـتَّـغَرُّ
بِ بِـالْـحَـفَـاوَةِ مِـنْ صِحَابِهْ
لَا تَـــعْـــجَـــبَــنَّ لِــخَــامِــلٍ
لَـبِـسَ الـنَّـبَـاهَةَ فِي اغْتِرَابِهْ
فَـالـسَّـيْـفُ أَحْـسَـنُ مَـا يَكُو
نُ إِذَا تَــجَــرَّدَ مِــنْ قِــرَابِــهْ
أَمَّــــا الْــــعِــــرَاقُ فَإِنَّ لِـــي
كُــلَّ الــرَّجَــاءِ بِأُسْـدِ غَـابِـهْ
يَــنْــجَــابُ يَأْسِــي بِـالـرَّجَـا
ءِ إِذَا نَــظَــرْتُ إِلَـى شَـبَـابِـهْ
مِــنْ كُـلِّ مَـنْ هُـوَ فِـي ظَـلَا
مِ الـلَّـيْـلِ أَضْـوَأُ مِـنْ شِـهَابِهْ
لَـــمَــعَ الــذَّكَــاءُ بِــوَجْــهِــهِ
كَـالْـبَـرْقِ يَـلْـمَـعُ فِي سَحَابِهْ
يَــا مَــنْ زَكَــتْ أَحْـسَـابُـهُـمْ
فَأَتَــــوْا بِأَخْـــلَاقٍ نَـــوَابِـــهْ
وَوُجُـــوهُـــهُــمْ بِــالــنَّــيِّــرا
تِ مِـنَ الـنُّـجُـومِ لَـهَا مَشَابِهْ
إِنِّــي لَأَشْــكُــرُ فَــضْــلَــكُــمْ
شُـكْـرَ الْـمُـثَـابِ عَـلَى ثَوَابِهْ
كَــالــرَّوْضِ يَــشْــكُــرُ وَابِـلًا
حَــيَّــا الْأَزَاهِـرَ بِـانْـسِـكَـابِـهْ

عن القصيدة

  • مناسبة القصيدة: أنشد الشاعر معروف الرصافي هذه القصيدة في حفلةٍ أقيمت له بعد رجوعه إلى بغداد سنة ١٩٢٣م.
  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: مجزوء الكامل
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

معروف الرُّصافي: أديب وشاعر وأكاديمي عراقي له إسهامات معتبَرة في حقلَي التعليم والثقافة.

وُلِدَ معروف عبد الغني محمود الجباري في مدينة بغداد العراقية عام ١٨٧٥م وتلقَّى علومه الأوَّلِيَّة في الكتاتيب كباقي أقرانه، ثم التحق ﺑ «المدرسة العسكرية الابتدائية» لفترة، ولكنه انتقل للدراسة في المدارس الدينية حيث تتلمذَ على يد مجموعة من علماءِ بغداد الكبار، وقد لقَّبَهُ أحد شيوخه بمعروف الرُّصافي بدلًا من معروف الكرخي.

بعد تخرُّجه عمِل الرُّصافي معلمًا ﺑ «مدرسة الراشدية» ثم مدرسًا للأدب العربي ﺑ «المدرسة الإعدادية» ببغداد، وقد تنقَّل بين المدارس حتى أصبح مدرِّسًا للُّغة العربية ﺑ «الكلية الشاهانية» بإسطنبول، وكان أيضًا يمارس الصحافة؛ حيث عمل محررًا بجريدة «سبيل الرشاد».

انتُخِب الرصافي عضوًا ﺑ «مجلس المبعوثان» العثماني في عام ١٩١٢م (وهو شبيه بالمجالس النيابية الآن)، وتقديرًا لجهوده الأدبية والتعليمية انتُخِب عضوًا ﺑ «مجمع اللغة العربية» بدمشق، ثم عُيِّنَ مفتشًا بمديرية المعارف العراقية.

آمَن الرُّصافي بأهمية التعليم وعمِل على نشره بين العراقيين من خلال دعواته وجهاده المستمر لبناء المزيد من المدارس، محفِّزًا الأغنياء على دعم المشاريع التعليمية وكفالة طلبة العلم، حيث رأى أن طريق التحرُّر الوطني يمر بالمدارس. والحديث عن التحرُّر الوطني يَجرُّنا بالضرورة إلى نشاط الرُّصافي السياسي ورفضه للاحتلال البريطاني واستبداد السلطة؛ فنجده قد دبَّج المقالات وألَّف القصائد الحماسية محرِّضًا الشعب على النضال السياسي، وكذلك الثورة ضد التقاليد والجمود.

ترك الرُّصافي الكثير من الأعمال الشعرية والنثرية المميزة التي عكست أسلوبَه الرصين ولغته المتينة جزْلة الألفاظ، وقد تنوعت الموضوعات التي كتب فيها ما بين السياسي والاجتماعي والأدبي والتاريخي، وكثيرًا ما أثارت كتبه ضجَّةً كبرى في الأوساط الثقافية؛ فكتابه الشهير «الشخصية المحمدية» اعتبره البعض تهجُّمًا على الدين ومقدساته.

تُوُفِّيَ الرُّصافي بعد حياة حافلة في عام ١٩٤٥م عن سبعين عامًا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤