بِه انْتَفَيْتُ انْتِفَاءَ الْبَابِ بِالْخَشَبِ

Wave Image
بِـهِ انْـتَـفَـيْـتُ انْـتِـفَـاءَ الْـبَـابِ بِـالْخَشَبِ
جَـمْـعًـا وَفِي الْفَرْقِ مَا الْخَلْخَالُ بِالذَّهَبِ
لَـوْ لَـمْ يَـكُـنْ خَـشَـبٌ مَـا الْـبَابُ كَانَ وَلَا
قَـدْ كَـانَ مِـنْ ذَهَـبٍ خَـلْـخَـالُ مُـنْـتَـقِـبِ
حَــقِــيــقَــتَــانِ هُــمَــا إِحْــدَاهُـمَـا عَـدَمٌ
وَمَــا سِــوَاهَــا وُجُــودٌ ثَــابِـتُ الـسَّـبَـبِ
وَالـرُّوحُ مِـنْ جُـمْـلَـةِ الْـمَـعْـدُومِ سَـارِيَـةٌ
كَـالْـجِـلْـدِ بِـالْـعَـظْـمِ مَـمْسُوكٌ وَبِالْعَصَبِ
وَكُـــلُّـــهَـــا صُــوَرٌ يَــبْــدُو مُــصَــوِّرُهَــا
بِـهَـا مُـحِـيـطٌ كَـمَـا قَـدْ جَـاءَ فِي الْكُتُبِ
فَـافْـهَـمْ تَـقَـادِيـرَهُ وَاعْـرِفْ حَـقِـيـقَـتَـهَا
مِـنْـهَـا وَمِـنْـهُ وَخَـفْ وَاحْذَرْ مِنَ الْعَطَبِ
وَلَا تَــقُــلْ أَنْــتَ هُــو مَــا أَنْـتَ هُـو أَبَـدًا
لَا شَيْءَ كَيْفَ يُسَاوِي الشَّيْءَ، وَا عَجَبِي
وَظَـــاهِـــرٌ هُـــوَ ذَا لَا غَـــيْـــرُهُ مَـــعَـــهُ
وَإِنَّــمَــا غَــيْــرُهُ الْــمَــعْــدُومُ فَــارْتَـقِـبِ
وَبَــاطِــنٌ هُــوَ فِـي حَـالِ الـظُّـهُـورِ كَـمَـا
عَـرَفْـتَ فِـي الذَّهَبِ الْمَصْنُوعِ وَالْخَشَبِ
وَلَا تَــقُــلْ بِــانْــتِــفَــاءِ الْـغَـيْـرِ تَـجْـهَـلُـهُ
وَلَا تَــقُــلْ بِــوُجُــودِ الْـغَـيْـرِ تَـحْـتَـجِـبِ
وَرُتْــــبَــــةٍ أَنْــــتَ فِــــيــــهَـــا إِنَّـــهُ أَزَلًا
فِـي رُتْـبَـةٍ غَـيْـرِهَـا فَـاكْـشِفْ عَنِ الرُّتَبِ
وَافْــهَــمْ كَـلَامِـي وَحَـقِّـقْ مَـا تَـرَاهُ هُـنَـا
وَمَــيِّــزِ الْــفَــرْقَ وَالْــزَمْ سَــاحَـةَ الْأَدَبِ
وَلَا تُــغَــالِــطْ فَــمَــا الْأَحْــوَالُ مُــلْـعِـبَـةٌ
وَلَــيْــسَ قَــلْــبُــكَ هَـذَا غَـيْـرَ مُـنْـقَـلِـبِ
هَـذَا هُـوَ الْـخَـلْـقُ وَالْـحَـقُّ الْـمُـحِـيطُ بِهِ
لِأَنَّـــهُ عَـــدَمٌ قُـــلْ بِــالْــوُجُــودِ حُــبِــي
فَــاسْــجُــدْ لَـهُ دَائِـمًـا إِنْ كُـنْـتَ تَـعْـرِفُـهُ
مِـثْـلِـي كَـمَـا قَـالَ فِـي الْـقُـرْآنِ وَاقْتَرِبِ
وَلَا تَــصِــرْ كَــافِــرًا إنْ قُــلْــتَ إِنَّـكَ هُـو
فَأَنْــتَ بِـالـنَّـفْـسِ عَـنْـهُ دَائِـمُ الْـحُـجُـبِ
الـــلـــهُ أَكْـــبَــرُ هَــذَا عَــقْــدُ كُــلِّ وَلِــي
لَا شَــكَّ فِــيــهِ لَـنَـا بَـلْ عَـقْـدُ كُـلِّ نَـبِـي
فَــخُــذْ بِــهِ وَتَــمَــسَّــكْ لَا تَـمِـلْ لِـسِـوَى
هَـــذَا إِذَا رُمْــتَ تَــرْقَــى ذُرْوَةَ الْــقُــرَبِ
أَوْ لَا فَــسَــلِّــمْــهُ لِــلْــقَــوْمِ الَّــذِيــنَ بِـهِ
تَـحَـقَّـقُـوا وَاعْـتَـقِـدْ تَـنْـجُـو مِـنَ الـتَّعَبِ
وَتُـــدْرِكِ الْـــعِـــزَّ فِـــي دُنْـــيَـــا وَآخِــرَةٍ
بِـالْـقَـوْمِ فِـي حَـالَـةٍ مَـوْصُـولَـةِ الـنَّـسَبِ
أَوْ لَا فَــلَا تُــؤْذِهِــمْ بِــالــسُّـوءِ تَـنْـسِـبُـهُ
لَــهُـمْ وَخَـفْ رَبَّـهُـمْ يُـرْدِيـكَ بِـالْـغَـضَـبِ
وَلَا تَــخُـضْ فِـي أُمُـورٍ لَـسْـتَ تَـعْـرِفُـهَـا
إِنِّــي نَــصَــحْــتُــكَ هَـذَا غَـايَـةُ الـلَّـعِـبِ
وَلَا تُـــعَـــانِـــدْ بِــلَا عِــلْــمٍ وَكُــنْ رَجُــلًا
لَـهُ اهْـتِـمَـامٌ بِأَعْـلَـى الـسَّـبْـعَـةِ الـشُّـهُبِ
وَاعْــلَــمْ بِـرَبِّـكَ لَا بِـالْـعَـقْـلِ مِـنْـكَ تَـفُـزْ
بِــمَـا تَـرُومُ وَكُـنْ فِـي الـرَّأْسِ لَا الـذَّنَـبِ
فَإِنَّ رَبَّــــكَ خَــــلَّاقٌ لِـــعَـــقْـــلِـــكَ مَـــا
فَـرَقْـتَ بِـالـذَّوْقِ بَـيْـنَ الضَّرْبِ وَالضَّرَبِ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: البسيط
  • عصر القصيدة: العثماني

عن الشاعر

عبد الغني النابلسي الدمشقي: شاعر، وفقيه، ورحَّالة، ومتصوِّف سوري، يرجع نسَبُه إلى «عمر بن الخطاب».

وُلد «عبد الغني النابلسي» في دمشق عام ١٦٤١م في بيتِ عِلم؛ فقد كان جدُّه مدرِّسًا لجامع «درويش باشا» وناظرًا لوَقْفه، وقد تَولى أبوه المهامَّ نفسَها بعد وفاة جدِّه. كان أبوه أولَ معلِّم له؛ فقد حفظ على يدَيه القرآنَ الكريم في سِن الخامسة، وحين بلَغ العاشرة حفظ كثيرًا من المقدِّمات والمنظومات مثل: «ألفية ابن مالك في النحو»، و«الشاطبية في القراءات»، و«الرحبانية في الفرائض»، و«الجَزرية في التجويد»، كما تابَع دروس «نجم الدين الغزي» في الحديث في الجامع الأموي، وحصل على أول إجازة عامة في الحديث.

عمل «النابلسي» مدرسًا في الجامع الأموي وهو في سِن العشرين من عمره، وحين بلغ الخامسةَ والعشرين ارتحل إلى أدرنة بالدولة العثمانية ثم زار إسطنبول، وبعد عودته عُيِّن قاضيًا في حي الميدان جنوب دمشق، لكنه استقال من منصبه ليتفرَّغ للتدريس والتأليف.

تَجاوَزت مُؤلَّفاته ثلاثمائة عمل مُوزَّعة بين الشِّعر وأدب الرحلات والفقه والتصوُّف والحديث والتفسير؛ ومن أبرزها: «إيضاح المقصود من وَحْدة الوجود»، و«الوجود الحق والخطاب الصدق»، و«التعبير في تفسير الأحلام»، و«ديوان الدواوين» وهو مجموعُ شِعره، و«أسرار الشريعة»، و«الحضرة الأنسية في الرحلة القدسية»، و«ذخائر المواريث في الدلالة على مَواضع الحديث»، وغير ذلك من المصنَّفات الغنية التي تُعَد مصادرَ مهمة في مجالاتها.

اشتهر بالتصوُّف ومُجاهَدة النفس حتى وصل إلى مرتبة العارفين، وكان يَتبنى أفكارَ «محيي الدين بن عربي» ويُدافِع عنه ضدَّ مُنتقِديه، ودخَل في معركة حامية مع علماء وفقهاء عصره حول أفكاره الصوفية والقول بوَحْدة الوجود، وتَعرَّض على إثرها لأزمةٍ نفسية حادة في سن الأربعين، اضطرَّ على إثرها إلى الاعتزال في بيته لمدة سبع سنوات، قضاها في التأليف والتدريس، وأسدَل شَعره في أثنائها، وأرخى لحيتَه، وطلَّق زوجته، لكنه خرج بعدها إلى الناس الذين ازداد احترامُهم له بعدَ أن كانوا قد رمَوه بالحجارة قبل خلوته.

تُوفِّي «النابلسي» عام ١٧٣١م في دمشق، ودُفِن بالقبة التي بناها في بيته، والتي أُقيم عليها جامعٌ بعد ذلك.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤