الشَّبَابُ

Wave Image
أَهَـبْـتُ بِـالـشِّـعْـرِ أَنْ يَـعُـودَا
إِلَـى الـصِّـبَـا نَـاعِـمًـا رَغِـيـدَا
يَــذْكُــرُ مَــا مَــرَّ مِـنْ عُـهُـودٍ
لِــلــهِ مَــا أَنْــضَــرَ الْـعُـهُـودَا!
فِـــي كُــلِّ يَــوْمٍ أَرَى فَــنَــاءً
وَهْــوَ يَــرَى حَــوْلَـهُ خُـلُـودَا
طَــارَ حَــثِــيــثًــا بِـكُـلِّ أُفْـقٍ
لَـمَّـا مَـشَـتْ خُـطْـوَتِي وَئِيدَا
وَصَـوَّحَـتْ دَوْحَـتِـي وَمَالَتْ
وَلَــمْ يَــزَلْ صَـادِحًـا غَـرِيـدَا
يَأْخُــذُ مَــا أَبْـقَـتِ الـلَّـيَـالِـي
وَيَــبْــتَــغِــي فَـوْقَـهُ مَـزِيـدَا
تَـجَـارِبِـي الْـبَـاكِـيَـاتُ عَادَتْ
تَــجْــرِي بِأَوْتَــارِهِ نَــشِــيــدَا
فِـي حِـكْمَةِ الشَّيْبِ لِي عَزَاءٌ
وَكَــمْ وَعِـيـدٍ حَـوَى وُعُـودَا!
كَـادَتْ أَيَـادِيـهِ وَهْـيَ بِـيـضٌ
تُـنْـسِـي حُـلِيَّ الشَّبَابِ سُودَا
•••
عَـلَـوْتُ طَـوْدَ الـزَّمَـانِ حَـتَّى
رَأَيْـتُ مِـنْ فَـوْقِـهِ الْـوُجُـودَا
وَبَــانَ مَــا لَـمْ يَـبِـنْ لِـغَـيْـرِي
وَكَــانَ عَــنْ عَــيْـنِـهِ بَـعِـيـدَا
كَـانَ شَـبَـابِـي رَفِـيـقَ عُـمْرِي
فَـعِـشْـتُ مِـنْ بَـعْـدِهِ وَحِـيدَا
غَــابَ فَــلَـمَّـا مَـضَـى وَوَلَّـى
جَــعَـلْـتُ شِـعْـرِي لَـهُ بَـرِيـدَا
أَبْــعَــثُ بِـالـشَّـوْقِ كُـلَّ يَـوْمٍ
وَيَـبْـعَـثُ الْـهَـجْـرَ وَالصُّدُودَا
وَكَـمْ مَـحَـوْتُ الـسُّطُورَ لَثْمًا
أَحْــسَــبُـهَـا لِـلـصِّـبَـا خُـدُودَا
يُــصَــوِّرُ الْــحُــبَّ فِـي إِطَـارٍ
فَأُبْـصِـرُ الْـغِـيـدَ فِـيـهِ غِـيـدَا
وَيَـرْسُـمُ الْـمَـاضِـيَ الْـمُـوَلِّي
كَــعَــهْــدِهِ بَــاسِـمًـا سَـعِـيـدَا
أَلْــمَــحُ شَـخْـصِـي بِـهِ كَأَنِّـي
أَلْـمَـحُ شَـخْـصًـا بِـهِ جَـدِيـدَا
أَيْــنَ وُرُودِي وَأَيْــنَ كَأْسِـي؟
مَاذَا دَهَى الْكَأْسَ وَالْوُرُودَا؟
لَـمْ يَـبْـقَ مِـنِّـي سِـوَى لِـسَانٍ
يُـجِـيـدُ مَـا شَـاءَ أَنْ يُـجِـيدَا
وَفِـــكْــرَةٍ صُــوِّرَتْ نُــضَــارًا
وَحِــكْــمَـةٍ نُـظِّـمَـتْ عُـقُـودَا
•••
فَـيَـا شَـبَـابَ الْـبِـلَادِ صُـونُوا
شَـرْخَ الـصِّـبَـا قَـبْلَ أَنْ يَبِيدَا
يَـعُـودُ فِـي الْـكَوْنِ كُلُّ شَيْءٍ
وَذَاهِــبُ الْـعُـمْـرِ لَـنْ يَـعُـودَا
إِنِ اشْـتَكَى النِّيلُ مَسَّ ضَيْمٍ
فَــحَــرِّمُــوا حَـوْلَـهُ الْـوُرُودَا
تِــجَــارَةُ الــرِّقِّ قَــدْ تَــوَلَّـتْ
فَــمَـا لَـنَـا نَـلْـمَـحُ الْـقُـيُـودَا؟
قَـدْ ذَهَـبَ الْـعُـمْـرُ فِي جِدَالٍ
كُـــنَّـــا لِـــنِــيــرَانِــهِ وَقُــودَا
لَا يُـدْرِكُ الـسُّـؤْلَ غَـيْـرُ عَـزْمٍ
مُــثَــابِــرٍ يَــقْــرَعُ الْـحَـدِيـدَا
فَأَيْـقِـظُـوا مِـصْـرَ مِـنْ جَدِيدٍ
فَإِنَّـــهَـــا مَـــلَّـــتِ الــرُّقُــودَا
لَا تَـرْسُـمُـوا لِـلـطُّـمُـوحِ حَـدًّا
فَـالْـمَـجْـدُ لَا يَعْرِفُ الْحُدُودَا
الْـعِـلْـمُ أَمْضَى مِنَ الْمَوَاضِي
فَــجَـرِّدُوا نَـحْـوَهُ الْـجُـهُـودَا
مِـصْـرُ تُـرِيـدُ الـسَّـمَـاءَ وَثْـبًـا
وَأَوَّلُ الــنُّــجْــحِ أَنْ تُــرِيــدَا

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: مخلع البسيط
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

علي الجارم: أديب، وشاعر مصري، ورائد من رواد مدرسة الإحياء والبعث إلى جانب كل من أحمد شوقي وحافظ إبراهيم. أَثْرَت مؤلفاته المكتبة الأدبية العربية؛ حيث تعددت وتنوعت بين الدواوين الشعرية، والروايات الأدبية والتاريخية، إضافة إلى الكتب المدرسية، وكانت له مساهمات فعالة في حقل اللغة العربية. وقد اشتهر بغيرته على الدين واللغة والأدب، وتمكن من أن يحوز مكانة شعرية رائدة.

ولد علي صالح عبد الفتاح الجارم، بمدينة رشيد عام ١٨٨١م، تلك المدينة التي شهدت الكثير من أحداث مصر التاريخية. كان والده الشيخ محمد صالح الجارم عالمًا من علماء الأزهر، وقاضيًا شرعيًّا بمدينة دمنهور. تلقى علي دروسه الأولى بمدينة رشيد، فأتم بها التعليم الابتدائي، وواصل تعليمه الثانوي بالقاهرة حيث التحق بالأزهر الشريف، واختار بعد ذلك أن يلتحق بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة. سافر عام ١٩٠٨م إلى إنجلترا وتحديدًا نوتينجهام لإكمال دراسته، فدرس هناك أصول التربية، ثم عاد إلى مصر عام ١٩١٢م بعد أربع سنوات قضاها في الغربة.

عُيِّن الجارم عقب عودته مدرسًا بمدرسة التجارة المتوسطة، ثم تدرج في مناصب التربية والتعليم حتى عُيِّن كبير مفتشي اللغة العربية بمصر، كما عمل الجارم وكيلًا لدار العلوم، وكان عضوًا مؤسِّسًا لمجمع اللغة العربية، وقد مَثَّل مصر في عدد من المؤتمرات العلمية والثقافية.

سَخَّر الجارم طاقاته الإبداعية وإمكانياته الثقافية في إنجاز العديد من الروايات الأدبية التاريخية التي تتخذ من التاريخ العربي موضوعًا لها، مثل: «فارس بني حمدان» و«هاتف من الأندلس» و«مرح الوليد» و«خاتمة المطاف» و«نهاية المتنبي». توفي علي الجارم عام ١٩٤٩م عن ثمانية وستين عامًا، وقد رثاه كبار أدباء ومفكري عصره.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤