يَقَظَةُ الشَّرْقِ

Wave Image
أَرَى — بَعْدَ نَوْمٍ طَالَ — فِي الشَّرْقِ يَقْظَةً
نُــهُــوضِــيَّــةً فِــيـهَـا طُـمُـوحٌ إِلَـى الْـمَـجْـدِ
فَـفِـي «مِـصْـرَ» شِـيـدَتْ لِـلْـعُـلُـومِ مَـعَـاهِـدٌ
عَـلَـى أُسُـسِ الـتَّـحْـلِـيـلِ وَالْـبَـحْـثِ وَالنَّقْدِ
فَــلَــمْ تَــتَّــخِــذْ غَـيْـرَ الـتَّـجَـارِبِ مَـنْـهَـجًـا
لِـتَـحْـقِـيـقِـهَـا مِـنْ جَـوْهَـرِ الْـعِـلْمِ مَا يُجْدِي
وَفِـي الْأُفُـقِ «الـتُّـرْكِـيِّ» سَـارَتْ إِلَـى الْـعُلَا
جُــيُــوشٌ بِأَعْــلَامِ الــتَّــجَــدُّدِ تَــسْـتَـهْـدِي
وَفِــي «الْــهِــنْــدِ» قَــامَـتْ لِـلـتَّـحَـرُّرِ ثَـوْرَةٌ
سِــيَــاسِــيَّــةٌ عَــزْلَاءُ قَــائِــدُهَــا «غَــنْـدِي»
وَ«فَــارِسُ» حَــلَّــتْ عُـقْـدَةً مِـنْ جُـمُـودِهَـا
وَحَــنَّــتْ بِــمَـسْـعَـاهَـا إِلَـى سَـالِـفِ الْـعَـهْـدِ
وَفِــي «الــصِّــيــنِ» حَـرْبٌ نَـارُهَـا وَطَـنِـيَّـةٌ
تَــزِيــدُ بِــمَــرِّ الــدَّهْــرِ وَقْــدًا عَــلَــى وَقْــدِ
وَ«بَــغْــدَادُ» بَــيْــنَ الْأَجْــنَــبِــيِّ وَبَــيْــنَــهَـا
مَــزِيــدُ صِــرَاعٍ فِــي الــسِّــيَـاسَـةِ مُـشْـتَـدِّ
عَــلَــى أَنَّ حَـوْلَ «الـنِّـيـلِ» مِـثْـلَ صِـرَاعِـنَـا
وَلَــكِــنَّــهُ بَــيْــنَ الْــحُــكُــومَــةِ وَ«الْـوَفْـدِ»
وَلَـــمْ تَــخْــلُ مِــنْ أَعْــتَــابِــهَــا بِــتَــجَــدُّدٍ
عَـلَـى جَـدْبِـهَـا أَرْضُ «الْـحِجَازِ» وَلَا «نَجْدِ»
زَمَـــانٌ أَتَـــى مِـــنْ كُــلِّ قَــوْمٍ بِــنَــهْــضَــةٍ
سِــيَــاسِـيَّـةٍ حَـتَّـى أَتَـتْ نَـهْـضَـةُ «الْـكُـرْدِ»
تَــبَــاشِــيــرُ صُــبْــحٍ لَاحَ بَــعْــدَ نُــحُــوسَـةٍ
مُــشِــيــرًا إِلَــى مَـا نَـرْتَـجِـيـهِ مِـنَ الـسَّـعْـدِ
فَــيَــا وَفْــدَ مِــصْــرٍ أَنْــتُــمُ خَــيْــرُ شَـاهِـدٍ
عَــلَــى يَــقْـظَـةٍ فِـي الـشَّـرْقِ وَرَّايَـةِ الـزَّنْـدِ
لَـــقَـــدْ جِـــئْـــتُــمُ رُوَّادَ عِــلْــمٍ وَحِــكْــمَــةٍ
فَــحُــيِّــيــتُــمُ أَزْكَـى الـتَّـحِـيَّـاتِ مِـنْ وَفْـدِ
تَــرُودُونَ أَهْــلَ الْــعِــلْــمِ مَــرْعًــى وَمَــنْـزِلًا
وَتَــجْــتَـنِـبُـونَ الْـهَـزْلَ فِـي مَـعْـرِضِ الْـجِـدِّ
وَقَـــــدْ زُرْتُــــمُ «دَارَ الــــسَّــــلَامِ» زِيَــــارَةً
سَــتَــذْكُــرُهَــا الْأَقْـلَامُ بِـالـشُّـكْـرِ وَالْـحَـمْـدِ
وَمِــنْ ذِكْــرِهَــا فِــي كُــلِّ عَـصْـرٍ وَمَـوْطِـنٍ
سَــتَــسْــتَــنْــشِــقُ الْأَيَّـامُ أَطْـيَـبَ مِـنْ وَرْدِ
وَتَــمْـتَـدُّ بَـيْـنَ «الـنِّـيـلِ» مِـنْـهَـا وَ«دِجْـلَـةٍ»
مَــدَى الــدَّهْــرِ أَسْــبَــابُ الــتَّـعَـارُفِ وَالْـوُدِّ
سَـلَامٌ عَـلَـى «مِـصْـرَ» الَّـتِـي أَرْسَـلَـتْ بِـكُـمْ
فَــطَــاحِــلَ عِــلْــمٍ لَا تَــحِـيـدُ عَـنِ الْـقَـصْـدِ
لَــكُــمْ عِــنْــدَ أَهْــلِ «الــرَّافِــدَيْــنِ» تَـجِـلَّـةٌ
عَــلَــى قَــدْرِ مَــا لِــلــرَّافِــدَيْـنِ مِـنَ الـرِّفْـدِ

عن القصيدة

  • مناسبة القصيدة: أُنشِدَت في مأدبة نادي المعلمين؛ لتكريم وفد الجامعة المصرية مساء ٩ شباط سنة ١٩٣١ في أوتيل «كارلتون» ببغداد.
  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الطويل
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

معروف الرُّصافي: أديب وشاعر وأكاديمي عراقي له إسهامات معتبَرة في حقلَي التعليم والثقافة.

وُلِدَ معروف عبد الغني محمود الجباري في مدينة بغداد العراقية عام ١٨٧٥م وتلقَّى علومه الأوَّلِيَّة في الكتاتيب كباقي أقرانه، ثم التحق ﺑ «المدرسة العسكرية الابتدائية» لفترة، ولكنه انتقل للدراسة في المدارس الدينية حيث تتلمذَ على يد مجموعة من علماءِ بغداد الكبار، وقد لقَّبَهُ أحد شيوخه بمعروف الرُّصافي بدلًا من معروف الكرخي.

بعد تخرُّجه عمِل الرُّصافي معلمًا ﺑ «مدرسة الراشدية» ثم مدرسًا للأدب العربي ﺑ «المدرسة الإعدادية» ببغداد، وقد تنقَّل بين المدارس حتى أصبح مدرِّسًا للُّغة العربية ﺑ «الكلية الشاهانية» بإسطنبول، وكان أيضًا يمارس الصحافة؛ حيث عمل محررًا بجريدة «سبيل الرشاد».

انتُخِب الرصافي عضوًا ﺑ «مجلس المبعوثان» العثماني في عام ١٩١٢م (وهو شبيه بالمجالس النيابية الآن)، وتقديرًا لجهوده الأدبية والتعليمية انتُخِب عضوًا ﺑ «مجمع اللغة العربية» بدمشق، ثم عُيِّنَ مفتشًا بمديرية المعارف العراقية.

آمَن الرُّصافي بأهمية التعليم وعمِل على نشره بين العراقيين من خلال دعواته وجهاده المستمر لبناء المزيد من المدارس، محفِّزًا الأغنياء على دعم المشاريع التعليمية وكفالة طلبة العلم، حيث رأى أن طريق التحرُّر الوطني يمر بالمدارس. والحديث عن التحرُّر الوطني يَجرُّنا بالضرورة إلى نشاط الرُّصافي السياسي ورفضه للاحتلال البريطاني واستبداد السلطة؛ فنجده قد دبَّج المقالات وألَّف القصائد الحماسية محرِّضًا الشعب على النضال السياسي، وكذلك الثورة ضد التقاليد والجمود.

ترك الرُّصافي الكثير من الأعمال الشعرية والنثرية المميزة التي عكست أسلوبَه الرصين ولغته المتينة جزْلة الألفاظ، وقد تنوعت الموضوعات التي كتب فيها ما بين السياسي والاجتماعي والأدبي والتاريخي، وكثيرًا ما أثارت كتبه ضجَّةً كبرى في الأوساط الثقافية؛ فكتابه الشهير «الشخصية المحمدية» اعتبره البعض تهجُّمًا على الدين ومقدساته.

تُوُفِّيَ الرُّصافي بعد حياة حافلة في عام ١٩٤٥م عن سبعين عامًا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤