كَوَاكِبٌ جَرَتْ مِنَ السَّمَاءِ

Wave Image
كَـــوَاكِـــبٌ جَــرَتْ مِــنَ الــسَّــمَــاءِ
فَأَمْــسَــكَــتْــهَــا شَــبَــكَــاتُ الْـمَـاءِ
وَعَــاقَــهَــا طَـبْـعُ الـتُّـرَابِ وَالْـهَـوَى
وَالــنَّــارِ عَــنْ مَــسَــارِحِ الْــفَــضَـاءِ
وَلَـــوْ يَـــشَـــاءُ رَبُّــهَــا أَطْــلَــقَــهَــا
عَــنْ قَـيْـدِهَـا الْـوَهْـمِـيِّ بِـالْأَشْـيَـاءِ
وَهْــيَ وُجُــوهُ الْـغَـافِـلِـيـنَ حُـوِّلَـتْ
عَــنْ نُــورِ وَجْـهِ الْـحَـقِّ لِـلـظَّـلْـمَـاءِ
مَــحْــجُــوبَــةٌ بِــعَـقْـلِـهَـا وَحِـسِّـهَـا
عَـــنْــهُ وَعَــنْ ظُــهُــورِهِ لِــلــرَّائِــي
حُــكْــمٌ عَــلَــيْــهَــا أَزَلِــيٌّ لَــمْ يَـزَلْ
بِــمُــقْـتَـضَـى الـتَّـقْـدِيـرِ وَالْـقَـضَـاءِ
أَلَا هَــلُــمُّــوا نَــحْــوَنَــا لِــتَـعْـلَـمُـوا
عِــلْــمَ الْــيَـقِـيـنِ صُـورَةَ الْـمُـرَائِـي
وَتَـكْـشِـفُـوا بِـالْـعَـقْـلِ عَـنْ أَمْـثَالِ مَا
عَــلَــيْــهِ نَـفْـسُ الْأَمْـرِ فِـي الْأَنْـبَـاءِ
وَيَـعْـرِضُ الْـحَـقَّ عَـلَـى نُـفُـوسِـكُـمْ
لِــيَــذْهَــبَ الــتَّــكْــدِيـرُ بِـالـصَّـفَـاءِ
فَإِنْ تَــكُــونُــوا مُــسْــتَــعِــدِّيـنَ لَـهُ
وَفِـــيـــكُـــمُ الْــقَــبُــولُ لِــلْــوَفَــاءِ
تُــذْعِــنُ لِــلْــحَــقِّ بِــغَــيْــرِ رِيــبَــةٍ
قُـــلُـــوبُـــكُــمْ لِــطَــلَــبِ اهْــتِــدَاءِ
فَــتُــؤْمِــنُــونَ بِــالْــكِــتَــابِ كُــلِّــهِ
حَـــــقًّــــا بِــــلَا شَــــكٍّ وَلَا مِــــرَاءِ
وَتَــعْــلَــمُـونَ مَـنْـزِلَ الْأَفْـعَـالِ عَـنْ
تَــــحَــــقُّــــقٍ بِــــالـــدَّاءِ وَالـــدَّوَاءِ
وَهَـا هُـنَـا الـشُّـيُـوخُ تَـنْـتَـهِـي بِـكُـمْ
فِــي أَمْــرِ إِرْشَــادٍ وَفِـي اسْـتِـيـلَاءِ
فَــلَــوْ تَــقَــدَّمُــوا هُـنَـا لَاحْـتَـرَقُـوا
وَاسْـتَـوَتِ الـشَّـمْـسُ عَـلَـى الْأَفْـيَـاءِ
وَبَـــــعْــــدَ هَــــذَا إِنْ أَرَادَ رَبُّــــنَــــا
أَوْقَـــفَـــكُـــمْ هُـــنَــا عَــنِ ارْتِــقَــاءِ
فِــي مَــنْـزِلِ الْـعِـلْـمِ بِـهِ وَمَـنْ لَـهُـمْ
فِــيــهِ الــرُّسُــوخُ صَـفْـوَةُ اجْـتِـبَـاءِ
وَإِنْ أَرَادَ زَادَكُــــمْ بِــــفَــــضْــــلِـــهِ
عَــيْــنَ الْــيَــقِـيـنِ مَـنْـزِلَ الْأَسْـمَـاءِ
وَفَــصَّــلَ الْأَمْــرَ الْإِلَــهِــي عِـنْـدَكُـمْ
ذَوْقًــــا بِــــلَا رَمْــــزٍ وَلَا إِيــــمَــــاءِ
فَــتُــدْرِكُــونَ أَنَّــكُــمْ مَــوْتَــى وَمَـا
ثَــمَّ سِــوَى الْــحَــقِّ مِــنَ الْأَحْــيَـاءِ
وَهْـوَ الَّـذِي فِـي الْغَيْبِ وَالْأَسْمَاءِ قَدْ
قُـمْـتُـمْ بِـهَـا فِـي حَـضْـرَةِ الْإِحْـصَاءِ
وَقَـــدْ دَخَــلْــتُــمْ جَــنَّــةً عَــالِــيَــةً
قُـــطُـــوفُـــهَــا دَانِــيَــةُ اجْــتِــنَــاءِ
ثُــــــــمَّ إِذَا أَرَادَ زَادَكُــــــــمْ بِـــــــهِ
حَــقَّ الْــيَــقِــيــنِ حَـضْـرَةَ انْـتِـهَـاءِ
وَهْـــوَ فَـــنَــاؤُكُــمْ بِــهِ ذَوْقًــا فَــلَا
مَـــوْجُـــودَ غَـــيْــرُهُ مِــنِ ابْــتِــدَاءِ
وَهَـــا هُـــنَــا تَــمَّ الْــكَــلَامُ وَالَّــذِي
مِــنْ بَــعْــدُ لَا يَــدْخُــلُ فِــي الْإِنَـاءِ
إِذَا الْــحَــقِــيــقَـةُ تَـبَـدَّتْ تَـنْـجَـلِـي
لِـــلْـــكُـــلِّ بِـــالْـــكُــلِّ بِــلَا خَــفَــاءِ
وَكُـــلُّ شَـــيْءٍ هَــالِــكٌ فِــيــهَــا إِذَا
بَــدَتْ وَكُــلُّ الــشَّـيْءِ فِـي الْـفَـنَـاءِ
لَــنَــا الـثُّـبُـوتُ لَا الْـوُجُـودُ عِـنْـدَهَـا
وَالْــعَــدَمُ الــصِّــرْفُ بِــلَا انْــتِــفَـاءِ
عَـزَّتْ وَجَـلَّـتْ عَـنْ جَـمِـيـعِ مَـا بَـدَا
بِــهَــا لَــهَــا فِــي الْأَرْضِ وَالـسَّـمَـاءِ
نُــورٌ بِــهَــا تَــبِــيــنُ فِــي ثُـبُـوتِـهَـا
لِأَنَّـــهَـــا تُــوجَــدُ بِــاسْــتِــقْــصَــاءِ
وَهْـيَ الْـوُجُودُ وَحْدَهَا الصِّرْفُ الَّذِي
يَـــجِـــلُّ عَــنْ مَــدْحٍ وَعَــنْ ثَــنَــاءِ
وَعَــنْ كَــمَــالٍ نَـحْـنُ نَـدْرِيـهِ وَعَـنْ
كُــلِّ مَــعَــانِــي الْـقُـرْبِ وَالـتَّـنَـائِـي

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الرجز
  • عصر القصيدة: العثماني

عن الشاعر

عبد الغني النابلسي الدمشقي: شاعر، وفقيه، ورحَّالة، ومتصوِّف سوري، يرجع نسَبُه إلى «عمر بن الخطاب».

وُلد «عبد الغني النابلسي» في دمشق عام ١٦٤١م في بيتِ عِلم؛ فقد كان جدُّه مدرِّسًا لجامع «درويش باشا» وناظرًا لوَقْفه، وقد تَولى أبوه المهامَّ نفسَها بعد وفاة جدِّه. كان أبوه أولَ معلِّم له؛ فقد حفظ على يدَيه القرآنَ الكريم في سِن الخامسة، وحين بلَغ العاشرة حفظ كثيرًا من المقدِّمات والمنظومات مثل: «ألفية ابن مالك في النحو»، و«الشاطبية في القراءات»، و«الرحبانية في الفرائض»، و«الجَزرية في التجويد»، كما تابَع دروس «نجم الدين الغزي» في الحديث في الجامع الأموي، وحصل على أول إجازة عامة في الحديث.

عمل «النابلسي» مدرسًا في الجامع الأموي وهو في سِن العشرين من عمره، وحين بلغ الخامسةَ والعشرين ارتحل إلى أدرنة بالدولة العثمانية ثم زار إسطنبول، وبعد عودته عُيِّن قاضيًا في حي الميدان جنوب دمشق، لكنه استقال من منصبه ليتفرَّغ للتدريس والتأليف.

تَجاوَزت مُؤلَّفاته ثلاثمائة عمل مُوزَّعة بين الشِّعر وأدب الرحلات والفقه والتصوُّف والحديث والتفسير؛ ومن أبرزها: «إيضاح المقصود من وَحْدة الوجود»، و«الوجود الحق والخطاب الصدق»، و«التعبير في تفسير الأحلام»، و«ديوان الدواوين» وهو مجموعُ شِعره، و«أسرار الشريعة»، و«الحضرة الأنسية في الرحلة القدسية»، و«ذخائر المواريث في الدلالة على مَواضع الحديث»، وغير ذلك من المصنَّفات الغنية التي تُعَد مصادرَ مهمة في مجالاتها.

اشتهر بالتصوُّف ومُجاهَدة النفس حتى وصل إلى مرتبة العارفين، وكان يَتبنى أفكارَ «محيي الدين بن عربي» ويُدافِع عنه ضدَّ مُنتقِديه، ودخَل في معركة حامية مع علماء وفقهاء عصره حول أفكاره الصوفية والقول بوَحْدة الوجود، وتَعرَّض على إثرها لأزمةٍ نفسية حادة في سن الأربعين، اضطرَّ على إثرها إلى الاعتزال في بيته لمدة سبع سنوات، قضاها في التأليف والتدريس، وأسدَل شَعره في أثنائها، وأرخى لحيتَه، وطلَّق زوجته، لكنه خرج بعدها إلى الناس الذين ازداد احترامُهم له بعدَ أن كانوا قد رمَوه بالحجارة قبل خلوته.

تُوفِّي «النابلسي» عام ١٧٣١م في دمشق، ودُفِن بالقبة التي بناها في بيته، والتي أُقيم عليها جامعٌ بعد ذلك.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤