أَمَـا وَالْـهَـوَى يَـوْمَ اسْـتَـقَـلَّ فَـرِيـقُـهَا
لَــقَـدْ حَـمَّـلَـتْـنِـي لَـوْعَـةً لَا أُطِـيـقُـهَـا
تَـعَـجَّـبُ مِـنْ شَـوْقِـي وَمَا طَالَ نَأْيُهَا
وَغَـيْـرُ حَـبِـيبِ النَّفْسِ مَنْ لَا يَشُوقُهَا
فَـلَا شَـفَّـهَـا مَـا شَـفَّـنِي يَوْمَ أَعْرَضَتْ
صُــدُودًا وَزُمَّــتْ لِلــتَّــرَحُّــلِ نُـوقُـهَـا
أَهَـجْـرًا وَبَـيْـنًـا شَـدَّ مَـا ضَمِنَ الْجَوَى
لِــقَـلْـبِـيَ دَانِـي صَـبْـوَةٍ وَسَـحِـيـقُـهَـا
وَكُنْتُ إِذَا مَا اشْتَقْتُ عَوَّلْتُ فِي الْبُكَا
عَـلَـى لُـجَّـةٍ إِنْـسَـانُ عَـيْـنِـي غَـرِيـقُهَا
فَـلَـمْ يَـبْـقَ مِـنْ ذَا الـدَّمْـعِ إِلَّا نَشِيجُهُ
وَمِـنْ كَـبِـدِ الْـمُـشْـتَـاقِ إِلَّا خُـفُـوقُـهَـا
فَـيَـا لَـيْـتَـنِـي أَبْـقَـى لِـيَ الْـهَجْرُ عَبْرَةً
فَـأَقْـضِـي بِـهَـا حَـقَّ الـنَّـوَى وَأُرِيـقُـهَا
وَإِنِّــي لَآبَــى الْــبِـرَّ مِـنْ وَصْـلِ خُـلَّـةٍ
وَيُـعْـجِـبُـنِـي مِـنْ حُبِّ أُخْرَى عُقُوقُهَا
وَأُعْـرِضُ عَـنْ مَـحْـضِ الْـمَـوَدَّةِ بَـاذِلٍ
وَقَــدْ عَــزَّنِــي مِــمَّــنْ أَوَدُّ مَــذِيـقُـهَـا
كَــذَلِــكَ هَـمِّـي وَالـنُّـفُـوسُ يَـقُـودُهَـا
هَــوَاهَــا إِلَــى أَوْطَـارِهَـا وَيَـسُـوقُـهَـا
فَـلَـوْ سَـأَلَتْ ذَاتُ الْوِشَاحَيْنِ شِيمَتِي
لَـخَـبَّـرَهَـا عَـنِّـي الْـيَـقِـيـنَ صَـدُوقُـهَا
وَمَـا نَـكِـرَتْ مِـنْ حَـادِثَـاتٍ بَـرَيْـنَـنِـي
وَقَـدْ عَـلِـقَـتْ قَـبْـلِـي الـرِّجَالَ عَلُوقُهَا
فَـإِمَّـا تَـرَيْـنِـي يَـا ابْـنَـةَ الْـقَـوْمِ نَاحِلًا
فَـأَعْـلَـى أَنَـابِـيـبِ الـرِّمَـاحِ دَقِـيـقُـهَـا
وَكُــلُّ سُــيُــوفِ الْــهِـنْـدِ لِلْـقَـطْـعِ آلَـةٌ
وَأَقْــطَــعُــهَـا يَـوْمَ الْـجِـلَادِ رَقِـيـقُـهَـا
وَمَـا خَـانَـنِـي مِـنْ هِـمَّـةٍ تَـأْمُـلُ الْـعُلَا
سِـوَى أَنَّ أَسْـبَـابَ الْـقَـضَـاءِ تَـعُـوقُـهَا
سَـأَجْـعَـلُ هَـمِّـي فِـي الشَّدَائِدِ هِمَّتِي
فَــكَــمْ كُـرْبَـةٍ بِـالْـهَـمِّ فُـرِّجَ ضِـيـقُـهَـا
وَخَــرْقٍ كَــأَنَّ الْــيَــمَّ مَــوْجُ سَــرَابِــهِ
تَــرَامَــتْ بِــنَــا أَجْــوَازُهُ وَخُــرُوقُـهَـا
كَـأَنَّـا عَـلَـى سُـفْـنٍ مِـنَ الْـعِيسِ فَوْقَهُ
مَـجَـادِيـفُـهَـا أَيْـدِي الْـمَـطِيِّ وَسُوقُهَا
نُـرَجِّـي الْـحَـيَـا مِـنْ رَاحَةِ ابْنِ مُحَمَّدٍ
وَأَيُّ سَـــمَـــاءٍ لَا تُـــشَــامُ بُــرُوقُــهَــا
فَـمَـا نُـوِّخَـتْ حَـتَّـى أَسَـوْنَـا بِـجُـودِهِ
جِـرَاحَ الْـخُـطُـوبِ الْـمُـنْهَرَاتِ فُتُوقُهَا
وَإِنَّ بُــلُــوغَ الْــوَفْــدِ سَــاحَـةَ مِـثْـلِـهِ
يَــدٌ لِلْــمَــطَــايَــا لَا تُـؤَدَّى حُـقُـوقُـهَـا
عَــلَــوْنَ بِــآفَـاقِ الْـبِـلَادِ يَـحِـدْنَ عَـنْ
مُـلُـوكِ بَـنِـي الـدُّنْـيَـا إِلَـى مَنْ يَفُوقُهَا
إِلَــى مَــلِــكٍ لَــوْ أَنَّ نُــورَ جَــبِــيــنِــهِ
لَـدَى الـشَّـمْسِ لَمْ يُعْدَمْ بِلَيْلٍ شُرُوقُهَا
هُــمَــامٌ إِذَا مَــا هَــمَّ سَــلَّ اعْـتِـزَامَـهُ
كَـمَـا سُـلَّ مَـاضِـي الـشَّـفْرَتَيْنِ ذَلِيقُهَا
يَــطُـولُ إِذَا غَـالَ الـذَّوَابِـلَ قَـصْـرُهَـا
وَيَـمْـضِـي إِذَا أَعْـيَـا الـسِّـهَـامَ مُرُوقُهَا
نَـهَـى سَـيْـفُـهُ الْأَعْـدَاءَ حَـتَّى تَنَاذَرَتْ
وَوُقِّــرَ مِــنْ بَـعْـدِ الْـجِـمَـاحِ نُـزُوقُـهَـا
وَمَـا يُـتَـحَـامَـى اللَّـيْـثُ لَـوْلَا صِـيَـالُهُ
وَلَا تُــتَــوَقَّــى الــنَّـارُ لَـوْلَا حَـرِيـقُـهَـا
وَقَى اللهُ فِيكَ الدِّينَ وَالْبَأْسَ والنَّدَى
عُـيُـونَ الْـعِـدَى مَا جَاوَرَ الْعَيْنَ مُوقُهَا
عَـزَفْـتَ عَـنِ الـدُّنْـيَـا فَـلَـوْ أَنَّ مُـلْـكَهَا
لِـمُـلْـكِـكَ بَـعْـضٌ مَـا اطَّـبَـاكَ أَنِـيـقُـهَـا
خُـــشُــوعٌ وَإِيــمَــانٌ وَعَــدْلٌ وَرَأْفَــةٌ
فَـقَـدْ حُـقَّ بِـالـنَّـعْـمَـاءِ مِـنْـكَ حَقِيقُهَا
عَـلَـوْتَ فَـلَـمْ تَـبْـعُـدْ عَلَى طَالِبٍ نَدًى
كَـمُـثْـمِـرَةٍ يَـحْـمِـي جَـنَـاهَـا بُـسُـوقُهَا
فَــلَا تَــعْــدَمِ الْآمَــالُ رَبْــعَـكَ مَـوْئِـلًا
بِــهِ فُــكَّ عَــانِــيــهَـا وَعَـزَّ طَـلِـيـقُـهَـا
سَــبَــقْــتَ إِلَــى غَـايَـاتِ كُـلِّ خَـفِـيَّـةٍ
وَمَــا يُــدْرِكُ الْــغَـايَـاتِ إِلَّا سَـبُـوقُـهَـا
وَلَــمَّــا أَغَــرْتَ الْــبَـاتِـرَاتِ مُـخَـنْـدِقًـا
تَــوَجَّــعَ مَـاضِـيـهَـا وَسِـيءَ ذَلُـوقُـهَـا
وَيُـغْـنِـيـكَ عَـنْ حَـفْـرِ الْـخَنَادِقِ مِثْلُهَا
مِـنَ الـضَّـرْبِ إِمَّـا قَامَ لِلْحَرْبِ سُوقُهَا
وَلَـكِـنَّـهَـا فِـي مَـذْهَـبِ الْـحَـزْمِ سُـنَّـةٌ
يَــفُــلُّ بِــهَـا كَـيْـدَ الْـعَـدُوِّ صَـدِيـقُـهَـا
لَــنَــا كُــلَّ يَــوْمٍ مِــنْـكَ عِـيـدٌ مُـجَـدَّدٌ
صَـبُـوحُ الـتَّـهَـانِـي عِـنْـدَهُ وَغَـبُـوقُـهَا
فَـنَـحْنُ بِهِ مِنْ فَيْضِ سَيْبِكَ فِي غِنًى
وَفِـي نَـشَـوَاتٍ لَـمْ يُـحَـرَّمْ رَحِـيـقُـهَـا
وَقَـفْـتُ الْـقَـوَافِي فِي ذُرَاكَ فَلَمْ يَكُنْ
سِــوَاكَ مِــنَ الْأَمْـلَاكِ مَـلْـكٌ يَـرُوقُـهَـا
مُــعَــطَّــلَــةً إِلَّا لَــدَيْــكَ حِــيَــاضُــهَـا
وَمَــهْــجُــورَةً إِلَّا إِلَــيْــكَ طَــرِيــقُـهَـا
وَمَــا لِــيَ لَا أُهْــدِي الــثَّــنَــاءَ لِأَهْـلِـهِ
وَلِـي مَـنْـطِـقٌ حُـلْـوُ الْـمَعَانِي رَشِيقُهَا
وَإِنْ تَــكُ أَصْــنَــافُ الْــقَــلَائِـدِ جَـمَّـةً
فَــمَــا يَــتَــسَــاوَى دُرُّهَـا وَعَـقِـيـقُـهَـا