كَمْ أَرْقَمِيٍّ مِنْ بَنِي وَائِلٍ

Wave Image
كَــمْ أَرْقَــمِــيٍّ مِــنْ بَـنِـي وَائِـلٍ
مُـــوَائِـــلٍ فِــي حُــلَّــةِ الْأَرْقَــمِ
يَــحْـمِـلُ مِـنْـهَـا صَـادِيًـا سَـابِـحٌ
مِـثْـلَ غَـدِيـرِ الـدِّيـمَـةِ الْـمُـفْـعَمِ
قَـضَّـاءُ تَـحْـتَ الـلَّـمْـسِ قَضَّاءَةٌ
غَـيْـرَ قَـضَـايَـا الـسَّـيْفِ واللَّهْذَمِ
كَـبُـرْدَةِ الْأَيْـمِ الْـعَـرُوسِ ابْـتَغَى
بِـــهَـــا جِــلَاءَ الْــحَــيَّــةِ الْأَيِّــمِ
قَــدْ دَرِمَــتْ مِــنْ كِـبَـرٍ أُخْـتُـهَـا
وَعُــمِّــرَتْ عَــصْــرًا فَـلَـمْ تَـدْرَمِ
كَـسَـابِـيَـاءِ الـسَّـقْـفِ أَوْ سَـافِـيَا
ءِ الـنَّـغْـبِ فِـي يَـوْمِ صَبًا مُرْهِمِ
مِـنْ أَنْـجُـمِ الـدَّرْعَاءِ أَوْ نَابِتِ الْـ
ـفَــقْــعَـاءِ بَـلْ مِـنْ زَرَدٍ مُـحْـكَـمِ
لَاقَـى بِـهَـا طَـالُـوتُ فِـي حَـرْبِهِ
جَــالُـوتَ صَـدْرَ الـزَّمَـنِ الْأَقْـدَمِ
كَــانَــتْ لِـقَـابُـوسِ بَـنِـي مُـنْـذِرٍ
إِرْثَ الْمُلُوكِ الشُّوسِ مِنْ جُرْهُمِ
شَــحَّ عَـلَـيْـهَـا قَـيْـنُـهَـا أَنْ تُـرَى
مَـجْـهُـولَـةَ الـصَّـانِـعِ لَـمْ تُـوسَمِ
فَــلَاحَ لِــلــنَّــاظِـرِ فِـي سَـرْدِهَـا
آثَــــارُ دَاوُودَ وَلَـــمْ تَـــظْـــلِـــمِ
لَا تَــنْــتَــمِــي كِـبْـرًا إِلَـى سَـابِـرٍ
لَــكِــنْ إِلَــيْــهَـا سَـابِـرٌ يَـنْـتَـمِـي
وَهْــيَ إِذَا الْـمَـوْتُ بَـدَا مُـعْـلَـمًـا
نِــعْــمَ دِثَـارُ الْـفَـارِسِ الْـمُـعْـلَـمِ
لَـمْ تَـخْـضِـمِ الْـبِـيـضُ لَهَا حَلْقَةً
يَـسِـيـرَةَ الـصُّـنْـعِ وَلَـمْ تَـقْـضَـمِ
تَــرُدُّهَــا أَسْــغَــبَ مِــنْ جُــذْوَةٍ
وَإِنْ غَــدَتْ آكَــلَ مِــنْ خَــضَّــمِ
أَرْدَانُــهَــا أَمْــنٌ غَــدَاةَ الْــوَغَـى
لِـلْـكَـفِّ وَالـسَّـاعِـدِ وَالْـمِـعْـصَـمِ
لَـوْ أَنَّـهَـا كَـانَـتْ عَـلَـى عِـصْـمَـةٍ
فِـي الْـوَقَـبَـى لَـمْ يُدْعَ بِالْأَجْذَمِ
إِنْ يَــرَهَــا ظَــمْآنُ فِــي مَـهْـمَـهٍ
يَــسْأَلْــكَ مِـنْـهَـا جُـرْعَـةً لِـلْـفَـمِ
ضَـمَـانُـهَـا لِـلـنَّـفْـسِ إِحْـصَـانُـهَـا
غَـيْـرُ ضَـمَـانَـاتِ أَبِـي ضَـمْـضَـمِ
كُــلُّ حَــلِــيــفٍ حَــدُّهُ حَــالِــفٌ
أَنْ سَــيُـرَى مُـخْـتَـضِـبًـا بِـالـدَّمِ
تَـــكْـــذِبُـــهُ فِــي قَــوْلِــهِ عِــزَّةً
فَــلْــيَــتَّــقِ الــلــهَ وَلَا يُــقْـسِـمِ
كَأَنَّـــمَـــا حِـــرْبَـــاؤُهَــا عَــائِــمٌ
فِــي لُــجَّــةٍ سَــالِــمَــةِ الْــعُـوَّمِ
يَـصْلَى إِذَا حَارَبَ شَمْسَ الظُّبَى
فِـعْلَ مَجُوسِيِّ الضُّحَى الْمُسْلِمِ
لَــوْ سَــلَــكَــتْ أُمُّ حُــبَـيْـنٍ بِـهَـا
لَاسْـتُـهْـلِـكَـتْ فِـيـهَـا وَلَمْ تَسْلَمِ
هَـيْـنَـمَـةُ الْـخِرْصَانِ فِي عِطْفِهَا
هَــيْــنَــمَــةُ الْأَعْـجِـمِ لِـلْأَعْـجَـمِ
مُـسْـتَـخْـبِرَاتٍ مَا حَوَى صَدْرُهَا
فَأَعْــرَضَـتْ عَـنْـهَـا وَلَـمْ تَـفْـهَـمِ
تَـــــنِـــــمُّ أَدْرَاعٌ بِأَسْــــرَارِهَــــا
وَإِنْ تُــسَـلْ عَـنْ سِـرِّهَـا تَـكْـتُـمِ
مَـا خِـلْـتُ هَـمَّـامًـا لَـوِ ابْـتَـاعَـهَا
يَـفِـرُّ مِـنْ خَـوْفِ أَبِـي جَـهْـضَـمِ
وَحَـاجِـبٌ لَـوْ حَـجَـبَتْ شَخْصَهُ
لَـمْ يُـمْـسِ فِـي الْـمِنَّةِ مِنْ زَهْدَمِ
تَــزَاحَــمُ الــزُّرْقُ عَــلَـى وِرْدِهَـا
تَــزَاحُــمَ الْــوِرْدِ عَــلَــى زَمْــزَمِ
لَا مُــرَّةُ الــطَّــعْــمِ وَلَا مِــلْــحَـةٌ
وَكَــيْــفَ بِـالـذَّوْقِ وَلَـمْ تُـعْـجَـمِ
مَــا هَــمَّ فِـي الـرَّوْعِ بِـهَـا ذَائِـقٌ
إِلَّا انْــثَـنَـى عَـنْـهَـا بِـفِـي أَهْـتَـمِ
كَــلَاهِــمٍ شَــيْــئًــا أَبَـى وَشْـكُـهُ
إِخْـبَـارَهُ بِـالـصِّـدْقِ فِي الْمَطْعَمِ
فَــلْـيَـنْـفِـرِ الْـهِـنْـدِيُّ عَـنْ مَـوْرِدٍ
مَــنْــظَــرُهُ كَــالــلُّـجَّـةِ الْـعَـيْـلَـمِ
هَــازِئَــةٌ بِــالْــبِــيـضِ أَرْجَـاؤُهَـا
سَــاخِــرَةُ الْأَثْــنَــاءِ بِــالْأَسْــهُـمِ
لَـوْ أَمْـسَـكَـتْ مَا زَلَّ عَنْ سَرْدِهَا
لَأُبْــصِــرَ الــدَّارِعُ كَــالــشَّـيْـهَـمِ
أَسْــتَــغْــفِــرُ الـلـهَ وَلَا أَنْـدُبُ الْـ
أَطْـلَالَ فَـذَّ الـشَّـخْـصِ كَالتَّوْءَمِ
هَـلْ سَـمْـسَـمٌ فِـيمَا مَضَى عَالِمٌ
بِـوَقْـفَـةِ الْـعَـجَّـاجِ فِـي سَـمْسَمِ
وَلَـسْـتُ بِـالـنَّـاسِـبِ غَـيْثًا هَمَى
إِلَــى الــسِّـمَـاكَـيْـنِ وَلَا الْـمِـرْزَمِ
وَلَــيْــسَ غِــرْبَـانِـي بِـمَـزْجُـورَةٍ
مَـا أَنَـا مِـنْ ذِي الْـحِـقَّةِ الْأَسْحَمِ
مِـثْـلَ خُـفَـافٍ سَـادَ فِـي قَـوْمِهِ
عَـلَـى اجْـتِيَابِ الْحَسَبِ الْمُظْلِمِ
يَـا مُـلْـهِـمَ الـسَّـخْـلِ وَلَا أَتْـبَعُ الْـ
أَظْـعَـانَ كَـالـنَّـخْـلِ عَـلَـى مَـلْهَمِ
مَـا لِـيَ حِـلْسَ الرَّبْعِ كَالْمَيْتِ بَعْـ
ـدَ الـسَّـبْـعِ لَـمْ آسَـفْ وَلَـمْ أَنْـدَمِ
عَــلَــى أُنَـاسٍ مَـنْ يُـعَـاشِـرْهُـمُ
تُـعْـوِزْهُ فِـيـهِـمْ عِـشْـرَةُ الْـمُكْرِمِ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: السريع
  • عصر القصيدة: العباسي الثاني

عن الشاعر

أبو العلاء المَعَرِّي: شاعرٌ وفيلسوفٌ وأديبٌ عربيٌّ مِنَ العصرِ العبَّاسي، اشتُهِرَ بآرائِه وفلسفتِه المثيرةِ للجدلِ في وقْتِه.

وُلِدَ «أحمد بن عبد الله بن سليمان القُضاعي التنُوخي المَعَرِّي» المعروفُ ﺑ «أبي العلاء المَعَرِّي» عامَ ٣٦٣ﻫ بمَعَرَّةِ النُّعمانِ بسُوريا، وفقَدَ بصَرَه وهو صغيرٌ نتيجةً لمَرضِه بالجُدَري. أخَذَ علومَ القراءاتِ القرآنيةِ بإسنادٍ عنِ الشُّيوخ، كما تعلَّمَ الحديثَ في سنٍّ مُبكِّرة، وقالَ الشِّعرَ وهو ابنُ إحدى عشرةَ سنة، ورحلَ إلى بغدادَ عامَ ٣٩٨ﻫ فأقامَ بها سنةً وسبعةَ أَشْهُر، ثُم اعتزَلَ الناسَ لبعضِ الوقت؛ فلُقِّبَ ﺑ «رَهِينِ المَحْبسَيْن»؛ العَمَى والدَّار.

أمَّا شِعْرُه، وهو ديوانُ حكمتِه وفلسفتِه، فالمطبوعُ منه حتى الآن: «اللُّزوميَّات»، و«سِقْطُ الزَّنْد». وقد تُرجِمَ الكثيرُ من شِعْرِه إلى غيرِ العربيَّة، وأمَّا كُتبُه فكثيرةٌ وفِهرسُها في «مُعجَمِ الأُدَباء». من تَصانيفِه كتابُ «الأَيْك والغُصُون» في الأدب، يَزيدُ على مائةِ جُزْء، و«تاج الحُرَّة» في النساءِ وأخلاقِهنَّ وعِظاتِهِن، و«عَبَث الوَلِيد» شرَحَ فيه دِيوانَ البُحْتُريِّ ونقَدَه، و«رِسالة المَلائِكة» وهي صَغِيرة، و«رِسالة الغُفْران»، و«الفُصُول والغَايات».

عاش المعري متفلسفًا زاهدًا في الدنيا؛ إذ كانَ يَدعمُ حقوقَ الحيوانِ ويُحرِّمُ إِيلامَه، ولذا كان نباتيًا؛ فلمْ يَأكُلِ اللحمَ خمسًا وأربعينَ سنة، كما كانَ يَلبسُ خشِنَ الثِّياب، وكان له أراءه الخاصة في العقيدة، التي جعلت الآراء تختلف حول حقيقة إيمانه؛ إذ ذهب البعض إلى تكفيره واتهامه بالإلحاد، وإخراجِه مِنَ الإسلام، بينما دافَعَ عنه عميدُ الأدبِ العربيِّ «طه حسين» في عِدَّةِ كِتاباتٍ ومُؤلَّفات؛ أشْهرُها «معَ أبي العلاءِ في سجنِه». 

ظلَّ حبيسًا في بيتِه حتى وفاتِه عامَ ٤٤٩ﻫ بمنزلِه بمَعَرَّةِ النُّعْمان، وقد أَوْصى أن يُكتَبَ على قبْرِه عِبارة: «هذا جَناهُ أبي عليَّ، وما جَنيْتُ على أَحَد.» ويَقصدُ أنَّ أباه بزَواجِه من أمِّه أوْقَعَه في دارِ الدُّنيا. وقد وقَفَ على قبْرِه جمْعٌ غفيرٌ من أُدباءِ عصْرِه وشُعرائِه ورَثَوْه بثمانينَ مَرْثَاة.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤