بَعْدَ عَشَرَةِ أَعْوَامٍ إِلَى حَبِيبٍ غَاضَ جَمَالُهُ

Wave Image
يَـا أَلِـيـفَ الـصِّـبَـا عَـلَـيْـكَ سَـلَامٌ
أَيْــنَ تِــلْــكَ اللَّــوْعَــاتُ وَالْآلَامُ؟
أَيْـنَ وَرْدُ الْـخُـدُودِ كَالْجَمْرِ يُذْكِي
حُـرُقَـاتٍ يَـشْـقَـى بِهَا الْمُسْتَهَامُ؟
أَيْـنَ قَـدٌّ يَـنْـقَـدُّ مِـنْ دُونِـهِ الْـقَـلْـ
ـبُ وَيَـطْـغَـى عَـلَـيْهِ مِنْهُ الْهُيَامُ؟
وَثَـــنَــايَــا مُــفَــلَّــجَــاتٌ عِــذَابٌ
هُــنَّ رَىٌّ لِلْــمُــسْــتَــقِــي وَسَـلَامُ
أَيْـنَ مَـدُّ الـشِّـفَـاهِ مِـنْ عَـبَـثِ الدَّ
لِّ وَثَـــغْــرٌ يُــبَــلُّ مِــنْــهُ الْأُوَامُ؟
وَاخْتِيَالُ الطَّاوُوسِ يَا فِتْنَةَ الطَّا
وُوسِ يُـورِي الْهَوَاءَ مِنْكَ ابْتِسَامُ
أَيْـنَ غَـمْـزُ اللِّـحَاظِ وَالْكَفِّ وَاللَّفْـ
ـظِ، وَأَيْـنَ الْـعُـهُـودُ أَيْـنَ الذِّمَامُ؟
أَيْنَ ذَاكَ الضِّحْكُ الْمُرِنُّ الَّذِي حَرَّ
كَ قَـــلْـــبِـــي كَـــأَنَّــهُ الْأَنْــغَــامُ؟
أَيْنَ سِحْرُ الْحَدِيثِ وَاللَّحْظِ وَالدَّ
لِّ، وَسِــحْــرٌ تَـحُـوكُـهُ الْأَوْهَـامُ؟
نُـثِـرَتْ عَـنْـكَ كَـالـثِّـمَـارِ وَقَـدْ هَزَّ
تْـكَ رِيـحٌ وَالْـغُـصْـنُ مِنْكَ الْقَوَامُ
أَيْـنَ خَـصْـرٌ يَـهْـتَـزُّ كَـالْغُصْنِ اللَّدْ
نِ، وَقَـدٌّ يَـهْـوِي عَـلَـيْـهِ الْـحَمَامُ؟
إِذْ ذِرَاعِــي نِــطَــاقُـهُ وَنِـطَـاقُ الْـ
ـجِـيـدِ مِـنِّـي مَـا تُـضْـمِـرُ الْأَكْمَامُ
وَلِــقَــاءٌ كَــأَنَّــهُ رَشْــفَــةُ الــطَّـيْـ
ـرِ وَهَــــجْـــرٌ كَـــأَنَّـــهُ الْأَعْـــوَامُ
وَاخْـتِـيَـالِـي عَـلَى الزَّمَانِ بِعَطْفٍ
مِــنْـكَ وَالْـحَـاسِـدُونَ بُـلْـهٌ نِـيَـامُ
أَيْـنَ أَيْنَ الْوُشَاةُ وَالْوَصْلُ وَالْهَجْـ
ـرُ وَأَيْــــنَ الْآَمَــــالُ وَالْأَحْـــلَامُ؟
يَـا أَلِـيـفَ الشَّبَابِ هَلْ تَذْكُرُ الْعَهْـ
ـدَ وَحَــوْلِــي وَحَــوْلَــكَ اللُّـوَّامُ؟
أَسِـيَ الْـقَـلْـبُ مِـنْـكَ لِلْـغَـابِـرِ الْفَا
ئِـتِ مِـنْ حُـسْـنِـكَ الَّـذِي لَا يُـذَامُ
أَمْ نَـسِـيـتَ الدَّلَالَ وَالْمُلْكَ وَالدَّوْ
لَـــــةَ إِذْ أَنْــــتَ آمِــــرٌ وَإِمَــــامُ؟
لَــنُـقِـيـمَـنَّ مَـأْتَـمًـا حَـوْلَ حُـسْـنٍ
اسْـتَـوَى الـصَّـمْـتُ دُونَهُ وَالْكَلَامُ
ثُـمَّ أَكْـسُـوهُ مِـنْ قَـرِيـضِـيَ زَهْرًا
مِـثْـلَـمَـا حَـبَّـبَ الـزَّهُـورَ الـرِّجَـامُ
مِــثْــلَــمَــا جَـمَّـلَ الْأَزَاهِـرُ بَـيْـتًـا
هَـــدَّمَـــتْـــهُ الْأَحْــدَاثُ وَالْأَيَّــامُ
ذَائِــعٌ حَــوْلَــهُ مِـنَ الْـحُـبِّ نَـفْـحٌ
كَـالـشَّـذَى وَالْـجَـمَـالِ زَهْـرٌ يُشَامُ
وَكَـــأَنَّ الْـــهُـــيَـــامَ هَــالَــةُ بَــدْرٍ
فِـيـهِ وَجْـهُ الْـحَـبِـيـبِ بَدْرٌ تَمَامُ!

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الخفيف
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

عبد الرحمن شكري: شاعرٌ مِصْري، وأحدُ مُؤسِّسي مدرسةِ الديوانِ الشِّعرية، وصَفتْه الدكتورة «سهير القلماوي» بأنه الشَّاعرُ الذي أنزلَ العقلَ مِن على عَرشِه في إلهامِ الشُّعراء؛ فشِعْرُه خيالٌ مُتحرِّرٌ يرفضُ حدودَ الزمانِ والمكان. وقد أحدثَتْ أشعارُه نَقلةً تَجديدِيةً في مضمونِ الشِّعرِ العربي؛ فتحوَّلتْ به من شاطئِ العقلِ إلى بحرِ الخيال.

وُلِدَ «عبد الرحمن شكري عيَّاد» ببورسعيد عامَ ١٨٨٦م، لأسرةٍ ذاتِ أصولٍ مَغربِية، وقد كانَ لها دَورٌ مُؤثِّرٌ في حياتِه؛ حيثُ كانَ لزوجةِ أخيه «أحمد شكري» — المُولَعةِ برِوايةِ الحكاياتِ والأساطير — دورٌ في إثراءِ خيالِه، كما كانَ في مكتبةِ أبيه ما يُرضي نَهَمَه من دَواوينِ الشِّعر.

قَضى فَصْلًا من عُمرِه معَ أبيه ببورسعيد حتى نالَ الشَّهادةَ الابتدائية، ثُمَّ انتقلَ إلى الإسكندريةِ ليَلتحِقَ بمَدْرسةِ رأسِ التينِ الثانويةِ التي ظَلَّ بها أربعَ سَنواتٍ لينالَ منها الشَّهادةَ الثانويةَ (البكالوريا)، ثُم الْتَحقَ بمَدْرسةِ الحقوقِ إبَّانَ احتدامِ الحركةِ الوطنيةِ التي أتاحتْ له التعرُّفَ على «مصطفى كامل» زعيمِ الحركةِ الوطنيةِ في ذلكَ الوَقْت، والذي طلَبَ منه أنْ يعملَ مُحرِّرًا بجريدةِ «اللِّواء»، ونصَحَه أنْ يَلتحقَ بمدرسةِ المُعلِّمينَ فيَنهلَ من مَعِينِها ليكونَ عَوْنًا له في مَيْدانِ الصَّحافة.

وقد عطَّرَ «عبد الرحمن شكري» رَوْضةَ الأدبِ بالعديدِ من دواوينِه وقصائدِه، ومنها: دِيوانُ «ضَوْء الفَجر»، و«لَآلِئ الأَفْكار»، و«أناشيد الصِّبا»، و«زَهْر الرَّبيع»، و«الخَطَرات»، و«الأَفْنان»، و«أَزْهار الخَرِيف»، ونُشِر ديوانُه الثامنُ بعدَ مَوتِه ضمنَ الأعمالِ الكامِلة. بَدأَ شاعِرُنا صِراعَه معَ المرضِ صيفَ عامَ ١٩٥٧م، إلى أنْ صادَه الموتُ عامَ ١٩٥٨م.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤