هُوَ الرَّسْمُ لَوْ أَغْنَى الْوُقُوفُ عَلَى الرَّسْمِ

Wave Image
هُوَ الرَّسْمُ لَوْ أَغْنَى الْوُقُوفُ عَلَى الرَّسْمِ
هُـوَ الْـحَـزْمُ لَـوْلَا بُـعْـدُ عَـهْـدِكَ بِـالْـحَـزْمِ
تَــجَـاهَـلْـتُ عِـرْفَـانِـي بِـهِ غَـيْـرَ جَـاهِـلٍ
وَلِــلــشَّــوْقِ آيَــاتٌ تَــدُلُّ عَـلَـى عِـلْـمِـي
وَوَالــلــهِ مَــا أَدْرِي أَبَــوْحِــيَ نَــافِــعِـي
عَـشِـيَّـةَ هَـاجَـتْـنِـي الْـمَـنَـازِلُ أَمْ كَـتْمِي
عَــشِــيَّــةَ جُـنَّ الْـقَـلْـبُ فِـيـهَـا جُـنُـونُـهُ
وَنَـازَعَـنِـي شَـوْقِـي مُـنَـازَعَـةَ الْـخَـصْـمِ
وَقَــفْــتُ أُدَارِي الْـوَجْـدَ خَـوْفَ مَـدَامِـعٍ
تُــبِـيـحُ مِـنَ الـسِّـرِّ الْـمُـمَـنَّـعِ مَـا أَحْـمِـي
أُغَــالِــبُ بِــالــشَّــكِّ الْــيَـقِـيـنَ صَـبَـابَـةً
وَأَدْفَـعُ فِـي صَـدْرِ الْـحَـقِـيـقَـةِ بِـالْـوَهْـمِ
فَــلَــمَّــا أَبَــى إِلَّا الْــبُــكَــاءَ لِــيَ الْأَسَـى
بَـكَـيْـتُ فَـمَـا أَبْـقَـيْـتُ لِـلـرَّسْمِ مِنْ رَسْمِ
وَمَـا مُـسْـتَـفِـيـضٌ مِـنْ غُـرُوبٍ تَـنَازَعَتْ
عُـرَاهَـا السَّوَانِي فَهْيَ سُجْمٌ عَلَى سُجْمِ
بِأَغْــزَرَ مِــنْ عَــيْــنَــيَّ يَــوْمَ تَــمَــثَّــلَـتْ
عَـلَـى الـظَّـنِّ أَعْلَامَ الْحِمَى وَعَلَى الرَّجْمِ
كَأَنِّــي بِأَجْــزَاعِ الــنَّــقِــيــبَــةِ مُــسْــلَـمٌ
إِلَـى ثَـائِـرٍ لَا يَـعْـرِفُ الصَّفْحَ عَنْ جُرْمِي
لَــقَــدْ وَجَــدَتْ وَجْـدِي الـدِّيَـارُ بِأَهْـلِـهَـا
وَلَـوْ لَـمْ تَـجِـدْ وَجْدِي لَمَا سَقِمَتْ سُقْمِي
عَـــلَـــيْـــهِــنَّ وَسْــمٌ لِــلْــفِــرَاقِ وَإِنَّــمَــا
عَــلَــيَّ لَــهُ مَــا لَـيْـسَ لِـلـنَّـارِ مِـنْ وَسْـمِ
وَكَـمْ قَـسَـمَ الْـبَـيْـنُ الـضَّـنَـى بَيْنَ مَنْزِلٍ
وَجِــسْـمٍ وَلَـكِـنَّ الْـهَـوَى جَـائِـرُ الْـقَـسْـمِ
مَــنَــازِلُ أَدْرَاسٍ شَــجَــانِــي نُــحُـولُـهَـا
فَـهَـلَّا شَـجَـاهَـا نَـاحِـلُ الْـقَـلْبِ وَالْجِسْمِ
سَـقَـاهَـا الْـحَـيَـا قَـبْـلِـي فَـلَـمَّـا سَـقَـيْتُهَا
بِـدَمْـعِي رَأَتْ فَضْلَ الْوَلِيِّ عَلَى الْوَسْمِي
وَلَــوْ أَنَّــنِــي أَنْــصَــفْـتُـهَـا مَـا عَـدَلْـتُـهَـا
عَــنِ الْــكَـرَمِ الْـفَـيَّـاضِ وَالـنَّـائِـلِ الْـجَـمِّ
إِذَا مَــا نَــدَى تَــاجِ الْـمُـلُـوكِ انْـبَـرَى لَـهَـا
فَــمَــا عَـارِضٌ يَـنْـهَـلُّ أَوْ دِيـمَـةٌ تَـهْـمِـي
هُــوَ الْــمَـلْـكُ أَمَّـا حَـاتِـمُ الْـجُـودِ عِـنْـدَهُ
فَـيُـلْـغَـى، وَيُـنْـسَـى عِـنْدَهُ أَحْنَفُ الْحِلْمِ
يَـجِـلُّ عَـنِ الـتَّـمْـثِـيـلِ بِـالْـمَـاطِـرِ الرِّوَى
وَيَـعْـلُـو عَـنِ الـتَّـشْـبِـيـهِ بِـالْـقَـمَـرِ الـنِّـمِّ
وَيَــكْــرُمُ أَنْ نَــرْجُــوهُ لِــلْأَمْــرِ هَــيِّــنًــا
وَيَـشْـرُفُ أَنْ نَـدْعُـوهُ بِـالْـمَـاجِـدِ الْـقَـرْمِ
إِذَا نَـحْـنُ قُـلْـنَـا الْـبَـدْرُ وَالْـبَـحْـرُ وَالْحَيَا
فَـقَـدْ ظُـلِـمَـتْ أَوْصَـافُـهُ غَـايَـةَ الـظُّـلْـمِ
وَأَيْـــسَـــرُ حَـــقٍّ لِـــلْـــمَــكَــارِمِ عِــنْــدَهُ
إِذَا هُــوَ عَــدَّ الْــغُـرْمَ فِـيـهَـا مِـنَ الْـغُـنْـمِ
يَــرُوحُ سَــلُـوبًـا لِـلـنُّـفُـوسِ مَـعَ الْـوَغَـى
وَيَــغْــدُو سَـلِـيـبًـا لِـلـثَّـنَـاءِ مَـعَ الـسِّـلْـمِ
وَلَا يَــعْــرِفُ الْإِحْــجَــامَ إِلَّا عَـنِ الْـخَـنَـا
وَلَا يُـــنْـــكِــرُ الْإِقْــدَامَ إِلَّا عَــلَــى الــذَّمِّ
خَـفِـيـفٌ إِلَـى الْـعَـلْـيَـاءِ وَالْحَمْدِ وَالنَّدَى
ثَـقِـيـلٌ عَـنِ الْـفَـحْـشَـاءِ وَالْـبَـغْيِ وَالْإِثْمِ
سَـرِيـعٌ إِلَـى الـدَّاعِـي بَـطِـيءٌ عَنِ الْأَذَى
قَـرِيـبٌ مِـنَ الْـعَـافِـي بَـعِـيدٌ مِنَ الْوَصْمِ
هُــمَــامٌ إِذَا مَــا ضَـافَـهُ الْـهَـمُّ لَـمْ يَـجِـدْ
سِـوَى الْـمَـجْـدِ شَـيْـئًا بَاتَ مِنْهُ عَلَى هَمِّ
إِذَا ذُكِــــرَ الْأَحْــــبَــــابُ كَـــانَ ادِّكَـــارُهُ
شِـفَـارَ الْـمَـوَاضِـي أَوْ صُدُورَ الْقَنَا الصُّمِّ
يَـرَى الْـمَـالَ بَـسْـلًا مَـا عَـدَاهَـا وَلَمْ يَكُنْ
لِــيَــطْـعَـمَ لَـيْـثٌ دُونَ فَـرْسٍ وَلَا ضَـغْـمِ
وَكَــمْ فِــي ظُـبَـاهَـا مِـنْ ظِـبَـاءٍ غَـرِيـرَةٍ
وَفِـي قَـصَـبِ الْـمُـرَّانِ مِـنْ قَـصَـبٍ فَعْمِ
إِذَا قَـارَعَ الْأَعْـدَاءَ وَالْـخَـصْـمَ لَـمْ يَـقِـفْ
عَـلَـى غَـايَـةٍ بَـيْـنَ الـشَّـجَـاعَـةِ وَالْـحَزْمِ
يُـعَـوِّلُ مِـنْـهُ الْـعَـسْكَرُ الدَّهْمُ فِي الْوَغَى
عَـلَـى وَاحِـدٍ كَـمْ فِـيـهِ مِـنْ عَـسْكَرٍ دَهْمِ
إِذَا حَــلَّ فَــالْأَمْــوَالُ لِــلْــبَــذْلِ وَالـنَّـدَى
وَإِنْ سَــارَ فَــالْأَعْــدَاءُ لِــلــذُّلِّ وَالْــوَقْـمِ
حُـسَـامُ أَمِـيـرِ الْـمُـؤْمِـنِـيـنَ ابْـنُ سَـيْـفِهِ
فَــيَــا لَـكَ مِـنْ فَـرْعٍ وَيَـا لَـكَ مَـنْ جِـذْمِ
مُــكَــابِــدُ أَيَّــامِ الْــجِــهَــادِ وَمَــوْئِــلُ الْـ
ـعِـبَـادِ وَحَـامِـيـهِـمْ وَقَـدْ قَـلَّ مَنْ يَحْمِي
وَمُــقْــتَــحِــمُ الْأَجْــبَـالِ يَـوْمَ تَـمَـنَّـعَـتْ
ذِئَــابُ الْأَعَــادِي فِــي ذَوَائِــبِــهَـا الـشُّـمِّ
غَـدَاةَ يَـغُـورُ الـسَّـهْـمُ فِـي السَّهْمِ وَالْقَنَا
بِـحَـيْـثُ الْـقَـنَـا وَالْكَلْمُ فِي مَوْضِعِ الْكَلْمِ
وَلَا فَــرْقَ فِــيــهَــا بَــيْــنَ عَـزْمٍ وَصَـارِمٍ
كَأَنَّ الـظُّـبَـى فِـيـهَـا طُـبِـعْـنَ مِـنَ الْـعَزْمِ
وَمَــا يَــوْمُـهُ فِـي الْـمُـشْـرِكِـيـنَ بِـوَاحِـدٍ
فَــنَــجْــهَــلَــهُ وَالْــعَــالَــمُـونَ ذَوُو عِـلْـمِ
وَقَــدْ عَــجَـمَ الْأَعْـدَاءُ مِـنْ قَـبْـلُ عُـودَهُ
فَأَدْرَدَهُــمْ وَالــنَّــبْــعُ مُــمْـتَـنِـعُ الْـعَـجْـمِ
سَـمَـوْتُ إِلَـى الْـفَـخْـرِ الـشَّـرِيـفِ مَـقَامُهُ
وَمِـثْـلِـيَ مَـنْ يَـسْـمُـو إِلَـيْهِ وَمَنْ يُسْمِي
وَكُــنْــتُ عَــلَــى حُـكْـمِ الـنَّـوَائِـبِ نَـازِلًا
فَأَنْــزَلَــهَـا تَـاجُ الْـمُـلُـوكِ عَـلَـى حُـكْـمِـي
وَمَـا الْـعُـذْرُ عِـنْـدِي بَـعْـدَ أَخْـذِي بِـحَبْلِهِ
إِذَا قَــدَمِــي لَـمْ أُوطِـهَـا هَـامَـةَ الـنَّـجْـمِ
إِذَا مَـا نَـظَـمْـتُ الْـحَـمْـدَ عِـقْـدًا لِـمَـجْدِهِ
تَـمَـنَّـتْ نُـجُـومُ الـلَّـيْلِ لَوْ كُنَّ مِنْ نَظْمِي
وَكَــمْ لِــلْــمَـعَـالِـي مِـنْ مَـعَـالٍ بِـمَـدْحِـهِ
وَلِـلـشَّـرَفِ الْـمَـذْكُـورِ مِـنْ شَـرَفٍ فَـخْـمِ
أَلَا لَــيْــتَ لِــي مَــا حَــاكَــهُ كُــلُّ قَــائِـلٍ
وَمَـا سَـارَ فِـي عُرْبٍ مِنَ الْمَدْحِ أَوْ عُجْمِ
فَأُثْـنِـي عَـلَـى الْـعِـيـسِ الْـعِـتَاقِ لِقَصْدِهِ
بِـمَـا جَـلَّ مِـنْ فِـكْرِي وَمَا دَقَّ مِنْ فَهْمِي
فَــلَــمْ أَقْــضِ إِبْـلًا أَوْصَـلَـتْـنِـيـهِ حَـقَّـهَـا
وَلَـوْ عُـفِّـيَـتْ مِـنْـهَـا الْـمَـنَـاسِـمُ بِـالـلَّـثْمِ
إِلَـيْـكَ ابْـنَ خَـيْـرِ الـنَّـاسِ ظَـلَّـتْ رِكَـابُنَا
كَأَنَّ عَـلَـيْـهَـا الـسَّـيْـرَ حَـتْـمٌ مِـنَ الْـحَتْمِ
إِلَـــى مَـــلِـــكٍ مَــا حَــلَّ مِــثْــلُ وَقَــارِهِ
عَــلَــى مَــلِـكٍ صَـتْـمٍ وَلَا سَـيِّـدٍ ضَـخْـمِ
جَــوَادٌ وَمَــا جَــادَتْ سَــمَـاءٌ بِـقَـطْـرِهَـا
كَــرِيــمٌ وَمَـا دَارَتْ عَـلَـيْـهِ ابْـنَـةُ الْـكَـرْمِ
تَــخَــوَّنَــتِ الْأَيَّــامُ حَــالِــي وَأَقْـسَـمَـتْ
عَــلَــيَّ الـلَّـيَـالِـي أَنْ أَعِـيـشَ بِـلَا قِـسْـمِ
وَلَــمْ يُــبْــقِ مِـنِّـي الـدَّهْـرُ إِلَّا حُـشَـاشَـةً
وَإِلَّا كَـــمَــا أَبْــقَــى نَــدَاكَ مِــنَ الْــعُــدْمِ
رَمَـى غَـرَضَ الـدُّنْـيَـا هَـوَايَ فَـلَمْ يُصِبْ
وَكَــمْ غَــرَضٍ مِــنْــهَـا أُصِـيـبَ وَلَـمْ أَرْمِ
وَمَــا بَـعْـدَ إِفْـضَـائِـي إِلَـيْـكَ وَمَـوْقِـفِـي
بِــرَبْــعِــكَ مِــنْ شَــكْــوَى لِـدَهْـرٍ وَلَا ذَمِّ
وَهَــا أَنَـا ذَا قَـدْ قُـدْتُ وُدِّي وَمُـهْـجَـتِـي
إِلَــى ذَا الــنَّـدَى قَـوْدَ الـذَّلُـولِ بِـلَا خَـزْمِ
لِـتَـبْـسُـطَ بِـالْـمَـعْـرُوفِ مَـا كَفَّ مِنْ يَدِي
وَتَـجْـبُـرَ بِالْإِحْسَانِ مَا هَاضَ مِنْ عَظْمِي

عن القصيدة

  • غرض القصيدة: المدح
  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الطويل
  • عصر القصيدة: العباسي الثاني

عن الشاعر

هو أحمد بن محمد بن علي بن يحيى التغلبي، يُعَد أحد رُواد الأدب العربي، وأشهر شعراء الشام الذين ساهموا في النهضة الشعرية التي شهدها العصر العباسي الثاني، اتسم شِعره بحُسن البيان، وجزالة العبارة، وعُمق المعنى.

وُلد في دمشق سنة ٤٥٠ﻫ/ ١٠٥٨م، حين كانت تحت سيطرة الدولة الفاطمية، ونشأ وترعرع بها؛ فدرس علوم اللغة، والكتابة، ونَظَم فيها أُولى قصائده. وظل بها حتى سيطر عليها السلاجقة فهاجر منها إلى حماة، وكان عُمره آنذاك ثمانية عشر عامًا، ومكث في حماة مدةً قاربت اثنتَي عشرة سنة، واتصل بأميرها «محمد بن مانك» وعمل عنده كاتبًا، ثم انتقل إلى شينيز ومدح أميرها «علي بن مقلد بن منقذ»، ومنها إلى حلب السورية، وهناك التقى ﺑ «ابن حيُّوس» أشهر شعراء زمانه، ولازَمه مدةً حتى صار امتدادًا لشِعره، ثم اتجه غربًا إلى طرابلس الليبية التي أقام فيها مدةً قاربت عشر سنوات، وفيها ذاع صِيتُه، ووصلت شُهرته الآفاق، ونَظَم أبدع قصائده وأشهرها، وتَقرَّب من حاكمها «جلال الدين بن عمار»، ثم عاد ثانيةً إلى دمشق وحط فيها رِحاله، وصاحَب وزيرها السلجوقي «هبة الله بن بديع الأصفهاني».

سُمي ﺑ «ابن الخياط» لاشتغال أبيه بحرفة الخياطة، وسُمي بالكاتب لاشتغاله بالكتابة؛ حيث عمل كاتبًا لدى أمراء الدولة العباسية، كما نَظَم الشعر بأغراضه المتنوعة، كالهِجاء، والرِّثاء، والغزَل، ولكنَّ النصيب الأوفر من قصائده كان في المديح، حتى اشتُهر بذلك؛ فذكَرَته كُتُب المؤرخين المعاصرين بأنه من الشعراء المُجيدين، امتَدح الناس، وطاف البلاد، ودخل بلاد العجم وامتَدح أهلها. وصل إلينا ديوانه الذي حوى أبهى قصائد الشعر العربي، وأعذب العبارات، وأبلغ المعاني.

تُوفِّي «ابن الخياط» بدمشق في ١١ رمضان ٥١٧ﻫ/١ نوفمبر ١١٢٣م، عن عُمرٍ يُناهز سبعًا وستين سنة.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤