هَمُّ الْفَوَارِسِ بَاتَ فِي أَدْرَاعِهَا

Wave Image
هَــمُّ الْــفَـوَارِسِ بَـاتَ فِـي أَدْرَاعِـهَـا
لِــغَــدَاةِ نَــجْـدَتِـهَـا وَيَـوْمِ قِـرَاعِـهَـا
مِــنْ كُــلِّ سَــابِـغَـةِ الـذُّيُـولِ كَأَنَّـهَـا
نِــهْــيٌ تُــصَـفِّـقُـهُ الـرِّيَـاحُ بِـقَـاعِـهَـا
سَالَتْ عَلَى الْعَارِي وَهَالَتْ وَانْطَوَتْ
لِـيـنًـا فَـكَـالَـتْـهَـا الْـفَـتَـاةُ بِـصَـاعِـهَـا
آلِــيَّــةٌ لَــيْــسَـتْ تَـغُـرُّ سِـوَى الْـقَـنَـا
وَالْـمُـرْهَـفَـاتِ بِـمَـكْـرِهَـا وَخِـدَاعِـهَا
وَكَأَنَّـمَـا رُعْـبُ الـسُّـيُـولِ تَـسَـرَّعَـتْ
فَـمَـضَـتْ وَقَـرَّ الـصَّـفْـوُ مِـنْ دُفَّاعِهَا
سَــبْــرِيَّــةٌ فِــي مَــسِّــهَــا بَــحْـرِيَّـةٌ
بِــمِــيَـاهِـهَـا شَـمْـسِـيَّـةٌ بِـشُـعَـاعِـهَـا
وَتُـخَـالُ أَغْـرَاسَ الْـمَـنُـونِ أَتَـتْ بِهَا
عِــنْــدَ الْــحَـوَادِثِ أُمَّـهَـاتُ رِبَـاعِـهَـا
وَيَـرَى ابْـنُ دَأْيَةَ أَنَّهَا مِنْ غِرْقِئِ الطَّ
ـيْـرِ الْـعُـكُـوفِ مُـلُـوكِـهِـا وَسِـبَـاعِـهَا
جُـمِـعَتْ لَدَى الْأَوْكَارِ مِثْلَ عَقَائِقِ الْـ
أَبْــنَــاءِ تَـجْـمَـعُـهَـا ذَوَاتُ رَضَـاعِـهَـا
أَمْـنُ الْـفَـتَـى مِـنْ عِـنْـدِ مَـعْـقِـدِ زِرِّهِ
حَـتَّـى عَـلَـى الْـقَدَمَيْنِ رَيْعُ وَسَاعِهَا
بَـلْ تَـحْـسَـبُ الْـعَـنْـقَـاءَ أَوْ بِـنْـتًا لَهَا
نَـبَـذَتْ بِـهَـا فِـي الْوَكْنِ يَوْمَ رِجَاعِهَا
وَتَـوَهَّـمُ الـشُّـجْـعَـانَ وَافَـتْ ضَـالَـةً
وَاسْـتَخْرَجَتْ مِنْهَا قَمِيصَ شُجَاعِهَا
أَطْـــمَـــارَ صِـــلٍّ وَقَّـــرَتْــهُ رَكَــانَــةٌ
أَنْ يُــزْدَهَــى بِــصَـبًـا وَلَا زَعْـزَاعِـهَـا
وُزِنَـتْ بِـخَـالِـصِ عَـسْـجَـدٍ لَا فِـضَّةٍ
حَــقًّــا لِــبَـائِـعِـهَـا عَـلَـى مُـبْـتَـاعِـهَـا
خَــلَــعَــتْ عَــلَـيْـهِ أُمُّ عُـثْـمَـانٍ وَلَـمْ
تَــبْــخَــلْ بِــحُـلَّـتِـهَـا وَلَا بِـقِـنَـاعِـهَـا
أَخَــذَتْ مِــنَ الْـمِـرِّيـخِ وَقْـدَةَ شِـرَّةٍ
إِذْ نَــاسَـبَـتْ زُحَـلًا بِـبَـرْدِ طِـبَـاعِـهَـا
كَــانَــتْ زَمَــانَ الْــجَــاهِــلِـيَّـةِ عُـدَّةً
لِــيَــغُـوثِـهَـا وَيَـعُـوقِـهَـا وَسُـوَاعِـهَـا
غَــبَــرَتْ لِــتُــبَّــعٍ الْــهُــمَــامِ وَرَأْيُــهُ
أَنَّ الْــبَــقَــاءَ يَــكُـونُ مِـنْ أَتْـبَـاعِـهَـا
مَــا عَــزَّتِ الْــعُــزَّى بِــهَـا وَلَـوَ انَّـهَـا
لِـلَّاتِ مَـا افْـتَـقَـرَتْ إِلَـى أَشْـيَـاعِـهَا
لَــوْ خُــلِّــيَــتْ وَذَنُـوبَ مَـاءٍ سَـائِـلٍ
فِـي مِـذْنَـبٍ سَـبَـقَـتْـهُ مِـنْ إِسْرَاعِهَا
مَـجَّـتْ عَـلَـى الْأَرْضِ الْـغَزَالَةُ رِيقَهَا
فَأَقَــامَ بَــيْــنَ وُهُــودِهَــا وَتِـلَاعِـهَـا
غَــرَّتْ قَــطَــا مَـرَّانَ حَـتَّـى عَـادَهَـا
طَـمَـعًـا وَحَتْفُ النَّفْسِ فِي أَطْمَاعِهَا
لَا يَــخْــلِــبَــنَّــكَ بَــارِقٌ مُــتَــلَــمِّــعٌ
إِنَّ الْـبُـرُوقَ تَـخُـونُ فِـي تَـلْـمَـاعِـهَـا
مِـنْ سَـاعَةِ الطُّوفَانِ أَوْ فَيْضٍ طَغَى
فَــعَـلَـى قُـرَى سَـبَأٍ مَـوَالِـدُ سَـاعِـهَـا
مَــنْ قَـيْـنُـهَـا؟ إِنَّـا جَـهِـلْـنَـا عَـصْـرَهُ
سُـبْـحَـانَ بَـارِئِ قَـيْـنِـهَـا وَصَـنَـاعِهَا!
ضَـاهَـى بِـهَـا أُفُـقَ الـسَّـمَـاءِ فَـمَا لَهَا
لَا تَــسْــتَــقِــلُّ كَـطَـرْفِـهَـا وَذِرَاعِـهَـا
مَــاوِيَّــةٌ تَــهْــوِي هُــوِيَّ الْـمَـاءِ مِـنْ
دَهْــمَــاءَ تُــهْــدِي عَـذْبَـهُ لِـبِـقَـاعِـهَـا
تَــرْنُــو بِأَبْــصَــارٍ سَـوَاهِـدَ لَـمْ تَـذُقْ
طَـعْـمًـا لِـمَـسْـهَـدِهَـا وَلَا تَـهْـجَـاعِـهَا
غَــرِقَ الــدَّبَـى فِـي لُـجَّـةٍ لَـوْ نَـمْـلَـةٌ
دَرَجَـتْ بِـهَـا لَـمْ يَـنْـدَ بَـعْضُ كُرَاعِهَا
تُــلْــفَــى لَـهَـا ثِـقَـةُ الْـحَـمَـائِـمِ أَنَّـهَـا
فِـي مَـرْبَـعٍ فَـتَـهِـيـجُ فِـي تَسْجَاعِهَا
قَــلَــعِـيَّـةٌ وَكَأَنَّ مَـشْـتَـى الْأَزْدِ فِـي
أَرْضِ الـسَّـرَاةِ سَـخَـا بِـهَـا لِـقِـلَاعِـهَا
بَـيْـضَـاءُ مِـنْ مَـطَـرِ الشِّتَاءِ وَلَمْ نَقُلْ
مِــنْ صَــيِّـفٍ وَالْـقُـرُّ مِـلْءُ لِـفَـاعِـهَـا
مَــنَــعَــتْ بِــعِــزَّةِ رَبِّــهَــا وَدِفَــاعِـهِ
لَــسْــنَــا نَــقُـولُ لِـعِـزِّهَـا وَدِفَـاعِـهَـا
وَتَــحُـلُّ بِـالْـوَادِي الْـجَـدِيـبِ كَأَنَّـهَـا
مَـيْـثَـاءُ جَـدَّ الْـغَـيْـثُ فِـي إِمْـرَاعِـهَا
وَاسْـتَـوْدَعَ الْـحُـكَـمَـاءُ فِـيهَا حِكْمَةً
قَدُمَتْ فَخَافُوا مِنْ حُدُوثِ ضَيَاعِهَا
غَـبَـرُوا فَأَضْـحَـتْ بِـالـثَّـنَـاءِ كَـفِـيلَةً
فَـمَـتَـى بَـدَتْ أَثْـنَـتْ عَـلَـى صُنَّاعِهَا
مَــاذِيَّــةٌ أَبَــتِ الْــجَــوَارِسُ قُـرْبَـهَـا
لَــكِــنْ قَــوَارِسُ فُـلِّـلَـتْ بِـوِقَـاعِـهَـا
ضَـرَبِـيَّـةٌ وَكَأَنَّـمَـا هِـيَ فِـي الْـوَغَـى
ثِـقَـلٌ عَـلَـى الْأَسْـيَافِ عِنْدَ مِصَاعِهَا
يَــزَنِــيَّــةُ الْـخُـرْصَـانِ لَا هُـذَلِـيَّـةُ الْـ
أَخْــرَاصِ يَــغْـدُو شَـائِـرٌ بِـمَـتَـاعِـهَـا
مَـرَّتْ بِـيَـثْرِبَ فِي السِّنِينَ فَحَاوَلَتْ
سَــقْــيًـا بِـهَـا الْأَغْـمَـارُ مِـنْ زُرَّاعِـهَـا

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الكامل
  • عصر القصيدة: العباسي الثاني

عن الشاعر

أبو العلاء المَعَرِّي: شاعرٌ وفيلسوفٌ وأديبٌ عربيٌّ مِنَ العصرِ العبَّاسي، اشتُهِرَ بآرائِه وفلسفتِه المثيرةِ للجدلِ في وقْتِه.

وُلِدَ «أحمد بن عبد الله بن سليمان القُضاعي التنُوخي المَعَرِّي» المعروفُ ﺑ «أبي العلاء المَعَرِّي» عامَ ٣٦٣ﻫ بمَعَرَّةِ النُّعمانِ بسُوريا، وفقَدَ بصَرَه وهو صغيرٌ نتيجةً لمَرضِه بالجُدَري. أخَذَ علومَ القراءاتِ القرآنيةِ بإسنادٍ عنِ الشُّيوخ، كما تعلَّمَ الحديثَ في سنٍّ مُبكِّرة، وقالَ الشِّعرَ وهو ابنُ إحدى عشرةَ سنة، ورحلَ إلى بغدادَ عامَ ٣٩٨ﻫ فأقامَ بها سنةً وسبعةَ أَشْهُر، ثُم اعتزَلَ الناسَ لبعضِ الوقت؛ فلُقِّبَ ﺑ «رَهِينِ المَحْبسَيْن»؛ العَمَى والدَّار.

أمَّا شِعْرُه، وهو ديوانُ حكمتِه وفلسفتِه، فالمطبوعُ منه حتى الآن: «اللُّزوميَّات»، و«سِقْطُ الزَّنْد». وقد تُرجِمَ الكثيرُ من شِعْرِه إلى غيرِ العربيَّة، وأمَّا كُتبُه فكثيرةٌ وفِهرسُها في «مُعجَمِ الأُدَباء». من تَصانيفِه كتابُ «الأَيْك والغُصُون» في الأدب، يَزيدُ على مائةِ جُزْء، و«تاج الحُرَّة» في النساءِ وأخلاقِهنَّ وعِظاتِهِن، و«عَبَث الوَلِيد» شرَحَ فيه دِيوانَ البُحْتُريِّ ونقَدَه، و«رِسالة المَلائِكة» وهي صَغِيرة، و«رِسالة الغُفْران»، و«الفُصُول والغَايات».

عاش المعري متفلسفًا زاهدًا في الدنيا؛ إذ كانَ يَدعمُ حقوقَ الحيوانِ ويُحرِّمُ إِيلامَه، ولذا كان نباتيًا؛ فلمْ يَأكُلِ اللحمَ خمسًا وأربعينَ سنة، كما كانَ يَلبسُ خشِنَ الثِّياب، وكان له أراءه الخاصة في العقيدة، التي جعلت الآراء تختلف حول حقيقة إيمانه؛ إذ ذهب البعض إلى تكفيره واتهامه بالإلحاد، وإخراجِه مِنَ الإسلام، بينما دافَعَ عنه عميدُ الأدبِ العربيِّ «طه حسين» في عِدَّةِ كِتاباتٍ ومُؤلَّفات؛ أشْهرُها «معَ أبي العلاءِ في سجنِه». 

ظلَّ حبيسًا في بيتِه حتى وفاتِه عامَ ٤٤٩ﻫ بمنزلِه بمَعَرَّةِ النُّعْمان، وقد أَوْصى أن يُكتَبَ على قبْرِه عِبارة: «هذا جَناهُ أبي عليَّ، وما جَنيْتُ على أَحَد.» ويَقصدُ أنَّ أباه بزَواجِه من أمِّه أوْقَعَه في دارِ الدُّنيا. وقد وقَفَ على قبْرِه جمْعٌ غفيرٌ من أُدباءِ عصْرِه وشُعرائِه ورَثَوْه بثمانينَ مَرْثَاة.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤