هَمْسُ السَّاعَةِ

Wave Image
تَــعُــدُّ الــثَّــوَانِــيَ هَــمْــسًـا وَنَـفْـضَـا
وَتَــزْحَــفُ زَحْــفًــا وَتَــنْـبِـضُ نَـبْـضَـا
وَتُـدْنِـي الْـبَـعِـيـدَ وَتُـقْـصِـي الْـقَـرِيبَ
وَتَــجْــمَــعُ شَــمْــلًا وَتُــبْــعِــدُ أَرْضَــا
تَــوَارَثَــهَــا الــنَّــاسُ جِــيـلًا فَـجِـيـلًا
وَشَـــكَّـــلَــهَــا مَــنْ تَــوَالَــى وَقَــضَّــا
تَــصَــوَّرَهَــا الْـبَـعْـضُ فِـي عَـيْـنِ هِـرٍّ
إِذَا الْـــهِــرُّ ثَــبَّــتَ جَــفْــنًــا وَغَــضَّــا
وَلَـــوْلَا الْأَهِـــلَّــةُ لَــمْ تَــعْــدُ عَــنْــهَــا
مَـوَاقِـيـتُ لِـلـنَّـاسِ وَالْـحَـجِّ تُـقْـضَـى
إِذَا الـشَّـمْـسُ خَـلْـفَ الْـغُـيُـومِ تَوَارَتْ
هَـــدَاكَ سَـــنَــاهَــا وَلَــمْ تَأْلُ حَــضَّــا
تُــوَحِّــدُ بَــيْــنَ الــلُّــغَــاتِ وَتُـفْـضِـي
إِلَـــى أَهْــلِــهِــنَّ بِــمَــا هُــوَ أَفْــضَــى
تُــبَــشِّــرُ صَــبًّــا بِــوَصْــلِ الْـحَـبِـيـبِ
فَـتُـحْـيِـي الـشَّـبَـابَ الَّـذِي كَـانَ غَضَّا
وَمِــنْ عَــجَــبٍ أَنْ يُــبِــيــنَ الْـجَـمَـادُ
وَيَــنْــطِــقُ جَــهْـرًا وَيُـمْـعِـنُ خَـفْـضَـا
تُــبِــيــنُ وَتُــفْــصِــحُ فِــي صَــمْـتِـهَـا
فَــتُــوجِـبُ فَـرْضًـا وَتُـسْـقِـطُ فَـرْضَـا
وَتَـــهْـــمِـــسُ: مَـــا فَـــاتَ وَدَّعْـــتَــهُ
فَــشَـيَّـعْـتَ حِـيـنًـا وَفَـارَقْـتَ بَـعْـضَـا
وَهَــيْــهَــاتَ يَــرْجِــعُ مَــا قَـدْ مَـضَـى
وَهَــيْــهَــاتَ يَـقْـبَـلُ حُـكْـمِـيَ نَـقْـضَـا
أَتُــعْــرِضُ عَــنِّــي لِــتَــسْــمَــعَ لَــغْـوًا
وَتَـلْـقَـى مِـنَ الـنَّاسِ نَوْكَى وَمَرْضَى؟
وَمُــعْــظَــمُــهُــمْ لَــوْ عَــلِــمْـتَ دَعِـيٌّ
يُــرِيــكَ الْــوِدَادَ وَيُــضْــمِــرُ بُــغْــضَـا
سِـــوَايَ يُـــرَائِــيــكَ فِــي مَــحْــضَــرٍ
وَيَفْرِيكَ — إِنْ غِبْتَ — غَمْزًا وَعَضَّا
وَغَــيْــرِي يَــبُــثُّــكَ مَــا تَــشْــتَــهِــي
وَيَـــهْـــزَأُ مِـــنْـــكَ إِذَا هُــوَ أَغْــضَــى
أَنَــا الْــوَقْــتُ أُمْــلِــي عَــلَـى عَـادَتِـي
وَفَـتْـكِـيَ مِـنْ فَـتْـكَـةِ الـسَّيْفِ أَمْضَى
فَإِنْ شِــــئْـــتَ بَـــادِرْ إِلَـــى عَـــزْمَـــةٍ
فَــعَــزْمِــي يَــكَــادُ يُــسَـلُّ وَيُـنْـضَـى
وَخَــلِّ الْــمَــقَــادِيــرَ تَــجْـرِي الْـمَـدَى
وَدَعْ مَــا يَــرِيــبُــكَ مَــا دَامَ غَــمْـضَـا
تَـــنَـــبَّـــهْ تَـــنَـــبَّـــهْ وَلَا تُـــرْجِـــئَـــنَّ
إِلَــى الْــغَــدِ وَانْــهَـضْ لِأَمْـرِكَ نَـهْـضَـا
غَـــدٌ مَــوْعِــدُ الْــعَــاجِــزِيــنَ وَوَهْــمٌ
تَــمَــنِّــيــكَ إِنْ رُمْـتَ لِـلـرِّيـحِ قَـبْـضَـا
غَـدٌ — لَـوْ عَـلِـمْتَ — غُيُوبٌ فَعَجِّلْ
وَبَــادِرْ لَــعَــلَّــكَ فِــي الْــغَـدِ تَـرْضَـى
سَــــتَـــنْـــدَمُ بَـــعْـــدَ فَـــوَاتِ الْأَوَانِ
وَتَــجْــنِــي الْأَمَــانِــيَ صَـابًـا وَغَـضَّـا
حَــــذَارِ حَــــذَارِ وَلَا تَــــلْــــحَــــنِـــي
فَـكَـمْ قَـدْ بَـذَلْـتُ لَـكَ الـنُّـصْحَ مَحْضَا
وَأَنْــذَرْتُ حَــتَّــى مَــلِــلْــتَ الــنَّـذِيـرَ
وَلَـــوْلَا مَـــلَالُـــكَ مَـــا عَـــادَ مَـــضَّــا
وَلَـوْ قَـدْ أَصَـخْـتَ لَـقِـيـتَ الْـحُـتُـوفَ
بِـــدِرْعٍ يَـــصُـــدُّ فَـــيَـــزْدَادُ وَمْــضَــا
تَــضِــنُّ بِـفَـلْـسٍ ضَـنِـيـنَ الـشَّـحِـيـحِ
وَتُـسْـرِفُ فِـي الْـعُـمْـرِ جَهْلًا وَفَوْضَى
فَـــيَـــا لَـــلـــضَّـــلَالِ تَــضِــنُّ بِــدُونٍ
وَتُــرْخِــصُ كَــنْــزًا وَجَـاهًـا وَعِـرْضَـا!

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: المتقارب
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

عزيز فهمي: شاعر مصري امتازَ بإنتاجٍ شِعريٍّ وفير، حازَ على إعجابِ مُعاصِريه في النصف الأول من القرن العشرين؛ لا سيما عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين.

وُلِد «عزيز عبد السلام فهمي محمد جمعة» في طنطا عامَ ١٩٠٩م، وكان والده أحدَ قِياديِّي حزب الوفد. تلقَّى «عزيز» تعليمَه الأساسي في مَسقط رأسه، ثم انتقَلَ إلى القاهرة فأكمَلَ دراستَه بمدرسة الجيزة الثانوية، والْتَحقَ بعدَها بكلية الحقوق بجامعة القاهرة، وفي الوقت نفسه انتسب إلى كلية الآداب، فدرَسَ فيهما معًا، وبعدما حصل على ليسانس الحقوق سافرَ إلى فرنسا لدراسة القانون، وهناك حصل على الدكتوراه في القانون من جامعة السوربون عامَ ١٩٣٨م.

بعد عودته من فرنسا عمل بالنيابة، غيرَ أنه فُصِل من عمله بعدَ إقالة الحكومة الوفدية عامَ ١٩٤٤م، فاشتغل بالمحاماة، وانتُخِب لعضوية البرلمان المصري عن حزب الوفد عامَ ١٩٥٠م، وكانت له فيه صَولاتٌ وجَولاتٌ أشهَرُها دِفاعُه عن حُرية الصحافة؛ ما أوغَرَ صدْرَ المَلِك عليه، فاعتُقِل بتهمة العيب في الذات المَلكية إبَّانَ الحربِ العالَمية الثانية. وشارَكَ «عزيز» في تحرير الصُّحف والمَجَلات التي كان يُصدِرها حزبُ الوفد، وكان عضوًا في كتائب الفدائيِّين، واشترَكَ في عملياتٍ فِدائيةٍ استهدفَتْ معسكراتِ قواتِ الاحتلالِ الإنجليزي.

أمَّا شِعْره فيتنوَّع بينَ قصائدَ طويلةٍ ومتوسطةِ الطول، ويتَّجه إلى رِثاء النفس، والغَزَل العفيف، ومَدِيح أعلام عصره، وبخاصةٍ «طه حسين» و«حافظ إبراهيم»، ورثاء آخَرين، فضلًا عن بُروزِ النَّزْعةِ الوطنية في شِعره واهتمامِه بقضايا الوطن. وله قصائدُ نشرَتْها مَجلاتٌ عِدَّة، منها: «الرسالة»، و«الثقافة»، و«الإرادة»، و«السياسة»، وقد نُشِر معظمُ شِعره في ديوانه «ديوان عزيز» عَقِب وفاته، وقدَّمَ للديوان الدكتور طه حسين، الذي أبدى في كلمته أسًى كبيرًا على الشاعر المُجِيد، الذي تَخطَّفَتْه يدُ المَنُون عاجلًا عامَ ١٩٥٢م في العيَّاط جنوبي القاهرة غَرَقًا في تُرْعةٍ مائية، بعدَ انقلابِ سيارةِ الأجرة التي كان يَستقِلُّها أثناءَ مُحاوَلتِه اللَّحاقَ بقطارِ الصَّعِيد ليتمكَّنَ من التَّرافُع في إحدى القضايا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤