مُعَاهَدَةٌ غَرَامِيَّةٌ

Wave Image
غَـنِّـنِـي يَـا رِيـحُ حَـتَّـى تُـغْـمِـضِـي
أَعْــيُــنَ الْــفِــكْــرِ عَـسَـاهُ أَنْ يَـنَـامْ
وَامْـسَحِي وَجْهِي وَتَغْضِينَ الْأَسَى
وَاطْـرُدِي عَـنِّـي شَـيَـاطِـيـنَ الْمَنَامْ
•••
إِنَّ فِــي أُذْنِــي أَعَـاصِـيـرَ الـشِّـتَـاءْ
وَبِـقَـلْـبِـي وَحْـشَـةُ الْـبِـيـدِ الْـقِـوَاءْ
تَــصِــفُ الْــعَــيْــنُ إِذَا قَــلَّــبْــتُــهَـا
كُــلَّ شَـيْءٍ لِـيَ فِـي أَسْـرِ الـشَّـقَـاءْ
•••
فَــكَأَنِّــي سَــامِـعٌ شَـكْـوَى الْـكَـلَالِ
فِـي خَـرِيـرِ الْـمَـاءِ جَـيَّاشَ الضَّمِيرْ
وَكَأَنِّــي نَــاظِــرٌ قَــيْــدَ الــلَّــيَـالِـي
حَـوْلَ أَعْـضَـادِ الـرَّوَاسِـي كَالسُّيُورْ
•••
أَسْــمَــعُ الــزَّهْــرَ وَإِنْ كَـانَ قَـتِـيـلَا
يَـنْـدُبُ الْـحُـسْـنَ بِأَشْـجَـى مَـنْطِقِ
وَسِــعَـتْـهُ الـرِّيـحُ تَـنْـكِـيـلًا وَبِـيـلَا
فَــقَــضَـى وَالْـحُـسْـنُ لَـمَّـا يَـخْـلُـقِ
•••
وَلَـقَـدْ أَسْـمَـعُ فِـي الـلَّـيْـلِ الْـبَـهِـيمْ
ضَـجَّـةَ الْـمَـوْتَـى وَأَبْـنَـاءِ الْـجَحِيمْ
وَكَـهَـمْـسِ الْـمَـوْتِ فِي أُذْنِ الْكَلِيمْ
خَـطْـرَةُ الـرِّيحِ عَلَى النَّبْتِ الْوَشِيمْ
•••
يَــا خَـلِـيـلَـيَّ اخْـبِـرَانِـي وَاصْـدُقَـا
هَـلْ لِـلَـيْـلِ الْـيَأْسِ صُـبْـحٌ يُـنْـتَظَرْ
مَــرَّ بِــي الــدَّهْــرُ عَــبُــوسًـا أَزْرَقَـا
كَــاشِـفًـا عَـنْ نَـابِ نَـضْـنَـاضٍ ذَكَـرْ
•••
هَــذِهِ كَـفِّـي عَـلَـى خَـوْنِ الْـعُـهُـودْ
لَا عَــلَــى الــرَّعْـيِ فَـهَـذَا لَا يَـكُـونْ
إِنَّـــهَـــا دُنْـــيَــا كِــذَابٍ وَجُــحُــودْ
وَلَـصِـدْقُ الـنَّـفْـسِ أَوْلَـى لَـوْ يَهُونْ
•••
هَــذِهِ كَــفِّـي عَـلَـى وَشْـكِ الْـمَـلَالْ
كُــلُّ نَــارٍ سَــوْفَ يَــعْــلُـوهَـا رَمَـادْ
آَهِ لَـوْ أَسْـطِـيـعُ تَـصْـدِيـقَ الْـخَيَالْ
أَوْ يَـكُـونُ الْـجَـهْـلُ شَـيْـئًا يُسْتَفَادْ!
•••
هَــذِهِ كَــفِّــي عَــلَـى أَنْ أَصْـطَـلِـي
بِـــكَ نَـــارًا دُونَـــهَـــا نَـــارُ سَــقَــرْ
وَإِذَا لَـــوَّحْـــتَـــنِـــي تَـــتْــرَعُ لِــي
كَأْسُ مُـهْـلٍ فِـي عَـتِـيـقَـاتِ الْـقَدَرْ
•••
نَـقْـلِـيَ الـسُّـهْـدُ عَـلَـيْـهَـا وَالـضَّـنَى
وَرَيَاحِينِيَ — لَوْ تَدْرِي — الْهُمُومْ
شَــجَّـهَـا الـدَّهْـرُ بِـمَـحْـذُورِ الـنَّـوَى
فَـــنَـــوَازِيـــهَــا خَــبَــالٌ وَوُجُــومْ
•••
وَأُلَاقِـــيـــكَ وَتَـــلْـــقَـــانِــي كَــمَــا
نَـاطَـحَ الْـمَـوْجُ جَـلَامِـيـدَ الصُّخُورْ
مُــزْبِــدًا حَــوْلَــكَ مَــهْــزُومًــا وَمَـا
إِنْ تُـبَـالِـي كَـيْـفَ هَاضَتْنِي الْوُعُورْ
•••
يَـا عَـقِـيـدِي طَـامَـنَ الـلـهُ حَـشَـاكْ
لَـنْ تَـرَانِـي شَـاكِـيًـا وَهْـيَ حِـبَـالُكْ
أَيْـنَ مِـنْ طِـيـنَـتِـنَـا أَيْـنَ الْـفِـكَاكْ؟
أَنْـتَ إِنْـسَـانٌ عَـلَـى فَـرْطِ جَـمَالِكْ!

عن القصيدة

  • طريقة النظم: شعر مربع
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الرمل
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

إبراهيم عبد القادر المازني: شاعرٌ وروائيٌّ وناقدٌ وكاتبٌ مصريٌّ مِن رُوَّادِ النهضةِ الأدبيةِ العربيةِ في العصرِ الحديث. استَطاعَ أن يجدَ لنفسِه مَكانًا مُتميِّزًا بين أقطابِ مُفكِّري عَصرِه، وأسَّسَ معَ كلٍّ مِن عباس العَقَّاد وعبد الرحمن شُكري «مدرسةَ الديوانِ» التي قدَّمتْ مفاهيمَ أدبيةً ونَقديةً جديدة، استوحَتْ رُوحَها مِن المدرسةِ الإنجليزيةِ في الأدَب.

وُلدَ «إبراهيم محمد عبد القادر المازني» في القاهرةِ عامَ ١٨٩٠م، ويَرجعُ أصلُه إلى قريةِ «كوم مازن» بمُحافظةِ المُنوفية. تخرَّجَ مِن مَدرسة المُعلِّمين عامَ ١٩٠٩م، وعملَ بالتدريسِ لكنه ما لبثَ أنْ ترَكَه ليَعملَ بالصحافة، حيثُ عملَ بجريدةِ الأخبار، وجريدةِ السياسةِ الأُسبوعية، وجريدةِ البلاغ، بالإضافةِ إلى صُحفٍ أُخرى، كما انتُخبَ عُضوًا في كلٍّ مِن مجمعِ اللغةِ العربيةِ بالقاهرةِ والمجمعِ العِلميِّ العربيِّ بدمشق، وساعَدَه دُخولُه إلى عالمِ الصحافةِ على انتشارِ كتاباتِه ومقالاتِه بينَ الناس.

قرَضَ في بدايةِ حياتِه الأدبيةِ العديدَ من دواوينِ الشعرِ ونَظْمِ الكلام، إلا أنه اتَّجهَ بعدَ ذلك إلى الكتابةِ النَّثريةِ واستغرقَ فيها، فقدَّمَ تُراثًا غَزيرًا من المقالاتِ والقصصِ والرِّوايات. عُرِفَ ناقدًا مُتميِّزًا، ومُترجِمًا بارعًا، فترجمَ مِنَ الإنجليزيةِ إلى العربيةِ العديدَ مِن الأعمالِ كالأَشعارِ والرواياتِ والقصص، وقالَ العقادُ عنه: «إنَّني لمْ أَعرفْ فيما عرفتُ مِن ترجماتٍ للنَّظمِ والنثرِ أديبًا واحدًا يفوقُ المازنيَّ في الترجمةِ مِن لغةٍ إلى لغةٍ شِعرًا ونثرًا.»

تميَّزَ أُسلوبُه سواءٌ في الكتابةِ الأدبيةِ أو الشِّعريةِ بالسخريةِ اللاذعةِ والفكاهة، واتَّسمَ بالسلاسةِ والابتعادِ عَنِ التكلُّف، كما تميَّزتْ موضوعاتُه بالعمقِ الذي يدلُّ على سعةِ اطِّلاعِه، ولا ريبَ في ذلك؛ فقد شملَتْ قراءاتُه العديدَ مِن كُتبِ الأدبِ العربيِّ القديم، والأدبِ الإنجليزيِّ أيضًا، هذا بالإضافةِ إلى قراءتِه الواسعةِ في الكُتبِ الفلسفيةِ والاجتماعية. وعمَدَ المازنيُّ في مدرستِه الأدبيةِ إلى وصفِ الحياةِ كما هي، دونَ إقامةِ معاييرَ أخلاقية، فكانَ في بعض كتاباتِهِ خارجًا عن التقاليدِ والأَعرافِ السائدةِ والمُتداوَلة.

وقد رحلَ المازنيُّ عن عالَمِنا في شهرِ أغسطس من عامِ ١٩٤٩م.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤