تَحْتَ رَايَةِ الْوَفْدِ

Wave Image
دَعَــوْتُ فَــلَــبَّـى إِذْ أَهَـبْـتُ بِـهِ الْـوَفْـدُ
وَمَــا زَالَ حَــيًّـا فِـي خَـلِـيـفَـتِـهِ سَـعْـدُ
وَهَــا نَـحْـنُ كَـالْـبُـنْـيَـانِ حَـوْلَ رِحَـابِـهِ
نُــجَــدِّدُ عَــهْــدًا كُــلَّــمَـا جُـدِّدَ الْـعَـهْـدُ
فَـيَـا مِـصْـرُ هَـذَا الـرَّكْبُ مَا زَالَ مَاضِيًا
وَيَـا سَـعْـدُ هَذَا الرَّكْبُ يَحْدُو بِهِ السَّعْدُ
سَـلِـي سِـيـشِـلًا يَـا مِـصْـرُ عَـنَّا وَطَارِقًا
وَهَـلْ نَـالَ مِـنَّـا فِـيـهِـمَـا الْأَسْـرُ وَالْقَيْدُ
وَرَدْنَــا الْــمَـنَـايَـا ظَـامِـئِـيـنَ وَلَـمْ نَـزَلْ
نُــرَوِّي غَــلِــيــلًا لَا يَــزُولُ لَــهُ صَــهْــدُ
نُــرَاوِدُهَــا حِــيــنًـا فَـتُـرْخِـي قِـيَـادَهَـا
إِلَـــيْـــنَـــا وَتَـــنْأَى تَـــارَةً ثُـــمَّ تَـــرْتَــدُّ
نُــجَــاذِبُــهَــا حَــتَّـى تَـلِـيـنَ وَنَـنْـثَـنِـي
نَــشَــاوَى بِــرَاحٍ مَـا نَـرُوحُ وَمَـا نَـغْـدُو
فَإِمَّــــا حَــــيَـــاةٌ حُـــرَّةٌ وَكَـــرِيـــمَـــةٌ
وَإِلَّا فَــكَأْسٌ لَــيْــسَ مِــنْ خَـمْـرِهَـا بُـدُّ
•••
بَـنِـي مِـصْـرَ هَـذَا الْـعِـيـدُ وَافَى بَشِيرُهُ
سَــوَاجِــعُــهُ فِـي كُـلِّ نَـاحِـيَـةٍ تَـشْـدُو
إِذَا انْـــطَــلَــقَــتْ شَــادَتْ بِآمَــالِ أُمَّــةٍ
يَــهِــيـبُ بِـهَـا مَـاضٍ وَيَـحْـفِـزُهَـا بَـعْـدُ
حَـبِـيـسَـةُ مَـجْـرَى الصَّوْتِ فِي لَهَوَاتِهَا
نَـشِـيـجٌ وَبَـعْضُ الْكَبْتِ يَفْضَحُهُ الْجَهْدُ
تُـعَـاوِدُهَـا الـذِّكْـرَى فَـتُـطْـلِـقُـهَـا الْمُنَى
وَتَـغْـلِـبُـهَـا الـذِّكْـرَى فَـيَـعْـقِـلُـهَـا الْوَجْدُ
سَـلَامٌ عَـلَـى مَـنْ مَـاتَ مِـنَّـا مُـجَـاهِـدًا
لَهُ الْخُلْدُ فِي الْأُولَى وَأُخْرَى هِيَ الْخُلْدُ
سَـلَامٌ عَـلَـى مَـنْ أَسْـلَـمَ الـرُّوحَ مُسْلِمًا
إِلَـى مِـصْـرَ وَجْـهًـا لَا يَـحُـولُ وَلَا يَعْدُو
سَــلَامٌ عَــلَــى سِــيـنُـوتَ يَـوْمَ ذِرَاعِـهِ
يَــجُــودُ بِــهَــا لَــيْــثٌ بَــرَاثِـنُـهُ الْـرِّفْـدُ
سَــلَامٌ عَــلَــى سِــيــنُـوتَ بَـرًّا بِـوَعْـدِهِ
وَأَلْــفُ سَــلَامٍ يَــوْمَ غَــيَّــبَــهُ الــلَّـحْـدُ
•••
مَـضَـى رُبْـعُ قَـرْنٍ هَـلْ أَتَـاكَ حَـدِيـثُنَا؟
وَكَــيْــفَ وَثَـبْـنَـا إِذْ أَهَـابَ بِـنَـا سَـعْـدُ؟
أَغَــارَ عَــلَــى دَارِ الْــحِــمَـايَـةِ حَـاسِـرًا
فَـلَا الْـخَـيْـلُ أَزْجَاهَا وَلَا انْتَظَمَ الْحَشْدُ
وَخَــفَّ إِلَــى بَــارِيــسَ يَــقْــرَعُ بَـابَـهَـا
فَــلَـمْ يَـثْـنِـهِ طُـولُ الـتَّأَبِّـي وَلَا الـصَّـدُّ
وَأَمْـلَـى عَـلَـى التَّارِيخِ وَالْغَيْبُ مُنْصِتٌ
وَسَــجَّـلَ مَـا أَمْـلَـى بِـرَاحَـتِـهِ الْـمَـجْـدُ
تُــجَــاوِبُ أَرْجَــاءُ الْــفَــضَــاءِ زَئِــيــرَهُ
فَــهَــوَّمَ جِــيــرَانٌ وَطَــالَ بِـهِـمْ سُـهْـدُ
فَـفِـي الـشَّـامِ سُـلْـطَانُ الدُّرُوزِ مُنَاهِضٌ
وَفِـي الـرِّيـفِ ثُـوَّارٌ وَقَـدْ عَـصَـتِ الْهِنْدُ
أَلَــسْــنَــا جَــمِــيــعًــا أُمَّــةً وَحَــضَـارَةً
تُــفَــرِّقُــنَــا أَرْضٌ وَيَــجْــمَـعُـنَـا عَـهْـدُ؟
إِذَا أَنَّ شَــــامِـــيٌّ تَـــنَـــبَّـــهَ هَـــاجِـــعٌ
بِـمِـصْـرَ وَفِـي بَـغْـدَادَ وَالْـتَـفَـتَـتْ نَجْدُ
غَــفَـوْنَـا جَـمِـيـعًـا وَانْـتَـبَـهْـنَـا فُـجَـاءَةً
كَأَنَّــا عَــلَــى وَعْـدٍ وَقَـدْ أُنْـجِـزَ الْـوَعْـدُ
•••
مَـضَـى رُبْـعُ قَـرْنٍ مُـذْ رَفَـعْـنَـا لِـوَاءَهَـا
وُقُــوفًــا حَــوَالَــيْــهَــا وَكُــلُّ يَــدٍ بَـنْـدُ
تَــسِــيــلُ بِأَقْــدَامِ الْـوُقُـوفِ دِمَـاؤُهُـمْ
وَيَـنْـبُـتُ مِـنْـهَا الْمِسْكُ وَالطِّيبُ وَالرَّنْدُ
نَــهَــضْــنَــا غِـضَـابًـا كُـلُّ خَـوْدٍ لَـبُـوءَةٌ
وَكُــلُّ غُــلَامٍ أَوْ فَــتًــى ضَــيْــغَـمٌ وَرْدُ
نَــهَـضْـنَـا غِـضَـابًـا وَابْـتَـدَرْنَـا نِـسَـاءَنَـا
فَـقُـلْـنَ عَـلَـيْـنَا النِّصْفُ إِنْ عَظُمَ الْجَهْدُ
تَــحَــمَّــلْــنَ عَــنَّــا مَــا يَـنُـوءُ بِـحَـمْـلِـهِ
أَخُـو غَـمَـرَاتٍ قَـلْـبُـهُ الْـحَـجَـرُ الـصَّـلْـدُ
حَــسَــرْنَ نِــقَـابًـا وَارْتَـدَيْـنَ شَـكِـيـمَـةً
هِـيَ الـدِّرْعُ إِمَّـا عَـزَّنَـا الـسَّـهْـمُ وَالْـبَرْدُ
فَـيَـا ابْـنَـةَ هَـذَا الْـغِيلِ كَيْفَ خَضَبْتِهَا؟
أَهَــــذَا دَمٌ قَــــانٍ بِـــكَـــفِّـــكِ أَمْ وَرْدُ؟
وَيَــا ابْــنَــةَ هَــذَا الــنِّــيـلِ إِنَّ لَـنَـا يَـدًا
وَأَيْـدِي بَـنَـاتِ الـنِّـيـلِ يُـخْـطِـئُـهَـا الْعَدُّ
•••
مَـضَـى رُبْـعُ قَـرْنٍ مُـذْ رَفَـعْـنَـا لِـوَاءَهَـا
وَكُـنَّـا جَـمِـيـعًـا قَـبْـلَ أَنْ يُـسْـفِـرَ الْجِدُّ
وَلَــبَّــى قَــضَـاءَ الـلـهِ سَـعْـدٌ وَلَـمْ يَـزَلْ
إِلَـى الـنَّـصْـرِ شَوْطٌ دُونَهُ الْغَوْرُ وَالنَّجْدُ
وَهَـــلَّـــلَ حُــسَّــادُ الــزَّعِــيــمِ وَآذَنُــوا
بِـحَـرْبٍ تَـلَـظَّـى تَـحْـتَ حَـافِـرِهَـا وَقْدُ
فَـلَا مِـصْـرُ هَـانَـتْ يَوْمَ رَاشُوا سِهَامَهَمْ
فَــكَــانَ لَــهَــا فِـي نَـحْـرِ مُـرْسِـلِـهَـا رَدُّ
وَلَا نَـحْـنُ خَـلَّـيْـنَـا الـطَّـرِيـقَ لِـعُـصْـبَـةٍ
تَــسَــلَّـلُ كَـالـثُّـعْـبَـانِ وَالـلَّـيْـلُ مُـسْـوَدُّ
وَحَــمَّـلَ أَعْـبَـاءَ الـزَّعَـامَـةِ مُـصْـطَـفَـى
وَقُـلْـنَـا عَـلَـى اسْـمِ الـلـهِ يَصْحَبُهُ الْجَدُّ
أَلَـيْـسَ الْأَمِـيـنَ الـطَّـاهِـرَ الْـيَدِ وَالْهَوَى
كَـبَـا الـزَّنْـدُ فَـلْـيَـثْـقُـبْ بِـرَاحَتِهِ الزَّنْدُ؟
تَــعَـاقَـبَ فِـيـهِ الْـمُـرْجِـفُـونَ بِإِفْـكِـهِـمْ
وَكَـمْ سَـمْـهَجُوا عَهْدًا وَكَمْ نُقِضَ الْعَهْدُ
تَــعَــاقَــبَ مِــنْـهُـمْ كُـلُّ وَعْـلٍ وَنَـاطِـحٍ
وَمَـا زَالَ أَرْسَـى مِـنْ قَـوَاعِـدِهِ الـطَّـوْدُ
•••
لَـحَـا الـلـهُ قَـوْمًـا مِـصْـرُ مِـنْـهُـمْ بَـرِيئَةٌ
عَـلَـى الـرَّغْـمِ مِـنْـهَـا فِـي بُـنُوَّتِهَا عُدُّوا
أَسَـاءُوا فَـهَـانُـوا إِذْ أَسَـاءُوا وَأَحْـسَـنُوا
فَـمَـاضِـيـهِـمُ عَـفْـوٌ وَحَـاضِـرُهُـمْ عَـمْدُ
وَكَــانُــوا جُـنُـودًا يَـهْـتَـدُونَ بِـوَحْـيِـهَـا
فَكَيْفَ اسْتَبَاحَ الْقُدْسَ وَالْحَرَمَ الْجُنْدُ؟
عَــزِيــزٌ عَــلَــيْــنَــا أَنْ يُــقَـالَ مُـوَاطِـنٌ
تَـخَـلَّـفَ مَـهْـمَـا هَـانَ فِـي رُزْئِـهِ الْـفَـقْدُ
وَمَــا كُــلُّ سَــجَّــاعٍ وَإِنْ رَقَّ سَــجْـعُـهُ
وَأَبْـدَى لَـكَ الْـوُدَّ الْـخَـلِـيـلُ الَّـذِي يَبْدُو
يَــلَــجُّ بِــهِ حِــقْــدٌ وَيُــبْــدِي سَـمَـاحَـةً
وَفِــي قَــلْــبِــهِ سُـمٌّ وَفِـي فَـمِـهِ شَـهْـدُ
•••
وَمِـنْـهُـمْ دَعِـيٌّ يَـزْعُـمُ الـشَّـعْبَ قَاصِرًا
وَآخَــرُ يَــزْهُــو بِــالْأُصُــولِ وَيَــعْــتَــدُّ
بُــيُــوتٌ وَأَنْــسَــابٌ وَجَــاهٌ وَمَــحْــتِـدٌ
وَعِــلْــمٌ وَأَلْــقَــابٌ وَأَنَّــى لِـيَ الـسَّـرْدُ؟
وَنَـــحْـــنُ رِعَـــاعٌ مُــحْــدَثُــونَ وَأُمَّــةٌ
يَــسُــودُ بِــهَـا فَـدْمٌ وَمُـعْـظَـمُـهَـا وَغْـدُ
لَـقَـدْ هَـانَـتِ الـدُّنْـيَـا إِذَا جَـازَ مَا ادَّعَوْا
لَـعَـمْـرُكَ مَـا فِـيـهِـمْ وَإِنْ جَـمَـعُـوا فَـرْدُ
ضَــفَــادِعُ إِمَّـا أَقْـبَـلَ الـلَّـيْـلُ نَـقْـنَـقَـتْ
يَـضِـيـقُ بِـهَـا الْـوَادِي وَيَـتَّـسِـعُ الْـوَهْـدُ
إِذَا أَسْـفَـرَ الـصُّـبْـحُ الْـمُـبِـيـنُ تَـحَـوَّلَتْ
كَــعَـبَّـادِ شَـمْـسٍ وَاسْـتَـجَـدَّ لَـهَـا جِـلْـدُ
يُــسِــرُّونَ مَــا لَا يُـعْـلِـنُـونَ فَإِنْ خَـلَـوْا
بِأَنْــفُــسِـهِـمْ مَـالُـوا وَعَـاوَدَهُـمْ جَـحْـدُ
يَــقُــولُــونَ آمَــنَّــا وَيَــهْــزَأُ قَــلْــبُــهُـمْ
وَلَــوْ آمَـنَ الـشَّـيْـطَـانُ دُونَـهُـمُ ارْتَـدُّوا
فَـلَا تَأْخُـذَنْـكُـمْ فِـيـهِـمُ الْـيَـوْمَ رَحْـمَـةً
فَـبَـعْـضُ الـتُّـقَـى ضَـعْـفٌ وَمُـعْـظَمُهُ إِدُّ
يَـطِـيـبُ لِـغَـيْـرِي أَنْ يَـرَى غَيْرَ مَذْهَبِي
وَمَـذْهَـبُـهُ الـتَّـقْـوَى وَسُـنَّـتُـهُ الْـقَـصْـدُ
وَذَلِــكَ دِيـنِـي مَـا حَـيِـيـتُ وَمَـذْهَـبِـي
وَرَأْيِـي وَبَـعْـضُ الـرَّأْيِ يَـدْعَـمُـهُ الـنَّـقْدُ
فَـمَـنْ شَـاءَ فَـلْـيَـعْـتِـبْ وَلَـسْـتُ بِعَاتِبٍ
كِـــلَانَـــا لَــهُ رَأْيٌ وَرَأْيِــي هُــوَ الْــحَــدُّ
إِذَا عَـــقَّ مَـــهْــدَ الْأَوَّلِــيــنَ بَــنُــوهُــمُ
فَــيَــا رَبِّ لَا تَــرْحَــمْ وَلَا رُحِـمَ الْـمَـهْـدُ
•••
أَفِــي كُــلِّ يَــوْمٍ يُـثْـخِـنُـونَ جِـرَاحَـهَـا
وَيُــطْـمِـعُـهُـمْ عَـفْـوٌ وَيَـعْـطِـفُـكُـمْ وُدُّ؟
أَكُــلُّ ابْــنِ عَــمٍّ وَابْــنِ خَـالٍ وَضَـيْـزَنٍ
وَرَابِـــعُــهُــمْ حِــزْبٌ إِذَا كَــمَــلَ الْــعَــدُّ
فَــحِــزْبٌ بِــلَا رَأْسٍ وَحِــزْبٌ رَئِــيـسُـهُ
هُـوَ الْـعُـضْـوُ وَالْأَنْـصَـارُ وَالـنَّـفَـرُ الْـعَـدُّ
•••
عَـجِـبْـتُ لِـهَـيْـئَـاتٍ عَـلَـى غَـيْرِ مَذْهَبٍ
يُـــؤَلِّــفُــهَــا نَــادٍ وَيَــجْــمَــعُــهَــا نَــرْدُ
وَلَـكِـنَّـنَـا فِـي مِـصْـرَ وَالـنَّاسُ فِي غِنًى
عَـــنِ الْــجِــدِّ إِلَّا أَنَّ هَــزْلَــهُــمُ الْــجِــدُّ
شَـفَـى الـنَّـفْـسَ مِـنْـهُـمْ مَـا أَرَاهُ وَأَنَّـهُمْ
خُـــصُـــومٌ وَأَعْــدَاءٌ لِأَنْــفُــسِــهِــمْ لُــدُّ
أَرَاهُــمْ فُــلُــولًا بَــيْــنَ حِــزْبٍ وَكُـتْـلَـةٍ
يُــفَـرِّقُـهُـمْ سَـعْـيٌ وَيَـجْـمَـعُـهُـمْ حِـقْـدُ
وَمَــا مِــصْــرُ إِلَّا الْــوَفْــدُ وَالْـوَفْـدُ آيَـةٌ
تَــدُلُّ عَــلَــيْــهَــا وَالــدَّلِــيـلُ هُـوَ الـنِّـدُّ
وَلَـيْـسَ يَـعِـيـبُ الـشَّـمْـسَ أَنَّـكَ نَـاظِـرٌ
بِـعَـيْـنٍ تَـرَى مَـا تُـبْـصِـرُ الْأَعْـيُـنُ الرُّمْدُ
إِذَا حَـالَ طَـعْـمُ الْـمَـاءِ فِي ذَوْقِ شَارِبٍ
فَـكَـيْـفَ يُـعَـابُ الـنَّـبْـعُ إِنْ عَـذُبَ الْوِرْدُ
•••
بَـنِـي مِـصْـرَ هَـذَا الْـحَـقُّ أَبْـلَـجُ وَاضِحٌ
وَهَـذَا صِـرَاطٌ يَـسْـتَـوِي عِـنْـدَهُ الْقَصْدُ
إِذَا شِـئْـتُـمُ الـشُّـورَى فَـذَلِـكَ حُـكْـمُـهَـا
وَإِنْ شِـئْـتُـمُ الْـفَـوْضَـى فَـلَيْسَ لَهَا حَدُّ
تَــوَلَّــى زَمَــانُ الْــحَـاكِـمِـيـنَ بِأَمْـرِهِـمْ
وَلَـمْ يَـبْـقَ فِـي الـدُّنْـيَـا مَسُودٌ وَلَا عَبْدُ
تَــوَلَّــى زَمَــانُ الْــفَــرْدِ لَا عَــادَ عَـهْـدُهُ
وَبَــدَّلَ بِــالـدُّسْـتُـورِ سُـلْـطَـانَـهُ الْـفَـرْدُ
يَــعِــزُّ بِـهِ الْـعَـرْشُ الْـمَـنِـيـعُ وَيَـزْدَهِـي
بِـهِ الـتَّـاجُ وَالـسُّـلْـطَـاتُ حَـوْلَـهُـمَا عَقْدُ
لِــكُــلٍّ مَــدَاهُ لَا اعْــتِــدَاءَ لِــسُــلْــطَــةٍ
عَـلَـى غَـيْـرِهَـا هَـذَا هُوَ الشَّرْطُ وَالْعَهْدُ
أَلَـمْ تُـقْـسِـمُـوا أَمْـسِ الْـيَـمِـيـنَ لِعَهْدِهِ؟
لَـقَـدْ أَفْـلَـحَ الْـمَـوْعُـودُ إِنْ صَدَقَ الْوَعْدُ
عَـلَـى مَـذْبَـحِ الـدُّسْـتُـورِ مِنْ شُهَدَائِكُمْ
عَــبِـيـرُ دِمَـاءٍ فَـاحَ مِـنْ عِـطْـرِهَـا الـنَّـدُّ
وَفِــي هَـيْـكَـلِ الـدُّسْـتُـورِ تَـامُـورُ أُمَّـةٍ
يَــكَــادُ مِــنَ الْإِشْـفَـاقِ وَالـذُّعْـرِ يَـنْـقَـدُّ
•••
إِلَــيْـكَ زَعِـيـمَ الـنِّـيـلِ أَلْـقَـتْ قِـيَـادَهَـا
فَــمَـنْ شَـاءَ فَـلْـيَـتْـبَـعْ وَرَائِـدُهُ الـرُّشْـدُ
وَمَـنْ شَـاءَ فَـلْـيَـجْـنَـحْ وَشَـيْـطَانُهُ مَعًا
إِلَــى حَــيْــثُ أَلْــقَــتْ، لَا سَـلَامٌ وَلَا رَدُّ
وَهَــبْــتَ لَــهَـا قَـلْـبًـا حَـدِيـدًا مُـغَـامِـرًا
تَــفِــيءُ إِلَــيْــهِ الْــحَـادِثَـاتُ فَـيَـشْـتَـدُّ
وَعَـزْمًـا بَـرَاهُ الـلـهُ كَـالـسَّـيْـفِ مَـاضِـيًا
يَــزِيــدُ مَــضَــاءً كُــلَّـمَـا شَـفَّـهُ الـطَّـرْدُ
إِذَا عَــجَــمَــتْــهُ الْــحَــادِثَــاتُ بِـنَـاجِـذٍ
تَـقَـلْـقَـلَ فِـيـهَـا الـنَّـابُ وَاسْـتَـلَّهُ الْغِمْدُ
مَـدَحْـتُـكَ لَـمْ أَمْـدَحْ سِـوَاكَ وَقَـدْ خَـلَا
مِـنَ الْـمَـدْحِ شِـعْـرِي زَاهِـدًا وَلَهُ الْحَمْدُ
فَإِنْ قِـــيـــلَ مَــدَّاحٌ فَــمَــادِحُ أُمَّــتِــي
لَأَنْـــتَ لَــهَــا رَمْــزٌ يَــعِــزُّ بِــهِ الْــوَفْــدُ
أَمِــنَّــا بِــكَ الْأَحْــدَاثَ وَهْــيَ مُــلِــمَّــةٌ
فَــكَــيْــفَ أَمِــنَّــا وَهْــيَ آمِــنَـةٌ بَـعْـدُ؟
أَمِــــنَّــــا وَآمَـــنَّـــا وَأَمْـــرُكَ طَـــاعَـــةٌ
يُـلَـبِّـيـكَ مِـنَّـا الـرُّوحُ وَالْـعَـزْمُ وَالْـجَهْدُ
عَـــقَــدْنَــا بِــكَ الْآمَــالَ فَــاسْــرِ بِأُمَّــةٍ
سَـوَاءٌ عَـلَـيْهَا فِي السُّرَى الْقُرْبُ وَالْبُعْدُ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الطويل
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

عزيز فهمي: شاعر مصري امتازَ بإنتاجٍ شِعريٍّ وفير، حازَ على إعجابِ مُعاصِريه في النصف الأول من القرن العشرين؛ لا سيما عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين.

وُلِد «عزيز عبد السلام فهمي محمد جمعة» في طنطا عامَ ١٩٠٩م، وكان والده أحدَ قِياديِّي حزب الوفد. تلقَّى «عزيز» تعليمَه الأساسي في مَسقط رأسه، ثم انتقَلَ إلى القاهرة فأكمَلَ دراستَه بمدرسة الجيزة الثانوية، والْتَحقَ بعدَها بكلية الحقوق بجامعة القاهرة، وفي الوقت نفسه انتسب إلى كلية الآداب، فدرَسَ فيهما معًا، وبعدما حصل على ليسانس الحقوق سافرَ إلى فرنسا لدراسة القانون، وهناك حصل على الدكتوراه في القانون من جامعة السوربون عامَ ١٩٣٨م.

بعد عودته من فرنسا عمل بالنيابة، غيرَ أنه فُصِل من عمله بعدَ إقالة الحكومة الوفدية عامَ ١٩٤٤م، فاشتغل بالمحاماة، وانتُخِب لعضوية البرلمان المصري عن حزب الوفد عامَ ١٩٥٠م، وكانت له فيه صَولاتٌ وجَولاتٌ أشهَرُها دِفاعُه عن حُرية الصحافة؛ ما أوغَرَ صدْرَ المَلِك عليه، فاعتُقِل بتهمة العيب في الذات المَلكية إبَّانَ الحربِ العالَمية الثانية. وشارَكَ «عزيز» في تحرير الصُّحف والمَجَلات التي كان يُصدِرها حزبُ الوفد، وكان عضوًا في كتائب الفدائيِّين، واشترَكَ في عملياتٍ فِدائيةٍ استهدفَتْ معسكراتِ قواتِ الاحتلالِ الإنجليزي.

أمَّا شِعْره فيتنوَّع بينَ قصائدَ طويلةٍ ومتوسطةِ الطول، ويتَّجه إلى رِثاء النفس، والغَزَل العفيف، ومَدِيح أعلام عصره، وبخاصةٍ «طه حسين» و«حافظ إبراهيم»، ورثاء آخَرين، فضلًا عن بُروزِ النَّزْعةِ الوطنية في شِعره واهتمامِه بقضايا الوطن. وله قصائدُ نشرَتْها مَجلاتٌ عِدَّة، منها: «الرسالة»، و«الثقافة»، و«الإرادة»، و«السياسة»، وقد نُشِر معظمُ شِعره في ديوانه «ديوان عزيز» عَقِب وفاته، وقدَّمَ للديوان الدكتور طه حسين، الذي أبدى في كلمته أسًى كبيرًا على الشاعر المُجِيد، الذي تَخطَّفَتْه يدُ المَنُون عاجلًا عامَ ١٩٥٢م في العيَّاط جنوبي القاهرة غَرَقًا في تُرْعةٍ مائية، بعدَ انقلابِ سيارةِ الأجرة التي كان يَستقِلُّها أثناءَ مُحاوَلتِه اللَّحاقَ بقطارِ الصَّعِيد ليتمكَّنَ من التَّرافُع في إحدى القضايا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤