الشَّاعِرُ

Wave Image
تَـشَـتَّـتَ فِـي الـدُّنْـيَـا وَحِـيـدًا مُـشَرَّدَا
تُـــطَـــارِدُهُ الْأَقْـــدَارُ أَنَّـــى تَـــوَسَّـــدَا
سَـرَى مَـا سَـرَى وَالـشَّـوْكُ فِي طُرُقَاتِهِ
يُـجَـرِّحُ مِـنْـهُ الْـخُـفَّ وَالْـجَـنْبَ وَالْيَدَا
إِذَا ابْـتَـسَـمَـتْ دُنْـيَـاهُ يَـوْمًـا تَـجَـهَّمَتْ
وَإِنْ ضَحِكَتْ أَبْكَتْهُ فِي الْحِينِ سَرْمَدَا
هُـوَ الـطَّـائِـرُ الْـغِـرِّيـدُ يُـخْـفِـي نُـوَاحَهُ
عَـــلَــيْــكَ إِذَا غَــنَّــاكَ سَــرَّ وَأَسْــعَــدَا
تُــلَــقِّــنُــهُ جِــنٌّ فَــيُـصْـغِـي مُـسَـجِّـلًا
عَـلَـى الْـجِـنِّ مَا أَوْحَى وَيَحْكِي مُرَدِّدَا
إِذَا قَــالَ لَــمْ يَـفْـعَـلْ وَلَـيْـسَ بِـكَـاذِبٍ
وَلَــكِــنَّــهَــا الْأَقْــدَارُ تُـخْـلِـفُ مَـوْعِـدَا
يَــطِــيــرُ بِــهِ نَـحْـوَ الـسَّـمَـاءِ مُـجَـنَّـحٌ
تَــــحَــــرَّرَ مِـــنْ أَغْـــلَالِـــهِ وَتَـــمَـــرَّدَا
وَيَــهْــوِي بِــهِ فِــي كُــلِّ وَادٍ جَـنَـاحُـهُ
فَإِنْ ضَـلَّ فِـي وَادٍ سَـمَـا عَنْهُ وَاهْتَدَى
يَـرَى الْـعَـالَـمَ الْـعُـلْـوِيَّ أَدْنَى مِنَ الثَّرَى
مَــنَــالًا وَيَأْبَــى أَنْ يَــعِـيـشَ مُـصَـفَّـدَا
تَــنَــازَعَـهُ الْإِيـمَـانُ وَالـشَّـكُّ وَانْـتَـهَـى
بِـهِ الـسَّـيْـرُ نَـحْـوَ الـشَّكِّ فَارْتَدَّ مُجْهَدَا
يَـقُـولُـونَ مَـجْـنُـونٌ وَمَـا جُـنَّ وَيْحَهُمْ
وَلَـكِـنَّـهَـا الْأَحْـقَـادُ يَـلْـغُـو بِـهَـا الْـعِـدَى
هُــوَ الْــبَــحْـرُ إِمَّـا ضَـاحِـكٌ مُـتَـرَقْـرِقٌ
وَإِلَّا فَـــبُـــرْكَـــانٌ تَـــفَـــجَّـــرَ مُــزْبِــدَا
يَـثُـورُ وَيَـرْضَـى غَـيْـرُ مُـجْـدٍ شُـعُـورُهُ
تَــرَاهُ عَــلَــى حَــالَــيْــهِ لُـغْـزًا مُـعَـقَّـدَا
ذَكِــيٌّ يَـرَى الْأَحْـدَاثَ قَـبْـلَ وُقُـوعِـهَـا
وَيَــعْــلَــمُ مَـاذَا سَـوْفَ يَـعْـقُـبُـهَـا غَـدَا
عَـنِـيـدٌ وَقَـدْ يَـبْـدُو عَـلَـى غَـيْـرِ طَبْعِهِ
يَــلِــيــنُ وَيَــقْــسُــو قَـلْـبُـهُ مُـتَـعَـمِّـدَا
يَــفِــيــضُ حَـنَـانًـا أَوْ يَـذُوبُ صَـبَـابَـةً
وَيَـبْـدُو عَـلَـى غَـيْـرِ الْـحَـقِـيقَةِ جَامِدَا
إِذَا جَــنَّــهُ الـلَّـيْـلُ اسْـتَـبَـدَّ بِـهِ الْأَسَـى
وَخَـضْـخَـضَ مِـنْـهُ الـلَّـيْلُ قَلْبًا مُسَهَّدَا
تَأَبَّــى وَلَــمْ يَــرْضَ الــنُّــوَاحَ لِـشِـعْـرِهِ
فَـسَـاجَـلَ فِـي الـلَّـيْـلِ الْـكَـنَارِي مُغَرِّدَا
وَكَـابَـرَ حَـتَّـى قِـيـلَ لَا يَـعْـرِفُ الْـهَوَى
وَغَـنَّـى فَـكَـانَ الـلَّـحْـنُ صَـوْتًـا مُجَرَّدَا
وَعَــفَّ فَــلَــمْ يَــرْضَ الْـهَـوَانَ لِـقَـوْلِـهِ
وَلَــمْ يَــتَــمَــلَّــقْ فِــي الْـبَـرِيَّـةِ سَـيِّـدَا
سَـمَـا عَـنْ فُـتَـاتِ الْـخَـيِّـرِيـنَ بِـشِـعْرِهِ
وَوَدَّ لَـوِ اسْـتَـغْـنَـى سِـوَاهُ عَـنِ الـنَّـدَى
وَمَـا الـشِّـعْـرُ إِلَّا مَـا يُـحَـسُّ وَمَـا يُـرَى
وَلَــيْــسَ كَـمَـا ظَـنُّـوا خِـوَانًـا وَمَـوْرِدَا
إِذَا أَنْــتَ لَــمْ تَــعْــرِفْ لِـشِـعْـرِكَ حَـقَّـهُ
فَـــلَا تَـــكُ قَــوَّالًا وَلَا تَــكُ مُــنْــشِــدَا
وَإِنْ أَنْـتَ لَـمْ تَـعْـرِفْ لِـنَـفْـسِـكَ حَـقَّـهَا
عَـلَـيْـكَ فَـعِـشْ عَـبْـدًا وَمَـوْلًى مُسَوَّدَا

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الطويل
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

عزيز فهمي: شاعر مصري امتازَ بإنتاجٍ شِعريٍّ وفير، حازَ على إعجابِ مُعاصِريه في النصف الأول من القرن العشرين؛ لا سيما عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين.

وُلِد «عزيز عبد السلام فهمي محمد جمعة» في طنطا عامَ ١٩٠٩م، وكان والده أحدَ قِياديِّي حزب الوفد. تلقَّى «عزيز» تعليمَه الأساسي في مَسقط رأسه، ثم انتقَلَ إلى القاهرة فأكمَلَ دراستَه بمدرسة الجيزة الثانوية، والْتَحقَ بعدَها بكلية الحقوق بجامعة القاهرة، وفي الوقت نفسه انتسب إلى كلية الآداب، فدرَسَ فيهما معًا، وبعدما حصل على ليسانس الحقوق سافرَ إلى فرنسا لدراسة القانون، وهناك حصل على الدكتوراه في القانون من جامعة السوربون عامَ ١٩٣٨م.

بعد عودته من فرنسا عمل بالنيابة، غيرَ أنه فُصِل من عمله بعدَ إقالة الحكومة الوفدية عامَ ١٩٤٤م، فاشتغل بالمحاماة، وانتُخِب لعضوية البرلمان المصري عن حزب الوفد عامَ ١٩٥٠م، وكانت له فيه صَولاتٌ وجَولاتٌ أشهَرُها دِفاعُه عن حُرية الصحافة؛ ما أوغَرَ صدْرَ المَلِك عليه، فاعتُقِل بتهمة العيب في الذات المَلكية إبَّانَ الحربِ العالَمية الثانية. وشارَكَ «عزيز» في تحرير الصُّحف والمَجَلات التي كان يُصدِرها حزبُ الوفد، وكان عضوًا في كتائب الفدائيِّين، واشترَكَ في عملياتٍ فِدائيةٍ استهدفَتْ معسكراتِ قواتِ الاحتلالِ الإنجليزي.

أمَّا شِعْره فيتنوَّع بينَ قصائدَ طويلةٍ ومتوسطةِ الطول، ويتَّجه إلى رِثاء النفس، والغَزَل العفيف، ومَدِيح أعلام عصره، وبخاصةٍ «طه حسين» و«حافظ إبراهيم»، ورثاء آخَرين، فضلًا عن بُروزِ النَّزْعةِ الوطنية في شِعره واهتمامِه بقضايا الوطن. وله قصائدُ نشرَتْها مَجلاتٌ عِدَّة، منها: «الرسالة»، و«الثقافة»، و«الإرادة»، و«السياسة»، وقد نُشِر معظمُ شِعره في ديوانه «ديوان عزيز» عَقِب وفاته، وقدَّمَ للديوان الدكتور طه حسين، الذي أبدى في كلمته أسًى كبيرًا على الشاعر المُجِيد، الذي تَخطَّفَتْه يدُ المَنُون عاجلًا عامَ ١٩٥٢م في العيَّاط جنوبي القاهرة غَرَقًا في تُرْعةٍ مائية، بعدَ انقلابِ سيارةِ الأجرة التي كان يَستقِلُّها أثناءَ مُحاوَلتِه اللَّحاقَ بقطارِ الصَّعِيد ليتمكَّنَ من التَّرافُع في إحدى القضايا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤