ذِكْرَى الْغَرْبِ

Wave Image
يَــا دَارَ فَــاتِــنَــتِــي حُــيِّــيـتِ مِـنْ دَارِ
سَـيَّـرْتُ فِـيـكِ وَفِـي مَنْ فِيكِ أَشْعَارِي
رَحَـلْـتُ عَـنْـهَـا وَلِـلْأَشْـجَـانِ مَـا تَـرَكَتْ
فِـي الْـعَـيْـنِ وَالْـقَـلْـبِ مِنْ مَاءٍ وَمِنْ نَارِ
كَــانَــتْ مَـجَـالَ صَـبَـابَـاتٍ لَـهَـوْتُ بِـهَـا
وَمُـــسْـــتَـــرَاضَ لُـــبَـــانَــاتٍ وَأَوْطَــارِ
أُسَــائِــلُ الــطَّـيْـرَ عَـنْـهَـا لَـوْ تُـنَـبِّـئُـنِـي
أَوْ تَـنْـقُـلُ الـطَّـيْـرُ عَـنْـهَـا بَـعْـضَ أَخْـبَارِ
يَـنْـسَـى بِـهَـا كُـلُّ نَـائِـي الـدَّارِ مَـوْطِـنَهُ
وَمَــا تَــجَــشَّــمَ مِــنْ بَــيْــنٍ وَأَسْــفَــارِ
يَـلْـقَـى بِـهَـا أَيْـنَـمَـا أَلْـقَـى عَـصَـاهُ بِـهَـا
أَهْــــلًا بِأَهْـــلٍ وَأَصْـــهَـــارًا بِأَصْـــهَـــارِ
وَفِــتْــيَــةً كَـرِمَـاحِ الْـخَـطِّ إِنْ خَـطَـرُوا
فَــدَيْـتُ بِـالـنَّـفْـسِ مِـنْـهُـمْ كُـلَّ خَـطَّـارِ
بِـيـضَ الْـوُجُـوهِ مَـسَـامِـيـحَ الْأَكُفِّ مَنَا
جِــيــدَ الــصَّــرِيــخِ سَـرَاةً غَـيْـرَ أَغْـرَارِ
لَا يَـنْـزِلُ الـضَّـيْـفُ صُـبْـحًـا عُقْرَ دَارِهِمُ
إِلَّا وَيُــمْــسِــي عِــشَـاءً صَـاحِـبَ الـدَّارِ
قَــدْ آمَــنُــوا بِإِلَــهِ الْــحُــبِّ وَارْتَــقَـبُـوا
آيَــــاتِــــهِ بَــــيْـــنَ إِجْـــلَالٍ وَإِكْـــبَـــارِ
وَصَــوَّرُوهُ فَــتًــى أَعْــمَـى إِذَا رَشَـقَـتْ
يَــدَاهُ بِــالــنَّــبْــلِ أَصْــمَــى كُــلَّ جَـبَّـارِ
عُــرْيَــانَ إِنْ مَــسَّـهُ بَـرْدُ الـشِّـتَـاءِ فَـمَـا
لَــهُ سِــوَى زَفَــرَاتِ الْــوَجْــدِ مِــنْ نَــارِ
يَــغْـشَـى الْـفَـتَـاةَ وَلَـمْ تَـرْقُـبْ زِيَـارَتَـهُ
وَخِـــدْرُهَـــا بَـــيْـــنَ أَغْــلَاقٍ وَأَسْــتَــارِ
فَــطَــرْفُــهَــا خَــاشِـعٌ مِـنْ بَـعْـدِ زَوْرَتِـهِ
وَقَـــلْـــبُــهَــا نَــهْــبُ أَوْهَــامٍ وَأَفْــكَــارِ
تَــشْــكُــو إِلَــى أُمِّــهَـا ضَـيْـفًـا أَلَـمَّ بِـهَـا
وَالْأُمُّ إِنْ تَــسْــتَــطِــعْ بَــاحَــتْ بِأَسْـرَارِ
وَيَـصْـرَعُ الْـفَـارِسَ الْـمِـغْـوَارَ إِنْ لَـعِبَتْ
كَــفَّــاهُ بِــالــسَّــيْــفِ أَرْدَى كُـلَّ مِـغْـوَارِ
فَـــلَا تَــرَاهُ سِــوَى شَــاكٍ لِــسَــاجِــعَــةٍ
أَوْ نَــــــادِبٍ إِثْــــــرَ أَطْـــــلَالٍ وَآثَـــــارِ
وَيَطْرُقُ الشَّيْخَ فِي الْمِحْرَابِ قَدْ فَنِيَتْ
عِــظَــامُــهُ، وَبَــرَتْــهُ خَــشْــيَـةُ الْـبَـارِي
فَــلَــمْ تَــكُــنْ لَــمْــحَــةٌ إِلَّا لِــيَــفْــتِـلَـهُ
مِــنَ الــصَّــلَاةِ وَمِــنْ تَــرْتِــيــلِ أَذْكَــارِ
•••
يَـبْـرُزْنَ فِـي اللَّيْلِ مِثْلَ الشُّهْبِ سَاطِعَةً
مَــا بَــيْــنَ سَــيَّــارَةٍ تَــجْــرِي لِــسَــيَّـارِ
مِـنْ كُـلِّ خَـمْـصَـانَـةِ الْـكَشْحَيْنِ نَاصِعَةٍ
كَأَنَّــــهَــــا دُرَّةٌ فِــــي جَــــوْفِ زَخَّــــارِ
تَــسْــعَــى إِلَــى أَغْـيَـدٍ مَـا طَـرَّ شَـارِبُـهُ
كَأَنَّـــمَـــا صَــفْــحَــتَــاهُ وَجْــهُ دِيــنَــارِ
•••
أَرْضٌ كَأَنَّ إِلَــــــهَ الْأَرْضِ أَوْدَعَـــــهَـــــا
بَــدَائِــعَ الْــحُــسْــنِ مِـنْ عُـونٍ وَأَبْـكَـارِ
أَلْـقَـوْا خُـدُودَ الْـعَـذَارَى فِـي حَـدَائِـقِـهَا
وَلَــــقَّــــبُــــوهَــــا بِأَثْــــمَـــارٍ وَأَزْهَـــارِ
وَجَــرَّدُوا كُــلَّ حُــسْــنٍ مِــنْ قَــلَائِــدِهِ
فَـصِـرْنَ حَـصْـبَـاءَ فِي سَلْسَالِهَا الْجَارِي
لَـوْ كَـانَ فِـي عُـنْصُرِي صَلْصَالُ طِينَتِهَا
مَــا رَاعَــنِــي الــدَّهْـرُ فِـي يَـوْمٍ بِأَكْـدَارِ
أَوْ كُـنْـتُ أَظْـفَـرُ فِـي الْأُخْـرَى بِـجَـنَّـتِهَا
غَــسَــلْــتُ بِــالــدَّمْــعِ آثَـامِـي وَأَوْزَارِي

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: البسيط
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

علي الجارم: أديب، وشاعر مصري، ورائد من رواد مدرسة الإحياء والبعث إلى جانب كل من أحمد شوقي وحافظ إبراهيم. أَثْرَت مؤلفاته المكتبة الأدبية العربية؛ حيث تعددت وتنوعت بين الدواوين الشعرية، والروايات الأدبية والتاريخية، إضافة إلى الكتب المدرسية، وكانت له مساهمات فعالة في حقل اللغة العربية. وقد اشتهر بغيرته على الدين واللغة والأدب، وتمكن من أن يحوز مكانة شعرية رائدة.

ولد علي صالح عبد الفتاح الجارم، بمدينة رشيد عام ١٨٨١م، تلك المدينة التي شهدت الكثير من أحداث مصر التاريخية. كان والده الشيخ محمد صالح الجارم عالمًا من علماء الأزهر، وقاضيًا شرعيًّا بمدينة دمنهور. تلقى علي دروسه الأولى بمدينة رشيد، فأتم بها التعليم الابتدائي، وواصل تعليمه الثانوي بالقاهرة حيث التحق بالأزهر الشريف، واختار بعد ذلك أن يلتحق بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة. سافر عام ١٩٠٨م إلى إنجلترا وتحديدًا نوتينجهام لإكمال دراسته، فدرس هناك أصول التربية، ثم عاد إلى مصر عام ١٩١٢م بعد أربع سنوات قضاها في الغربة.

عُيِّن الجارم عقب عودته مدرسًا بمدرسة التجارة المتوسطة، ثم تدرج في مناصب التربية والتعليم حتى عُيِّن كبير مفتشي اللغة العربية بمصر، كما عمل الجارم وكيلًا لدار العلوم، وكان عضوًا مؤسِّسًا لمجمع اللغة العربية، وقد مَثَّل مصر في عدد من المؤتمرات العلمية والثقافية.

سَخَّر الجارم طاقاته الإبداعية وإمكانياته الثقافية في إنجاز العديد من الروايات الأدبية التاريخية التي تتخذ من التاريخ العربي موضوعًا لها، مثل: «فارس بني حمدان» و«هاتف من الأندلس» و«مرح الوليد» و«خاتمة المطاف» و«نهاية المتنبي». توفي علي الجارم عام ١٩٤٩م عن ثمانية وستين عامًا، وقد رثاه كبار أدباء ومفكري عصره.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤