صَادِحَ الشَّرْقِ قَدْ سَكَتَّ طَوِيلَا

Wave Image
صَــادِحَ الــشَّــرْقِ قَــدْ سَـكَـتَّ طَـوِيـلَا
وَعَــــزِيــــزٌ عَــــلَــــيْــــهِ أَلَّا تَــــقُــــولَا
أَيْــنَ ذَاكَ الـشِّـعْـرُ الَّـذِي كُـنْـتَ تَـزْجِـيـ
ـهِ فَـيَـسْرِي فِي الْأَرْضِ عَرْضًا وَطُولَا؟
قَــدْ سَــمِــعْــنَـاهُ فِـي الْـمَـزَاهِـرِ لَـحْـنًـا
وَسَــمِــعْــنَــاهُ فِــي الْــحَــمَـامِ هَـدِيـلَا
وَشَــمِــمْــنَــاهُ فِــي الْــكَــمَــائِــمِ زَهْـرًا
وَشَــرِبْــنَــاهُ فِــي الْــكُــئُــوسِ شَـمُـولَا
تَــنْــهَــبُ الــدُّرَّ مِــنْ عُـقُـودِ الْـغَـوَانِـي
ثُـــمَّ تَـــدْعُـــوهُ فَـــاعِـــلَاتُــنْ فَــعُــولَا
خَـــطَــرَاتٌ تَــسِــيــرُ سَــيْــرَ الــدَّرَارِي
آبِــــيَــــاتٍ عَـــلَـــى الـــزَّمَـــانِ أُفُـــولَا
تَـخْـدَعُ الْـجَـامِـحَ الـشَّـمُـوسَ مِنَ الْقَوْ
لِ فَــيُــلْــقِــي الْــعِــنَــانَ سَــهْـلًا ذَلُـولَا
غَـــزَلٌ كَـــالـــشَّـــبَـــابِ أَسْــجَــحُ رَيَّــا
نُ يُــذِيـبُ الْـقَـاسِـي ويُـدْنِـي الْـمَـلُـولَا
وَنَــسِــيــبٌ يَــكَــادُ يَــبْــعَــثُ فِــيــنَــا
مِـــنْ جَـــدِيـــدٍ كُـــثَــيِّــرًا وَجَــمِــيــلَا
وَقَــوَافٍ سَــالَـتْ مِـنَ الـلُّـطْـفِ حَـتَّـى
لَــحَــسِـبْـنَـا الْـمُـجْـتَـثَّ مِـنْـهَـا طَـوِيـلَا
نَـــقَـــدَتْ جَـــيِّـــدَ الْـــكَــلَامِ وَخَــلَّــتْ
سَـــقَـــطًـــا مِـــنْ وَرَائِــهَــا وَفُــضُــولَا
عَـــبِـــثَـــتْ ﺑِ «الْـــوَلِـــيــدِ» ثُــمَّ أَرَتْــهُ
مِــنْــهُ أَنْــقَــى مَــعْــنًــى وَأَقْـوَمَ قِـيـلَا
لَــوْ وَعَــاهَــا مَــا اهْـتَـزَّ يُـنْـشِـدُ يَـوْمًـا
«ذَاكَ وَادِي الْأَرَاكِ فَــاحْــبِـسْ قَـلِـيـلَا»
«قِـفْ مَـشُـوقًـا أَوْ مُـسْـعِـدًا أَوْ حَـزِيـنًا
أَوْ مُـــعِـــيـــنًـــا أَوْ عَــاذِرًا أَوْ عَــذُولَا»
بَـــرَزَتْ نَـــفْـــسُـــهُ بِـــهَـــا فَـــرَأَيْـــنَــا
هُ نَـــبِـــيـــلًا يَـــنُـــثُّ قَـــوْلًا نَـــبِــيــلَا
هَــبَــطَــتْ حِــكْــمَــةُ الْــبَــيَـانِ عَـلَـيْـهِ
فَــاذْكُــرُوا فِــي الْـكِـتَـابِ إِسْـمَـاعِـيـلَا
لَــوْ شَــهِــدْتَ الــرَّدَى يَــحُــومُ عَــلَـيْـهِ
وَالْـــمَـــنَــايَــا تَــرْمِــي لَــهُ الْأُحْــبُــولَا
•••
لَـــرَأَيْـــتَ الـــطَّــوْدَ الْأَشَــمَّ الَّــذِي كَــا
نَ مَــنِــيــعَ الــذُّرَا كَــثِــيــبًــا مَــهِــيـلَا
وَرَأَيْـتَ الـصَّـمْـصَـامَ لَا يَـقْـطَـعُ الـضِّـغْـ
ـثَ وَقَـــدْ كَـــانَ صَــارِمًــا مَــصْــقُــولَا
وَرَأَيْــتَ الــرُّوحَ الْــخَــفِــيـفَـةَ حَـيْـرَى
إِنَّ عِـــبْءَ الـــسَّــقَــامِ كَــانَ ثَــقِــيــلَا
شَــيَّــعَ الــدَّمْـعُ يَـوْمَ شَـيَّـعَ «صَـبْـرِي»
دَوْلَـــةً فَــخْــمَــةً وَعَــصْــرًا حَــفِــيــلَا
•••
خُـــلُــقٌ لَــوْ يَــمَــسُّ هَــاجِــرَةَ الْــقَــيْـ
ـظِ لَأَمْــسَــتْ عَــلَــى الْأَنَــامِ أَصِــيــلَا
وَخِـــلَالٌ مِــثْــلُ الــنَّــسِــيــمِ وَقَــدْ مَـ
ـرَّ بِـــزَهْــرِ الــرُّبَــى عَــلِــيــلًا بَــلِــيــلَا
وَحَــدِيــثٌ حُــلْــوُ الْــفُــكَــاهَــةِ عَـذْبٌ
لَـــمْ يَـــكُـــنْ آسِـــنًـــا وَلَا مَـــمْـــلُـــولَا
يُــذْهِــلُ الــصَّــبَّ عَـنْ أَحَـادِيـثِ لَـيْـلَا
هُ وَيُـــنْـــسِــيــهِ حَــوْمَــلًا وَالــدَّخُــولَا
يَـقْـصُـرُ الـلَّـيْـلُ حِـيـنَ يَـسْمُرُ «صَبْرِي»
بَـــعْـــدَ أَنْ كَـــانَ نَــابِــغِــيًّــا طَــوِيــلَا
•••
يَـوْمَ «صَـبْـرِي» هَـدَمْـتَ لِـلْـمَـجْـدِ رُكْنًا
وَتَـــرَكْـــتَ الْـــعَـــلْــيَــاءَ أُمًّــا ثَــكُــولَا
يَوْمَ «صَبْرِي» أَغْمَدْتَ فِي التُّرْبِ سَيْفًا
حِــيــنَ جَــرَّدْتَ سَــيْــفَـكَ الْـمَـسْـلُـولَا
•••
إِنَّــمَــا نَــحْــنُ فِــي الْـحَـيـاةِ إِلَـى حِـيـ
ـنٍ شَـــبَـــابًـــا وَفِـــتْـــيَـــةً وَكُـــهُـــولَا
نَـــتَـــمَـــنَّـــى الْـــحَــيــاةَ جِــدَّ تَــمَــنٍّ
وَهْــيَ لَــيْــسَــتْ إِلَّا مَــتَــاعًــا قَــلِـيـلَا
وَقَـــفَ الــطِّــبُّ حَــائِــرًا وَالْــمَــنَــايَــا
سَــاخِــرَاتٍ يَــغْــتَــلْـنَ جِـيـلًا فَـجِـيـلَا
دَوْرَةُ الْأَرْضِ كَـــمْ أَمَـــدَّتْ قَـــبِـــيـــلًا
بِـــحَـــيَـــاةٍ وَكَـــمْ أَبَـــادَتْ قَـــبِـــيــلَا
نَــضْــرَةٌ فِــي أَزَاهِـرِ الـصُّـبْـحِ تُـمْـسِـي
بَــــعْــــدَ لَأْيٍ تَــــصَــــوُّحًــــا وَذُبُــــولَا
رُبَّ قَــصْــرٍ قَــدْ كَــانَ مَــلْــعَــبَ أُنْـسٍ
صَـــيَّـــرَتْـــهُ الْأَيَّــامُ رَبْــعًــا مُــحِــيــلَا
وَفَــتَــاةٍ طَــوَى مَــحَــاسِــنَــهَــا الـدَّهْـ
ـرُ بَـــنَـــانًـــا غَـــضًّـــا وَخَــدًّا أَسِــيــلَا
نَأْكُــــلُ الْأَرْضَ ثُــــمَّ تَأْكُــــلُــــنَــــا الْأَرْ
ضُ دَوَالَــــيْــــكَ أَفْــــرُعًــــا وَأُصُـــولَا
•••
يَـــا مَـــلِــيــكَ الْــبَــيَــانِ دَعْــوَةَ خِــلٍّ
وَجَــدَ الــصَّــبْـرَ بَـعْـدَكُـمْ مُـسْـتَـحِـيـلَا
أَنَــــا أَرْثِــــيــــكَ شَـــاعِـــرًا وَأَدِيـــبًـــا
ثُـــمَّ أَبْــكِــيــكَ صَــاحِــبًــا وَخَــلِــيــلَا
قُـــلْ لِـــحَــسَّــانَ إِنْ مَــرَرْتَ عَــلَــيْــهِ
فِـي ظِـلَالِ الْـفِـرْدَوْسِ يُـطْرِي الرَّسُولَا
إِنَّ مِــصْــرًا أَحْــيَـتْ مَـوَاتَ الْـقَـوَافِـي
وَأَقَـــامَـــتْ عَـــمُـــودَهَــا أَنْ يَــمِــيــلَا
وَأَعَـــادَتْ إِلَـــى سَـــلِـــيـــلَـــةِ عَــدْنَــا
نَ شَـــبَــابًــا غَــضًّــا وَمَــجْــدًا أَثِــيــلَا
قُــلْ لَــهُ غَــيْــرَ فَــاخِــرٍ إِنَّ «صَــبْـرِي»
بَـعْـدَ «سَـامِـي» هَـدَى إِلَـيْـهَـا الـسَّـبِيلَا
•••
وَيْـكَ يَـا قَـبْـرُ صِـرْتَ لِـلْـفَـضْـلِ مَـثْوًى
لَا يُـــسَـــامَــى وَلِــلــنُّــبُــوغِ مَــقِــيــلَا
فِــيـكَ كَـنْـزٌ لَـمْ تَـحْـوِ أَرْضُ الْـفَـرَاعِـيـ
ـنِ لَـــهُ بَـــيْـــنَ لَابَـــتَــيْــهَــا مَــثِــيــلَا
فِــيــكَ سِـرُّ الْـجَـلَالِ وَالْـخَـطْـبُ فِـيـهِ
كَــانَ يَــا قَــبْــرُ لَــوْ عَــلِــمْــتَ جَـلِـيـلَا
ضُــمَّــهُ ضَــمَّــةَ الْــكَــمِــيِّ حُــسَــامًــا
تَـــرَكَ الـــنَّـــصْـــرُ حَـــدَّهُ مَـــفْـــلُـــولَا
لَــهْـفَ نَـفْـسِـي عَـلَـيْـهِ يَـفْـتَـرِشُ الـتُّـرْ
بَ وَقَـــدْ كَـــانَ لِـــلــسِّــمَــاكِ رَسِــيــلَا
لَـهْـفَ نَـفْـسِـي عَـلَـيْـهِ لَـوْ كَـانَ يُـجْدِي
لَـهْـفَ نَـفْـسِـي أَوْ كَـانَ يُـغْـنِـي فَـتِـيـلَا
كُــنْ عَــلَــيْــهِ يَــا قَــبْـرُ رَوْحًـا وَرَيْـحَـا
نًــا وَمَــثْــوًى رَحْــبًــا وَظِــلًّا ظَــلِــيـلَا
لَــمْ يَـمُـتْ مَـنْ يَـزُولُ مِـنْ عَـالَـمِ الْـحِـ
ـسِّ وَتَأْبَـــــــى آثَـــــــارُهُ أَنْ تَـــــــزُولَا

عن القصيدة

  • مناسبة القصيدة: أنشدها الشاعر في حفل تأبين إسماعيل صبري باشا
  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الخفيف
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

علي الجارم: أديب، وشاعر مصري، ورائد من رواد مدرسة الإحياء والبعث إلى جانب كل من أحمد شوقي وحافظ إبراهيم. أَثْرَت مؤلفاته المكتبة الأدبية العربية؛ حيث تعددت وتنوعت بين الدواوين الشعرية، والروايات الأدبية والتاريخية، إضافة إلى الكتب المدرسية، وكانت له مساهمات فعالة في حقل اللغة العربية. وقد اشتهر بغيرته على الدين واللغة والأدب، وتمكن من أن يحوز مكانة شعرية رائدة.

ولد علي صالح عبد الفتاح الجارم، بمدينة رشيد عام ١٨٨١م، تلك المدينة التي شهدت الكثير من أحداث مصر التاريخية. كان والده الشيخ محمد صالح الجارم عالمًا من علماء الأزهر، وقاضيًا شرعيًّا بمدينة دمنهور. تلقى علي دروسه الأولى بمدينة رشيد، فأتم بها التعليم الابتدائي، وواصل تعليمه الثانوي بالقاهرة حيث التحق بالأزهر الشريف، واختار بعد ذلك أن يلتحق بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة. سافر عام ١٩٠٨م إلى إنجلترا وتحديدًا نوتينجهام لإكمال دراسته، فدرس هناك أصول التربية، ثم عاد إلى مصر عام ١٩١٢م بعد أربع سنوات قضاها في الغربة.

عُيِّن الجارم عقب عودته مدرسًا بمدرسة التجارة المتوسطة، ثم تدرج في مناصب التربية والتعليم حتى عُيِّن كبير مفتشي اللغة العربية بمصر، كما عمل الجارم وكيلًا لدار العلوم، وكان عضوًا مؤسِّسًا لمجمع اللغة العربية، وقد مَثَّل مصر في عدد من المؤتمرات العلمية والثقافية.

سَخَّر الجارم طاقاته الإبداعية وإمكانياته الثقافية في إنجاز العديد من الروايات الأدبية التاريخية التي تتخذ من التاريخ العربي موضوعًا لها، مثل: «فارس بني حمدان» و«هاتف من الأندلس» و«مرح الوليد» و«خاتمة المطاف» و«نهاية المتنبي». توفي علي الجارم عام ١٩٤٩م عن ثمانية وستين عامًا، وقد رثاه كبار أدباء ومفكري عصره.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤