الشَّاعِرُ الْمُحْتَضَرُ

Wave Image
فَــتًــى مَــزَّقَ الْــحُــبُّ الْـمُـبَـرِّحُ قَـلْـبَـهُ
كَــمَــا مَــزَّقَ الــظِّــلَّ الــضِّــيَـاءُ أَيَـادِيَـا
قَـضَـى نَـحْـبَـهُ كَـالْـمُـزْنِ فِـضْـنَ مَدَامِعًا
وَخَــــلَّـــفْـــنَ آثَـــارًا لَـــهُـــنَّ بَـــوَادِيَـــا
وَلَــمَّــا دَنَــا مِــنْــهُ الْــحِــمَــامُ وَرَنَّـقَـتْ
مَــنِــيَّــتُـهُ نَـادَى الـصَّـفِـيَّ الْـمُـصَـافِـيَـا
وَكَــاشَــفَــهُ وَالْــعَــيْــنُ يَــنْـهَـلُّ مَـاؤُهَـا
بِـمَـا كَـانَ يُـخْـفِي مِنْ هَوًى لَيْسَ خَافِيَا
وَقَــالَ وَضَــمَّ الــرَّاحَــتَــيْــنِ عَـلَـى يَـدٍ
كَــسَــاهَـا شَآبِـيـبَ الـدُّمُـوعِ الْـجَـوَارِيَـا
بَــقِــيــتَ وَبَــلَّــغْــتَ الَّـذِي بَـتُّ رَاجِـيًـا
وَإِنْ كُـنْـتُ مَـا أَعْـطَـيْـتُ مِـنْـكَ مُـرَادِيَـا
سَـيَسْقِي الرَّدَى قَلْبِي عَنِ الْحُسْنِ سَلْوَةً
فَــلَا بَــتَّ حَــرَّانَ الْــجَــوَانِــحِ صَــادِيَـا
وَلَا عَـجَـبٌ أَنْ يُـطْـفِـئَ الْـمَـوْتُ غُـلَّـتِي
وَيُــصْــبِــحَ دَاءُ الْــعَــالَــمِــيــنَ دَوَائِـيَـا
كَـتَـمْـتُـكَ حُـبِّـي خَـشْـيَـةَ الصَّدِّ وَالْقِلَى
وَحَـصَّـنْـتُـهُ حَـتَّـى رَمَـى بِـي الْـمَـرَامِـيَا
بَـعُـدْتَ كَـمَـاضِـي الْأَمْـسِ عَـنِّـيَ غَـايَـةً
وَأَقْــرَبُ شَــيْءٍ أَنْــتَ مَــثْــوًى وَثَـاوِيَـا
أَضَــرَّ بِــيَ الْـكِـتْـمَـانُ حَـتَّـى عَـدَدْتَـنِـي
خَـلِـيـلًا مِـنَ الـتَّـبْـرِيـحِ وَالْـوَجْـدِ خَـالِيَا
كَأَنِّـــيَ لَــمْ أَحْــمِــلْ هَــوَاكَ وَلَــمْ أَبِــتْ
أَخَـا شُـغُـلٍ يُـغْـرِي بِـصَـدْرِي الْـقَـوَافِـيَـا
كَأَنَّ قَــرِيــضِــي لَــمْ تَــكُــنْ أَنْـتَ سِـرَّهُ
وَمُـوحِـي مَـعَـانِـيـهِ الْـعِـذَابَ الْـبَـوَاقِـيَا
مَـضَـى مَـا مَـضَـى لَـمْ أَدْرِ مَا لَذَّةُ الْهَوَى
وَلَا ذُقْـــتُـــهَــا إِلَّا بِــطَــرْفِ خَــيَــالِــيَــا
إِذَا لَــجَّ بِــي شَـوْقِـي قَـنَـيْـتُ حَـيَـائِـيَـا
وَظَــلَّــتْ تَــبَــارِيــحُ الـنِّـزَاعِ كَـمَـا هِـيَـا
نَـجِـيِّـي الـصُّـخُـورُ الـصُّمُّ أَرْكَبُ ظَهْرَهَا
وَأُفْــرِغُ فِــي أُذْنِ الــظَّــلَامِ شَــكَــاتِـيَـا
وَمَـا بِـيَ حُـبُّ الـصَّخْرِ وَالرِّيحِ وَالدُّجَى
وَلَـــكِـــنَّ حَـــالَاتٍ لَـــهُـــنَّ كَــحَــالِــيَــا
أَرَى فِـي أَدِيـمِ الـطَّـوْدِ عَـاثَ بِـرَأْسِـهِ الْـ
ـخَــرَابُ وَوَارَاهُ الــضَّــبَــابُ مِــثَــالِــيَـا
وَفِـي الظُّلْمَةِ الطَّخْيَاءِ مِنْ ظُلْمَةِ الْأَسَى
مَــشَــابِــهُ تَــدْرِيـهَـا الْـقُـلُـوبُ صَـوَالِـيَـا
إِذَا الــلَّـيْـلُ وَارَانِـي اطَّـرَحْـتُ الْأَمَـانِـيَـا
وَكَـادَ جُـمُـودُ الْـمَـوْتِ يُـصْـبِـي فُـؤَادِيَـا
وَمَـا كُـنْـتُ آبِـي الْـمَـوْتَ سَـهْـلًا مَـذَاقُـهُ
لَـــوَ انِّــي إِذَا اسْــتَأْوَيْــتُــهُ كَــانَ آوِيَــا
أَرَى الْـمَـوْتَ ظِـلَّ الْـعَـيْشِ يُبْسَطُ تَحْتَهُ
فَـيَـغْـشَـى أَدَانِـيـهِ وَيُـخْـطِـي الْأَعَـالِـيَـا
أَلَـمْ تَـرَ لِـلْأَشْـجَـارِ تَـمْـتَـدُّ تَـحْـتَـهَـا الظِّ
ـلَالُ وَتَـكْـسُـو الـشَّـمْسُ مِنْهَا النَّوَاصِيَا؟
فَإِنْ تَــحْــتَــطِــبْ يَـوْمًـا تُـوَلِّ ظِـلَالَـهَـا
وَمَــا إِنْ يُــزِيـلُ الْـمَـوْتُ إِلَّا الـدَّيَـاجِـيَـا
كَــذَاكَ حَــيَــاةُ الْأَفْــضَــلِـيـنَ فَـلَا تَـلُـحْ
إِلَـى الـظِّـلِّ وَانْـظُـرْ نُـورَهَـا الْـمُـتَـرَامِـيَا
فَــيَــا مَــرْحَــبًـا بِـالْـمَـوْتِ يُـثْـلِـجُ بَـرْدُهُ
فُــؤَادِي وَيُــنْـسِـيـنِـي طَـوِيـلَ عَـنَـائِـيَـا
تَــمُـوتُ مَـعَ الْـمَـرْءِ الْـهُـمُـومُ وَلَـنْ تَـرَى
كَـكَأْسِ الـرَّدَى مِـنْ عِـلَّـةِ الْـعَيْشِ شَافِيَا
وَلَــسْــتُ عَــلَــى شَــيْءٍ بِآسٍ وَإِنَّــنِــي
لَأَهْــجُــرُ ظَـهْـرَ الْأَرْضِ جَـذْلَانَ رَاضِـيَـا
وَمَــا طَــالَ عُــمْــرِي غَـيْـرَ أَنَّ لَـوَاعِـجًـا
أَطَــلْـنَ عَـنَـائِـي فَـاجْـتَـوَيْـتُ مَـقَـامِـيَـا
أَهَــابَ بِــنَــا دَاعِــي الـرَّدَى فَـتَـرَحَّـمُـوا
وَقُـولُـوا سَـقَـى الـلـهُ الْـقُـلُوبَ الظَّوَامِيَا
وَقُــمْ وَدِّعِ الْأَرْضِــيــنَ عَــنِّــي فَإِنَّــنِـي
بِــقَــيْـدِ الـرَّدَى الْـمَـحْـتُـومِ إِلَّا لِـسَـانِـيَـا
وَقُــلْ لِــجِــبَــالٍ عَــارِيَــاتٍ مَــخُــوفَـةٍ
تُــخَــالُ مَــوَامِــيــهِــنَّ لِــلْــجِــنِّ وَادِيَـا
أَلَا أَطْــلِــقِــي لِــي صَــوْتَــهُ وَالْأَغَـانِـيَـا
وَغَـذِّي بِـذِكْـرَاهَـا الـشُّـجُـونَ الـنَّـوَامِـيَا
أَلَـــمْ تَـــعِ عَـــنْـــهُ جِـــنَّــةٌ عَــبْــقَــرِيَّــةٌ
فَـقَـدْ كَـانَ يَـغْـشَـى مِـثْـلَـهُـنَّ الْـفَيَافِيَا؟
وَكَــيْــفَ تُــؤَدِّي مَــا وَعَــاهُ سَــمَــاعُـهَـا
وَمَــا تُـحْـسِـنُ الْـجِـنَّـانُ إِلَّا الـتَّـعَـاوِيَـا؟
وَقُـلْ يَـا عُـيُـونَ الـزَّهْرِ غُضِّي وَأَطْرِقِي
قَـضَـى عَـاشِـقٌ، أَجْـلَى، الْعُيُونَ الرَّوَانِيَا
لَـقَـدْ كَـانَ فِـي رَوْضِ الْـجَـمَـالِ خَـمِـيلَةً
سَـقَـتْـهَـا دُمُـوعُ الْـحُـبِّ لَا الـطَّلُّ سَارِيَا
فَأَعْــطَــشْـتُـهَـا حَـتَّـى تَـصَـوَّحَ عُـودُهَـا
وَأَلْــوَى بِــهَـا عَـصْـفُ الـرِّيَـاحِ سَـوَافِـيَـا
لَــقَــدْ أَفْــرَدَتْــهُ نَــفْــسُــهُ بَـيْـنَ قَـوْمِـهِ
فَــعَــاشَ خَــيَــالًا بَــيْــنَــهُــمْ مُـتَـرَائِـيَـا
وَمَـــا كَـــانَ إِلَّا قُـــوَّةً أَحْـــدَقَــتْ بِــهَــا
حَــوَائِــلُ ضَــعْـفٍ أَمْـرُهَـا لَـيْـسَ بَـادِيَـا
فَــعَــادَ وَمَـا يَـسْـطِـيـعُ حِـمْـلًا لِـسَـاعَـةٍ
فَــكَــيْــفَ بِأَيَّــامٍ حَــمَــلْــنَ لَــيَــالِــيَـا؟
وَمَــا كَــانَ إِلَّا كَــالــسَّــحَــابَــةِ أُفْــرِدَتْ
وَقَــامَ بِـهَـا الـرَّعْـدُ الْـمُـجَـلْـجِـلُ نَـاعِـيَـا
وَمَــا كَــانَ إِلَّا مَــوْجَــةً قَـدْ تَـحَـطَّـمَـتْ
عَـلَـى سَـاحِـلٍ لِـلْـعَـيْـشِ كَمْ بَاتَ رَاغِيَا!
وَمَــا غَــالَــهُ مَــوْتٌ وَلَا هَــاضَــهُ كَــرًى
وَلَـكِـنْ غَـدَا مِـنْ حُلْمِ ذَا الْعَيْشِ صَاحِيَا
وَمَـا مَـاتَ إِلَّا الْـمَـوْتُ يَـا فَـجْـرُ فَـائْتَلِقْ
وَحَــوِّلَ سَــنَــاءً طَــلَّــكَ الْــمُــتَــلَالِــيَـا
وَلَا غَـــابَ إِلَّا فِــي الــطَّــبِــيــعَــةِ أُمِّــهِ
وَقِــدْمًــا أَعَـارَتْـهُ الـضُّـلُـوعَ الْـحَـوَانِـيَـا
فَقُومُوا اسْمَعُوا فِي هَزْمَةِ الرَّعْدِ صَوْتَهُ
وَفِـي سَـجْـعَـةِ الْـغِـرِّيـدِ مَـا بَـاتَ شَادِيَا
وَفِـي حَـيْـثُـمَـا تَـبْـدُو لَـنَـا الْـقُـدْرَةُ الَّتِي
دَعَــتْــهُ فَــلَــبَّــاهَــا وَلَــمْ يَـكُ عَـاصِـيَـا
أَرَى عَـيْـنَـكَ اخْـضَـلَّـتْ وَعَـهْدِي بِدَمْعِهَا
عَــصِــيًّــا عَــلَــى رَيْــبِ الــنَّـوَازِلِ آبِـيَـا
لَـقَـدْ جَـلَّ هَـذَا الْـجَـفْنُ عَنْ عَادَةِ الْبُكَى
وَقَـدْ قَـلَّ فَـيْـضُ الـدَّمْـعِ إِنْ كُـنْتُ بَاكِيَا
تَــعَــزَّ وَلَا تُــرْخِــصْ لِــمَــوْتِــيَ أَدْمُــعًـا
أُبَــاةً عَــلَــى سَــوْمِ الْــغَــرَامِ غَــوَالِــيَـا
سَــوَاءٌ عَــلَــيْـنَـا إِنْ طَـوَتْـنِـيَ حُـفْـرَتِـي
أَبَــكَّــيْــتَــنَــا أَمْ بَــاتَ قَــلْــبُـكَ سَـالِـيَـا
بِـحَـسْـبِـيَ أَنِّـي سَـوْفَ أَلْـقَـى حِـمَـامِـيَا
وَأَنْــتَ إِلَــى جَــنْــبِـي تُـرَاعِـي فِـنَـائِـيَـا
وَلَا تَــحْــسَــبُــوا أَنِّــي قَـنِـعْـتُ تَـكَـرُّمًـا
وَلَــكِــنْ لِأَمْــرٍ مَــا عَــقَــرْتُ الْأَمَــانِــيَــا
وَرَدَّدَ أَنْــــفَــــاسًــــا تَــــرَدَّدْنَ بُـــرْهَـــةً
وَحَـشْـرَجْـنَ حَـتَّـى رَاحَ مَـا كَـانَ جَـائِيَا
فَـخَـانَ الْـحَـبِـيـبَ الصَّبْرُ فَانْقَضَّ فَوْقَهُ
يُــنَــادِي مُــرِمًّــا لَا يُــبَــالِــي الْـمُـنَـادِيَـا
فَـــلَـــمَّــا رَأَى بَــرْقَ الْأَمَــانِــيِّ خُــلَّــبًــا
غَـدَا يَـسْـتَـجِـيـرُ الـدَّمْـعَ مَـا كَـانَ جَارِيَا
رَأَى مَـــا جَـــنَـــاهُ حُـــسْـــنُـــهُ وَدَلَالُــهُ
فَـقَـالَ أَيَـا وَيْـحِـي لَـقَـدْ صِـرْتُ جَـانِـيَـا
عَـدَتْـنِـي الْـعَـوَادِي لَـمْ تَـكُـنْ بِـي غَبَاوَةٌ
وَلَــكِــنَّــنِــي كُــنْــتُ امْــرَأً مُــتَــغَـابِـيَـا
سَـوَاسِـيَـةٌ مَـنْ يَـقْـتُـلُ الـنَّـفْـسَ عَـامِدًا
وَمَــنْ يَـدَعُ الـتَّـبْـرِيـحَ يَـقْـتُـلُ ظَـامِـيَـا
لَــبِـسْـتُ جَـمَـالًا مِـنْ قَـرِيـضِـكَ خَـالِـدًا
وَرُحْـتَ وَقَـدْ أَلْـبَـسْـتُـكَ الْـمَـوْتَ ضَافِيَا
وَسَـوَّغْـتَـنِـي مِـنْ طِـيـبِ ذِكْـرَاكَ نَـفْحَةً
وَسَــوَّغْــتُــكَ الْآلَامَ وَالــدَّمْــعَ قَــانِــيَــا
لَـخَـلَّـفْـتَـنِـي عَـارِي الْـجَـمَـالِ مِـنَ الَّتِي
تَــزِيـنُ وَكَـمْ أُمْـسِـي وَأُصْـبِـحُ كَـاسِـيَـا!
أَعَـضُّ عَـلَـى الْـمَـاضِـي الْـبَـنَـانَ تَحَسُّرًا
وَهَــلْ يَـنْـفَـعَـنِّـي الْـيَـوْمَ عَـضُّ بَـنَـانِـيَـا
لَــقَــدْ كُــنْــتُ أَقْــسُــو هَــازِلًا وَلَــرُبَّـمَـا
غَــدَا الْــهَــزْلُ بَــابًــا لِـلـشَّـقَـاءِ وَدَاعِـيَـا
فَــبِــئْـسَـتْ عَـلَـى طُـولِ الـتَّـفَـرُّقِ رِقَّـةٌ
أُحِـسُّ بِـهَـا تُـذْكِـي عَـلَـى الـدَّهْـرِ نَـارِيَـا
سَـتَـبْـقَـى وَيَمْضِي مَنْ عَلِقْتَ وَإِنْ تَمُتْ
فَـقَـدْ يَـحْـجِـبُ الْـغَـيْمُ النُّجُومَ الدَّرَارِيَا
وَأَنَّــكَ نُــورٌ تَــسْــتَــضِــيءُ بِــهِ الـدُّنَـى
وَغَــيْــرُكَ ظِــلٌّ سَـوْفَ يُـصْـبِـحُ فَـانِـيَـا
وَأَنَّــكَ حُــسْــنٌ لَــيْـسَ يَـبْـلَـى وَغَـيْـرُهُ
وَدِيـــعَــةُ دَهْــرٍ يَــسْــتَــرِدُّ الْــعَــوَارِيَــا
فَــيَــا آخِــذًا مِــنْ دَهْــرِهِ بِــنَــصِــيــبِـهِ
هَـنِـيـئًـا لَـكَ الْـمَـجْـدُ الَّـذِي لَـيْسَ ذَاوِيَا
وَإِنِّـــي لَأَسْــتَــسْــقِــيــكَ كُــلَّ دُجُــنَّــةٍ
وَإِنْ كُــنْــتَ أَحْــرَى أَنْ تَــبُــلَّ فُــؤَادِيَــا

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الطويل
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

إبراهيم عبد القادر المازني: شاعرٌ وروائيٌّ وناقدٌ وكاتبٌ مصريٌّ مِن رُوَّادِ النهضةِ الأدبيةِ العربيةِ في العصرِ الحديث. استَطاعَ أن يجدَ لنفسِه مَكانًا مُتميِّزًا بين أقطابِ مُفكِّري عَصرِه، وأسَّسَ معَ كلٍّ مِن عباس العَقَّاد وعبد الرحمن شُكري «مدرسةَ الديوانِ» التي قدَّمتْ مفاهيمَ أدبيةً ونَقديةً جديدة، استوحَتْ رُوحَها مِن المدرسةِ الإنجليزيةِ في الأدَب.

وُلدَ «إبراهيم محمد عبد القادر المازني» في القاهرةِ عامَ ١٨٩٠م، ويَرجعُ أصلُه إلى قريةِ «كوم مازن» بمُحافظةِ المُنوفية. تخرَّجَ مِن مَدرسة المُعلِّمين عامَ ١٩٠٩م، وعملَ بالتدريسِ لكنه ما لبثَ أنْ ترَكَه ليَعملَ بالصحافة، حيثُ عملَ بجريدةِ الأخبار، وجريدةِ السياسةِ الأُسبوعية، وجريدةِ البلاغ، بالإضافةِ إلى صُحفٍ أُخرى، كما انتُخبَ عُضوًا في كلٍّ مِن مجمعِ اللغةِ العربيةِ بالقاهرةِ والمجمعِ العِلميِّ العربيِّ بدمشق، وساعَدَه دُخولُه إلى عالمِ الصحافةِ على انتشارِ كتاباتِه ومقالاتِه بينَ الناس.

قرَضَ في بدايةِ حياتِه الأدبيةِ العديدَ من دواوينِ الشعرِ ونَظْمِ الكلام، إلا أنه اتَّجهَ بعدَ ذلك إلى الكتابةِ النَّثريةِ واستغرقَ فيها، فقدَّمَ تُراثًا غَزيرًا من المقالاتِ والقصصِ والرِّوايات. عُرِفَ ناقدًا مُتميِّزًا، ومُترجِمًا بارعًا، فترجمَ مِنَ الإنجليزيةِ إلى العربيةِ العديدَ مِن الأعمالِ كالأَشعارِ والرواياتِ والقصص، وقالَ العقادُ عنه: «إنَّني لمْ أَعرفْ فيما عرفتُ مِن ترجماتٍ للنَّظمِ والنثرِ أديبًا واحدًا يفوقُ المازنيَّ في الترجمةِ مِن لغةٍ إلى لغةٍ شِعرًا ونثرًا.»

تميَّزَ أُسلوبُه سواءٌ في الكتابةِ الأدبيةِ أو الشِّعريةِ بالسخريةِ اللاذعةِ والفكاهة، واتَّسمَ بالسلاسةِ والابتعادِ عَنِ التكلُّف، كما تميَّزتْ موضوعاتُه بالعمقِ الذي يدلُّ على سعةِ اطِّلاعِه، ولا ريبَ في ذلك؛ فقد شملَتْ قراءاتُه العديدَ مِن كُتبِ الأدبِ العربيِّ القديم، والأدبِ الإنجليزيِّ أيضًا، هذا بالإضافةِ إلى قراءتِه الواسعةِ في الكُتبِ الفلسفيةِ والاجتماعية. وعمَدَ المازنيُّ في مدرستِه الأدبيةِ إلى وصفِ الحياةِ كما هي، دونَ إقامةِ معاييرَ أخلاقية، فكانَ في بعض كتاباتِهِ خارجًا عن التقاليدِ والأَعرافِ السائدةِ والمُتداوَلة.

وقد رحلَ المازنيُّ عن عالَمِنا في شهرِ أغسطس من عامِ ١٩٤٩م.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤