غَادَةُ الِانْتِدَاب

Wave Image
دَعْ مُـزْعِـجَ الـلَّـوْمِ وَخَـلِّ الْـعِـتَـابْ
وَاسْـمَعْ إِلَى الْأَمْرِ الْعَجِيبِ الْعُجَابْ
مِـــنْ قِـــصَّـــةٍ وَاقِـــصَــةٍ غُــصَّــةٍ
تُـضْـحِـكُ بَـلْ تَـدْعُـو إِلَى الِانْتِحَابْ
فِـي الْـكَـرْخِ مِـنْ بَـغْـدَادَ مَـرَّتْ بِـنَـا
يَـوْمًـا فَـتَـاةٌ مِـنْ ذَوَاتِ الْـحِـجَـابْ
لَـــبَّـــتُـــهَــا مُــوقَــرَةٌ بِــالْــحِــلَــى
وَكَــفُّــهَــا مُــشْــبَـعَـةٌ بِـالْـخِـضَـابْ
وَوَجْــهُــهَــا يَــطْــمِـسُ سَـحْـنَـاءَهُ
عَــنَّــا ظَــلَامٌ مِــنْ سَـوَادِ الـنِّـقَـابْ
تَـمْـشِـي الْـعِـرَضْـنَـى فِـي جَلَابِيبِهَا
مِـشْـيَـةَ إِحْـدَى الْمُومِسَاتِ الْقِحَابْ
تَــخْــتَــلِــبُ الــنَّــاسَ بِأَوْضَـاعِـهَـا
وَكُــلُّ مَــا يَــصْــدُرُ مِــنْـهَـا خِـلَابْ
قَــدْ وَضَـعَـتْ تَـاجًـا عَـلَـى رَأْسِـهَـا
يَـلْـمَـعُ فِـي الـظَّـاهِـرِ لَـمْـعَ الـشِّهَابْ
يُــحْــسَــبُ مِــنْ دُرٍّ بِــتَــمْــوِيــهِـهِ
وَهْــوَ إِذَا حَــقَّــقْـتَـهُ مِـنْ سِـخَـابْ
كَــاسِــيَــةُ الْــجِــسْـمِ أَرَقَّ الْـكُـسَـا
مَــوْشِــيَّـةُ الـثَّـوْبِ بِـوَشْـيٍ كِـذَابْ
قَــدْ غُــولِــطَ الــنَّــاسُ بِأَثْــوَابِــهَـا
فِـي أَنَّـهَـا مِـنْ مَـعْـمَـلِ الْإِنْـتِـخَـابْ
وَهْــيَ لَــعَــمْــرِي دُونَ مَــا رِيــبَــةٍ
مَـنْـسُـوجَـةٌ فِـي مَنْسَجِ الْإِغْتِصَابْ
فَـالْـغِـشُّ فِـي لُـحْـمَـتِـهَـا وَالـسَّـدَى
وَكُــلُّ مَــا يَــدْعُــو إِلَـى الِارْتِـيَـابْ
قَــالَ جَــلِــيـسِـي يَـوْمَ مَـرَّتْ بِـنَـا:
مَـنْ هَـذِهِ الْـغَـادَةُ ذَاتُ الْـحِـجَـابْ؟
قُـــلْـــتُ لَـــهُ: تِـــلْــكَ لِأَوْطَــانِــنَــا
حُــكُــومَــةٌ جَــادَ بِــهَــا الِانْـتِـدَابْ
تَــحْــسَــبُــهَــا حَـسْـنَـاءَ مِـنْ زِيِّـهَـا
وَمَـا سِـوَى «جُنْبُولَ» تَحْتَ الثِّيَابِ
ظَـــاهِــرُهَــا فِــيــهِ لَــنَــا رَحْــمَــةٌ
وَالْــوَيْـلُ فِـي بَـاطِـنِـهَـا وَالْـعَـذَابْ
مُــصَــابُــنَـا أَمْـسَـى فَـظِـيـعًـا بِـهَـا
يَـا رَبِّ مَـا أَفْـظَـعَ هَـذَا الْـمُـصَـابْ!
تَـــالـــلـــهِ قَـــدْ حُـــقَّ لَــنَــا أَنَّــنَــا
نَـحْـثُـو عَـلَـى الْأَرْؤُسِ كُـلَّ الـتُّرَابْ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: السريع
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

معروف الرُّصافي: أديب وشاعر وأكاديمي عراقي له إسهامات معتبَرة في حقلَي التعليم والثقافة.

وُلِدَ معروف عبد الغني محمود الجباري في مدينة بغداد العراقية عام ١٨٧٥م وتلقَّى علومه الأوَّلِيَّة في الكتاتيب كباقي أقرانه، ثم التحق ﺑ «المدرسة العسكرية الابتدائية» لفترة، ولكنه انتقل للدراسة في المدارس الدينية حيث تتلمذَ على يد مجموعة من علماءِ بغداد الكبار، وقد لقَّبَهُ أحد شيوخه بمعروف الرُّصافي بدلًا من معروف الكرخي.

بعد تخرُّجه عمِل الرُّصافي معلمًا ﺑ «مدرسة الراشدية» ثم مدرسًا للأدب العربي ﺑ «المدرسة الإعدادية» ببغداد، وقد تنقَّل بين المدارس حتى أصبح مدرِّسًا للُّغة العربية ﺑ «الكلية الشاهانية» بإسطنبول، وكان أيضًا يمارس الصحافة؛ حيث عمل محررًا بجريدة «سبيل الرشاد».

انتُخِب الرصافي عضوًا ﺑ «مجلس المبعوثان» العثماني في عام ١٩١٢م (وهو شبيه بالمجالس النيابية الآن)، وتقديرًا لجهوده الأدبية والتعليمية انتُخِب عضوًا ﺑ «مجمع اللغة العربية» بدمشق، ثم عُيِّنَ مفتشًا بمديرية المعارف العراقية.

آمَن الرُّصافي بأهمية التعليم وعمِل على نشره بين العراقيين من خلال دعواته وجهاده المستمر لبناء المزيد من المدارس، محفِّزًا الأغنياء على دعم المشاريع التعليمية وكفالة طلبة العلم، حيث رأى أن طريق التحرُّر الوطني يمر بالمدارس. والحديث عن التحرُّر الوطني يَجرُّنا بالضرورة إلى نشاط الرُّصافي السياسي ورفضه للاحتلال البريطاني واستبداد السلطة؛ فنجده قد دبَّج المقالات وألَّف القصائد الحماسية محرِّضًا الشعب على النضال السياسي، وكذلك الثورة ضد التقاليد والجمود.

ترك الرُّصافي الكثير من الأعمال الشعرية والنثرية المميزة التي عكست أسلوبَه الرصين ولغته المتينة جزْلة الألفاظ، وقد تنوعت الموضوعات التي كتب فيها ما بين السياسي والاجتماعي والأدبي والتاريخي، وكثيرًا ما أثارت كتبه ضجَّةً كبرى في الأوساط الثقافية؛ فكتابه الشهير «الشخصية المحمدية» اعتبره البعض تهجُّمًا على الدين ومقدساته.

تُوُفِّيَ الرُّصافي بعد حياة حافلة في عام ١٩٤٥م عن سبعين عامًا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤