يَا رَائِدَ الشِّعْرِ لَا تَقْرَبْ مَنَاهِلَهُ

Wave Image
يَــا رَائِـدَ الـشِّـعْـرِ لَا تَـقْـرَبْ مَـنَـاهِـلَـهُ
إِلَّا وَرَاءَ دَلِـــيـــلٍ صَـــادِقِ الـــنَّـــظَــرِ
وَإِنْ حَـفِـظْـتَ فَـلَا تَـحْـفَظْ سِوَى كَلِمٍ
غُــرٍّ جَــوَامِــعَ مِــثْــلِ الْآيِ وَالــسُّــوَرِ
مَــا كُــلُّ شَــيْءٍ تَــرَاهُ نَــاضِــرًا زَهَــرٌ
شَـتَّـانَ بَـيْـنَ هَـشِـيـمِ الـنَّـبْـتِ وَالزَّهَرِ
يَـا طَـالِـبَ الـدُّرِّ بَـحْـرُ الشِّعْرِ ثَمَّ فَقِفْ
هَــذِي مَــعَــادِنُــهُ مَــلْآى مِــنَ الــدُّرَرِ
أُوتِــيــتَ سُـؤْلَـكَ فَـاقْـرَأْ مَـا تَـخَـيَّـرَهُ
مِـنْ خَـالِـدِ الشِّعْرِ «سَامِي» خَالِدُ الْأَثَرِ
مُــسَــجَّــلًا فِــي كِـتَـابٍ قَـيِّـمٍ حَـفِـلٍ
بِـقَـوْلِ كُـلِّ طَـوِيـلِ الْـبَـاعِ ذِي خَـطَـرِ
نِـعْـمَ الْـكِـتَـابُ وَمَـا أَمْـسَتْ صَحَائِفُهُ
وَأَصْــبَــحَــتْ تَـهَـبُ الْأَيَّـامَ مِـنْ غُـرَرِ
خُــذْ مَــا حَـوَاهُ وَأَغْـفِـلْ مَـا تَـجَـنَّـبَـهُ
وَاسْـتَـغْـنِ عَـنْ عَـاطِلِ الْأَوْرَاقِ بِالثَّمَرِ
يَـا قَـائِـلَ الـشِّـعْـرِ خُـذْ لِـلـشِّـعْرِ أُهْبَتَهُ
وَطِـرْ بِـهِ فِـي سَـمَـاءِ الْـحُسْنِ أَوْ فَذَرِ
لَا تَأْخُــذَنْ بِــتَــلَابِـيـبِ الْـكَـلَامِ وَكُـنْ
مِــنْ أَنْ يَــرُدَّكَ مَـدْحُـورًا عَـلَـى حَـذَرِ
فِـي النَّثْرِ — إِنْ لَمْ تَعُدْ بِالْفَخْرِ قَافِيَةٌ
عَـلَى امْرِئٍ صَاغَهَا — سَلْوَى لِمُفْتَخِرِ
كَـمْ عَـرْبَـدَ الْـغِـرُّ حَـوْلَ الْبَيْتِ يَقْرِضُهُ
وَآبَ بَــعْــدَ جِــهَــادٍ بَــيِّــنَ الْــحَـصَـرِ
شِـعْـرُ الْـفَـتَـى عِرْضُهُ الثَّانِي فَأَحْرِ بِهِ
أَلَّا يُـــشَـــوَّهَ بِـــالْأَقْـــذَارِ وَالْـــوَضَـــرِ
فَـانْـقُـدْ كَـلَامَـكَ قَـبْـلَ النَّاقِدِينَ تَحُطْ
ثَـانِـي الـنَّـفِـيـسَـيْنِ مِنْ لَغْوٍ وَمِنْ هَذَرِ
وَاقْرَأْ — فَدَيْتُكَ — تَأْمَنْ مَا تُحَاذِرُهُ
مِــنْ قَــارِئٍ هَــازِئٍ أَوْ قَــارِئٍ ضَــجِـرِ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: البسيط
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

إسماعيل صبري باشا: ولد في مصر بمدينة القاهرة عام ١٨٥٤م، وتلقى الدروس الثانوية في المدارس المصرية، ونال شهادة الليسانس في الحقوق من كلية مدينة إكس في فرنسا سنة ١٨٧٨م، حيث وصلها مع إحدى البعثات الفرنسية، ولما عاد إلى مصر تنقل في مناصب القضاء والإدارة حيث شغل وظائف القضائيين، كما عُين رئيسًا لمحكمة الإسكندرية الأهلية، ثم محافظًا للإسكندرية، فوكيلًا لوزارة العدلية «الحقانية»، ولما بلغ الستين أحيل للتقاعد ففتح داره التي صارت منتدى الشعراء والأدباء.

يعد إسماعيل صبري من شعراء الطبقة الأولى في العصر الحديث، كان يكتب شعره على هوامش الكتب والمجلات، وينشره أصدقاؤه خلسة، حيث كان كثيرًا ما يمزق قصائده صائحًا: «إن أحسن ما عندي ما زال في صدري!» وقد امتاز شعره بقوة الخيال ورقة وعذوبة المعنى، وحب الفن والجمال، وخفة الروح، كان يكتب أحيانًا مقطوعات قصيرة، وأحيانًا أخرى قصائد طويلة، ولشعر صبري مسحة من الترف الحضري واللين والجلاء، وعلى الرغم من سهولة ألفاظه إلا أنه كان شعرًا محملًا بالمعاني الجليلة. كما كان نثره أشد تأثيرًا في النفس وأثبت أثرًا.

وقد نظم صبري الكثير من الشعر الغنائي والأدوار والمواويل، وقال في المديح والتهاني والتقاريض والهجاء، كما قال في الوصف والاجتماعات والسياسات والإلهيات والمراثي والأناشيد. كان شاعرنا وطنيًّا ومثاليًّا، فمثلًا لم يزر أي إنجليزي قط، وكانت له في السياسة مواقف مشرفة مثل وقعة حادثة دنشواي المؤلمة التي نظم فيها قصيدة معبرة، وقيل إن كرومر كان يريد التمهيد لجعله رئيسًا للوزارة؛ فرد عليه بالقول: «لن أكون رئيسًا للوزارة وأخسر ضميري!»

توفي عام ١٩٢٣م، ودفن في مقبرة الإمام الشافعي في القاهرة، وأقيم له حفل تأبين كبير تبارى فيه الشعراء والخطباء لمواقفه النزيهة.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤