أَغُرَّتُكَ الْغَرَّاءُ أَمْ طَلْعَةُ الْبَدْرِ

Wave Image
أَغُـــرَّتُـــكَ الْـــغَـــرَّاءُ أَمْ طَــلْــعَــةُ الْــبَــدْرِ
وَقَــامَــتُــكَ الْــهَـيْـفَـاءُ أَمْ عَـادِلُ الـسُّـمْـرِ؟
وَشَـــعْـــرُكَ أَمْ لَـــيْــلٌ تَــرَاخَــتْ سُــدُولُــهُ
وَثَـــغْـــرُكَ أَمْ عِـــقْـــدٌ تَـــنَــظَّــمَ مِــنْ دُرِّ؟
تَــبَــارَكَ مَــنْ سَـوَّاكَ فِـي الْـحُـسْـنِ كَـامِـلًا
وَعَـوَّدَ «هَـارُوتَ» الْـجُـفُـونِ عَـلَـى الـسِّحْرِ
مُـــحَـــيَّـــاكَ لَــمَّــا كَــانَ يَــا بَــدْرُ رَوْضَــةً
تَــسَــلْــسَــلَ فِــيـهِ دَمْـعُ عَـيْـنِـيَ كَـالـنَّـهْـرِ
صُــدُودُكَ أَشْــجَــانِــي وَهَــيَّــجَ لَــوْعَـتِـي
وَأَوْجَــدَ وَجْـدِي حِـيـنَ أَعْـدَمَـنِـي صَـبْـرِي
تَــتِــيــهُ وَتَــرْنُــو ثُــمَّ تَــجْــفُــو مُــنَــافِـرًا
وَإِنَّــا عَــهِــدْنَــا كُـلَّ ذَا فِـي الـظِّـبَـا الْـعُـفْـرِ
فَــطَــوِّلْ مِــنَ الْــهِــجْــرَانِ عَــلَّ وُقُـوفَـنَـا
يَـطُـولُ مَـعًا — يَا قَاتِلِي — سَاعَةَ الْحَشْرِ
فَـمَـا لِـيَ عَـنْ حُـبِّـيـكَ — وَاللهِ — شَاغِلٌ
وَإِنْ غِـبْـتَ عَـنْ عَـيْـنِي فَمَثْوَاكَ فِي فِكْرِي
وَقَـــدِّكَ إِنِّـــي لَـــسْـــتُ لِـــلْـــغِـــرِّ مَــائِــلًا
وَلَــوْ ذُبْــتُ مِـنْ فَـرْطِ الـتَّـبَـاعُـدِ وَالْـهَـجْـرِ
فَــيَــا مَــالِــكِــي، نُـعْـمَـانُ خَـدِّكَ شَـافِـعِـي
لَــدَى حَــنْــبَــلِــيِّ الْـعَـذْلِ إِذْ قَـامَ بِـالْـغَـدْرِ
أُكَــنِّــي إِذَا مَــا قِــيــلَ لِــي: مَــنْ تُـحِـبُّـهُ؟
بِــغَــيْــرِكَ صَــوْنًــا لِــلْــغَــرَامِ عَـنِ الْـجَـهْـرِ
أَيَـــا عَـــاذِلِــي عَــزَّ الــسُّــلُــوُّ فَــخَــلِّــنِــي
أُقَــلِّــبُ قَــلْـبِـي فِـي هَـوَاهُ عَـلَـى الْـجَـمْـرِ
عَـــذَابِـــي بِـــهِ عَـــذْبٌ كَـــبَـــرْدِ رُضَــابِــهِ
وَعُذْرِيَ أَضْحَى وَاضِحًا فِي الْهَوَى الْعُذْرِي
وَعَــنْ حُــبِّــهِ لَــمْ يَــثْــنِـنِـي غَـيْـرُ مِـدْحَـةٍ
لِـمَـا لِـخِـدِيـوِي الْـعَـصْـرِ فَـخْرًا مَدَى الدَّهْرِ
عَـــزِيـــزٌ لَـــهُ بَـــيْـــنَ الْأَنَـــامِ سِـــيَــاسَــةٌ
بِــهَــا رُفِــعَــتْ فِــي مِـصْـرِهِ رَايَـةُ الـنَّـصْـرِ
حَــمِـيـدُ مَـسَـاعٍ لَـيْـسَ يَـحْـصُـرُ بَـعْـضَـهَـا
لَـبِـيـبٌ مُـجِـيـدُ الْـقَـوْلِ فِـي الـنَّظْمِ وَالنَّثْرِ
سَــرِيٌّ سَــمَــا فَــوْقَ الــسِّــمَــاكِ مَــقَــامُـهُ
وَفَــاقَ عَـلَـى الـشَّـمْـسِ الْـمُـنِـيـرَةِ وَالْـبَـدْرِ
بِــهِ تَــالِــدُ الْــمَــجْــدِ اكْـتَـسَـى بِـطَـرِيـفِـهِ
فَــدَامَ أَثِــيــلَ الْــمَــجْــدِ مُــرْتَــفِـعَ الْـقَـدْرِ
وَمَـــا الْـــغَـــيْــثُ إِلَّا مِــنْ بِــحَــارِ نَــوَالِــهِ
أَلَـــمْ تَـــرَهَـــا تُــرْوِي الْــوُفُــودَ بِــلَا نَــهْــرِ
أَلَــمْ تَــرَ كَـيْـفَ الْـغَـيْـثُ يَـبْـكِـي إِذَا هَـمَـى
وَهَــذَا الَّــذِي يُــولِـي وَيَـضْـحَـكُ بِـالْـبِـشْـرِ
فَــقُــلْ لِــلَّــذِي قَــدْ رَامَ حَــصْــرَ صِـفَـاتِـهِ:
رُوَيْــدَكَ يَــا هَــذَا أَلِــلْــقَــطْـرِ مِـنْ حَـصْـرِ؟
مَآثِـــرُ عَـــلْـــيَـــاهُ الَّــتِــي شَــاعَ ذِكْــرُهَــا
تَـحَـلَّـتْ بِـهَـا مِـصْـرٌ وَمَـنْ حَـلَّ فِـي مِـصْـرِ
أَيَـــا مَـــنْ حَـــبَــا مِــصْــرًا أَيَــادِيَ جَــمَّــةً
وَأَضْــحَــتْ بِــلَا نُــكْــرٍ تُــقَـابَـلُ بِـالـشُّـكْـرِ
وَيَــا زِيــنَــةَ الــدُّنْــيَــا وَإِنْــسَــانَ عَـيْـنِـهَـا
تَــهَــنَّأْ بِــمَــا تَــهْــوَاهُ يَــا مُــفْــرَدَ الْـعَـصْـرِ
وَعِــشْ رَافِــلًا فِــي حُـلَّـةِ الْـفَـخْـرِ وَالْـعُـلَا
وَفُــزْتَ بِــمَــا تَــرْضَــى لِأَنْــجَــالِــكَ الْـغُـرِّ
وَلَا زِلْــتَ تَــحْــظَــى كُــلَّ وَقْــتٍ بِـسَـعْـدِهِ
وَتَــبْــقَــى مَــدَى الْأَيَّـامِ مُـنْـشَـرِحَ الـصَّـدْرِ
وَلَا زِلْـــتَ فِـــي كُـــلِّ الْأُمُـــورِ مُـــوَفَّـــقًــا
إِلَــى الْــخَــيْــرِ وَالْأَعْــوَامُ بَـاسِـمَـةُ الـثَّـغْـرِ
وَلَا زَالَ بِـ «الــتَّــوْفِــيــقِ» بَــدْرُكَ زَاهِــيًــا
كَــمَــا يَـزْدَهِـي دُرُّ الْـبُـحُـورِ عَـلَـى الـنَّـحْـرِ

عن القصيدة

  • غرض القصيدة: المدح
  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الطويل
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

إسماعيل صبري باشا: ولد في مصر بمدينة القاهرة عام ١٨٥٤م، وتلقى الدروس الثانوية في المدارس المصرية، ونال شهادة الليسانس في الحقوق من كلية مدينة إكس في فرنسا سنة ١٨٧٨م، حيث وصلها مع إحدى البعثات الفرنسية، ولما عاد إلى مصر تنقل في مناصب القضاء والإدارة حيث شغل وظائف القضائيين، كما عُين رئيسًا لمحكمة الإسكندرية الأهلية، ثم محافظًا للإسكندرية، فوكيلًا لوزارة العدلية «الحقانية»، ولما بلغ الستين أحيل للتقاعد ففتح داره التي صارت منتدى الشعراء والأدباء.

يعد إسماعيل صبري من شعراء الطبقة الأولى في العصر الحديث، كان يكتب شعره على هوامش الكتب والمجلات، وينشره أصدقاؤه خلسة، حيث كان كثيرًا ما يمزق قصائده صائحًا: «إن أحسن ما عندي ما زال في صدري!» وقد امتاز شعره بقوة الخيال ورقة وعذوبة المعنى، وحب الفن والجمال، وخفة الروح، كان يكتب أحيانًا مقطوعات قصيرة، وأحيانًا أخرى قصائد طويلة، ولشعر صبري مسحة من الترف الحضري واللين والجلاء، وعلى الرغم من سهولة ألفاظه إلا أنه كان شعرًا محملًا بالمعاني الجليلة. كما كان نثره أشد تأثيرًا في النفس وأثبت أثرًا.

وقد نظم صبري الكثير من الشعر الغنائي والأدوار والمواويل، وقال في المديح والتهاني والتقاريض والهجاء، كما قال في الوصف والاجتماعات والسياسات والإلهيات والمراثي والأناشيد. كان شاعرنا وطنيًّا ومثاليًّا، فمثلًا لم يزر أي إنجليزي قط، وكانت له في السياسة مواقف مشرفة مثل وقعة حادثة دنشواي المؤلمة التي نظم فيها قصيدة معبرة، وقيل إن كرومر كان يريد التمهيد لجعله رئيسًا للوزارة؛ فرد عليه بالقول: «لن أكون رئيسًا للوزارة وأخسر ضميري!»

توفي عام ١٩٢٣م، ودفن في مقبرة الإمام الشافعي في القاهرة، وأقيم له حفل تأبين كبير تبارى فيه الشعراء والخطباء لمواقفه النزيهة.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤