إِلَى بَطَلِ الشَّرْقِ الْأَكْبَرِ

Wave Image
سَـمِـيَّ الْـمُـصْـطَـفَـى لَا زِلْـتَ تَعْلُو
إِلَــــى أَوْجٍ يُــــطَـــاوِلُ كُـــلَّ أَوْجِ
فَـدُرْ كَـالـشَّـمْسِ فِي فَلَكِ الْمَعَالِي
وحُــلَّ مِــنَ الْــكَــمَـالِ بِـكُـلِّ بُـرْجِ
نُـصِـرْتَ عَـلَـى بَـنِـي يُـونَانَ نَصْرًا
أَقَــامَ الْــغَــرْبَ فِــي هَـرْجٍ وَمَـرْجِ
وَأَطْـلَـعَ فِـي سَـمَاءِ الشَّرْقِ شَمْسًا
تَــفِــيـضُ عَـلَـيْـهِ أَنْـوَارُ الـتَّـرَجِّـي
فَــسَــرَّ الْــمُـخْـلِـصِـيـنَ وَكُـلَّ حُـرٍّ
وَسَــاءَ الْــخَـائِـنِـيـنَ وَكُـلَّ سَـمْـجِ
وَمَــا الْــيُـونَـانُ كُـفْـؤُكَ فِـي نِـزَالٍ
وَإِنْ مَــلَـئُـوا الـسُّـهُـولَ وَكُـلَّ فَـجِّ
وَلَـكِـنْ قَـدْ غَـلَـبْـتَ جُـيُـوشَ قَوْمٍ
أَذَلُّــــوا بِـــالْـــبَـــوَارِجِ كُـــلَّ لُـــجِّ
تَـرَكْـتَ جُـيُـوشَهُمْ مِنْ فَرْطِ رُعْبٍ
تَــعَــاهَــدَ لِــلْــهَــزِيـمَـةِ كُـلَّ نَـهْـجِ
إِذَا ذَكَــرُوا سُــمَــاكَ وَلَــوْ مَــنَـامًـا
تَـحَـامَـوْا ذِكْـرَهُ بِـسِـوَى الـتَّـهَجِّي
لِــئَــلَّا يَــسْــمَـعُـوهُ فَـيَـعْـتَـرِيـهِـمْ
ضَــنَـى دَاءَيْـنِ مِـنْ شَـلَـلٍ وَفَـلْـجِ
هُـــمُ الْـــيُــونَــانُ أَلْأَمُ كُــلِّ قَــوْمٍ
وَأَخْوَفُ فِي الْوَغَى مِنْ فَرْخِ قَبْجِ
أَرَقُّ شَــجِــيَّــةً مِــنْــهُــمْ وَأَرْقَــى
حَـمِـيـرُ الْـوَحْـشِ سَـارِحَـةً بِـمَرْجِ
فَــلَا تَــغْــرُرْكَ أَوْجُــهُـهُـمْ بَـيَـاضًـا
فَإِنَّ طِــبَــاعَــهُــمْ كَــطِــبَـاعِ زَنْـجِ
وُجُـوهٌ قَـدْ حَـكَـيْـنَ الـثَّـلْـجَ لَـوْنًـا
وَلَـــكِــنْ فَــاتَــهُــنَّ نَــقَــاءُ ثَــلْــجِ
فَـيَـا أَمْـضَـى الْـوَرَى رَأْيًـا وَسَـيْـفًا
وَأَعْــرَفَــهُــمْ بِــمَـصْـعَـدِ كُـلِّ أَوْجِ
لَــقَــدْ أَنْـقَـذْتَ مِـنْ أَزْمِـيـرَ خَـوْدًا
تُـسَـامُ الْـخَـسْـفَ فِـي يَدِ كُلِّ عِلْجِ
وَقُـمْـتَ عَـلَـى الْبِلَادِ مَقَامَ عِيسَى
عَـلَـى مَـرْضَـاهُ مِـنْ عُـمْـيٍ وَعُـرْجِ
فَـعَـالَـجْـتَ الْـفُـتُـوقَ بِـحُسْنِ رَتْقٍ
وَلَاءَمْـتَ الْـخُـرُوقَ بِـحُـسْنِ نَسْجِ
وَرُحْـتَ إِلَـى الـتَّجَدُّدِ فِي الْمَعَالِي
تَـقُـودُ الـنَّـاهِـضِـيـنَ بِـهَـا وَتُـزْجِي
وَتَـخْطُبُ فِي الْجُمُوعِ بِيَوْمِ حَفْلٍ
كَــمَـا خَـطَـبَ الـنَّـبِـيُّ بِـيَـوْمِ حَـجِّ
وَتَأْتِــيـكَ الْـوُفُـودُ مِـنَ الْأَقَـاصِـي
لِـتَـسْـمَـعَ قَـوْلَ مِـدْرَهِـهَـا الْـمِـثَـجِّ
فَــقَــوْدُكَ لِــلْـعُـقُـولِ بِـيَـوْمِ سَـلْـمٍ
كَـقَـوْدِكَ لِـلْـجُـيُـوشِ بِـيَـوْمِ هَـيْجِ
لَــقَــدْ جَــدَّدْتَ لِــلْأَوْطَــانِ عَـهْـدًا
تُــجَــارِي فِــيــهِ أَوْطَـانَ الْـفِـرِنْـجِ
لِـتَـبْـتَـدِرَ الـشُّـعُـوبُ إِلَـى الْـمَعَالِي
وَتَــبْــلُــغَ مَــا تُــرِيـدُ وَمَـا تُـرَجِّـي
وَتَـنْـهَـجَ مَـنْـهَـجَ الْـعُـمْـرَانِ فِـيـمَـا
بِــهَــا لِــلـنَّـاسِ مِـنْ دَخْـلٍ وَخَـرْجِ
وَأَنْـتَ الْـيَـوْمَ حَـارِسُـهَـا الْـمُـفَـدَّى
تَــحُــوطُ أُمُـورَهَـا مِـنْ كُـلِّ هَـرْجِ
وَتَـــبْــتَــدِرُ الْــمُــلِــمَّ إِذَا عَــرَاهَــا
فَـتَـعْـرَوْرِي الْـجَـوَادَ بِـغَـيْـرِ سَـرْجِ
إِذَا ذُكِــرَ الْــهُــبُــوطُ فَأَنْـتَ مُـعْـلٍ
وَإِنْ خِـيـفَ الْـحُـبُـوطُ فَأَنْتَ مُنْجِ
وَتَـشْـرَبُ أَنْـتَ كَأْسَ الْمَجْدِ صِرْفًا
وَيَــشْــرَبُــهَــا سَـوَاؤُكَ ذَاتَ مَـزْجِ

عن القصيدة

  • مناسبة القصيدة: قال الشاعر هذه القصيدة عقب انتصار الغازي مصطفى كمال على اليونان سنة ١٩٢٣م.
  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الوافر
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

معروف الرُّصافي: أديب وشاعر وأكاديمي عراقي له إسهامات معتبَرة في حقلَي التعليم والثقافة.

وُلِدَ معروف عبد الغني محمود الجباري في مدينة بغداد العراقية عام ١٨٧٥م وتلقَّى علومه الأوَّلِيَّة في الكتاتيب كباقي أقرانه، ثم التحق ﺑ «المدرسة العسكرية الابتدائية» لفترة، ولكنه انتقل للدراسة في المدارس الدينية حيث تتلمذَ على يد مجموعة من علماءِ بغداد الكبار، وقد لقَّبَهُ أحد شيوخه بمعروف الرُّصافي بدلًا من معروف الكرخي.

بعد تخرُّجه عمِل الرُّصافي معلمًا ﺑ «مدرسة الراشدية» ثم مدرسًا للأدب العربي ﺑ «المدرسة الإعدادية» ببغداد، وقد تنقَّل بين المدارس حتى أصبح مدرِّسًا للُّغة العربية ﺑ «الكلية الشاهانية» بإسطنبول، وكان أيضًا يمارس الصحافة؛ حيث عمل محررًا بجريدة «سبيل الرشاد».

انتُخِب الرصافي عضوًا ﺑ «مجلس المبعوثان» العثماني في عام ١٩١٢م (وهو شبيه بالمجالس النيابية الآن)، وتقديرًا لجهوده الأدبية والتعليمية انتُخِب عضوًا ﺑ «مجمع اللغة العربية» بدمشق، ثم عُيِّنَ مفتشًا بمديرية المعارف العراقية.

آمَن الرُّصافي بأهمية التعليم وعمِل على نشره بين العراقيين من خلال دعواته وجهاده المستمر لبناء المزيد من المدارس، محفِّزًا الأغنياء على دعم المشاريع التعليمية وكفالة طلبة العلم، حيث رأى أن طريق التحرُّر الوطني يمر بالمدارس. والحديث عن التحرُّر الوطني يَجرُّنا بالضرورة إلى نشاط الرُّصافي السياسي ورفضه للاحتلال البريطاني واستبداد السلطة؛ فنجده قد دبَّج المقالات وألَّف القصائد الحماسية محرِّضًا الشعب على النضال السياسي، وكذلك الثورة ضد التقاليد والجمود.

ترك الرُّصافي الكثير من الأعمال الشعرية والنثرية المميزة التي عكست أسلوبَه الرصين ولغته المتينة جزْلة الألفاظ، وقد تنوعت الموضوعات التي كتب فيها ما بين السياسي والاجتماعي والأدبي والتاريخي، وكثيرًا ما أثارت كتبه ضجَّةً كبرى في الأوساط الثقافية؛ فكتابه الشهير «الشخصية المحمدية» اعتبره البعض تهجُّمًا على الدين ومقدساته.

تُوُفِّيَ الرُّصافي بعد حياة حافلة في عام ١٩٤٥م عن سبعين عامًا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤