قُلُوبٌ فِيكِ دَامِيَةُ الْجِرَاحِ

Wave Image
قُــلُــوبٌ فِــيــكِ دَامِــيَـةُ الْـجِـرَاحِ
وَأَكْــبَــادٌ مُــكَــلَّــمَــةُ الــنَّــوَاحِــي
وَحُــــزْنٌ لَا نَــــفَــــادَ لَـــهُ وَدَمْـــعٌ
يُــلَاحِــي فِـي الـصَّـبَـابَـةِ كُـلَّ لَاحِ
أَتَــــدْرِي مَــــا أَرُوحُ بِـــهِ وَأَغْـــدُو
فَــتَــاةُ الْــحَــيِّ حَــيِّ بَـنِـي رَبَـاحِ
أَلَا يَـــا هَـــذِهِ هَــلْ مِــنْ مَــقِــيــلٍ
لِــضِــيــفَــانِ الــصَّـبَـابَـةِ أَوْ مَـرَاحِ
فَــلَــوْلَا أَنْــتِ مَــا قَـلِـقَـتْ رِكَـابِـي
وَلَا هَــبَّــتْ إِلَــى نَــجْــدٍ رِيَــاحِـي
وَمِــنْ جَــرَّاكِ أُوطِـنْـتُ الْـفَـيَـافِـي
وَفِــيــكِ غُــذِيــتُ أَلْــبَـانَ اللِّـقَـاحِ
رَمَــتْــكِ مِـنَ الـشَّـآمِ بِـنَـا مَـطَـايَـا
قِـصَـارُ الْـخَـطْـوِ دَامِـيَـةُ الـصِّـفَاحِ
تَـجُـولُ نُـسُـوعُـهَـا وَتَـبِـيتُ تَسْرِي
إِلَـــى غَـــرَّاءَ جَــائِــلَــةِ الْــوِشَــاحِ
إِذَا لَـمْ تُـشْـفَ بِـالْـغَـدَوَاتِ نَـفْـسِي
وَصَــلْــتُ لَــهَــا غُــدُوِّي بِــالـرَّوَاحِ
يَــقُــولُ صَـحَـابَـتِـي وَاللَّـيْـلُ دَاجٍ
وَقَــدْ هَــبَّــتْ لَــنَـا رِيـحُ الـصَّـبَـاحِ
لَــقَــدْ أَخَــذَ الـسُّـرَى وَاللَّـيْـلُ مِـنَّـا
فَــهَــلْ لَــكَ أَنْ تُــرِيــحَ بِـجَـوِّ رَاحِ
فَــقُـلْـتُ لَـهُـمْ عَـلَـى كُـرْهٍ أَرِيـحُـوا
فَـفِـي الـذَّمَـلَانِ رَوْحِي وَارْتِيَاحِي
إِرَادَةَ أَنْ يُــــقَــــالَ أَبُــــو فِـــرَاسٍ
عَـلَـى الْأَصْـحَـابِ مَـأْمُونُ الْجِمَاحِ
فَــكَــمْ أَمْـرٍ أُغَـالِـبُ فِـيـهِ نَـفْـسِـي
رَكِــبْــتُ مَــكَــانَ أَدْنَــى لِلــنَّـجَـاحِ
أُصَــاحِــبُ كُـلَّ خِـلٍّ بِـالـتَّـجَـافِـي
وَآسُـــو كُـــلَّ دَاءٍ بِـــالـــسَّـــمَـــاحِ
وَإِنَّــا غَــيْــرُ بُــخَّــالٍ لِــنَــحْــمِــي
جِـمَـامَ الْـمَـاءِ وَالْـمَـرْعَـى الْـمُـبَـاحِ
لِأَمْـــلَاكِ الْـــبِـــلَادِ عَــلَــيَّ ضَــرْبٌ
يَــحُــلُّ عَــزِيــمَـةَ الـدِّرْعِ الْـوَقَـاحِ
وَيَـــوْمٍ لِلْـــكُـــمَـــاةِ بِـــهِ عِـــنَــاقٌ
وَلَــكِــنَّ الــتَّــصَــافُـحَ بِـالـصِّـفَـاحِ
وَمَـــا لِلْــمَــالِ يَــزْوِي عَــنْ ذَوِيــهِ
وَيُـصْـبِـحُ فِـي الـرَّعَـادِيدِ الشِّحَاحِ
لَــنَــا مِــنْــهُ وَإِنْ لُــوِيَــتْ قَــلِـيـلًا
دُيُـــونٌ فِـــي كَــفَــالَاتِ الــرِّمَــاحِ
لِـسَـيْـفِ الـدَّوْلَـةِ الْـقِـدْحُ الْـمُـعَـلَّى
إِذَا اسْـتَـبَـقَ الْـمُـلُـوكُ إِلَـى الْـقِدَاحِ
لَأَوْسَـــعُـــهُـــمْ نَــدًى إِنْ غَــبَّ رَادٍ
وَأَغْــزَرُهُــمْ مَــدَافِــعَ سَــيْـبِ رَاحِ
أَتَــانِــي مِــنْ بَــنِــي وَرْقَــاءَ قَـوْلٌ
أَلَــذُّ جَــنًــى مِــنَ الْــمَــاءِ الْـقَـرَاحِ
وَأَطْـيَـبُ مِـنْ نَسِيمِ الرَّوْضِ حَفَّتْ
بِـــــهِ اللَّـــــذَّاتُ مِـــــنْ رَوْحٍ وَرَاحِ
وَتَــبْـكِـي فِـي نَـوَاحِـيـهِ الْـغَـوَادِي
بِــأَدْمُــعِــهَــا وَتَـبْـتَـسِـمُ الْأَقَـاحِـي
عِـتَـابُـكَ يَـا ابْـنَ عَـمِّ بِـغَـيْـرِ جُـرْمٍ
أَشَــدُّ عَــلَــيَّ مِــنْ وَخْــزِ الْـجِـرَاحِ
وَمَـا أَرْضَـى انْـتِـصَـافًا مِنْ سِوَاكُمْ
وَأُغْـضِـي مِـنْـكَ عِـنْ ظُـلْـمٍ صُرَاحِ
أَظَــنًّــا؟! إِنَّ بَــعْــضَ الــظَّــنِّ إِثْـمٌ
أَمَـــزْحًـــا؟! رُبَّ جِــدٍّ فِــي مِــزَاحِ
أَرَيْــتَــكَ يَــا ابْــنَ عَــمِّ بِــأَيِّ عُـذْرٍ
عَــدَوْتَ عَـنِ الـصَّـوَابِ وَأَنْـتَ لَاحِ
أَأَجْــعَــلُ فِــي الْأَوَائِــلِ مِــنْ نِـزَارٍ
كَـفِـعْـلِـكَ أَمْ بِـأُسْـرَتِـنَـا افْـتِـتَاحِي
أَمِــنْ تَـعَـبٍ نَـشَـا بَـحْـرُ الْـعَـطَـايَـا
وَأَكْــرَمُ مُــسْــتَــغَــاثٍ مُــسْـتَـرَاحِ
وَصَـاحِـبُ كُـلِّ عَـضْـبٍ مُـسْـتَبِيحٍ
أَعَـــادِيَـــهِ وَمَـــالٍ مُـــسْـــتَــبَــاحِ
وَهَـذَا الـسَّـيْـلُ مِـنْ تِـلْـكَ الْغَوَادِي
وَهَـذِي الـسُّـحْـبُ مِـنْ تِـلْكَ الرِّيَاحِ
وَكَيْفَ أَعِيبُ مَدْحَ شُمُوسِ قَوْمِي
وَمَـنْ أَضْحَى امْتِدَاحُهُمُ امْتِدَاحِي
وَلَـوْ شِـئْـتُ الْـجَـوَابَ أَجَـبْـتُ لَكِنْ
خَـفَـضْـتُ لَـكُـمْ عَـلَى عِلْمٍ جَنَاحِي
وَلَـسْـتُ وَإِنْ صَـبَرْتُ عَلَى الْأَثَافِي
أُلَاحِــي أُسْــرَتِــي وَبِــهِــمْ أُلَاحِـي

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الوافر
  • عصر القصيدة: العباسي الثاني

عن الشاعر

أبو فراس الحمداني: هو شاعر وقائد عسكري وأمير بالدولة الحمدانية، عاصَر «المتنبي» ونافَسه في بلاط «سيف الدولة».

وُلد «أبو فراس الحارث بن حمدون الحمداني» في منبج بسوريا عام ٣٢١ﻫ/٩٣٣م، وقيل بالموصل شماليَّ العراق، وتَيتَّم وهو في الثالثة من عمره، فنشأ في رعاية ابن عمه «سيف الدولة»، فقرَّبه إليه حين رأى منه نبوغًا في شعره وقوةً وحُسن تخطيطٍ في المعارك.

كان «أبو فراس الحمداني» أحد أهم مُجالِسي «سيف الدولة» في مجلسه الخاص الذي كان يُدعى إليه الشعراء، وكان يُجزل له العطاءَ حتى منحه ضَيْعة في منبج، بالإضافة إلى توليته عليها وهو في السادسة عشرة من عمره.

جمع نَظمُ «أبي فراس» كلَّ ألوان الشعر، فكان فيه الغزل والفخر والرثاء والوصف والحِكم، وكان أعظمها «الروميات» التي نظَمها وهو في الأَسر، فأخرج فيها عميقَ مشاعره وأصدق أقواله.

حافَظ «أبو فراس الحمداني» على ممارسة هواية الصيد وعقد مجالس الشعر والأدب، وكانت له انتصاراتٌ عديدة على جيش الروم، وأُسر عدة مرات فدَاه فيها «سيف الدولة»، كان آخرها وهو عائد من إحدى رحلات الصيد، فجُرح وأُسر، وراسَل «سيف الدولة» أكثر من مرة حتى جفاه «سيف الدولة» بسبب وشاية بعض المقرَّبين منه، فطال الأَسر لأربع سنوات، فأرسل إليه قصيدته المشهورة: «أراك عصيَّ الدمع شِيمتُك الصبر»، وكان لهذه المدة من الأَسر أثرُها الكبير في صَقل موهبة «أبي فراس» وتهذيب وِجدانه الذي أخرج لنا «الروميات» (نسبةً إلى اسم السجن).

وبعد خروجه من الأَسر تولَّى حمص حتى وفاة «سيف الدولة» عام ٣٥٦ﻫ، فأصبح حاجبُ «سيف الدولة» وصيًّا على ابنه «أبي المعالي»، فوشى الحاجب ﺑ «أبي فراس»، فسيَّر إليه «أبو المعالي» جيشًا أرداه قتيلًا وقطع رأسه عام ٣٥٧ﻫ/٩٦٨م.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤