مَكَانَةُ الْمَرْأَةِ فِي الْأُمَّةِ

Wave Image
يَـا مِـصْـرُ إِنْ جَـارَ هَـذَا الـدَّهْرُ أَوْ ظَلَمَا
فَـأَنْـتِ أَنْـتِ الَّـتِـي مَـا نَـكَّـثَـتْ عَـلَـمَـا
وَمَـجْـدُ فِـرْعَـوْنَ لَا تُـنْـسَـى مَـفَـاخِـرُهُ
وَكَـيْـفَ يُـنْـسَـى الَّـذِي قَدْ شَيَّدَ الْهَرَمَا
لَا تَــيْــئَــسِــي إِنَّ عَـيْـنَ اللـهِ سَـاهِـرَةٌ
وَحُـكْـمَـهُ نَـافِـذٌ فَـاسْـتَـنْـهِـضِي الْهِمَمَا
إِنَّ الَّــذِي خَــلَــقَ الْأَنْــعَــامَ سَــائِــمَــةً
لَـسَـوْفَ يُـعْـطِـيـكِ مَـا تَـبْـغِـيـنَـهُ كَرَمَا
أَبْــنَــاؤُكِ الْــغُــرُّ لَا يَــأْلُــونَ جُـهْـدَهُـمُ
فِـيـمَـا تَـرُومِـيـنَ جَـادَ الـدَّهْرُ أَوْ حَرَمَا
قَدْ شَاقَهُمْ حُسْنُ وَادِي النِّيلِ فَانْبَعَثُوا
يَــسْــتَـعْـذِبُـونَ لِـمَـا يَـرْجُـونَـهُ الْأَلَـمَـا
وَقَـلْـبُـنَـا الـصَّـلْـدُ لَـمْ يَـحْـفِـلْ بَعَاطِفَةٍ
غَـدَا لِـحُـبِّـكِ يَـشْـكُـو الـسُّـهْدَ وَالسَّقَمَا
لَـوْلَاكِ مَـا انْـبَـعَـثَـتْ فِـيـنَـا الْحَيَاةُ وَلَا
رَفَـعَـتْ أَنَـامِـلُـنَـا فِـي مَـبْـحَـثٍ قَـلَـمَـا
يَــا قَــوْمُ إِنَّ بِــلَادَ الــنِّــيــلِ يُـعْـوِزُهَـا
عِــلْـمٌ يُـجَـدِّدُ مَـجْـدًا بَـاتَ مُـنْـصَـرِمَـا
وَالْـبِـنْـتُ أَصْلُ رُقِيِّ الشَّعْبِ إِنْ جَهِلَتْ
مَـالَ الْـبِـنَـاءُ الَّـذِي نَـرْجُـوهُ وَانْـهَـدَمَـا
فَـعَـلِّـمُـوهَـا تَـسُـدْ مِـصْـرٌ بِـهَـا وَكَـفَـى
أَنْ تَـغْـرِسَ الْـمَجْدَ فِي الْأَبْنَاءِ وَالشِّيَمَا
تَـأْثِـيـرُهَـا فِـي نُـفُـوسِ الْـقَـوْمِ يُـنْكِرُهُ
مَـنْ أَنْـكَـرَ الـشَّمْسَ فِي الْأَفْلَاكِ وَاتَّهَمَا
لَــوْلَا الْــفَــتَــاةُ لَــمَـا قَـالَـتْ أَوَائِـلُـكُـمْ
شِـعْرًا وَلَا اقْتَحَمُوا جَيْشًا قَدِ اضْطَرَمَا
لَا تَـحْـسَـبُـوا الْـبَـأْسَ تَـحْمِيكُمْ بَوَادِرُهُ
مِـنَ الْـخُـضُـوعِ لِـمَـا تَـهْوَى وَإِنْ عَظُمَا
لَـهَـا الْـجَـنَـانُ الَّـذِي لَـمْ يَـنْـبُ صَـارِمُهُ
عَــمَّــا أَرَادَ مِــنَ الــدُّنْــيَــا وَمَـا عَـزَمَـا
يُـطِـيـعُـهَـا الْـبَـطَـلُ الصِّنْدِيدُ مَا أَمَرَتْ
فَـكَـمْ أَسَـاءَتْ وَكَـمْ قَـدْ قَـدَّمَـتْ أُمَمَا!
جَــهَــنَّــمُ الْـكَـوْنِ إِنْ سَـاءَتْ وَجَـنَّـتُـهُ
إِنْ مَــالَ رَائِــدُهَــا لِلْـخَـيْـرِ وَانْـتَـظَـمَـا
فَـكَـيْـفَ نَـرْضَـى بِـأَنْ نُـلْـقِـي بِـهَا عَبَثًا
إِلَــى مَــعَـاهِـدَ لَا تَـرْعَـى لَـنَـا الـذِّمَـمَـا
تَـبُـثُّ فِـي نَـفْـسِـهَـا مَـا شَـاءَ مُـنْـشِـئُهَا
مِـنَ الْـغُـرُورِ فَـتَـنْـسَى الْمَجْدَ وَالشَّمَمَا
فَـعَـلِّـمُـوا بِـنْـتَ وَادِي الـنِّـيـلِ رِفْـعَـتَـهُ
حَــتَّـى تُـحَـرِّكَ فِـي حُـبِّ الْـبَـلَادِ فَـمَـا
لَــوْ أَنَّــهَــا عَــرَفَــتْ مِــقْـدَارَهُ عِـظَـمًـا
بَــاعَــتْ لِـتَـفْـدِيـهِ نَـفْـسًـا حُـرَّةً وَدَمَـا
قَـدْ أَهْـمَـلَ الـشَّـرْقُ إِعْلَاءَ النِّسَاءِ وَفِي
رُقِــيِّــهِــنَّ فَــخَــارُ الـشَّـرْقِ لَـوْ عَـلِـمَـا
وَغَــرَّ أَبْــنَــاءَ مِـصْـرٍ مَـيْـنُ غَـاصِـبِـهِـمْ
فَـخَـلَّـفُـوا الْـعَـمَـلَ الْـمَـبْـرُورَ مُـنْـعَـدِمَا
يَــسُــرُّنَــا حُــسْــنُ أَلْــقَــابٍ وَمَــرْتَـبَـةٌ
فَــلَا نُــحَــرِّكُ فِــي نَـيْـلِ الْـعُـلَا قَـدَمَـا
لَا تَـتْـبَـعُـوا الْجُبْنَ وَاسْعَوْا فِي مَنَاكِبِهَا
فَــقَــدْ يُـصَـادِفُ رَبُّ الْـجُـرْأَةِ الـنِّـعَـمَـا
نَــالُـوا بِـأَفْـرَادِهِـمْ مَـا شَـاءَ مَـجْـدُهُـمُ
وَخَـلَّـفَ الـضَّـعْـفُ فِـي أَفْـرَادِنَـا النَّدَمَا
إِنْ سَـارَ فِـيـهِـمْ إِلَـى نَـيْـلِ الْـعُـلَا أَحَـدٌ
أَعَـانَـهُ الـشَّـعْـبُ فِـيـمَـا يَـبْـتَغِي فَسَمَا
وَنَــحْــنُ إِنْ سَــارَ فِــيـنَـا لِلْـعُـلَا رَجُـلٌ
مِـلْـنَـا عَـلَـيْـهِ بِـسَـيْـفِ اللَّـوْمِ فَـانْـهَزَمَا
ثِـقُـوا بِـمَـقْـدِرَةِ الْـمِـصْـرِيِّ وَاعْـتَصِمُوا
فَـلَـيْـسَ يَـفْـشَـلُ شَـعْـبٌ بَاتَ مُعْتَصِمَا
وَشَـجِّـعُـوهُ عَـلَـى الْأَعْـمَـالِ يَـطْـلُـبُـهَـا
يَـرْمِـي بِـسَـهْمَيْهِ إِنْ ذَاكَ الْغَرِيبُ رَمَى
فَـإِنَّـمَـا الـشَّـعْـبُ بِـالْأَفْـرَادِ إِنْ غَـنِـمُـوا
فِـي سَـاحَـةِ الْـعَـمَـلِ الرَّاقِي فَقَدْ غَنِمَا

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: البسيط
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

نبوية موسى: رائدةٌ مِصريةٌ بارزةٌ في مجالاتِ التَّعليمِ وحقوقِ المرأة.

وُلِدَتْ «نبوية موسى» في عامِ ١٨٨٦م بقريةِ «مجول» بمحافظةِ «القليوبية»، لأبٍ كانَ يعملُ ضابطًا بالجيشِ المصريِّ أُوفِدَ إلى السودانِ قبلَ ميلادِها بشهرَين، وتُوفِّيَ هناكَ فلمْ تَرَهُ ونشأَتْ يتيمةَ الأب.

شُغِفتْ منذُ صِغرِها بالتعليم، ولكنْ بسببِ التقاليدِ الاجتماعيةِ الصارمةِ السائدةِ آنَذاكَ لمْ يكُنْ يُسمَحُ للفَتياتِ أن يَلْتحقْنَ بالمدارسِ بسُهولة؛ لذلكَ تعلَّمتِ القراءةَ والكتابةَ في البيتِ بمُساعدةِ شقيقِها الأكبر، الذي كانَ كثيرًا ما يَقرأُ عليها دروسَه فتَحْفظُها مِنَ المرَّةِ الأُولى.

عندما بلغَتْ الثالثةَ عشرةَ مِن عمرِها أرادَت أن تَلتحِقَ بالمدرسة، إلا أنَّ أُسرتَها رفَضت بشدة، ولكنها احتالتْ بشتَّى السُّبُلِ لتضمَنَ لنفسِها مَقْعدًا دراسيًّا؛ فاضْطُرَّتْ إلى أن تسرقَ خاتمَ والدتِها لتُزوِّرَ موافقَتَها على الالتِحاق، وبالفعلِ بدأتْ في تَلقِّي الدروسِ ﺑ «المدرسةِ السنيةِ للبنات» لتنالَ شهادةَ التعليمِ الابتدائيِّ بتفوُّقٍ عامَ ١٩٠٣م.

بعدَ أن أتمَّتْ دراستَها بقسمِ المُعلِّماتِ عامَ ١٩٠٦م عُيِّنتْ مُعلِّمةً بمَدْرسة «عباس الابْتدائيَّة للبِنات» بالقاهِرة، ولكنَّها صُدِمَتْ عندما وجدَتْ أنَّ راتبَها نصفُ راتبِ زملائِها خرِّيجِي «مدرسةِ المُعلِّمين العُلْيا»، فتقدَّمتْ بشَكوى لوزارةِ المَعارف، التي رَدَّتْ بدَوْرِها بأنَّ سببَ ذلكَ هو حصولُ زملائِها الرجالِ على درجةِ «البكالوريا»، فقرَّرتْ أن تَدْرسَ لِنَيلِها بنفسِها؛ حيثُ لم يكُنْ هناكَ وقتَها مدارسُ فَتياتٍ للبكالوريا، فكانتْ هيَ أولَ فتاةٍ مِصريةٍ تَحصُلُ على هذهِ الشهادةِ عامَ ١٩٠٧م.

كانت قد بدأتْ في ذلكَ الوقتِ في كتابةِ مَقالاتٍ صحفيةٍ تتناولُ موضوعاتٍ تعليميةً واجتماعيةً وأدبية، وركَّزتِ اهتمامَها على قَضايا التعليمِ وتربيةِ الفتاةِ وتَثْقيفِها، كما ألَّفتْ بعضَ الكتبِ التي ضمَّتْ آراءَها وأفكارَها.

كانتْ «نبوية موسى» أوَّلَ ناظرةٍ مِصريةٍ لمَدْرسةٍ ابتدائية؛ مَدْرسةِ «المحمَّدية للبنات» بالفيوم، وقد بذلَتْ فيها مَجْهودًا كبيرًا لنَشرِ تعليمِ الفَتيات، وطبَّقتْ أسلوبًا أخلاقيًّا صارمًا ومُنضبطًا لتربيةِ الطالبات؛ لكَي تُشجِّعَ الأُسَرَ على إرسالِ بناتِهم للتعلُّمِ دونَ خوْفٍ عليهِن.

أنشأتْ «نبوية موسى» مطبعةً ومجلةً أُسبوعيةً نسائيةً باسمِ «الفتاة»، كما شارَكَتْ في العديدِ مِنَ المؤتَمراتِ التربويةِ والنِّسائية، وتُوفِّيتْ عامَ ١٩٥١م بعدَ حياةٍ حافِلةٍ بالعَطاء.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤