عِيدُ الدَّهْرِ وَلَيْلَةُ الْقَدْرِ

Wave Image
الْــمُــلْــكُ بَـيْـنَ يَـدَيْـكَ فِـي إِقْـبَـالِـهِ
عَــوَّذْتُ مُــلْــكَــكَ بِــالــنَّــبِــيِّ وَآلِـهِ
حُــرٌّ وَأَنْــتَ الْــحُــرُّ فِــي تَــارِيــخِـهِ
سَـمْـحٌ وَأَنْـتَ الـسَّـمْـحُ فِـي أَقْـيَـالِـهِ
فِــيـضَـا عَـلَـى الْأَوْطَـانِ مِـنْ حُـرِّيَّـةٍ
فَــكِــلَاكُــمَــا الْـمُـفْـتَـكُّ مِـنْ أَغْـلَالِـهِ
سَــعِــدَتْ بِـعَـهْـدِكُـمَـا الْـمُـبَـارَكِ أُمَّـةٌ
رَقَّــتْ لِــحَــالِــكَ حِــقْــبَـةً وَلِـحَـالِـهِ
يَــفْــدِيــكَ نَــصْــرَانِــيُّـهُ بِـصَـلِـيـبِـهِ
وَالْــمُــنْــتَـمِـي ﻟِ «مُـحَـمَّـدٍ» بِـهِـلَالِـهِ
وَفَـتَـى الدُّرُوزِ عَلَى الْحُزُونِ بِشَيْخِهِ
وَالْـمُـوسَـوِيُّ عَـلَـى الـسُّـهُـولِ بِـمَالِهِ
صَـدَقُـوا الْـخَـلِـيـفَـةَ طَـاعَـةً وَمَحَبَّةً
وَتَــمَــسَّــكُـوا بِـالـطُّـهْـرِ مِـنْ أَذْيَـالِـهِ
يَـجِـدُونَ دَوْلَـتَـكَ الَّـتِـي سَـعِدُوا بِهَا
مِـنْ رَحْـمَـةِ الْـمَـوْلَـى وَمِـنْ أَفْـضَـالِهِ
جَـدَّدْتَ عَـهْـدَ «الـرَّاشِـدِيـنَ» بِسِيرَةٍ
نَـسَـجَ «الـرَّشَـادُ» لَـهَـا عَـلَـى مِـنْوَالِهِ
بُـنِـيَتْ عَلَى الشُّورَى كَصَالِحِ حُكْمِهِمْ
وَعَــلَــى حَــيَـاةِ الـرَّأْيِ وَاسْـتِـقْـلَالِـهِ
حَــقٌّ أَعَــزَّ بِــكَ الْــمُـهَـيْـمِـنُ نَـصْـرَهُ
وَالْــحَــقُّ مَــنْــصُــورٌ عَــلَـى خُـذَّالِـهِ
شَـرُّ الْـحُـكُـومَـةِ أَنْ يُـسَـاسَ بِـوَاحِدٍ
فِــي الْــمُــلْــكِ أَقْــوَامٌ عِـدَادُ رِمَـالِـهِ
مُــلْــكٌ تُــشَــاطِــرُهُ مَــيَـامِـنَ حَـالِـهِ
وَتَـــرَى بِإِذْنِ الـــلـــهِ حُــسْــنَ مَآلِــهِ
أَخَـذَتْ حُـكُـومَـتُـكَ الْأَمَـانَ لِـظَـبْـيِهِ
فِــي مُــقْـفِـرَاتِ الْـبِـيـدِ مِـنْ رِئْـبَـالِـهِ
مَــكَّــنْـتَ لِـلـدُّسْـتُـورِ فِـيـهِ وَحُـزْتَـهُ
تَــاجًــا لِـوَجْـهِـكَ فَـوْقَ تَـاجِ جَـلَالِـهِ
فَــكَأَنَّــكَ «الْـفَـارُوقُ» فِـي كُـرْسِـيِّـهِ
نَـعِـمَـتْ شُعُوبُ الْأَرْضِ تَحْتَ ظِلَالِهِ
أَوْ أَنْـتَ مِـثْـلُ «أَبِـي تُـرَابٍ» يُـتَّـقَـى
وَيَــهَــابُــهُ الْأَمْــلَاكُ فِــي أَسْــمَــالِـهِ
عَـهْـدُ الـنَّـبِـيِّ هُـوَ الـسَّـمَاحَةُ وَالرِّضَا
ﺑِ «مُــحَــمَّـدٍ» أَوْلَـى وَسَـمْـحِ خِـلَالِـهِ
بِـالْـحَـقِّ يَـحْـمِـلُـهُ «الْإِمَامُ» وَبِالْهُدَى
فِـي حَـاضِـرِ الـدُّسْـتُـورِ وَاسْـتِـقْـبَالِهِ
يَـا ابْـنَ الْـخَـوَاقِـيـنِ الـثَّـلَاثِينَ الْأُلَى
قَـدْ جَـمَّـلُـوا الْإِسْـلَامَ فَـوْقَ جَـمَـالِـهِ
الْــمُــبْــلِــغِـيـنَ الـدِّيـنَ ذُرْوَةَ سَـعْـدِهِ
الــرَّافِــعِــيــنَ الْــمُــلْـكَ أَوْجَ كَـمَـالِـهِ
الْـمُـوطِـئِـيـنَ مِـنَ الْـمَـمَـالِـكِ خَيْلَهُمْ
مَــا لَــمْ يَـفُـزْ «إِسْـكَـنْـدَرٌ» بِـوِصَـالِـهِ
فِـي عَـدْلِ «فَـاتِـحِهِمْ» وَ«قَانُونِيِّهِمْ»
مَـا يَـحْـتَـذِي الْـخُـلَـفَـاءُ حَـذْوَ مِثَالِهِ
أَمَّـا الْـخِـلَافَـةُ فَـهْـيَ حَـائِـطُ بَـيْتِكُمْ
حَـتَّـى يُـبِـيـنَ الْـحَـشْـرُ عَـنْ أَهْـوَالِـهِ
أُخِــذَتْ بِـحَـدِّ الْـمَـشْـرَفِـيِّ وَحَـازَهَـا
لَــكُــمُ الْــقَــنَــا بِــقِــصَـارِهِ وَطِـوَالِـهِ
لَا تَـسْـمَـعُـوا لِـلْـمُـرْجِـفِـيـنَ وَجَـهْلِهِمْ
فَــمُــصِــيــبَـةُ الْإِسْـلَامِ مِـنْ جُـهَّـالِـهِ
طَـمَـعُ الْـقَـرِيـبِ أَوِ الْـبَـعِـيـدِ بِـنَـيْـلِهَا
طَـمَـعُ الْـفَـتَـى مِـنْ دَهْـرِهِ بِـمُـحَـالِـهِ
مَـا الـذِّئْـبُ مُجْتَرِئًا عَلَى لَيْثِ الشَّرَى
فِـي الْـغَـابِ مُـعْـتَـدِيًـا عَـلَـى أَشْـبَالِهِ
بِأَضَــلَّ عَـقْـلًا وَهْـيَ فِـي أَيْـمَـانِـكُـمْ
مِــمَّــنْ يُــحَــاوِلُ أَخْـذَهَـا بِـشِـمَـالِـهِ
•••
رَضِـيَ الْـمُـهَـيْـمِـنُ وَالْـمَسِيحُ وَأَحْمَدٌ
عَـنْ جَـيْـشِـكَ الْـفَـادِي وَعَـنْ أَبْـطَالِهِ
الْــهَــازِئِــيــنَ مِـنَ الـثَّـرَى بِـسُـهُـولِـهِ
الــدَّائِــسِــيـنَ عَـلَـى رُءُوسِ جِـبَـالِـهِ
الْــقَــاتِـلِـيـنَ عَـدُوَّهُـمْ فِـي حِـصْـنِـهِ
بِــالــرَّأْيِ وَالــتَّــدْبِــيـرِ قَـبْـلَ قِـتَـالِـهِ
الْآخِــذِيــنَ الْــحِــصْـنَ عَـزَّ سَـبِـيـلُـهُ
مِـثْـلَ الـسُّـهَـا أَوْ فِـي امْـتِـنَـاعِ مَنَالِهِ
الْــمُــعْـرِضِـيـنَ وَلَـوْ بِـسَـاحَـةِ يَـلْـدِزٍ
فِـي الْـحَـرْبِ عَنْ عِرْضِ الْعَدُوِّ وَمَالِهِ
الْــقَــارِئِـيـنَ عَـلَـى «عَـلِـيٍّ» عِـلْـمَـهَـا
وَعَــلَــى الْـغُـزَاةِ الْـمُـتَّـقِـيـنَ رِجَـالِـهِ
الْـمُـلْـكُ زُلْـزِلَ فِـي «فَـرُوقٍ» سَـاعَـةً
كَـــانُـــوا لَــهُ الْأَوْتَــادَ فِــي زِلْــزَالِــهِ
لَـوْلَا انْـتِـظَـامُ قُـلُـوبِـهِـمْ كَـصُفُوفِهِمْ
لَـنَـثَـرْتُ دَمْـعِـي الْـيَـوْمَ فِـي أَطْـلَالِهِ
وَالْــمَـرْءُ لَـيْـسَ بِـصَـادِقٍ فِـي قَـوْلِـهِ
حَــتَّــى يُــؤَيِّــدَ قَــوْلَــهُ بِــفِــعَــالِــهِ
وَالــشَّـعْـبُ إِنْ رَامَ الْـحَـيَـاةَ كَـبِـيـرَةً
خَــاضَ الْــغِــمَــارَ دَمًــا إِلَــى آمَــالِـهِ
شُـكْـرُ الْـمَـمَـالِـكِ لِـلـسَّـخِـيِّ بِـرُوحِهِ
لَا لِــلــسَّــخِــيِّ بِــقِــيــلِــهِ أَوْ قَــالِــهِ
إِيـهٍ «فَـرُوقُ» الـحُـسْـنُ نَجْوَى هَائِمٍ
يَــسْــمُــو إِلَــيْــكَ بِــجَــدِّهِ وَبِـخَـالِـهِ
أَخْـرَجْـتِ لِـلْـعُـرْبِ الْـفِـصَـاحِ بَـيَـانَـهُ
قَـبَـسًـا يُـضِـيءُ الـشَّـرْقَ مِـثْلَ كَمَالِهِ
لَـمْ تُـكْـثِـرِ «الْـحَـمْـرَاءُ» مِـنْ نُـظَرَائِهِ
نَــسْــلًا وَلَا «بَــغْــدَادُ» مِــنْ أَمْـثَـالِـهِ
جَـعَـلَ الْإِلَـهُ خَـيَـالَـهُ «قَيْسَ» الْهَوَى
وَجُـعِـلْـتِ «لَـيْـلَـى» فِـتْـنَـةً لِـخَـيَـالِهِ
فِــي كُــلِّ عَــامٍ أَنْــتِ نُـزْهَـةُ رُوحِـهِ
وَنَــعِــيــمُ مُــهْــجَــتِـهِ وَرَاحَـةُ بَـالِـهِ
يَــغْـشَـاكِ قَـدْ حَـنَّـتْ إِلَـيْـكِ مَـطِـيُّـهُ
وَيَــئُــوبُ وَالْأَشْــوَاقُ مِــلْءُ رِحَـالِـهِ
أَفْـــرَاحُـــهُ لَـــمَّـــا رَآكِ طَـــلِـــيــقَــةً
أَفْـرَاحُ «يُـوسُـفَ» يَـوْمَ حَـلِّ عِـقَـالِهِ
وَسُــرُورُهُ بِــكِ مِــنْ قُــيُــودِكِ حُـرَّةً
كَـسُـرُورِ «قَـيْـسٍ» بِـانْـفِـلَاتِ غَـزَالِـهِ
الــلــهُ صَــاغَــكِ جَــنَّـتَـيْـنِ لِـخَـلْـقِـهِ
مَــحْــفُــوفَــتَــيْــنِ بِأَنْــعُـمٍ لِـعِـيَـالِـهِ
لَـــوْ أَنَّ لـــلـــهِ اتِّــخَــاذَ خَــمِــيــلَــةٍ
مَــا اخْــتَـارَ غَـيْـرَكِ رَوْضَـةً لِـجَـلَالِـهِ
فَـكَأَنَّـمَـا الـصِّـفَـتَـانِ فِـي حُـسْـنَيْهِمَا
دِيــبَــاجَــتَــا خَــدٍّ يَــتِــيــهُ بِـخَـالِـهِ
وَكَأَنَّمَا «الْبُوسْفُورُ» حَوْضُ «مُحَمَّدٍ»
وَسْــطَ الْـجِـنَـانِ وَهُـنَّ فِـي إِجْـلَالِـهِ
وَكَأَنَّ شَــاهِــقَــةَ الْــقُـصُـورِ حِـيَـالَـهُ
حُـجُـرَاتُ «طَـهَ» فِـي الْـجِـنَـانِ وَآلِهِ
وَكَأَنَّ عِــيــدَكِ عِــيـدُهَـا لَـمَّـا مَـشَـى
فِــيــهَـا الْـبَـشِـيـرُ بِـبِـشْـرِهِ وَجَـمَـالِـهِ
تِـيـهِـي بِـعِيدِكِ فِي الْمَمَالِكِ وَاسْلَمِي
فِــي الــسِّــلْــمِ لِـلْآلَافِ مِـنْ أَمْـثَـالِـهِ
وَاسْـتَـقْـبِـلِـي عَـهْـدَ الـرَّشَـادِ مُـجَمَّلًا
بِـمَـحَـاسِـنِ الـدُّسْـتُـورِ فِي اسْتِهْلَالِهِ
دَارُ الــسَّــعَــادَةِ أَنْــتِ ذَلِــكِ بَــابُــهَـا
شُـــلَّــتْ يَــدٌ مُــدَّتْ إِلَــى إِقْــفَــالِــهِ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الكامل
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

أحمد شوقي: شاعر مصري، يُعَدُّ أحد أعظم شعراء العربية في مختلِف العصور، بايعه الأدباء والشعراء في عصره على إمارة الشعر فلقب ﺑ «أمير الشعراء». كان صاحب موهبة شعرية فَذَّةٍ، وقلم سَيَّال، لا يجد عناء في نظم الشعر، فدائمًا ما كانت المعاني تتدفق عليه كالنهر الجاري؛ ولهذا كان من أخصب شعراء العربية، فبلغ نتاجه الشعري ما لم يبلغه تقريبًا أيُّ شاعر عربي قديم أو حديث، حيث وصل عدد أبيات شعره إلى ما يتجاوز ثلاثةً وعشرين ألف بيت وخمسمائة.

وُلد «أحمد شوقي علي» بحي الحنفي بالقاهرة في عام ١٨٦٨م، لأبٍ شركسي وأُمٍّ ذات أصول يونانية، لكنه نشأ وتربَّى في كنف جَدته لأمه التي كانت تعمل وصيفة في قصر الخديوي إسماعيل. أُدخل شوقي في الرابعة من عمره الكُتَّاب فحفظ فيه قدرًا من القرآن، ثم انتقل بعدها ليُتِمَّ تعليمه الابتدائي، وأظهر الصبي في صغره ولعًا بالشعر، جعله يَنْكَبُّ على دواوين فحول الشعراء فيحفظ وينهل منها قدر ما يستطيع، ولما أتمَّ الخامسة عشرة من عمره التحق بقسم الترجمة الذي أُنشِئَ حديثًا بمدرسة الحقوق، سافر بعدها إلى فرنسا ليكمل دراسته القانونية، ورغم وجوده في باريس آنذاك، إلا أنه لم يُبْدِ سوى تأثرٍ محدودٍ بالثقافة الفرنسية، فلم ينبهر بالشعراء الفرنسيين أمثال: رامبو، وبودلير، وفيرلين. وظل قلبه معلقًا بالشعراء العرب وعلى رأسهم المتنبي.

يُعَدُّ أحمد شوقي من مؤسسي مدرسة الإحياء والبعث الشعرية مع كل من: محمود سامي البارودي، وحافظ إبراهيم، وعلي الجارم، وأحمد محرم. وقد التزم شعراء هذه المدرسة بنظم الشعر العربي على نهج القدماء، خاصة الفترة الممتدة بين العصر الجاهلي والعباسي، إلا أنه التزامٌ مازَجَه استحداث للأغراض الشعرية المتناوَلَة، التي لم تكُن معروفة عند القدماء، كالقصص المسرحي، والشعر الوطني، والشعر الاجتماعي. وقد نظم شوقي الشعر بكل أغراضه: المديح، والرثاء، والغزل، والوصف، والحكمة.

بايع الأدباء والشعراء أحمد شوقي أميرًا لهم في حفلٍ أُقِيمَ بالقاهرة عام ١٩٢٧م، وظل الرجل مَحَلَّ إعجاب وتقدير ليس فقط بين الخاصة من المثقَّفين والأدباء بل من عموم الناس أيضًا، وفي عام ١٩٣٢م رحل شوقي عن عالمنا، وفاضت رُوحُهُ الكريمة إلى بارئها عن عمر يناهز أربعة وستين عامًا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤