مَتَى يُضْعِفْكَ أَيْنٌ أَوْ مَلَالُ

Wave Image
مَــتَــى يُــضْـعِـفْـكَ أَيْـنٌ أَوْ مَـلَالُ
فَـلَـيْـسَ عَـلَـيْـكَ لِلـزَّمَـنِ ابْـتِـهَـالُ
وَحَبْلُ الشَّمْسِ مُذْ خُلِقَتْ ضَعِيفٌ
وَكَــمْ فَــنِــيَــتْ بِــقُــوَّتِـهِ حِـبَـالُ
كِـتَـابُـكَ جَـاءَ بِـالـنُّـعْـمَـى بَـشِـيرًا
وَيُـعْـرِضُ فِـيـهِ عَـنْ خَبَرِي سُؤَالُ
وَحَـالِـي خَـيْـرُ حَـالٍ كُـنْـتُ يَـوْمًـا
عَــلَــيْــهَـا وَهْـيَ صَـبْـرٌ وَاعْـتِـزَالُ
وَيُـلْـفَى الْمَرْءُ فِي الدُّنْيَا صَحِيحًا
كَــحَــرْفٍ لَا يُــفَــارِقُــهُ اعْــتِـلَالُ
فَـــأَمَّـــا أَنْـــتَ وَالْآمَـــالُ شَــتَّــى
فَــلُــقْــيَــاكَ الــسَّـعَـادَةُ لَـوْ تُـنَـالُ
بَــعُــدْنَــا غَــيْــرَ أَنَّــا إِنْ سَــعِـدْنَـا
بِـغِـبْـطَـةِ سَـاعَـةٍ عَـكَـفَ الْـخَـيَالُ
فَـــأَرَّقَـــنَــا طُــرُوقُــكَ لَا أُثَــيْــلٌ
مُـــؤَرِّقَـــةُ الْـــهُــجُــودِ وَلَا أُثَــالُ
وَلَــوْ صَــنْـعَـاءَ كُـنْـتَ بِـهَـا لَـهَـزَّتْ
هَــوَايَ إِلَــيْــكَ نُــوقٌ أَوْ جِــمَــالُ
عَــسَــى جَــدٌّ تُــعَــثِّــرُهُ اللَّـيَـالِـي
يُــقَــالُ لَــهُ لَــعًــا وَلِــمَــنْ يُــقَـالُ
وَقَـدْ تُـرْضَـى الْبَشَاشَةُ وَهْيَ خِبٌّ
وَيُـــرْوَى بِــالــتَّــعِــلَّــةِ وَهْــيَ آلُ
تَـعَـالَـى اللـهُ هَـلْ يُـمْـسِي وِسَادِي
يَــمِــيــنٌ لِلــشِّــمِــلَّــةِ أَوْ شِــمَـالُ
وَهَــلْ أَرْمِــي بِــمَـتْـلَـفَـةٍ نَـجِـيـبًـا
مَـتَـى يَـنْـهَـضْ فَـلَـيْسَ بِهِ انْتِقَالُ
كَــأَنَّ عَــلَــيْــهِ قَــيْــدًا أَوْ عِــقَــالًا
وَلَا قَـــيْـــدٌ هُـــنَـــاكَ وَلَا عِــقَــالُ
تَـصَـاهَـلُ حَـوْلَـهُ الْـحِـدَأُ الْـغَوَادِي
كَـمَـا يَـتَـصَـاهَـلُ الْـخَـيْـلُ الـرِّعَالُ
فَـــعَــالٌ كَــانَ أَوْدَى غَــيْــرَ ذِكْــرٍ
وَقَــبْـلَ الـذِّكْـرِ يَـنْـدَرِسُ الْـفَـعَـالُ
أَرَى رَاحَ الْــمَــسَــرَّةِ أَثْــمَــلَـتْـنِـي
وَتِــلْــكَ لَــعَـمْـرِيَ الـرَّاحُ الْـحَـلَالُ
وَقَــبْـلَ الْـيَـوْمِ وَدَّعَـنِـي مِـرَاحِـي
وَأَنْـــسَـــتْـــنِـــيـــهِ أَيَّــامٌ طِــوَالُ
هَــنِــيــئًـا وَالْـهَـنَـاءُ لَـنَـا جَـمِـيـعًـا
يَــقِــيــنًــا لَا يُــظَــنُّ وَلَا يُــخَــالُ
بــمُــنْــتَــظَـرٍ مُـرَاقَـبَـةَ الـسَّـوَارِي
يَــهَــشُّ لِــبَــرْقِـهَـا عُـصَـبٌ نِـهَـالُ
عَــــلَــــى آسَــــانِ آبَــــاءٍ كِــــرَامٍ
لَــهُــمْ عَــنْ كُـلِّ مَـكْـرُمَـةٍ نِـضَـالُ
إِذَا نَـالُـوا الـرَّغَـائِـبَ لَـمْ يَـمِـيـهُـوا
وَإِنْ حُـرِمُـوا الْـعَـظَـائِـمَ لَـمْ يُبَالُوا
فَــيَــا رَكْــبًــا غَــدَتْ بِــهِـمُ رِكَـابٌ
تُــنَــصُّ عَـلَـى غَـوَارِبِـهَـا الـرِّحَـالُ
مَــآلِــكُ حَـمْـلُـهَـا يُـجْـزَى بِـشُـكْـرٍ
وَإِنْ تَــأْبَــوْا سِــوَى مَــالٍ فَــمَــالُ
تَــخُــبُّ إِلَــى الْــمُـشَـرِّفِ آمِـنَـاتٍ
كَــــلَالًا إِنْ أَلَــــمَّ بِــــكُـــمْ كَـــلَالُ
فَــإِنْ أَنْــكَــرْتُـمُـوهُ بِـأَرْضِ مِـصْـرٍ
فَـأَوْصَـافِـي لَـكُـمْ مَـعَـكُـمْ مِـثَـالُ
أَغَــرُّ تَــطُــولُ أَعْــنَـاقُ الْـمَـطَـايَـا
إِلَــيْــهِ إِذَا تَــقَــاصَــرَتِ الــظِّــلَالُ
وَلَاذَ مِــنَ الْــغَـزَالَـةِ وَهْـيَ تُـذْكِـي
بِــغَــرْزِ الــرَّاكِـبِ الْـقَـلِـقِ الْـغَـزَالُ
وَثَــانِــيَــةٌ نُــهَـى تُـوفِـي بِـقُـدْسٍ
وَثَـــالِـــثَـــةٌ يُــنِــيــلُ وَلَا يُــنَــالُ
دَلَائِــلُ مُـشْـفِـقٍ يَـخْـشَـى ضَـلَالًا
وَكَـيْـفَ يُـخَـافُ عَـنْ قَـمَـرٍ ضَلَالُ
بِــأَنَّ اللــهَ قَــدْ أَعْــطَــاكَ سَــيْـفًـا
عَــدُوُّكَ مِــنْ مَــخَــايِــلِــهِ يُــهَـالُ
حُــسَــامٌ لَا الــذُّبَــابُ لَــهُ قَــرِيـنٌ
وَلَا دَرَجَــتْ بِـصَـفْـحَـتِـهِ الـنِّـمَـالُ
وَلَا أَدْنَــى الــقُــيُــونُ إِلَــيْــهِ نَـارًا
إِرَادَةَ أَنْ يُـــهَـــذِّبَـــهُ الـــصِّــقَــالُ
إِذَا خِـلَلُ الـسُّـيُـوفِ بَـلِـيـنَ يَـوْمًـا
تَــــبَـــلَّـــجَ لَا تَـــرِثُّ لَـــهُ خِـــلَالُ
وَقَـــدْ سَـــمَّــاهُ سَــيِّــدُهُ عَــلِــيًّــا
وَذَلِــكَ مِــنْ عُــلُــوِّ الْــقَــدْرِ فَــالُ
أَهَــلَّ فَــبَــشَّــرَ الْأَهْــلِــيــنَ مِـنْـهُ
مُــحَــيًّــا فِــي أَسِــرَّتِـهِ الْـجَـمَـالُ
بِـــإِخْــوَتِــهِ الَّــذِيــنَ هُــمُ أُسُــودٌ
عَــلَــى آثَــارِ مَــقْــدَمِــهِ عِــجَــالُ
فَـــإِنَّ تَـــوَاتُـــرَ الْــفِــتْــيَــانِ عِــزٌّ
يُـشَـيَّـدُ حِـيـنَ تَـكْـتَـهِـلُ الـرِّجَـالُ
وَهَــلْ يَـثِـقُ الْـفَـتَـى بِـنَـمَـاءِ وَفْـرٍ
إِذَا لَــمْ تَــتْــلُ أَيْــنُــقَــهُ فِـصَـالُ؟
وَأَوَّلُ مَــا يَــكُــونُ اللَّــيْـثُ شِـبْـلٌ
وَمَــبْــدَأُ طَــلْــعَــةِ الْـبَـدْرِ الْـهِـلَالُ
سَـتُـرْكَـزُ حَـوْلَ قُـبَّـتِـكَ الْـعَـوَالِـي
وَتَــكْــثُــرُ فِـي كِـنَـانَـتِـكَ الـنِّـبَـالُ
فَــإِنَّ مُـنَـايَ أَنْ يُـثْـرِي حَـصَـاكُـمْ
وَيَــقْـصُـرُ عَـنْ زُهَـائِـكُـمُ الـرِّمَـالُ
وَأَنْ تُـعْـطَـوْا خُـلُـودًا فِـي سُـعُـودٍ
كَـمَـا خَـلَـدَتْ عَلَى الْأَرْضِ الْجِبَالُ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الوافر
  • عصر القصيدة: العباسي الثاني

عن الشاعر

أبو العلاء المَعَرِّي: شاعرٌ وفيلسوفٌ وأديبٌ عربيٌّ مِنَ العصرِ العبَّاسي، اشتُهِرَ بآرائِه وفلسفتِه المثيرةِ للجدلِ في وقْتِه.

وُلِدَ «أحمد بن عبد الله بن سليمان القُضاعي التنُوخي المَعَرِّي» المعروفُ ﺑ «أبي العلاء المَعَرِّي» عامَ ٣٦٣ﻫ بمَعَرَّةِ النُّعمانِ بسُوريا، وفقَدَ بصَرَه وهو صغيرٌ نتيجةً لمَرضِه بالجُدَري. أخَذَ علومَ القراءاتِ القرآنيةِ بإسنادٍ عنِ الشُّيوخ، كما تعلَّمَ الحديثَ في سنٍّ مُبكِّرة، وقالَ الشِّعرَ وهو ابنُ إحدى عشرةَ سنة، ورحلَ إلى بغدادَ عامَ ٣٩٨ﻫ فأقامَ بها سنةً وسبعةَ أَشْهُر، ثُم اعتزَلَ الناسَ لبعضِ الوقت؛ فلُقِّبَ ﺑ «رَهِينِ المَحْبسَيْن»؛ العَمَى والدَّار.

أمَّا شِعْرُه، وهو ديوانُ حكمتِه وفلسفتِه، فالمطبوعُ منه حتى الآن: «اللُّزوميَّات»، و«سِقْطُ الزَّنْد». وقد تُرجِمَ الكثيرُ من شِعْرِه إلى غيرِ العربيَّة، وأمَّا كُتبُه فكثيرةٌ وفِهرسُها في «مُعجَمِ الأُدَباء». من تَصانيفِه كتابُ «الأَيْك والغُصُون» في الأدب، يَزيدُ على مائةِ جُزْء، و«تاج الحُرَّة» في النساءِ وأخلاقِهنَّ وعِظاتِهِن، و«عَبَث الوَلِيد» شرَحَ فيه دِيوانَ البُحْتُريِّ ونقَدَه، و«رِسالة المَلائِكة» وهي صَغِيرة، و«رِسالة الغُفْران»، و«الفُصُول والغَايات».

عاش المعري متفلسفًا زاهدًا في الدنيا؛ إذ كانَ يَدعمُ حقوقَ الحيوانِ ويُحرِّمُ إِيلامَه، ولذا كان نباتيًا؛ فلمْ يَأكُلِ اللحمَ خمسًا وأربعينَ سنة، كما كانَ يَلبسُ خشِنَ الثِّياب، وكان له أراءه الخاصة في العقيدة، التي جعلت الآراء تختلف حول حقيقة إيمانه؛ إذ ذهب البعض إلى تكفيره واتهامه بالإلحاد، وإخراجِه مِنَ الإسلام، بينما دافَعَ عنه عميدُ الأدبِ العربيِّ «طه حسين» في عِدَّةِ كِتاباتٍ ومُؤلَّفات؛ أشْهرُها «معَ أبي العلاءِ في سجنِه». 

ظلَّ حبيسًا في بيتِه حتى وفاتِه عامَ ٤٤٩ﻫ بمنزلِه بمَعَرَّةِ النُّعْمان، وقد أَوْصى أن يُكتَبَ على قبْرِه عِبارة: «هذا جَناهُ أبي عليَّ، وما جَنيْتُ على أَحَد.» ويَقصدُ أنَّ أباه بزَواجِه من أمِّه أوْقَعَه في دارِ الدُّنيا. وقد وقَفَ على قبْرِه جمْعٌ غفيرٌ من أُدباءِ عصْرِه وشُعرائِه ورَثَوْه بثمانينَ مَرْثَاة.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤