ذِكْرَى الصِّبَا

Wave Image
نَــقَــلَــتْ عَــنْ جَـمَـالِـهَـا الْأَخْـبَـارُ
فَــرَوَتْ عَــنْ مَـدَامِـعِـي الْأَمْـطَـارُ
رُبَّــمَــا هَـاجَـتِ الْـمَـسَـامِـعُ لِـلْـقَـلْـ
ـبِ أَسًــى لَا تَــهِــيــجُـهُ الْأَبْـصَـارُ
رُحْـنَ عَـنْـهَـا كَـرَاهِـبَـاتِ الـنَّصَارَى
خَـــاشِــعَــاتٍ دُمُــوعُــهُــنَّ غِــزَارُ
يَــتَــسَـاءَلْـنَ أَيُّ شَـمْـسٍ تَـخَـفَّـتْ
فِـــي مَــغِــيــبَــيْــنِ بُــرْقُــعٌ وَإِزَارُ
قُــلْـنَ وَجْـهُ الـنَّـبِـيِّ يُـوسُـفَ لَـوْلَا
أَنَّــهُ مَــا بِــعَــارِضَــيْــهَــا الْــعِـذَارُ
قُـلْـنَ فِـي وَجْـهِهَا مِنَ الْحُسْنِ نُورٌ
قُـلْـتُ فِـي أَضْـلُعِي مِنَ الْعِشْقِ نَارُ
•••
قَـدْ تَـعَـامَـى هَادِي الدُّجَى وَأَرَانِي
كُــلَّــمَــا حَــارَتِ الــنُّــجُــومُ أَحَـارُ
يَــا سَــمِــيــرَيَّ مِـنْ غَـرَامٍ وَشِـعْـرٍ
لَا تَـــنَـــامَـــا إِنْ هَــوَّمَ الــسُّــمَّــارُ
قَــدْ أَقَـامَـتْ أَفْـرَاحَـهَـا الْأَسْـحَـارُ
وَأَدَارَتْ أَوْتَــــارَهَــــا الْأَطْــــيَــــارُ
وَبَــكَـتْ قَـيْـنَـةُ الْـحَـمَـامِ وَغَـنَّـتْ
وَتَـثَـنَّـتْ فِـي الـسُّـنْـدُسِ الْأَشْجَارُ
وَالـظَّـلَامُ الـدِّنَـانُ وَالْأَنْـجُـمُ الـزُّهْـ
ـرُ الـزُّجَـاجَـاتُ وَالـنَّـسِـيـمُ الْـعُقَارُ
أَيُّـهَـا الْـمُـولَـعُـونَ بِـالـشِّـعْـرِ هُـبُّوا
إِنَّ نَـــوْمَ الْـــمُـــفَـــكِّــرِيــنَ غِــرَارُ
أَيُّـهَـا الْـمُـدَّعُـونَ عِـشْـقًـا أَفِـيـقُـوا
إِنَّــمَــا لَــيْــلَــةُ الْــمُــحِــبِّ نَــهَــارُ
هَـــذِهِ لَــيْــلَــةٌ تَــغَــيَّــبَ عَــنْــهَــا
بَــدْرُهَــا وَاخْـتَـفَـتْ بِـهَـا الْأَسْـرَارُ
أَذْكَــرَتْــنِـي لَـيَـالِـيًـا قَـدْ تَـقَـضَّـتْ
مَــا تَـقَـضَّـتْ مِـنْ بَـعْـدِهَـا أَوْطَـارُ
حَيْثُ كَانَ الصِّبَا شَفِيعِي إِلَى اللَّهْـ
ـوِ وَكَــانَــتْ مَــعَـاهِـدَ الْـعِـلْـمِ دَارُ
يَـتَـرَامَـى عَـلَـيَّ إِنْ رُحْـتُ خَـمْسٌ
نَـــاعِـــمَـــاتٌ كَـــوَاعِـــبٌ أَبْــكَــارُ
أَيْـقَـظَـتْـنِـي لَـيْـلًا وَقَـالَـتْ تَـعَـلَّـمْ
أَنَّ نَــوْمَ الْــمُــحِــبِّ لَا نِـمْـتَ عَـارُ
قُــلْــتُ إِنَّ الْــمُـعَـلِّـمِـيـنَ نَـهَـوْنِـي
عَـنْ سُـهَـادِي لَـمَّـا بَـدَا بِي اصْفِرَارُ
قَــالَـتِ اعْـصِ الْـمُـعَـلِّـمِـيـنَ فَإِنِّـي
لَـسْـتُ أَرْضَـى بِـمَـا عَـلَيْكَ أَشَارُوا
أَنْـتَ عَـبْـدِي فَـلَا تُـخَـالِـفْ فَـتَنْدَمْ
لِــيَ وَحْـدِي بِـنَـفْـسِـكَ الْإِخْـتِـيَـارُ
قُـلْـتُ عَـبْـدٌ نَـعَـمْ كَـمَـا شَـاءَ حُبِّي
لَــيْــسَ فِــي دَوْلَـةِ الْـهَـوَى أَحْـرَارُ
هَــكَــذَا كَــانَــتِ الْأَوَانِــسُ دَهْــرًا
فَــتَـخَـلَّـتْ مِـنِّـي وَمِـنْـهَـا الـدِّيَـارُ
وَاسْـتَـجَـدَّتْ مِـنْ بَـعْـدِهِـنَّ لَـيَـالٍ
جَـدَّ مِـنْـهَـا فِـي عَـارِضَيَّ اخْضِرَارُ
وَإِذَا الْــخَــيْـلُ بِـالْـفَـوَارِسِ تَـعْـدُو
وَرَحَـى الْـحَـرْبِ فِي الْحُدُودِ تُدَارُ
فَــتَــقَــدَّمْـتُ لِـلْـحُـرُوبِ لِـعِـلْـمِـي
أَنَّ فِــيــهَــا لِـلْـبَـاسِـلِـيـنَ الْـفَـخَـارُ
فَإِذَا الْـــجَــدُّ قَــدْ تَأَخَّــرَ وَالْــحَــرْ
بُ تَـوَلَّـتْ وَانْـجَـابَ عَـنْـهَـا الْـغُبَارُ
وَغَـدَتْ حَـسْـرَتِـي ضَـنًـى فَـتَأخَّـرْ
تُ وَجَــدَّ الــرِّفَـاقُ عَـنِّـي وَسَـارُوا
إِنْ تَأَخَّـــرْتُ فَــالْــجَــوَادُ كَــرِيــمٌ
إِنَّــمَــا مَــسْــلَــكُ الْــجَــوَادِ عِـثَـارُ
لَـوْ بَـلَـوْنِـي وَمَـنْ تَـقَـدَّمَ فِـي الرَّوْ
عِ لَأَرْبَــتْ عَـلَـى الْـعِـتَـاقِ الْـمِـهَـارُ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الخفيف
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

محمد توفيق علي: شاعِرٌ مِصريٌّ يَنْتَمِي إِلى مَدْرَسةِ الإحْياءِ والبَعْثِ فِي الشِّعرِ العَرَبِي؛ تلكَ المَدْرَسةِ التِي وُصِفتْ بأنَّها أَحْيَتِ الشِّعرَ مِن مَرْقَدِه؛ حيثُ أعادَتْ بِناءَ القَصِيدةِ الشِّعريةِ بِناءً يُجدِّدُ فِي أَغْراضِها الشِّعريةِ ولا يَتَصرَّفُ فِي صُورتِها التَّقلِيديةِ المُتمثِّلةِ فِي وَحْدةِ الوَزنِ والقَافِية.

وُلِدَ محمد توفيق فِي قَرْيةِ «زاوية المصلوب» بمُحافَظةِ بني سويف عامَ ١٨٨١م أثناءَ الثَّوْرةِ العُرَابِية، وكانَ والِدُهُ مِن أَثْرياءِ الفَلَّاحِين، فأَلْحَقَه بِكُتَّابِ القَرْيةِ بِوَصْفِهِ أَوَّلَ بابٍ يُفْضِي إِلى مَدِينةِ العِلْمِ والدِّينِ فِي هَذا الزَّمَان، ثُم أَوفَدَهُ إلَى القاهِرة؛ فانْتَظَمَ بِمَدْرَسةِ «القِرَبِيَّة» حتَّى نالَ الشَّهادةَ الِابتِدَائِية، والْتَحقَ بَعدَها بِمَدرَسةِ الفُنُونِ والصَّنائِعِ فِي بولاق، ودَرَسَ بِها فُنونًا مِنَ الأَدَبِ العَرَبِي.

وكانَ القَدَرُ يَدَّخِرُ مُنْعطفًا آخَرَ فِي حَياةِ الشاعِر؛ إذِ اغْتنَمَ فُرصَةَ الإعْلانِ عَنِ الحَاجَةِ إِلى ضُبَّاطٍ بالمَدرَسةِ الحَرْبِية، فالْتَحَقَ بِها وتَخَرَّجَ ضَابِطًا عامَ ١٨٩٨م، ثُمَّ الْتَحَقَ بالجَيشِ المِصرِيِّ فِي السُّودان، وهُناكَ الْتَقَى بِشاعِرِ النِّيلِ حافظ إبراهيم ونَهَلَ مِن فَيْضِ شِعرِهِ الزَّاخِر، وبَعْدَ انْقِضاءِ مَهَمَّتِهِ فِي السُّودان عادَ إِلى مِصرَ وقرَّرَ أنْ يَهَبَ مَا بَقِيَ مِن عُمُرِهِ لِنَظْمِ الشِّعْر.

وعَلَى الرَّغْمِ ممَّا مُنِيَ بِه شاعِرُنا مِن ضائِقةٍ مالِيةٍ عصَفَتْ بثَرْوةِ أبيهِ وأَحالَتْهُ إِلى الفَقرِ والشَّقاءِ بَعدَ رَغَدٍ مِنَ النَّعِيمِ والثَّرَاء؛ فإنَّ ذلِكَ لَمْ يَمنَعْهُ مِن أنْ يُثرِيَ السَّاحةَ الأَدَبيةَ بالعَدِيدِ مِنَ الذَّخائِرِ الشِّعْرية؛ مِنْها دِيوانُهُ الكَبيرُ الذِي أَخرَجَهُ فِي خمسةِ أَجْزاء؛ هي: «قِفَا نَبْكِ»، و«السَّكَن»، و«الرَّوْضَة الفَيْحَاء»، و«تَسْبِيح الأَطْيَار»، و«تَرْنِيم الأَوْتَار».

وقَدْ وافَتْهُ المَنِيَّةُ عامَ ١٩٣٧م عَن عُمُرٍ ناهَزَ ٥٥ عامًا، ودُفِنَ فِي مَقْبرةِ أُسرَتِهِ الواقِعةِ عَلى مَشارِفِ الصَّحْراءِ شَرْقِيَّ النِّيل.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤