لَقَدْ مَالَ رُكْنُ الدِّينِ وَانْهَدَمَ الْفَضْلُ

Wave Image
لَـقَـدْ مَـالَ رُكْـنُ الـدِّيـنِ وَانْـهَـدَمَ الْـفَضْلُ
وَأَقْــوَتْ دِيَــارُ الْـعِـلْـمِ وَارْتَـحَـلَ الْـعَـدْلُ
وَغَــالَــتْ يَــدُ الْــمِـقْـدَارِ نَـفْـسَ مُـحَـمَّـدٍ
فَـكَـانَ نَـصِـيـبَ الْـكَـوْنِ مِـنْ بَعْدِهِ الثُّكْلُ
فَــهَــلَّا قَـضَـى الْـعَـافُـونَ حُـزْنًـا لَـفَـقْـدِهِ
وَمَـادَتْ رَوَاسِـي الْأَرْضِ وَانْـطَبَقَ السَّهْلُ
وَهَـــلَّا فَـــدَيْـــنَــاهُ بِــخَــيْــرِ هُــدَاتِــنَــا
فَــلَــيْــسَ لَــهُ فِـي عِـلْـمِـهِ مَـنْـهُـمُ مِـثْـلُ
وَكَــانَ سِــرَاجًــا وَسْــطَ قَــوْمٍ وَجُـلُّـهُـمْ
أَخُــو رَمَــدٍ أَوْ حَــاسِــدٌ صَــدَّهُ الــذَّحْـلُ
وَغَــيْــثًـا عَـلَـى الـصَّـوَّانِ كَـانَ هُـبُـوطُـهُ
وَهَـلْ تَـخْـصَـبُ الـصَّـمَّا وَإِنْ هَطَلَ الْوَبْلُ
وَمَـــا كَـــانَ إِلَّا رَحْــمَــةَ الــلــهِ لِــلْــوَرَى
فَـجَـارَ بِـهِـمْ عَـنْ شُـكْـرِ نِـعْـمَـتِـهِ الْـجَهْلُ
وَسَــيْــفًـا لِـنَـصْـرِ الـدِّيـنِ جَـرَّدَهُ الْـفِـكْـرُ
فَأَجْـلَـى الْـعَـمَى وَارْتَدَّ فِي غِمْدِهِ النَّصْلُ
قَـضَـى عُـمْـرَهُ فِـي خِـدْمَةِ الدِّينِ جَاهِدًا
وَكَــانَ لَــهُ فِـي نَـصْـرِهِ الْـبَـاعُ وَالْـحَـوْلُ
وَمَــا زَالَ فِـي نَـشْـرِ الْـمَـعَـارِفِ سَـاعِـيًـا
إِلَـى أَنْ طَـوَاهُ الـدَّهْـرُ فَـاسْـتَـتَـرَ الـنُّـبْـلُ
ذَكِـــيٌّ تَـــقِـــيٌّ زَيَّــنَ الْــعِــلْــمُ فِــعْــلَــهُ
بِـحُـسْـنِ اجْـتِـهَـادٍ لَمْ يَكُنْ شِيمَ مِنْ قَبْلُ
كَـــرِيـــمٌ لِـــكُـــلِّ الــنَّــاسِ فِــيــهِ مَآرِبٌ
فَــلِــلْأَغْــنِــيَـا عِـلْـمٌ وَلِـلـسُّـوقَـةِ الـنَّـيْـلُ
تَــجَــمَّــعَ شَــمْــلُ الْــمَـكْـرُمَـاتِ حِـيَـالَـهُ
وَغَـابَ عَـنِ الْأَحْـيَـاءِ فَـانْـصَـدَعَ الـشَّمْلُ
فَـــيَــا رَاحِــلًا لِــلْــعُــرْفِ إِثْــرَكَ لَــوْعَــةٌ
وَلِـلْـفِـقْـهِ وَالـتَّـفْـسِـيـرِ مِـنْ بَـعْدِكَ الْوَيْلُ
سَــهِــرْتَ وَجَــاهَــدْتَ الــضَّـلَالَ وَأَهْـلَـهُ
وَسَاعَدْتَ أَهْلَ الرُّشْدِ حَتَّى انْجَلَى اللَّيْلُ
وَبَـانَـتْ كَـضَـوْءِ الـشَّـمْـسِ كُـلُّ حَـقِـيـقَةٍ
فَـمَـا ضَـلَّ عَـنْ تَـحْـصِـيـلِـهَـا مَنْ لَهُ عَقْلُ
وَأَظْــهَــرْتَ آيَــاتِ الْــكِـتَـابِ وَفَـصْـحَـهُ
بِــقَــوْلٍ إِذَا جَــدَّ الْــمِــرَا فَــهُـوَ الْـفَـصْـلُ
فَإِنْ جَـحَـدَ الْـجُـهَّـالُ فَـضْـلَـكَ وَالـنُّـهَـى
فَـقَـدْ كُـذِّبَـتْ بِـالْإِفْـكِ مِـنْ قَـبْلِكَ الرُّسْلُ
وَفِـي الْـخُـلْـدِ إِخْـلَافُ الَّـذِي قَـدْ بَـذَلْـتَـهُ
مِـنَ الْـعَـمَـلِ الْـمَـبْـرُورِ لَا يُـبْـخَسُ الْكَيْلُ
مُــصَــابُـكَ قَـدْ سَـاءَ الْـمَـعَـالِـي وَأَهْـلَـهَـا
كَــمَـا كَـانَ يُـرْضِـيـهِـمْ فِـعَـالُـكَ وَالْـقَـوْلُ
وَلَــوْلَا الَّــذِي خَــلَّــفْــتَــهُ مِــنْ مَــعَـارِفٍ
لَـضَـاقَـتْ بِـنَـا الـدُّنْـيَـا وَزَادَ بِـهَـا الْـهَـوْلُ
لَــنَــا فِــي الَّــذِي دَوَّنْــتَــهُ خَــيْـرُ مَـلْـجَأٍ
كَـمَـا كَـانَ قَـبْـلَ الْـمَـوْتِ فِي رَبْعِكَ الظِّلُّ
فَـصَـبْـرًا جَـمِـيـلًا مَـعْـشَـرَ الـشَّيْخِ لِلْقَضَا
وَهَــلْ مِــنْ مُــقِــيــمٍ لَا يُــشَـدُّ لَـهُ رَحْـلُ

عن القصيدة

  • مناسبة القصيدة: رثاء الشيخ محمد عبده.
  • غرض القصيدة: الرثاء
  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الطويل
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

نبوية موسى: رائدةٌ مِصريةٌ بارزةٌ في مجالاتِ التَّعليمِ وحقوقِ المرأة.

وُلِدَتْ «نبوية موسى» في عامِ ١٨٨٦م بقريةِ «مجول» بمحافظةِ «القليوبية»، لأبٍ كانَ يعملُ ضابطًا بالجيشِ المصريِّ أُوفِدَ إلى السودانِ قبلَ ميلادِها بشهرَين، وتُوفِّيَ هناكَ فلمْ تَرَهُ ونشأَتْ يتيمةَ الأب.

شُغِفتْ منذُ صِغرِها بالتعليم، ولكنْ بسببِ التقاليدِ الاجتماعيةِ الصارمةِ السائدةِ آنَذاكَ لمْ يكُنْ يُسمَحُ للفَتياتِ أن يَلْتحقْنَ بالمدارسِ بسُهولة؛ لذلكَ تعلَّمتِ القراءةَ والكتابةَ في البيتِ بمُساعدةِ شقيقِها الأكبر، الذي كانَ كثيرًا ما يَقرأُ عليها دروسَه فتَحْفظُها مِنَ المرَّةِ الأُولى.

عندما بلغَتْ الثالثةَ عشرةَ مِن عمرِها أرادَت أن تَلتحِقَ بالمدرسة، إلا أنَّ أُسرتَها رفَضت بشدة، ولكنها احتالتْ بشتَّى السُّبُلِ لتضمَنَ لنفسِها مَقْعدًا دراسيًّا؛ فاضْطُرَّتْ إلى أن تسرقَ خاتمَ والدتِها لتُزوِّرَ موافقَتَها على الالتِحاق، وبالفعلِ بدأتْ في تَلقِّي الدروسِ ﺑ «المدرسةِ السنيةِ للبنات» لتنالَ شهادةَ التعليمِ الابتدائيِّ بتفوُّقٍ عامَ ١٩٠٣م.

بعدَ أن أتمَّتْ دراستَها بقسمِ المُعلِّماتِ عامَ ١٩٠٦م عُيِّنتْ مُعلِّمةً بمَدْرسة «عباس الابْتدائيَّة للبِنات» بالقاهِرة، ولكنَّها صُدِمَتْ عندما وجدَتْ أنَّ راتبَها نصفُ راتبِ زملائِها خرِّيجِي «مدرسةِ المُعلِّمين العُلْيا»، فتقدَّمتْ بشَكوى لوزارةِ المَعارف، التي رَدَّتْ بدَوْرِها بأنَّ سببَ ذلكَ هو حصولُ زملائِها الرجالِ على درجةِ «البكالوريا»، فقرَّرتْ أن تَدْرسَ لِنَيلِها بنفسِها؛ حيثُ لم يكُنْ هناكَ وقتَها مدارسُ فَتياتٍ للبكالوريا، فكانتْ هيَ أولَ فتاةٍ مِصريةٍ تَحصُلُ على هذهِ الشهادةِ عامَ ١٩٠٧م.

كانت قد بدأتْ في ذلكَ الوقتِ في كتابةِ مَقالاتٍ صحفيةٍ تتناولُ موضوعاتٍ تعليميةً واجتماعيةً وأدبية، وركَّزتِ اهتمامَها على قَضايا التعليمِ وتربيةِ الفتاةِ وتَثْقيفِها، كما ألَّفتْ بعضَ الكتبِ التي ضمَّتْ آراءَها وأفكارَها.

كانتْ «نبوية موسى» أوَّلَ ناظرةٍ مِصريةٍ لمَدْرسةٍ ابتدائية؛ مَدْرسةِ «المحمَّدية للبنات» بالفيوم، وقد بذلَتْ فيها مَجْهودًا كبيرًا لنَشرِ تعليمِ الفَتيات، وطبَّقتْ أسلوبًا أخلاقيًّا صارمًا ومُنضبطًا لتربيةِ الطالبات؛ لكَي تُشجِّعَ الأُسَرَ على إرسالِ بناتِهم للتعلُّمِ دونَ خوْفٍ عليهِن.

أنشأتْ «نبوية موسى» مطبعةً ومجلةً أُسبوعيةً نسائيةً باسمِ «الفتاة»، كما شارَكَتْ في العديدِ مِنَ المؤتَمراتِ التربويةِ والنِّسائية، وتُوفِّيتْ عامَ ١٩٥١م بعدَ حياةٍ حافِلةٍ بالعَطاء.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤