بَنِي الْأَرْضِ

Wave Image
بَــنِــي الْأَرْضِ هَـلْ مِـنْ سَـامِـعٍ فَأَبُـثَّـهُ
حَــدِيــثَ بَـصِـيـرٍ بِـالْـحَـقِـيـقَـةِ عَـالِـمِ
جُــبِــلْــنَـا عَـلَـى حُـبِّ الْـحَـيَـاةِ وَإِنَّـهَـا
مُــخِــيــفَــةُ أَحْــلَامٍ أَطَـافَـتْ بِـحَـالِـمِ
سَـعَـى الـنَّـاسُ وَالْأَقْـدَارُ مَـخْبُوءَةٌ لَهُمْ
وَنَــامُـوا وَمَـا لَـيْـلُ الْـخُـطُـوبِ بِـنَـائِـمِ
جَــرَتْ سُــفُـنُ الْأَيَّـامِ مَـشْـحُـونَـةً بِـنَـا
عَـلَـى بَـحْـرِ عَـيْـشٍ بِـالـرَّدَى مُـتَـلَاطِمِ
•••
تَأَمَّـلْـتُ فِـي الْأَحْـيَـاءِ طُـرًّا فَـلَـمْ أَجِـدْ
بِــهِــمْ بَــاسِــمًــا إِلَّا عَـلَـى أَلْـفِ وَاجِـمِ
وَرُبَّ سَـــعِـــيـــدٍ وَاحِــدٍ تَــمَّ سَــعْــدُهُ
بِأَلْــفِ شَــقِــيٍّ فِـي الْـمَـعِـيـشَـةِ رَاغِـمِ
وَمَــا الْــمَــرْءُ إِلَّا دَوْحَــةٌ فِــي تَـنُـوفَـةٍ
مُــلَــوَّحَــةٌ أَغْــصَــانُــهَــا بِــالـسَّـمَـائِـمِ
لَــــهَــــا وَرَقٌ قَــــدْ جَــــفَّ إِلَّا أَقَـــلَّـــهُ
وَعِـيـدَانُـهَـا بَـيْـنَ الـنُّـيُـوبِ الْـعَـوَاجِـمِ
وَلَا بُــدَّ أَنْ تُــجْــتَــثَّ يَـوْمًـا جُـذُورُهَـا
وَتَــقْــلَـعُـهَـا إِحْـدَى الـرِّيَـاحِ الْـهَـوَاجِـمِ
•••
أَرَى الْـعُـمْـرَ مَـهْـمَـا ازْدَادَ يَـزْدَادُ نَـقْصُهُ
إِذَنْ نَـحْـنُ فِـي نَـقْـصٍ مِـنَ الْعُمْرِ دَائِمِ
وَلَــوْلَا انْــهِــدَامٌ فِـي بِـنَـاءِ جُـسُـومِـنَـا
لَـمَـا احْـتِـيـجَ فِـي تَـعْـمِـيرِهَا لِلْمَطَاعِمِ
لَــحَــى الــلــهُ بَأْسَــاءَ الْــحَـيَـاةِ كَأَنَّـنَـا
نُــكَــبَّــلُ مِــنْ حَــاجَــاتِــهَــا بِـالْأَدَاهِـمِ
نَــرُوحُ كَــمَــا نَــغْــدُو نُـجَـاهِـدُ دُونَـهَـا
أُمُــورًا دَعَــتْــنَــا لِارْتِــكَـابِ الْـجَـرَائِـمِ
فَـلَـوْ كُـنْـتُ فِـي هَـذَا الْـوُجُـودِ مُـخَيَّرًا
وَفِــي عَــدَمِــي لَاخْـتَـرْتُـهُ غَـيْـرَ نَـادِمِ
•••
هَــلِ الْــمَــوْتُ إِلَّا سَــالِــكٌ وَحَــيَـاتُـنَـا
إِلَــيْــهِ سَــبِـيـلٌ مُـسْـتَـبِـيـنُ الْـمَـعَـالِـمِ
وَمَــا زَالَ هَـذَا الـدَّهْـرُ غَـضْـبَـانَ آخِـذًا
عَـلَـى الـنَّـاسِ مِـنْ سَيْفِ الْمَنُونِ بِقَائِمِ
تَـبَـصَّـرْ تَـجِـدْ هَـذِي الْـبَـسِـيـطَـةَ مَنْزِلًا
كَــثِــيــرَ الْــيَــتَـامَـى عَـامِـرًا بِـالْـمَآتِـمِ
وَلَــيْــسَ الَّــذِي آسَـى لَـهُ فَـقْـدَ هَـالِـكٍ
وَلَـكِـنْ ضَـيَـاعُ الْـمُـفْـجَـعَـاتِ الْـكَـرَائِمِ
أَرَامِــلُ تَــسْـتَـذْرِي الـدُّمُـوعَ وَحَـوْلَـهَـا
يَــتَـامَـى كَأَفْـرَاخِ الْـقَـطَـا وَالْـحَـمَـائِـمِ
وَكَـائِـنْ تَـرَى مَـخْـدُومَـةً فِـي جَـلَالِـهَـا
سَـعَتْ حَيْثُ أَبْكَاهَا الرَّدَى سَعْيَ خَادِمِ
فَـلَـيْـتَ الْـمَـنَـايَـا حِـيـنَ قَـوَّضْـنَ بَيْتَهَا
بَــدَأْنَ بِــهَـا مِـنْ قَـبْـلِ هَـدْمِ الـدَّعَـائِـمِ
•••
أَرَى الْـخَـيْرَ فِي الْأَحْيَاءِ وَمْضَ سَحَابَةٍ
بَـــدَا خُـــلَّـــبًــا وَالــشَّــرَّ ضَــرْبَــةَ لَازِمِ
إِذَا مَـــا رَأَيْــنَــا وَاحِــدًا قَــامَ بَــانِــيًــا
هُــنَــاكَ رَأَيْــنَــا خَــلْــفَــهُ أَلْــفَ هَــادِمِ
وَمَـا جَـاءَ فِـيـهِـمْ عَـادِلٌ يَـسْـتَـمِـيـلُهُمْ
إِلَـــى الْــحَــقِّ إِلَّا صَــدَّهُ أَلْــفُ ظَــالِــمِ
جَـهِـلْـتُ كَـجَـهْـلِ الـنَّـاسِ حِكْمَةَ خَالِقٍ
عَـلَـى الْـخَـلْـقِ طُـرًّا بِـالـتَّـعَـاسَةِ حَاكِمِ
وَغَــايَــةُ جُــهْــدِي أَنَّـنِـي قَـدْ عَـلِـمْـتُـهُ
حَـكِـيـمًـا تَـعَـالَـى عَـنْ رُكُـوبِ الْـمَظَالِمِ
•••
دَأَبْــتُ لِـنَـفْـسِـي فِـي الْـحَـيَـاةِ كَأَنَّـنِـي
مِنَ الْعَيْشِ مُلْقًى فِي شُدُوقِ الضَّرَاغِمِ
يُـخَـاصِـمُـنِـي مِـنْـهَـا عَـلَـى غَـيْرِ طَائِلٍ
أُنَـاسٌ فَأُبْـدِي الـصَّـفْـحَ غَـيْـرَ مُخَاصِمِ
وَأَقْــنَــعُ بِــالْــقُـوتِ الـزَّهِـيـدِ لِـطِـيـبِـهِ
حِـذَارَ وُقُـوعِـي فِـي خَـبِـيثِ الْمَطَاعِمِ
وَأَتْـرُكُ مَـا قَـدْ تَـشْـتَـهِـي الـنَّـفْسُ نَيْلَهُ
لِــمَــا تَــشْــتَـهِـيـهِ قِـلَّـةٌ فِـي دَرَاهِـمِـي
وَكَــمْ لِـيَ فِـي بَـغْـدَادَ مِـنْ ذِي عَـدَاوَةٍ
وَمَــا أَنَــا فِــي شَــيْءٍ عَــلَـيْـهِ بِـجَـارِمِ
إِذَا جِـئْـتُ بِـالْـقَـلْـبِ الـسَّـلِـيمِ يَجِيئُنِي
بِــقَــلْــبٍ لَـهُ مِـنْ كَـثْـرَةِ الْـحِـقْـدِ وَارِمِ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الطويل
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

معروف الرُّصافي: أديب وشاعر وأكاديمي عراقي له إسهامات معتبَرة في حقلَي التعليم والثقافة.

وُلِدَ معروف عبد الغني محمود الجباري في مدينة بغداد العراقية عام ١٨٧٥م وتلقَّى علومه الأوَّلِيَّة في الكتاتيب كباقي أقرانه، ثم التحق ﺑ «المدرسة العسكرية الابتدائية» لفترة، ولكنه انتقل للدراسة في المدارس الدينية حيث تتلمذَ على يد مجموعة من علماءِ بغداد الكبار، وقد لقَّبَهُ أحد شيوخه بمعروف الرُّصافي بدلًا من معروف الكرخي.

بعد تخرُّجه عمِل الرُّصافي معلمًا ﺑ «مدرسة الراشدية» ثم مدرسًا للأدب العربي ﺑ «المدرسة الإعدادية» ببغداد، وقد تنقَّل بين المدارس حتى أصبح مدرِّسًا للُّغة العربية ﺑ «الكلية الشاهانية» بإسطنبول، وكان أيضًا يمارس الصحافة؛ حيث عمل محررًا بجريدة «سبيل الرشاد».

انتُخِب الرصافي عضوًا ﺑ «مجلس المبعوثان» العثماني في عام ١٩١٢م (وهو شبيه بالمجالس النيابية الآن)، وتقديرًا لجهوده الأدبية والتعليمية انتُخِب عضوًا ﺑ «مجمع اللغة العربية» بدمشق، ثم عُيِّنَ مفتشًا بمديرية المعارف العراقية.

آمَن الرُّصافي بأهمية التعليم وعمِل على نشره بين العراقيين من خلال دعواته وجهاده المستمر لبناء المزيد من المدارس، محفِّزًا الأغنياء على دعم المشاريع التعليمية وكفالة طلبة العلم، حيث رأى أن طريق التحرُّر الوطني يمر بالمدارس. والحديث عن التحرُّر الوطني يَجرُّنا بالضرورة إلى نشاط الرُّصافي السياسي ورفضه للاحتلال البريطاني واستبداد السلطة؛ فنجده قد دبَّج المقالات وألَّف القصائد الحماسية محرِّضًا الشعب على النضال السياسي، وكذلك الثورة ضد التقاليد والجمود.

ترك الرُّصافي الكثير من الأعمال الشعرية والنثرية المميزة التي عكست أسلوبَه الرصين ولغته المتينة جزْلة الألفاظ، وقد تنوعت الموضوعات التي كتب فيها ما بين السياسي والاجتماعي والأدبي والتاريخي، وكثيرًا ما أثارت كتبه ضجَّةً كبرى في الأوساط الثقافية؛ فكتابه الشهير «الشخصية المحمدية» اعتبره البعض تهجُّمًا على الدين ومقدساته.

تُوُفِّيَ الرُّصافي بعد حياة حافلة في عام ١٩٤٥م عن سبعين عامًا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤