أَحَتَّى إِلَى الْعَلْيَاءِ يَا خَطْبُ تَطْمَحُ

Wave Image
أَحَـتَّـى إِلَـى الْـعَـلْـيَـاءِ يَا خَطْبُ تَطْمَحُ
وَحَـتَّـى فُـؤَادَ الْـمَـجْـدِ يَـا حُزْنُ تَجْرَحُ
أَكُــــلُّ بَـــقَـــاءٍ لِلْـــفَـــنَـــاءِ مُـــؤَهَّـــلٌ
وَكُـــلُّ حَـــيَـــاةٍ لِلْـــحِــمَــامِ تُــرَشَّــحُ
سَــلَــبْــتَ فَــلَــمْ تَـتْـرُكْ لِـبَـاقٍ بِـقَـيَّـةً
فَــيَــا دَهْــرُ هَـلَّا بِـالْأَفَـاضِـلِ تَـسْـمَـحُ
تَــجَـافَ عَـنِ الْـمَـعْـرُوفِ وَيْـحَـكَ إِنَّـهُ
لِـمَـا يُـجْـتَـوَى مِـنْ فَـاسِدٍ فِيكَ مُصْلِحُ
إِذَا كُـنْتَ عَنْ ذِي الْفَضْلِ لَسْتَ بِصَافِحٍ
فَـوَا حَـسْـرَتَـا عَـمَّـنْ تَـكُـفُّ وَتَـصْـفَـحُ
خَـلِـيـلَـيَّ قَـدْ كَـانَ الَّـذِي كَـانَ يُـتَّـقَـى
فَــمَــا عُـذْرُ عَـيْـنٍ لَا تَـجُـودُ وَتَـسْـفَـحُ
قِـفَـا فَـاقْـضِـيَـا حَـقَّ الْـمَـعَـالِـي وَقَـلَّمَا
يَــقُــومُ بِــهِ دَمْــعٌ يَــجِــمُّ وَيَــطْــفَـحُ
فَـمَـنْ كَـانَ قَـبْـلَ الْـيَـوْمِ يَسْتَقْبِحُ الْبُكَا
فَـقَـدْ حَـسُـنَ الْـيَـوْمَ الَّـذِي كَـانَ يَـقْبُحُ
فَــلَا رُزْءَ مِــنْ هَــذَا أَعَــمُّ مُــصِــيـبَـةً
وَلَا خَــطْــبَ مِــنْ هَــذَا أَمَــرُّ وَأَفْــدَحُ
مُـصَـابٌ لَـوَ انَّ اللَّـيْـلَ يُمْنَى بِبَعْضِ مَا
تَـحَـمَّـلَ مِـنْـهُ الْـمَـجْـدُ مَـا كَـانَ يُصْبَحُ
وَحُــزْنٌ تَـسَـاوَى الـنَّـاسُ فِـيـهِ وَإِنَّـمَـا
يَــعُــمُّ مِــنَ الْأَحْــزَانِ مَــا هُــوَ أَبْــرَحُ
تَــرَى الــسَّــيْـفَ لَا يَـهْـتَـزُّ فِـيـهِ كَـآبَـةً
وَلَا زَاعِـــبِـــيَّـــاتِ الْــقَــنَــا تَــتَــرَنَّــحُ
فَــيَــا لَلْــمَــعَـالِـي وَالْـعَـوَالِـي لِـهَـالِـكٍ
لَــهُ الْــمَــجْــدُ بَــاكٍ وَالْــمَــكَـارِمُ نُـوَّحُ
مَـضَـى مُـذْ قَـضَـى تِـلْكَ الْعَشِيَّةَ نَحْبَهُ
وَمَـا كُـلُّ مَـغْـبُـوقٍ مِـنَ الْـعَيْشِ يُصْبِحُ
لَــغَـاضَ لَـهُ مَـاءُ الـنَّـدَى وَهْـوَ سَـائِـحٌ
وَضَــاقَ بِــهِ صَـدْرُ الْـعُـلَا وَهْـوَ أَفْـيَـحُ
ظَـلِلْـنَـا نُـجِـيـلُ الْـفِـكْرَ هَلْ تَمْنَعُ الرَّدَى
كَـــتَـــائِـــبُــهُ وَالْــيَــوْمُ أَرْبَــدُ أَكْــلَــحُ
فَـمَـا مَـنَـعَـتْ بُـتْـرٌ مِـنَ الْـبِـيـضِ قُـطَّعٌ
وَلَا نَــفَــعَـتْ جُـرْدٌ مِـنَ الْـخَـيْـلِ قُـرَّحُ
وَلَا ذَادَ مَــشْـهُـورٌ مِـنَ الْـفَـضْـلِ بَـاهِـرٌ
وَلَا كَـفَّ مَـعْـرُوفٌ مِـنَ الْـخَـيْـرِ أَسْجَحُ
وَهَـيْـهَـاتَ مَـا يَـثْـنِـي الْـحِـمَامَ إِذَا أَتَى
جِــدَارٌ مُــعَــلًّــى أَوْ رِتَــاجٌ مُــصَــفَّــحُ
وَلَا مُــشْــرِعَــاتٌ بِــالْأَسِـنَّـةِ تَـلْـتَـظِـي
وَلَا عَــادِيَــاتٌ فِــي الْأَعِــنَّــةِ تَـضْـبَـحُ
وَلَا سُـؤْدَدٌ جَـمٌّ بِـهِ الْـخَـطْـبُ يُـزْدَهَـى
وَلَا نَــائِــلٌ غَـمْـرٌ بِـهِ الْـقَـطْـرُ يُـفْـضَـحُ
فَـيَـا لَلَّـيَـالِـي كَـيْـفَ أَنْـجُـو مِـنَ الرَّدَى
وَخَــلْــفِــي وَقُــدَّامِـي لَـهُ أَيْـنَ أَسْـرَحُ
أَأَرْجُـو انْـتِـصَـارًا بَـعْـدَ مَـا خُذِلَ النَّدَى
وَآمُــلُ عِــزًّا وَالْــكِــرَامُ تُــطَــحْــطَــحُ
أَرَى الْإِلْـفَ مَـا بَـيْـنَ الـنُّفُوسِ جَنَى لَهَا
جَــوَانِــحَ تُــذْكَــى أَوْ مَــدَامِـعَ تَـقْـرَحُ
فَـيَـا وَيْـحَ إِخْـوَانِ الـصَّـفَاءِ مِنَ الْأَسَى
إِذَا مَـا اسْـتَـرَدَّ الـدَّهْـرُ مَـا كَـانَ يَـمْـنَحُ
وَمَــنْ عَــاشَ يَـوْمًـا سَـاءَهُ مَـا يَـسُـرُّهُ
وَأَحْــزَنَــهُ الـشَّـيْءُ الَّـذِي كَـانَ يُـفْـرِحُ
عَــزَاءً جَــلَالَ الْــمُــلْــكِ إِنَّـكَ لَـمْ تَـزَلْ
بِـفَضْلِ النُّهَى فِي مُقْفَلِ الْخَطْبِ تَفْتَحُ
فَـذَا الـدَّهْـرُ مَـطْـوِيٌّ عَـلَى الْبُخْلِ بَذْلُهُ
يَــعُــودُ بِــمُــرِّ الْـمَـذْقِ حِـيـنَ يُـصَـرِّحُ
يُـسَـاوِي لَـدَيْـهِ الْـفَـضْلَ بِالنَّقْصِ جَهْلُهُ
وَسِـيَّـانِ لِلْـمَـكْـفُـوفِ مُـمْسًى وَمُصْبَحُ
وَمِـثْـلُـكَ لَا يُـعْـطِـي الـدُّمُـوعَ قِـيَـادَهُ
وَلَـــوْ أَنَّ إِدْمَـــانَ الْـــبُــكَــا لَــكَ أَرْوَحُ
وَلَــوْ كَـانَ يُـبْـكَـى كُـلُّ مَـيْـتٍ بِـقَـدْرِهِ
إِذَنْ عَــلِــمَـتْ جَـمَّـاتُـهَـا كَـيْـفَ تُـنْـزَحُ
لَــسَــالَــتْ نُــفُــوسٌ لَا دُمُـوعٌ مُـرِشَّـةٌ
وَعَـــمَّ حِـــمَـــامٌ لِا سِـــقَـــامٌ مُــبَــرِّحُ
وَمَـا كُـنْـتَ إِذْ تَـلْـقَى الْخُطُوبَ بِضَارِعٍ
لَـــهَــا أَبَــدًا أَنَّــى وَحِــلْــمُــكَ أَرْجَــحُ
وَكَـمْ عَـصَـفَـتْ فِـي جَـانِبَيْكَ فَلَمْ تَبِتْ
لَــهَــا قَــلِــقًــا وَالــطَّــوْدُ لَا يَـتَـزَحْـزَحُ
وَأَيُّ مُــلِــمٍّ فِــي عَــلَائِــكَ يَــرْتَــقِــي
وَأَيُّ الــرَّزَايَــا فِــي صِــفَـاتِـكَ يَـقْـدَحُ

عن القصيدة

  • مناسبة القصيدة: قال ابن الخياط هذه القصيدة يعزي جلال الملك بأخته ويرثيها ولم يعرض بذكرها.
  • غرض القصيدة: الرثاء
  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الطويل
  • عصر القصيدة: العباسي الثاني

عن الشاعر

هو أحمد بن محمد بن علي بن يحيى التغلبي، يُعَد أحد رُواد الأدب العربي، وأشهر شعراء الشام الذين ساهموا في النهضة الشعرية التي شهدها العصر العباسي الثاني، اتسم شِعره بحُسن البيان، وجزالة العبارة، وعُمق المعنى.

وُلد في دمشق سنة ٤٥٠ﻫ/ ١٠٥٨م، حين كانت تحت سيطرة الدولة الفاطمية، ونشأ وترعرع بها؛ فدرس علوم اللغة، والكتابة، ونَظَم فيها أُولى قصائده. وظل بها حتى سيطر عليها السلاجقة فهاجر منها إلى حماة، وكان عُمره آنذاك ثمانية عشر عامًا، ومكث في حماة مدةً قاربت اثنتَي عشرة سنة، واتصل بأميرها «محمد بن مانك» وعمل عنده كاتبًا، ثم انتقل إلى شينيز ومدح أميرها «علي بن مقلد بن منقذ»، ومنها إلى حلب السورية، وهناك التقى ﺑ «ابن حيُّوس» أشهر شعراء زمانه، ولازَمه مدةً حتى صار امتدادًا لشِعره، ثم اتجه غربًا إلى طرابلس الليبية التي أقام فيها مدةً قاربت عشر سنوات، وفيها ذاع صِيتُه، ووصلت شُهرته الآفاق، ونَظَم أبدع قصائده وأشهرها، وتَقرَّب من حاكمها «جلال الدين بن عمار»، ثم عاد ثانيةً إلى دمشق وحط فيها رِحاله، وصاحَب وزيرها السلجوقي «هبة الله بن بديع الأصفهاني».

سُمي ﺑ «ابن الخياط» لاشتغال أبيه بحرفة الخياطة، وسُمي بالكاتب لاشتغاله بالكتابة؛ حيث عمل كاتبًا لدى أمراء الدولة العباسية، كما نَظَم الشعر بأغراضه المتنوعة، كالهِجاء، والرِّثاء، والغزَل، ولكنَّ النصيب الأوفر من قصائده كان في المديح، حتى اشتُهر بذلك؛ فذكَرَته كُتُب المؤرخين المعاصرين بأنه من الشعراء المُجيدين، امتَدح الناس، وطاف البلاد، ودخل بلاد العجم وامتَدح أهلها. وصل إلينا ديوانه الذي حوى أبهى قصائد الشعر العربي، وأعذب العبارات، وأبلغ المعاني.

تُوفِّي «ابن الخياط» بدمشق في ١١ رمضان ٥١٧ﻫ/١ نوفمبر ١١٢٣م، عن عُمرٍ يُناهز سبعًا وستين سنة.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤