أَلَمْ تَكُ لِلْمُلُوكِ الْغُرِّ تَاجًا

Wave Image
أَلَــمْ تَــكُ لِــلْــمُــلُـوكِ الْـغُـرِّ تَـاجًـا
وَلِــلــدُّنْــيَــا وَعَــالَــمِـهَـا سِـرَاجَـا
أَلَـمْ تَـحْـلُـلْ ذُرَى الْـمَـجْـدِ الْتِهَامًا
بِــغَــايَــاتِ الْـمَـكَـارِمِ وَالْـتِـهَـاجَـا
لَـقَـدْ شَـرُفَ الـزَّمَـانُ بِـكَ افْتِخَارًا
كَـمَـا سَـعِـدَ الْأَنَـامُ بِـكَ ابْـتِـهَـاجَـا
رَأَوْا مَـــلِـــكًــا أَنَــامِــلُــهُ بِــحَــارٌ
مِـنَ الْـمَـعْـرُوفِ تَـلْـتَـجُّ الْـتِـجَاجَا
حَـقِـيـقًـا أَنْ يُـجَـابَ عَلَى اللَّيَالِي
بِــهِ ثَــوْبُ الــثَّـنَـاءِ وَأَنْ يُـسَـاجَـا
يَـكَـادُ الْـغَـيْـثُ يُـشْـبِـهُـهُ سَـمَـاحًا
إِذَا انْـهَـلَّ انْـسِـفَـاحًـا وَانْـثِـجَـاجَا
أَغَــرُّ يَـهِـيـجُ طِـيـبُ الـذِّكْـرِ مِـنْـهُ
هَــوًى بِــرَجَــائِـهِ مَـا كَـانَ هَـاجَـا
تَــبِــيــتُ رِكَــابُــنَــا مَــا يَـمَّـمَـتْـهُ
تُــخَــالِــجُــنَــا أَزِمَّــتُــهَـا خِـلَاجَـا
كَأَنَّ الْــعِــيــسَ خَــابِـرَةٌ إِلَـى مَـنْ
بِـنَـا تَـطْـوِي الْـمَـخَـارِمَ وَالْفِجَاجَا
كَأَنَّ الْــفَــوْزَ بِــالْآمَــالِ تُــمْــسِـي
إِلَــيْــهِ الــنَّــاجِــيَــاتُ بِـهِ تُـنَـاجَـا
مَــلِــيٌّ حِــيــنَ يُــنْـذَرُ بِـالْأَعَـادِي
وَأَمْـضَـى الْـعَـالَـمِـيـنَ إِذَا يُـفَـاجَـا
يَــرُوحُ وَخَــيْــلُـهُ تَـخْـتَـالُ تِـيـهًـا
بِأَشْـجَـعِ مَـنْ بِـهَـا شَـهِـدَ الْـهِيَاجَا
وَمَا الْمِسْكُ السَّحِيقُ إِذَا امْتَطَاهَا
بِأَهْــلٍ أَنْ يَــكُــونَ لَـهَـا عَـجَـاجَـا
يَـطُـولُ بِـهَـا الـثَّـرَى إِنْ صَافَحَتْهُ
وَإِنْ سَـلَـكَـتْ بِـهِ سُـبُـلًا فِـجَـاجَـا
كَأَنَّ بِــسَــهْــلِــهِ وَالْــحَـزْنِ مِـنْـهَـا
عِـضَـاضًـا لِـلـسَّـنَـابِـكِ أَوْ شِجَاجَا
مَـدَدْتَ إِلَـى اقْـتِـنَـاءِ الْـحَـمْدِ كَفًّا
طَـمَـى بَـحْـرُ الـسَّـمَـاحِ بِهَا وَمَاجَا
وَغَــادَرْتَ الْــعَـوَالِـيَ بِـالْـمَـعَـالِـي
كَــخِـيـسِ الـلَّـيْـثِ عَـزَّ بِـهِ وِلَاجَـا
وَأَنْـتَ جَـعَـلْـتَ بَـيْـنَـهُـمَـا انْتِسَابًا
بِــمَــا آلَــى إِبَــاؤُكَ وَانْــتِــسَــاجَـا
ضَـرَبْـتَ مِـنَ الـظُّـبَى سُورًا عَلَيْهَا
وَمِـنْ شَـوْكِ الـرِّمَـاحِ لَـهَـا سِـيَاجَا
وَلَـمْ تَـقْـنُ الْـقَـنَـا يَـوْمًـا لِـتَـقْضِي
بِـغَـيْـرِ صُـدُورِهَـا لِـلْـمَـجْـدِ حَاجَا
وَلَـوْلَا الـطَّـعْـنُ فِي الْهَيْجَاءِ شَزْرًا
لَـمَـا فَـضَـلَـتْ أَسِـنَّـتُـهَـا الـزِّجَاجَا
إِذَا دَاءٌ مِـــــنَ الْأَيَّــــامِ أَعْــــيَــــا
عَــلَــى الْأَيَّــامِ طِــبًّــا أَوْ عِــلَاجَـا
أَعَــدْتَ لَــهُ بِـبِـيـضِ الْـهِـنْـدِ كَـيًّـا
وَأَشْــفَـى الْـكَـيِّ أَبْـلَـغُـهُ نِـضَـاجَـا
وَكَــمْ سَـيْـلٍ ثَـنَـيْـتَ بِـهَـا وَمَـيْـلٍ
أَقَـمْـتَ فَـلَـمْ تَـدَعْ فِـيهِ اعْوِجَاجَا
وَقَــيْــلٍ قَــدْ دَلَــفْـتَ لَـهُ بِـخَـيْـلٍ
كَـشُـهْـبِ الْـقَـذْفِ تَـرْتَهِجُ ارْتِهَاجَا
كَأَنَّ دَبًـــى وَرِجْـــلًا مِـــنْ جَـــرَادٍ
بِـهَـا وَالْـغَـابَ يُـرْقِـلُ وَالْـحِـرَاجَـا
عَــصَــفْــنَ بِــعِـزِّهِ وَضَـرَبْـنَ مِـنْـهُ
مَــعَ الْــهَـامِ الْـمَـعَـاقِـدَ وَالْـوِدَاجَـا
وَكُــنْــتَ إِذَا عَـلَـوْتَ مَـطَـا جَـوَادٍ
مَــلَأْتَ الْأَرْضَ أَمْــنًـا وَانْـزِعَـاجَـا
وَكَـمْ أَحْـصَـدْتَ مِـنْ عَـقْـدٍ لِـجَـارٍ
وَلَا كَــرَبًــا شَــدَدْتَ وَلَا عِــنَــاجَـا
إِذَا بَــــاتَـــتْ لِأَبْـــنَـــاءٍ عِـــظَـــامٍ
بَـنَـاتُ الـصَّـدْرِ تَـعْـتَـلِـجُ اعْـتِلَاجَا
جَــزَاكَ الــلـهُ نَـصْـرًا عَـنْ مَـسَـاعٍ
حَــمَـيْـنَ الـدِّيـنَ عِـزًّا أَنْ يُـهَـاجَـا
فَــلَـمْ تَـكُ إِذْ تَـمُـورُ الْأَرْضُ مَـوْرًا
وَتَـرْتَـجُّ الْـجِـبَـالُ بِـهَـا ارْتِـجَـاجَـا
لِـــثَـــغْــرِ مَــخُــوفَــةٍ إِلَّا سِــدَادًا
وَبَــــابِ مُــــلِـــمَّـــةٍ إِلَّا رِتَـــاجَـــا
وَلَـمْ تَـضِـقِ الْـخُـطُـوبُ السُّودُ إِلَّا
جَـعَـلْـنَـا مِـنْ نَـدَاكَ لَـهَـا انْـفِـرَاجَا
كَـفَـى ظُـلَـمَ الـنَّـوَائِـبِ وَالـلَّـيَالِي
بِـبَـهْـجَـتِـكَ انْـحِـسَـارًا وَانْـبِـلَاجَا
وَحَـسْـبُ الْعِيدِ عِيدٌ مِنْكَ يَحْظَى
بِــهِ مَــا عَــادَ مُــرْتَــقِــبًـا وَعَـاجَـا
فَــدُمْــتَ لَــهُ وَلِـلـنِّـعَـمِ الـلَّـوَاتِـي
غَــدَوْتَ بِــهَــا لِـرَبِّ الـتَّـاجِ تَـاجَـا
تَـجِـلُّ حِـلًـى إِذَا مَـا الْـقَـطْرُ حَلَّى
بِــرَيِّــقِــهِ الْأَنَــاعِــمَ وَالــنَّــبَــاجَـا
إِذَا مَــا كُــنْـتَ تَـاجَ عُـلًا فَـمَـنْ ذَا
يَـكُـونُ لَـكَ الْـجَـبِينَ أَوِ الْحَجَاجَا
إِلَــيْــكَ زَفَـفْـتُ أَبْـكَـارَ الْـقَـوَافِـي
وُحَـــادًا كَــالْــفَــرَائِــدِ أَوْ زَوَاجَــا
سَـوَامِـي الْـهَـمِّ لَا تَـعْـدُوكَ مَـدْحًا
إِذَا اخْـتَـلَـجَ الـضَّمِيرُ بِهَا اخْتِلَاجَا
تَـــزُورُ عُـــلَاكَ مَـــرًّا وَانْـــثِـــنَــاءً
وَقَـصْـدًا بِـالْـمَـحَـامِـدِ وَانْـعِـرَاجَـا
فَــكَــمْ شَــادٍ لَــهَــا طَــرِبٍ وَحَـادٍ
بِـــهَـــا غَـــرِدٍ بُـــكُـــورًا وَادِّلَاجَــا
وَكَـــمْ رَاوٍ كَأَنَّ بِـــفِــيــهِ مِــنْــهَــا
مُـجَـاجَ الـنَّـحْـلِ حُـبَّ بِـهِ مُجَاجَا
يَـزِيـدُ بِـهَـا الـشَّـجِـيُّ شَجًى وَبَثًّا
وَيَـهْـتَـاجُ الْـخَـلِـيُّ بِـهَـا اهْـتِـيَاجَا
أَقُـولُ بِـحَـقِّ مَـا تُـسْـدِي وَتُـولِـي
وَلَـيْـسَ بِـحَـقِّ مَـنْ حَـابَى وَدَاجَا
وَأَنْـتَ أَعَـدْتَ لِـي بِـيـضًـا حِـسَانًا
لَـيَـالِـيَ دَهْـرِيَ الـسُّـودَ الـسِّـمَاجَا
أَتَــيْــتُــكَ لَـمْ أَدَعْ لِـلْـحَـظِّ عُـذْرًا
إِلَــيَّ وَلَا عَــلَــيَّ لَــهُ احْـتِـجَـاجَـا
وَلَـمْ أَجْـعَـلْكَ دُونَ الْخَلْقِ قَصْدِي
لِـتَـجْـعَـلَ لِي إِلَى الْخَلْقِ احْتِيَاجَا
أُقِـيمُ عَلَى الصَّدَى مَا لَم يُهَبْ بِي
إِلَـى الْـوِرْدِ الْـكَـرِيـمِ وَلَـمْ يُـجَاجَا
فَــكَــمْ جَــاوَزْتُ مِـنْ عَـذْبٍ زُلَالٍ
إِلَــيْــكَ أَعُــدُّهُ مِــلْــحًــا أُجَــاجَــا
إِلَـى مَـلِـكٍ سَـقَى الْإِحْسَانَ صِرْفًا
فَــلَــمْ يَــذَرِ الْـمِـطَـالَ لَـهُ مِـزَاجَـا
سَـنِـيِّ الْـبَـذْلِ مَـا حَـمَـلَـتْ تَـمَامًا
مَــوَاعِــدُهُ وَلَا وَضَــعَـتْ خِـدَاجَـا
وَخَـيْـرُ لَـقَـائِـحِ الْمَعْرُوفِ عِنْدَ النَّـ
ـدَى مَــا كَــانَ أَسْــرَعَـهَـا نِـتَـاجَـا
إِذَا مَــــا عَــــاتَـــبَ الْأَيَّـــامَ حُـــرٌّ
بِــغَــيْــرِكَ لَــمْ تَــزِدْ إِلَّا لَــجَــاجَــا

عن القصيدة

  • غرض القصيدة: المدح
  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الوافر
  • عصر القصيدة: العباسي الثاني

عن الشاعر

هو أحمد بن محمد بن علي بن يحيى التغلبي، يُعَد أحد رُواد الأدب العربي، وأشهر شعراء الشام الذين ساهموا في النهضة الشعرية التي شهدها العصر العباسي الثاني، اتسم شِعره بحُسن البيان، وجزالة العبارة، وعُمق المعنى.

وُلد في دمشق سنة ٤٥٠ﻫ/ ١٠٥٨م، حين كانت تحت سيطرة الدولة الفاطمية، ونشأ وترعرع بها؛ فدرس علوم اللغة، والكتابة، ونَظَم فيها أُولى قصائده. وظل بها حتى سيطر عليها السلاجقة فهاجر منها إلى حماة، وكان عُمره آنذاك ثمانية عشر عامًا، ومكث في حماة مدةً قاربت اثنتَي عشرة سنة، واتصل بأميرها «محمد بن مانك» وعمل عنده كاتبًا، ثم انتقل إلى شينيز ومدح أميرها «علي بن مقلد بن منقذ»، ومنها إلى حلب السورية، وهناك التقى ﺑ «ابن حيُّوس» أشهر شعراء زمانه، ولازَمه مدةً حتى صار امتدادًا لشِعره، ثم اتجه غربًا إلى طرابلس الليبية التي أقام فيها مدةً قاربت عشر سنوات، وفيها ذاع صِيتُه، ووصلت شُهرته الآفاق، ونَظَم أبدع قصائده وأشهرها، وتَقرَّب من حاكمها «جلال الدين بن عمار»، ثم عاد ثانيةً إلى دمشق وحط فيها رِحاله، وصاحَب وزيرها السلجوقي «هبة الله بن بديع الأصفهاني».

سُمي ﺑ «ابن الخياط» لاشتغال أبيه بحرفة الخياطة، وسُمي بالكاتب لاشتغاله بالكتابة؛ حيث عمل كاتبًا لدى أمراء الدولة العباسية، كما نَظَم الشعر بأغراضه المتنوعة، كالهِجاء، والرِّثاء، والغزَل، ولكنَّ النصيب الأوفر من قصائده كان في المديح، حتى اشتُهر بذلك؛ فذكَرَته كُتُب المؤرخين المعاصرين بأنه من الشعراء المُجيدين، امتَدح الناس، وطاف البلاد، ودخل بلاد العجم وامتَدح أهلها. وصل إلينا ديوانه الذي حوى أبهى قصائد الشعر العربي، وأعذب العبارات، وأبلغ المعاني.

تُوفِّي «ابن الخياط» بدمشق في ١١ رمضان ٥١٧ﻫ/١ نوفمبر ١١٢٣م، عن عُمرٍ يُناهز سبعًا وستين سنة.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤