لَعَلَّ نَوَاهَا أَنْ تَرِيعَ شَطُونُهَا

Wave Image
لَــعَــلَّ نَــوَاهَــا أَنْ تَــرِيــعَ شَـطُـونُـهَـا
وَأَنْ تَـتَـجَـلَّـى عَـنْ شُـمُـوسٍ دُجُـونُهَا
بِـنَـا مِـنْ هَوَى سُعْدَى الْبَخِيلَةِ كَاسْمِهَا
إِذَا زَايَـلَـتْـهُ عَـيْـنُ سُـعْـدَى وَسِـيـنُـهَـا
إِذَا مَـــا أَنَـــخْــنَــا حُــرَّةً فَــوْقَ حَــرَّةٍ
بَـكَـى رَحْـمَـةَ الْـوَجْـنَـاءِ مِـنْهَا وَجِينُهَا
أَرَنَّـتْ بِـهَـا مِـنْ خَـشْـيَـةِ الْـمَـوْتِ رَنَّـةً
فَــدَلَّ عَــلَــيْــهَـا الـنَّـاعِـبَـاتِ رَنِـيـنُـهَـا
يَــعِــزُّ عَــلَــيْــنَــا أَنْ يَـظَـلَّ ابْـنُ دَأْيَـةٍ
يُـفَـتِّـشُ مَـا ضُـمَّـتْ عَـلَـيْـهِ شُـئُـونُـهَا
رَحَـلْـنَـا بِـهَـا نَـبْـغِـي لَـهَـا الْـخَيْرَ مِثْلَنَا
فَــمَــا آبَ إِلَّا كُــورُهَــا وَوَضِــيــنُــهَــا
فَقَدْ حَنَّ سَوْطِي فِي يَدِي مِنْ غَرَامِهَا
وَحَـنَّ اشْـتِـيَـاقًـا فِـي حَـشَاهَا جَنِينُهَا
تَـعَـاطَـتْ نُـهًـى حَـتَّى إِذَا مَا تَعَرَّضَتْ
لَـهَـا هَـضَـبَـاتُ الـشَّـأْمِ جُـنَّ جُـنُـونُـهَـا
وَلَـمَّـا رَمَـتْ أَبْـصَـارَهَـا تَـطْلُبُ الْحِمَى
وَلَـمْ تَـرَ تِـلْـكَ الْأَرْضَ سَـاءَتْ ظُـنُونُهَا
بَـذَلْـنَـا لَـهَـا مَـحْـضَ اللُّـجَـيْـنِ كَـرَامَـةً
فَـلَـمْ يُـرْضِـهَـا فِـي الْـجُـنْحِ إِلَّا لَجِينُهَا
وَلَــمَّــا رَأَتْــنَــا نَــذْكُــرُ الْــمَـاءَ بَـيْـنَـنَـا
وَلَا مَــاءَ غَــارَتْ مِـنْ حِـذَارٍ عُـيُـونُـهَـا
كَــأَنْــهَـا تَـوَقَّـتْ وِرْدَنَـا ثَـمْـدَ عَـيْـنِـهَـا
فَــضَــمَّ إِلَــيْــهِ نَــاظِـرَيْـهَـا جَـبِـيـنُـهَـا
وَقَـدْ حَـلَفَتْ أَنْ تَسْأَلَ الشَّمْسَ حَاجَةً
وَإِنْ سَـأَلَـتْـكَ الْـيُـسْـرَ بَـرَّتْ يَـمِـيـنُـهَا
مُـلَـقِّـي نَـوَاصِـي الْـخَـيْـلِ كُـلَّ مُرِشَّةٍ
مِـنَ الـطَّـعْـنِ لَا يَـرْجُـو الْـبَقَاءَ طَعِينُهَا
وَمُـثْـكِـلُ فُـرْسَـانِ الْـوَغَـى كُـلَّ نَـثْـرَةٍ
يَــوَدُّ خَــلِــيــجٌ رَاكِــدٌ لَــوْ يَــكُــونُـهَـا
إِذَا أُلْـقِـيَـتْ فِـي الْأَرْضِ وَهْـيَ مَـفَازَةٌ
إِلَـى الْمَاءِ خِلْتَ الْأَرْضَ يَجْرِي مَعِينُهَا
وَتَـبْـغِـي عَـلَـى الْـقَـاعِ الـسَّـوِيِّ تَـثَـبُّتًا
فَــيَــمْــنَـعُـهَـا مِـنْ أَنْ تَـثَـبَّـتَ لِـيـنُـهَـا
وَمَـا بَـرِحَتْ فِي سَاحَةِ السَّهْلِ يَرْتَمِي
بِـهَـا مَـوْجُـهَـا حَـتَّـى نَـهَـتْـهَـا حُـزُونُهَا
غَـدِيـرٌ وَشَـتْـهُ الـرِّيـحُ وَشْـيَـةَ صَـانِـعٍ
فَــلَــمْ يَـتَـغَـيَّـرْ حِـيـنَ دَامَ سُـكُـونُـهَـا
كَـأَنَّ الـدَّبَـى غَـرْقَـى بِـهَـا غَـيْـرَ أَعْـيُنٍ
إِذَا رُدَّ فِــيــهَــا نَــاظِــرٌ يَـسْـتَـبِـيـنُـهَـا
وَمَــا حَــيَــوَانُ الْــبَــرِّ فِـيـهَـا بِـسَـالِـمٍ
إِذَا لَـمْ يُـغِـثْـهُ سِـيـفُـهَـا أَوْ سَـفِـيـنُـهَـا
وَتُـصْـغِـي وَتُـرْنِـي كُـلَّ خَـلْـقٍ لَـعَـلَّـهَـا
تَــنِــقُّ ضَــفَــادِيــهَـا وَيَـلْـعَـبُ نُـونُـهَـا
فَـلَـوْ لَـمْ يَـضَـعْـهَـا عَـنْـهُ لِلسِّلْمِ فَارِسٌ
لَــخُـلِّـدَ مَـا دَامَـتْ عَـلَـيْـهِ غُـضُـونُـهَـا
وَلَـوْ عَـلِـمَـتْ نَـفْـسُ الْفَتَى يَوْمَ حَتْفِهِ
وَلَاقَـتْـهُ فِـيـهَـا لَـمْ تُـحِـنْـهَـا مَـنُـونُـهَـا
أَمُــونٌ إِذَا أَوْدَعْــتَ نـفْـسَـكَ حِـرْزَهَـا
وَلَاقَـيْـتَ حَـرْبًـا لَـمْ يَـخُـنْـكَ أَمِـيـنُـهَا

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الطويل
  • عصر القصيدة: العباسي الثاني

عن الشاعر

أبو العلاء المَعَرِّي: شاعرٌ وفيلسوفٌ وأديبٌ عربيٌّ مِنَ العصرِ العبَّاسي، اشتُهِرَ بآرائِه وفلسفتِه المثيرةِ للجدلِ في وقْتِه.

وُلِدَ «أحمد بن عبد الله بن سليمان القُضاعي التنُوخي المَعَرِّي» المعروفُ ﺑ «أبي العلاء المَعَرِّي» عامَ ٣٦٣ﻫ بمَعَرَّةِ النُّعمانِ بسُوريا، وفقَدَ بصَرَه وهو صغيرٌ نتيجةً لمَرضِه بالجُدَري. أخَذَ علومَ القراءاتِ القرآنيةِ بإسنادٍ عنِ الشُّيوخ، كما تعلَّمَ الحديثَ في سنٍّ مُبكِّرة، وقالَ الشِّعرَ وهو ابنُ إحدى عشرةَ سنة، ورحلَ إلى بغدادَ عامَ ٣٩٨ﻫ فأقامَ بها سنةً وسبعةَ أَشْهُر، ثُم اعتزَلَ الناسَ لبعضِ الوقت؛ فلُقِّبَ ﺑ «رَهِينِ المَحْبسَيْن»؛ العَمَى والدَّار.

أمَّا شِعْرُه، وهو ديوانُ حكمتِه وفلسفتِه، فالمطبوعُ منه حتى الآن: «اللُّزوميَّات»، و«سِقْطُ الزَّنْد». وقد تُرجِمَ الكثيرُ من شِعْرِه إلى غيرِ العربيَّة، وأمَّا كُتبُه فكثيرةٌ وفِهرسُها في «مُعجَمِ الأُدَباء». من تَصانيفِه كتابُ «الأَيْك والغُصُون» في الأدب، يَزيدُ على مائةِ جُزْء، و«تاج الحُرَّة» في النساءِ وأخلاقِهنَّ وعِظاتِهِن، و«عَبَث الوَلِيد» شرَحَ فيه دِيوانَ البُحْتُريِّ ونقَدَه، و«رِسالة المَلائِكة» وهي صَغِيرة، و«رِسالة الغُفْران»، و«الفُصُول والغَايات».

عاش المعري متفلسفًا زاهدًا في الدنيا؛ إذ كانَ يَدعمُ حقوقَ الحيوانِ ويُحرِّمُ إِيلامَه، ولذا كان نباتيًا؛ فلمْ يَأكُلِ اللحمَ خمسًا وأربعينَ سنة، كما كانَ يَلبسُ خشِنَ الثِّياب، وكان له أراءه الخاصة في العقيدة، التي جعلت الآراء تختلف حول حقيقة إيمانه؛ إذ ذهب البعض إلى تكفيره واتهامه بالإلحاد، وإخراجِه مِنَ الإسلام، بينما دافَعَ عنه عميدُ الأدبِ العربيِّ «طه حسين» في عِدَّةِ كِتاباتٍ ومُؤلَّفات؛ أشْهرُها «معَ أبي العلاءِ في سجنِه». 

ظلَّ حبيسًا في بيتِه حتى وفاتِه عامَ ٤٤٩ﻫ بمنزلِه بمَعَرَّةِ النُّعْمان، وقد أَوْصى أن يُكتَبَ على قبْرِه عِبارة: «هذا جَناهُ أبي عليَّ، وما جَنيْتُ على أَحَد.» ويَقصدُ أنَّ أباه بزَواجِه من أمِّه أوْقَعَه في دارِ الدُّنيا. وقد وقَفَ على قبْرِه جمْعٌ غفيرٌ من أُدباءِ عصْرِه وشُعرائِه ورَثَوْه بثمانينَ مَرْثَاة.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤